OrBinah

(EN ARABE) Communauté scientifique et échange scientifique en sciences linguistiques au Maroc

عن مدى توفر مجموعة علمية للتبادل العلمي

في حقول العلوم الإنسانية بالمغرب

 

حينما يتخلص الفرد من تدافعات الخلاف حول الكفؤ-قراطية في الوسط المهني، فلا حرج حينئذ في أن يتحدث عن بعض الأمور، التي يُعُـدّ لـَـُـوكها خلال مزاولة العمل المهني عيبا يحط من شأن صاحبه من الناحية الأخلاقية ومضيعة للوقت  ولجهد التركيز من الناحية العملية. بل إن الحديث عن مثل تلك الأمور يصبح مفيدا بعد ذلك من حيث إنه يرفع الحجاب عن بعض أوجه الواقع، مما يحول التعفّف المهني حيثما كان دون إبرازها في حينه. وهذا نموذج أخير في هذا الباب مستقى من التجربة.

 

الواقع المعايَن

هناك تضخم كبير بالمغرب في الخطاب العامّ حول اللغة واللغات وحول وظائفها؛ وكلام كثير عن المعرفة الدرائية ببنيات متونها على مستويات الاصوات والمعجم والتركيب، وعن المعرفة الدرائية بوظائفها الاستعمالية والرمزية وببنيات ووظائف متونها الأدبية المختلفة.

 

الســـؤال المطروح

إلى أي حدّ توجد هناك سوق تبادل علمي في حقول فروع اللسانيات والأدب في المغرب تنخرط فيه وتنشطه مجموعة علمية (Communauté scientifique) بشكل يضفي نصيبا من الترشيد على ذلك الخطاب العام المذكور؟

---------------------

 

في سنة 2012، صدر كتاب بعنوان "كشف الحجاب عن مغمور الثقافة والآداب؛ مع صياغة لعروضي الأمازيغية والملحون". ويتضمن كما يشير إلى ذلك عنوانه قسما كاملا يعرض وصفا وتفسيرا للبنيات العروضية لشعر الملحون (لمحة عن الكتاب  هــــنــــا).

وإذ كان عروض الأمازيغية في علاقة بنياته بالبنية الموسيقية للألحان قد شكل موضوع كتاب كامل سابق  صدر لنفس مؤلف ذلك الكتاب (محمد المدلاوي) في سنة 2008 بمعية شريكه في البحث François Dell, CNRS، بعنوان “Poetic Meter and Musical Form in Tashlhiyt Berber Songs” (انظر هـــنـــا)، فقد كان القسم الخاص بالعروض في كتاب 2012 المحرر بالعربية (حوالي 100 صفحة) دائرا من الناحية الوصفية حول عروض الملحون، والكشف عن نوعية الوحدات المقطعية التي ينبني عليها وحصر الاسباب والأوتاد التفعيلات التي تنتظم فيها تلك المقاطع، إضافة إلى وصف الدائرة العروضية الأمّ، التي تـوّلـد مختلفَ أشطر وبحور ذلك النموذج العروضي البديع (لمحة عن ذلك العروض هـــــنــــا).

ولكي تتطلع المجموعة العلمية من غير الناطقين بالعربية على المضمون العلمي لذلك القسم المخصص للملحون، قام صاحب الكتاب بتحرير مقال مركّز باللغة الإنجليزية يلخّص النظرية التفسيرية المفصلة في الكتاب باللغة العربية؛ وقد صدر ذلك المقال سنة 2014 ضمن كتاب صدر عن دار النشر الشهيرة John Benjamins Publishing Campany . وهذا توثيقه البيبليوغرافي:

Elmedlaoui, Mohamed (2014). "What does the Moroccan Malhun meter compute and how?”. Pp. 139-160 in  Sabrina Bendjaballah, Noam Faust, Mohamed Lahrouchi & Nicola Lampitelli, éds. The Form of Structure, the Structure of Form: essays in honor of Jean Lowenstamm. Series: Language Faculty and Beyond. John. Benjamins' Publishing Company. Amsterdam / Philadelphia.

 

مرت اليوم أكثر ثلاث سنوات على صدور كتاب 2012 المتضمن للدراسة الوصفية والتفسيرية المذكورة حول عروض نظم الملحون، ولم يظهر، حسبَ علم صاحب هذه السطور الذي لا يجد اليومَ حرجا كبيرا (بعدما كمل السربيس على خير) في عرض مثل هذه الأمور، أيُّ صدى أكاديمي، لا دحضا ولا تطويرا، لذلك الوصف العروضى الوارد في الكتاب المنشور بالمغرب باللغة العربية؛ وذلك لا في أوساط اللسانيين - وهم كُثرحسب  معطيات التصاريح بالتخصّص (البطاقات المهنية، لوائح المشاركين في مشاريع البحث وطلبات تكوين وحدات البحث)- والذين يفضّل كثير منهم بالأحرى نمط النشاط المتمثل في تنظيم "الندوات الدولية" الضخمة العملاقة حول "المعالجة الحاسوبية" مثلا لبنيات اللغة العربية (انظر هـــنـــا بخصوص تقاليد الندوات كمنهج في البحث)، ولا من طرف الأدباء والنقاد وواصفي بنيات الإبداعات الشعرية العمودية القديمة، والشطرية الحديثة، و"الانشطارية " الحداثية وما وراء الحداثية بلا حدود، والخائضين في مستجدات مصطلحات كلّ ذلك مما لم يُصبه بعدُ البلى كما أصاب ذلك البلى ما تقادم مما كان يُعتبر صميم ثقافة الأديب في جيل تقسيم الأدب إلى أغراض وأعصر بدءا بـ"العصر الجاهلي" (انظر سلسلة نصوص حول هذه الأزمة المنهجية هـــنــا).

وحْـدَهُم رهطـُ  ديارِ الغرب والشمال، من الأوساط الأكاديمية العاملة في حقل البحث اللساني، الذي أصبح حقل عمل وتبادلٍ وتراكمٍ وصياغةٍ للفرضيات الوصفية والنظريات التفسيرية على المستوى الكوني، على غرار بقية حقول البحث العلمي، هُم وحدَهم وجدوا في ما تمّ نقله من العربية إلى الإنجليزية من خلال المقال المذكور ما يستحق التضمين في أبحاثهم اللسانية المتخصصة حول جوامع البناء العروضي مما تشترك فيه جميع نماذج النظم في اللغات الطبيعية.

فبعد الكتاب المشترك Meter in Poetry (انظر هـــنـــا)"، الذي نشره اللساني الإنجليزي Nigel Fabb مع اللساني الأمريكي، مؤسس الفونولوجيا الحديثة ومطورها منذ الستينات من القرن الماضي، أي موريس هالي (Morris Halle. Prof. Emeritus at MIT)، الذي تشرّفت شخصيا بمراجعة ما يتعلق منه بالعروضين العربي والعبري، والذي تضمن تلخيصا لكتابنا المذكور (فرانسوا ديل وأنا شخصيا) حول عروض اللغة الأمازيغية، ها هو نفس الباحث اللساني الإنجليزي Nigel Fabb يصدر كتابا جديدا يطوّر فيه ما توصلا إليه في كتابهما الأول لسنة 2008، ويوسّعه إلى نماذج عروضية أخرى "كلاسيكية" وغير كلاسيكية في عشرات من اللغات الطبيعية، ويضمنه هذه المرة فقرات حول عروض الملحون، وذلك بناء على قراءته لمقال المذكور الذي لخصتُ فيه باللغة الإنجليزية نظريتي حول ذلك العروض، وبناء كذلك على سلسلة من التبادلات التي تمت بيننا أثناء صياغته لتلك الفقرات، التي لم يعتمدها حتى قرأت صيغته الأخيرة لها، كما هو متعارف عليه في مثل هذه الأحوال بين الباحثين.

وقد تمحورت تلك الفقرات المذكورة حول التحليل العروضي (تقطيع وتفسير على ضوء الدائرة العروضية التي اكتشفتها) لــسطروفتين من سطروفات قصيدة "الغالية" لسيدي محمد ولد سيدي أبو عمرو، كما تم الاستشهاد بهما في مقالي المذكور (2014) باللغة الإنجليزية، وذلك نقلا لهما عن محمد الفاسي (معلمة الملحون. مائة قصيدة وقصيد في مائة غانية وغانية. منشورات أكاديمية المملكة المغربية 1997. ص:35)، وذلك بعد تدوين نصها بالتدوين الصوتي العالمي (IPA) وإعطاء الترجمة الإنجليزية التي بعثت بها إليه في إطار تبادلاتنا المذكورة.

والسطروفتان المعنيتان هما قول شاعر الملحون:

1-أ     ما شافت عيني عشيق سكران بخمر الحبّ والهْوى، وكتم سرّ الحـــال،

1-ب   وشراب مْهجتو الفانــيــــــــة،

1-ج   مْن راس العين ورد شْربة مْخفــيّــــــة.

---------

2-أ    ولقـحـتْ دواحو بْـطــلّ عْشقو، ورْقصت معا نسيم صْبح العْطف الميـّـــال،

2-ب   وطيارو فالعرش داويــــة،

2-ج   تْـنشـد وتْبوح بْالسرار المْكنـيـّــــة

 

وهذه ترجمتي الإنجليزية لها كما هي متضمة في الكتاب الأخير لــ Nigel Fabb 2015

 

Translation

1a  Never have my eyes seen a lover so exhilarated with the drink of love, who keeps his state secret,

1b  While the draught of his passing away soul,

1c  From the spring’s source secretly quenched his thirst.

-----------

2a  His trees pollinated with his love’s dew, danced with the morning’s breeze and the swaying bough,

2b While his birds were singing on the branch,

2c  Singing and giving vent to deep secrets

 

-- من أجل نص للفقرات المتعلقة بالملحون (قبل إضافة الترجمة الإنجليزية والمراجع) الواردة في الكتاب الجديد حول جوامع العروض في اللغات الطبيعية الذي صدر للباحث اللساني المذكور عن دار Cambridge University Press، انقر على الرابط الآتي:

https://static.blog4ever.com/2006/04/162080/Nigel-2014-Book-extract.pdf

 

 

-- ومن أجل ما ورد في نفس الكتاب حول العروض الأمازيغي استنادا إلى كتاب Dell & Elmedlaoui 2008 ، انقر على الرابط الآتي:

https://static.blog4ever.com/2006/04/162080/Nigel-2014-Book-extract-ITB.pdf

 

-- أما توثيق الكتاب نفسه، فهو الآتي:

Fabb, Nigel (2015). What is Poetry? Language and Memory in the Poems of the World. Cambridge University Press.

 

فهرس محتويات الكتاب، عبر هذا الرابط الآتي

 

https://static.blog4ever.com/2006/04/162080/Nigel-Book---Contents.pdf

 

 

-- وهذا رابط نحو عرض لذلك الكتاب على موقع دار النشر على الشبكة

http://www.cambridge.org/us/academic/subjects/languages-linguistics/english-language-and-linguistics-general-interest/what-poetry-language-and-memory-poems-world

---------------

 

وأخيرا، فإن قافلة التبادل العلمي تسير دائما في الفضاءات التي يشع فيها نور العلم، وحيثُ ينخرط الباحثون عضويا في شبكة المجموعات العلمية لحقول بحوثهم. تسير غيرَ حافلةٍ لا بذرائع "انعدام الإمكانيات" ("ما كاين معا من") ولا بشكاوى "انعدام الحوافز" أو "غياب ثقافة الاعتراف" مؤسسيّا و/أو سوسيو-ثقافيا، ولا غير ذلك مما فيه نصيب كبير من الحق غالبا ما يُراد به باطل. ففي الحقل الذي يشكل موضوع هذا النص، وبعيدا عن المؤسسات الوطنية المعنية، على جميع مستوياتها، التي لم تدعم قط مشروعا للبحث (بما في ذلك من باب اتفاقيات "التعاون") من مشاريع صاحب هذا النص، فإن هذا الأخير، وبعد سلسلة أعماله في الميدان بدعم من مؤسسات خارجية قطرية ودولية، ينتظر الآن الردّ على طلب دعم مؤسسات سويدية لمشروع عمل مشترك قادم لتطوير ما تمّ إنجازه في باب عروض نظم الآداب الشعبية المغربية (أمازيغية وملحون) على ضوء المستجدّات الاستقرائية المقارنة والتطورات النظرية التفسيرية المستجدة، وذلك مع زميل له في جامعة ستوكهولم السويدية، اللساني السويدي، توماص رياد، المتخصص في الأصوات والعروض، وعضو الأكاديمية السويدية والموسيقي العازف المحترف على  آلة الكمان  (https://en.wikipedia.org/wiki/Tomas_Riad).

------------------------------------

محمد المدلاوي (المعهد الجامعي للبحث العلمي - الرباط)

https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques



07/10/2015
3 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 345 autres membres