(EN ARABE) Les formations littéraires, un péril pour l'avenir du Maroc?
Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur PLUS, puis sur (ARABE(Window)
التكوينات الأدبية خطر على مستقبل المغرب؟
العالم يغلي من حولنا أكثر مما كان عليه حاله خلال "حراك" 2011 (حرب داعش والغبراء، حرب "الحرّاقيات" في مواجهة "القبّة الحديدية"، إعلان الخلافة والإعداد لتحيين ثقافة "الفتوحات" و"حروب الردة"). لكن الأرض تمور كذلك من تحت أقدامنا بشكل لا يمكن معه التعامل الذكي مع ذلك الغليان الخارجي إلا بالعمل على تهدئة ذلك الموران التحتي، بدل الانشغال بالتموقعات إزاء الأول إلى أن تخسف الأرض من تحت الأقدام بسبب الثاني. الموران في المغرب سوسيو-سياسي أكثر مما هو أيديولوجي. فالمغرب لم يصدر قط في تاريخة بضاعة الأيديولوجيا، ولم يُقم على أساس تصديرها دولة من الدول.
في مثل هذه الظروف بالضبط، وقبل ثلاث سنوات، أي في أوج استحواذ ما عرف بـ"الحراك" ثم بـ"الربيع" على اهتمام الإعلام والرأي العام، خصصتُ في عمودي "مساءلة البداهة" بيومية "العلم"، ابتداء من أواخر أكتوبر 2011، سلسلة من المقالات بعنوان "عن الدراسات الأدبية في شعب العربية بالجامعة المغربية" (انظر هنــا). ومما ورد في التقديم لتلك السلسلة ما يلي:
[[بعيدا عن طبوع ربيع "الحراك"، وصيف العراك، وخريف التخرّص والتربّص، اختار عمود "مساءلة البداهة" أن يغرّد اليوم خارج الكورال. فالأسئلة المتعلقة بموضوع كموضوع "واقع الدراسات الأدبية في شعب العربية"، التي هي أسئلة قائمة في العمق، ومزمنة، وسابقة على كل التيمات التي ترشحها الظرفيات تباعا لاحتلال الصدارة كما هو شأن الحراك اليوم، هي أسئلة لا ترتفع بمجرد التقادم. وإذا ما اعتـُـبر مجردُ ما ينفق بالملموس عمليا على تلك الدراسات في الجامعة، في علاقة ذلك الإنفاق بما تفتحه نوعية تلك التكوينات بالفعل من فُرص الانخراط في الوظائف الجديدة للمجتمع، ومن مساهمة مختلف أوجه الإنتاج الأدبي، المرتقب منها نظريا، في مراكمة قيم مضافة في الترويج الاقتصادي والاجتماعي في سوق الخدمات الفكرية والفنية (تثقيف عام، مسرح، سينيما، تنشييط)، فإن ذلك الاعتبار كاف وحده لجعل تلك الأسئلة داخلة في صميم الأسئلة العامة الحارقة. إنها أسئلة التعليم والتكوين والتأهيل بصفة عامة، هذه الأسئلة التي جرت العادة بأن يتم تعويم تقديم برامج بشأنها في خضم الشعارات العامة للحراك، والعراك، وتاكتيكات إعادة ترتيب الصفوف. ولكن في الحقيقة، لكي تكون هناك برامج في هذا الباب، يتعين أولا أن تنطلق أسئلة المراجعة من صميم الميدان وعلى لسان الممارسين فيه]].
مناسبة العودة إلى هذا الموضوع بعد ثلاث سنوات، وفي ظروف شبيهة بظروف 2011، هو بعض تصريحات السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر مؤخرا في شأن التكوينات الأدبية بصفة عامة، وما اتسمت به ردود الفعل إزاء تلك التصريحات من انفعالية فئوية مباشرة من جهة، ومن هامشية إعلامية من الصف الثالث أو الرابع من جهة ثانية، كما لو أن الأمر يتعلق بـ"المنوعات" و"المختلفات"؛ مع أن الأمر جوهري ويتقاطع مع مشاكل التربية والتعليم في علاقتهما بالمعرفة والتأهيل، والشغل والإدماج، والتماسك والأمن الاجتماعيين والسياسيين، أي بكل الأبعاد التي يتوقف عليها تمكين وتثبيت الأرضية السوسيو-سياسية للبلد في مواجهة ما يغلي حوله، وما يمور من تحت أقدامه، تلك الأبعاد التي تشكل استمرارية خططها العليا، على مستوى استمرارية الدولة، صلب الأمن القومي (انظر هــنــا)، ويتعين أن تـَضمن لها وضعيةُ قطاع سيادي مؤسسي تلك الاستمرارية (انظرهـنــا).
قطاع التكوينات التي عرفت لدينا عموما بـ"التكوينات الأدبية"، تغليبا ثقافيا في الأذهان لفرع من فروعها على الكلّ، قطاع تكويني من القطاعات المعرفية اللازم قيامها وتطويرها في أي أمة من الأمم. وإذا ما تحجرت تلك التكوينات في المغرب، فإن لها اليوم تصورات في البلدان المتقدمة تتأقلم باستمرار مع تطور الأسئلة المعرفية والحاجيات والوظائف الجديدة لتلك البلدان، وذلك على شكل ما يعرف اليوم بحقل "علوم الإنسان" التي طـُوّرتْ لها مناهجُها الحديثة (انظر هـنــا، بالفرنسية) والتي لا تشكل منها الدراسات الأدبية إلا مسلكا من المسالك، وهو مسلك يندمج بدوره بتلك البلدان في سوق الوظائف الجديدة لمجتمعات التواصل الحديث (موسيقى، مسرح، سينما، متاحف، تيليفيزيون، ترفيهيات ثقافية، إشهار، تواصل، سياحة ثقافية، صحافة مكتوبة وإليكترونية، الخ.). فهذه الوظائف الجديدة تشكل سوقا ثقافية تحتاج إلى مبدعين، ومتخصصين، ومروجين، ونقاد عارفين، ومنتجين، ومسوقين. وتلك السوق، إذا لم تتوفر لها مادتها وأهلها، يتم اللجوء إلى استيراد البضاعة الخارجية في جميع القطاعات الفرعية بالعملة الصعبة وبقطع النظر عن المفعول التعطيلي والاستلابي التدميري لذلك الاختيار على مستوى الشخصية الفردية والجمعية.
المشكل في التكوينات الأدبية، كما هو غالب عليها اليوم في المغرب، ليس مشكل مبدإ مشروعية المادة في حد ذاتها. إنه يتمثل في الأبعاد الآتية:
أ- تغليب مفهوم "الدراسات الأدبية" في التصور على مفهوم علوم الإنسان (مختلف فروع كل من اللغويات، والسوسيولوجيا (سوسيو-لوجيا عامة، سوسيولوجيا الشعل والمقاولات، سسويلوجيا الأجيال والهجرة والنوع الاجتماعي)، والأنثروبولوجيا الثقافية، والأركيولوجيا، وعلم النفس، والتواصل والماصميديا، الخ.)؛ ومعنى ذلك، بصيغة أخرى هو البعد "ب":
ب- أيْ انفصام مفهوم "التكوينات الأدبية" بمفهومها العام عن السوق الفعلية لوظائف وحاجيات السوق الجديدة للمجتمع في بابه (وظيفة وحاجة المصاحبة الاجتماعية، والنفسية، والتواصلية، في المجتمع ككل وفي المؤسسات والمقاولات)؛
ت- انفصام تصور موضوع "الدراسات الأدبية" نفسها وفي حد ذاتها، ومفارقته بالقياس إلى واقعه المغربي (انظر هـنــا، وهـنـا، وهـنـا) الذي من خلاله فقط يمكنه أن يعانق أبعاد الفكر الكوني على غرار كل الآداب، وتحجر ذلك الموضوع في قوقعة تصورات التقاليد العتيقة للأفقين المشرقي أو الفرانكوفوني بأسئلتهما وقضاياهما التقليدية، مع تفاوت كبير طبعا في الدرجة.
فهذا، بالإضافة إلى عوامل أخرى، هو ما يعطي معنى، غير اختزالي لا في مقام صدوره ولا من منطلقات تأويله، لقول الوزير، متحدثا عن التكوينات الأدبية عامة، بأن "الانفصال بين التعليم واحتياجات سوق الشغل يجعل بعض خريجي الجامعات عالة على آبائهم وعلى المجتمع"، وبأن ذلك "يشكل خطرا على مستقبل المغرب". فالأمر ليس إذن من السهولة بحيث إنه يكفي أن يتم العزم على تجفيف منابع التكوينات في علوم الإنسان عامة على مستوى كتلة الحصة الزمنية في عالية المنظومة التربية و/أو تضييق فضاءات تلك التكوينات في سافلة الاستقبال بالشعب والمدرجات؛ بل إنه ليس التصريح بذلك العزم ضروريا لتبرير تطوير التعليم عن طريق إدراج مواد المهارات العمـليـة في التعليم الأساسي وفتح مسالك تقنية ومهنية جديدة في الثانوي تكون متأقلمة مع المحيط الجديد، كما هو الشأن في كثير من البلدان المتقدمة (ألمانيا، سويسرا)، وذلك لكي لا يظل الطالب "يتخرج، وهوّا ما كا يعرف يدير والو" على حد تعبير السيد الوزير. إن الأمر، بالنسبة للتكوينات في غير العلوم الرياضية والطبيعية، يتعلق بضرورة إصلاح برامج التكوين الأساسي ومساطر التوجيه والالتحاق بالمسالك المتخصصة بعد مراجعة برامجها بدورها، لكي تتمكن تلك التكوينات في مجالات علوم الإنسان من التأقلم مع ما أشيرَ إليه من الحاجيات والوظائف الجديدة لمؤسسات المجتمع ومقاولاته، التي لم تعد الدولة إلا مؤسسة واحدة من بينها، وليس المؤسسة الوحيدة كما كان عليه الشأن في الماضي، ولكي لا تظل "كلية الآداب والحقوق ملجأ للذين لا يجدون سبيلا آخر للدراسة" على حد تعبير السيد الوزير. ثم إن أوجه ما قد يشكل "خطرا على مستقبل المغرب" غير مقصورة - عكس ما فهم البعضُ من تصريحات الوزير (الذي تحدث عن كليات الآداب والحقوق عامة ولم يستثن شعبة من شعبها) - على جيوش التكوينات الأدبية بالشكل الانفصامي الذي هي عليه اليوم. فهناك أجيال أخرى من جيوش تكوينات أخرى أكثر "خطرا على مستقبل المغرب" ليس فقط من حيث مفارقتها للواقع وما تشكله تلك المفارقة من انسداد آفاق وأبواب الاندماج في المجتمع أمام المتخرجين بحكم عدم تأهيلهم للوظائف الحيوية لذلك المحتمع، ولكن كذلك، وعلى الخصوص، من حيث ما تنطوي عليه طبيعة مضامين تلك التكوينات الأخرى مما يرسخ في الأذهان كـ"تأهيل" للقيام بـ"رسالة" مزعومة تُـتصور، بمقتضى منطق مضامين ذلك التكوين، كمهمة العمل على إدماج المجتمع في خطاطة ملـقَّـنة، بدل السعي إلى الاندماج في هياكله وتفعيل ظائفه. وما تزال أفواج تلك التكوينات تتوالى بوتيرة متواليات هندسية، كما لو أن هذه الأمة تستعد، من خلال تكوين تلك الحشود من "الأطر المؤهلة"، للحصول على تدبير مفوض من العليّ القدير، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين، لمحاسبة العالمين يوم النشر والحساب؛ سبحان ربّ العزة عمّا يصفون؛ وسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين.
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres