OrBinah

(EN ARABE) Déclarer l'éducation comme secteur souverain stratégique?

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis surARABE(Windows)

 

 

"حالة استثناء" في قطاع التربية والتعليم،

كقطاع سيادي استراتيجي؟

على إثر الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى 20 غشت 2013، نشطت التعاليق من جديد، كما هي العادة، من كل حدب وصوب، لتسجل بحماس جوهرية وصواب ما ورد في الخطاب، مع إيراد مقتطفات منتقاة منه ومع تعليقات عليها تصب في أغلب الأحيان في تحميل المسؤوليات لطرف معلوم أو لطرف مجهول الاسم. ثم نشطت وتيرة تصريحات كثير من المسؤولين غير المباشرين، وتوالت مذكرات مسؤولين مباشرين، باعتبار تلك االتصريحات والمذكرات والتسخينات الموسمية استجابة تقيّـة وازدواجية لجوهر ما دعا إليه الخطاب؛ وذلك في انتظار خطاب آخر يصرف الأضواء الكاشفة عن أصحاب تلك التسخينات، أو بروز حدث يمكّـنها من صرف الأنظار من جديد نحو قبلة أخرى يُعبأ اهتمامُ الرأي العام شطرها إعلاميا وحركيا كما كان عليه الأمر بالضبط لما فاجأ الخطاب الملكي الجميع بينما كان الشارع والإعلام قد عُبئا معا وأُلهِـبا لنصرة "الشرعية" في مصر بعد فض الجيش هناك لاعتصامات أنصار الرئيس المصري المطاح به، محمد مرسي؛(1) وهي تعبئة، كسابقاتها في سجل الشارع المغربي، لم تحظ قط بمثلها قضيةٌ وطنية مغربية، لا في وجه اتخاذ دول و/أو منظمات عربية موقفا مناهضا للوحدة الترابية للمغرب قبل عقود، ولا في وجه إسبانينا حينما أهان حرسها جنودا مغاربة في جزيرة "تورا" قبل سنوات أو حينما يتلف شارعُها صادرات مغربية، ولا في وجه الولايات المتحدة لما حاولت قبل أشهر النيل من سيادة المغرب في أقاليمه الجنوبية؛ ولا في وجه المحاولات المناهضة المختلفة التي يقوم بها البرلمان الأوروبي بين الفينة والأخرى، وهذه مجرد أمثلة استطرادية للتذكير والاعتبار في باب كل ما هو متروك نكاية لـشعار "المخزن، يدبّر لراسو".

غير أن الفكرة الجوهرية القوية الواردة في الخطاب الملكي قلما وقفت عليها حتى تلك التسخينات الموسمية نفسها بالتشريح اللازم قصد صياغة تصورات عملية لتفعيلها في اتجاه عملي ملموس. تلك الفكرة هي قول العاهل ما يلي:

["ذلك أنه من غير المعقول أن تأتي أي حكومة جديدة بمخطط جديد، خلال كل خمس سنوات، متجاهلة البرامج السابقة علما أنها لن تستطيع تنفيذ مخططها بأكمله، نظرا لقصر مدة انتدابها. لذا، فإنه لا ينبغي إقحام القطاع التربوي في الإطار السياسي المحض، ولا أن يخضع تدبيره للمزايدات أو الصراعات السياسوية"].

هذا تشخيص مركز وملموس لأبرز أوجه معضلة التعليم في المغرب الحديث، ليس فقط على مستوى هياكله التدبيرية، ولكن كذلك على مستوى هيئات الحكامة المتعلقة به بشكل مباشر ("المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي"، "المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية") أو غير مباشر (المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي). وإذ يعلن اليوم الجميع من خلال التصريحات والتسخينات بأنه يتبنّى هذا التشخيص،(2) وإذ لكل عقدة سبيل إلى حل خيوط انعقادها، فما الذي يمكن أن يتصوره الفكر السياسي المغربي كآلية عملية في إطار خطة طويلة الأمد، وليس كمجرد شعارات أخلاقية يوجهها الجميع إلى الغير، وذلك قصد انتشال هذا القطاع الحيوي الاستراتيجي من تقلبات الاستخدامات الأيديولوجية والسياسوية الانتخابوية؟

المغرب يواصل مسيرة تطوير هياكله المؤسسية بشكل يتعين أن تنسجم فيه المطامح والمثل من جهة مع العقلانية والواقعية من جهة ثانية. فيما مضى كان هناك مثلا وجود عرفي لقطاعات وزارية عرفت بـ"وزارات السيادة"؛ وأغلب تلك القطاعات قد دخل اليوم تدريجيا في دائرة ما عرف بـ"التناوب" والتداول (العدل، الخارجية مثلا) عبر مسيرة ذلك التطوير. فما الذي يمنع الفكر السياسي المغربي من تصور بعض القطاعات الوزارية، وكافة هيئات الحكامة، كقطاعات سيادية استراتيجية تعلن فيها "حالة استثناء" في باب "التناوب"، بشكل يستثنيها لمدة جيل مما قد يحدق بها من عبث حسابات التدافع السياسوي؛ وذلك إلى تستقل آليتها استقلالا ذاتيا، وتستقيم على سكة إعادة إنتاج نفسها بنفسها؟

 وفي إطار مثل هذا التصور الأخير، الذي يعلن قطاعا معينا قطاعا استراتيجيا في فترة من الفترات، كانت الإشارة قد تمت في مقال بنفس هذا الموقع إلى أن قادة الميجي في يابان القرن 19 مثلا كانوا قد أقاموا خطة بناء الدولة العصرية على أساس الاستثمار الفكري والمادي في قطاع التربية العمومية. وفي إطار فلسفة تلك الخطة الطويلة الأمد، تم هناك حينئذ إرسال عدة بعثات لإعداد تقارير عن النظم التربوية في أهم البلدان الغربية بأوروبا وأمريكا، ومن أشهر تلك البعثات بعثة إيواكورا (Iwakura) التي دامت مهمتها سنتين موزعتين ما بين أمريكا وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا وروسيا وألمانيا والدانمارك والسويد والنمسا وإيطاليا وسويسرا، والتي كان الهدف العلمي منها يتمثل في جمع ما كان متوفرا حينئذ من معلومات حول الأنظمة التربوية، وحول التكنولوجيا، والثقافات، وحول العلوم العسكرية، والاجتماعية، والاقتصادية، بالبلدان التي تمت زيارتها، وذلك قصد الاستفادة من كل ذلك في رسم طريق ملائمة لعصرنة بلاد اليابان. وقد سلكت كوريا الجنوبية، بعد نصف قرن من ذلك، نفس المسلك؛ فتمكنت بفضل خطة عقلانية للتعليم، وفي ظرف نصف قرن، ليس فقط من أن تصمد - على قلة سكانها - في وجه العملاقين، الياباني والصيني اللذين يحيطان بها كفكي كماشة، ولكنها تمكنت من أن تحتل الصف 12 على سلم الاقتصاد العالمي، مع أن ساكنتها لا تتعدى 47 مليون نسمة وأن مساحتها لا تتعدى 99.538  كلم2 أغلبها جبال ولا موارد طبيعية مهمة فيها. فما الذي يمنع المغرب من أن يغامر اليوم مثل تلك المغامرات ويبدع آليات عملية ملائمة لخوض غمارها؟

البوابة الرئيسية نحو كل شيء من ذلك القبيل هو اجتهاد الفكر والعمل السياسي المغربي قصد تفعيل مبدإ توازن السلط بمفهومه الحديث. والمدخل الفرعي لذلك هو إدراك حقيقية كون هيئات الحكامة (بصلاحياتها الاستشارية و/أو الاقتراحية و/أو الضبطية الرقابية) تشكل اليوم سلطة موازَنة رابعة حقيقية إلى جانب السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتندرج في إطارالمتابعة المؤسسية اليومية لوظائف أي شكل من أشكال هيئة "مجلس الأمن القومي" في أي دولة حديثة، سواء أكان لمثل تلك الهيئة الدائمة وجود مؤسسي مهيكل أم لا. وإذا كانت الهيئتان، التشريعية والتنفيذية، متصورتين، بحكم المقاصد، لتعكسا معا وتترجما، من خلال تشكيلاتهما البشرية ومن خلال ممارساتهما لسلطتيهما، مجملَ تقاطعات التدافعات السياسية بالساحة الاجتماعية في فترة من الفترات، وذلك بشكل يسفر عن أشكال ودرجات مختلفة من التساكن أو الاستئثار والتناوب في ممارسة الحكم، فإن العقلانية تقتضي أن تؤلّـف وتُشكَّل هيئاتُ الحكامة في كل قطاع بما لا يجعل منها مجرد استنساخ لمزاج الخارطة السياسية والمدنية ، أي مجرد علبة ترجع صدى الحسابات السياسية وتدافعات الشارع المدني والمهني (أحزاب، نقابات، جمعيات)، تلك الحسابات والتدافعات التي تشكل فضاءات السلطتين التشريعية والتنفيذية المكانَ الطبيعي لانعكاساتها ورجع صداها ولتفعيل أثقالها النسبية. هذا ما يعبر عنه بمبدإ استقلالية هيئات الحكامة استقلالا إداريا وماليا وسياسيا؛ وهو شرط نجاعة وفعالية في باب قيام مثل تلك الهيئات بدورها الحكامي في إطار توازن السلط وعلى ضوء الأهداف الاستراتيجية العليا للأمة التي لا يمكن تحقيقها إذا ما خضعت للتقلبات والحسابات الفئوية أو الظرفية التي هي أمر طبيعي.

(1)  مانشيط الصفحة الأولى بيومية "التجديد" (15 غشت 2013) مزين بصور لجثامين مرصوصة: "مجزرة رهيبة في حق الشرعية بمصر"

      مانشيط داخلي عملاق بومية "أخبار اليوم" (19 غشت 2013) مزين بصورة محشرية كلها نساء: "آلاف المغاربة في الشارع للتنديد بمذابح العسكر في مصر"؛ "خروج الآلاف من المغاربة أمس إلى شوارع الرباط للتنديد بما يجري في مصر، رافعين شعارات ضد حكم العسكر في أرض الكنانة".

(2)  من مقتطفات يومية "الاتحاد الاشتراكي" (22 غشت 2013) كعناوين بارزة في أعلى الصفحة الأولى:

--"جلالة الملك في خطاب ثورة الملك والشعب":

  -"من غير المعقول أن تأتي أي حكومة جديدة بمخطط جديد، خلال كل خمس سنوات، متجاهلة البرامج السابقة"

  -"لا ينبغي إقحام القطاع التربوي في الإطار السياسي المحض، ولا أن يخضع تدبيره للمزايدات أو الصراعات السياسوية"

من مقتطفات يومية "العلم" (22 غشت 2013) كعناوين بارزة في الصفحة الأولى:

  - "الخطاب الملكي: جرأة وصراحة في تشخيص اختلالات المنظومة التربوية" (عنوان الافتتاحية)

  - "كان على الحكومة الحالية استثمار التراكمات الإيجابية في قطاع التربية والتكوين باعتباره ورشا مصيريا يمتد لعدة عقود"اعات السياسوية"

  - "لا ينبغي إقحام القطاع التربوي في الإطار السياسي المحض ولا أن يخضع تدبيره للمزايدات أو الصراعات السياسوية"

 



20/09/2013
1 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 345 autres membres