(En Arabe) Patrimoine matériel et immatériel de Jebala (Maroc). Connaissances naïves et interrogations scientifiques. L'exemple du rite chorégraphique des Beni Gorfète.
كنوز تراث جبالة، المادّي واللا-مادّي، وما تطرحه من أسئلة معرفية.
بمناسبة الدورة-11 (2023) لموسم مــاطا/ماطـــة
الذي أصبح يسمّى "مهرجان الفروسية"
--------------------
1- منطقة جبالة بـ"موريطانيا الطنجية" فضاء غني بآثار العصور القديـــمة/antiquité وحتّى العصور الحجرية الباليوليتيك والنيوليتيك (paléolithique et néolithique). وكثير من أوجه فلكلورياتها الجهوية ("بُّـا-الشيخ"، "ماطا"، ...) تبدو موغلة في القدم من حيث أشكالها وسيميولوجية رموزها، وتعكس تــــداخــــــــلَ/syncrétisme فرشاتٍ/strates متعددة من القيم الثقافية والفكرية ومن العناصر الإثنية مما تعاقب وتداخل في ذلك الفضاء عبر العصور.
.
2- فزيادة على المواقع الأثرية التي تعود إلى العصور القديمة مما هو مشهور ("لوكسوس" و"زليل" مثلا)، يأوي هذا الفضاء في بلدة "مزورة/يمزورن" (جنوب شرق أصيلا) أكملَ وجه في المغرب من أوجه تشييـد مَشــيَـدة ما أصبح يعرف في أماكن مختلفة بــ"الــكًــــور"/el-gour (كًــور جهة "الحاجب" مثلا)، مكان يشكل قطبا/كعبة لطواف التبرك والدعاء والتعبد مهما اختلف توالي أطُر الفكر. إنه الكرومليش/cromlech الجنائزي المعروف اليوم لدى أهل بلدة مزورة بـ"الـوتـــ'ــــد".
يسمّيه أهل مزورة حاليا ذلك الموقع بـ"الوتْـــد" لأنه، زيادة على دائرة الصخور العملاقة/mégalithes (الـ176) المشكلة لدائرة الكًـور/الكرومليش، تمّ كذلك في إحدى نقط تلك الدائرة نصبُ منهير/ménhir (قطعة صخرية عملاقة منصوبة عموديا كالوتد) منحوتةً على شكل يشبه اليومَ مركبة فضائية بارتفاع خمسة أمتار ونصف؛ ولعله نصب ذو دلالات كوسموغونية/cosmogonique ووظائف فلكية (حساب الزمن والفصول باعتبار حركة ظله).
.
3- للموقع الأثري الماقبل-تاريخي ببلدة "مزورة"، المتميّز بمجمّعه المتمثل في ما يشيه "هرمين" دائريي القاعدة لعلّهما معابد/مدافن يحيط بهما سياج من القطع الصخرية الضخمة في دائرة قطرها حوالي 100م، وفي الجهة الغربية منها ينتصب "مِنهير"/ménhir صخري ضخم على شكل صاروخ، يسمّيه أهل البلدة "الوتْد"؛ وبين الهرمين "ضولمينات"/ dolmenes صخرية صغيرة لا يتعدى طولها الأفقي المترين. للموقع اليوم حارس يحرسه، ويقدم للزوّار "معلومات" شعبية فولكلورية مستوحاة من عالم الجن وثقافة البحث عن الكنوز؛ وبه قاعة استحدثتها المصالح المختصة، ربّما لإلصاق ملصقات تعرف بالموقع وبدلالاته التاريخية والأنثروبوثقافية وبتاريخ اكتشافه والدراسات التي تمت حوله؛ لكن القاعة ظلت فارغة، والموقع بقي موقعا خاما خاليا من أي تشوير بياني يبين دلالات مختلف التفاصيل.
4- أول ما قرأت عن موقع مزورة كان خلال الثمانينات لما أعارني زميلي المؤرخ الأستاذ عبد المومني بمدينة وجدة كتابا يختلط فيه التاريخ بالتقاليد الأسطورية الشفهية. إنه كتاب أبراهام لاريدو الصادر بمدريد سنة 1954:
Laredo, Abraham (1954). ABereberes y Hebreos en Marruecos: sus orígenes, las leyendas, tradiciones y fuentes hebraicas antiguas. Instituto de Estudios Africanos. Consejo Superior de Investigationes Scientificas. 1954.
كتاب لاريدو متوفر اليوم على الخط الشبكي:
https://ia600206.us.archive.org/6/items/loshebreosenmarr00orte/loshebreosenmarr00orte.pdf
.
ثم هناك مقال أقدم حول بلدة بني كرفط خاصة:
Moran Bardon, César (1941), El Paleolítico de Beni Gorfet: (Marruecos). Instituto General Franco para la Investigación Hispano-Árabe, 1941.
.
5- هذا عن بعض كنوز التراث المادّي لمنطقة جبالة والريف الشرقي. وقد سبق لي أن تناولت كذلك من خلال بعض النصوص التعريفية الميسَّرة التحرير/الأسلوب بعضَ أوجه تراثها اللامادي ("العيطة الجبلية"، احتفاليات "بُّــا-الشيخ" خصوصا). الذي حداني إلى العودة إلى هذا الموضوع هو بعض الجذاذات الصحفية التي تناولت مؤخّرا الدورة-11 لـ"مهرجان ماطا" بمدينة العرايش-2023. جميع تلك الجذاذات، التي ينقل بعضها بعضا، قد قدمت جوهـــــرَ تقليد من التقاليد الثقافية للمنطقة، أي طقوسيات احتفالات "ماطــة" برياضة الفروسية/الفانطازيا (الموجودة في كل مكان كوصلة من وصلات أي احتفال). بينما يغلب الاحتمال (وهذا يحتاج إلى تنقيب ودراسة) على أن جوهر رمزيات طقوسيات "مــــطا/ماطة" يتمثل في احتفال طبيعي بـ"تـويزة" موسم الحصاد ("التويزة" من الأمازيغية /يتويزي/ "تعاون جماعي تناوبي لإنجاز أشغال"). فمجرد تسمية ماطا/ماطة تبعث على التساؤل المعرفي.
.
6- كلمة "مـــاطــة" في بعض لهجات العربية المغربية مفردةٌ تنتمي إلى الحقل المعجمي الدائر حول عمليات الحصاد، وتعني "اللَـمــة/القبضة" التي يحزمها الحاصد في يده اليسرى بعد عدة ضربات بالمنجل فيحزمها حزما ثم يرمي بها وراءه ويستأنف.
وتسمّى لـمّـةُ/قبضةُ "الماطة" في لهجات جهوية مغربية أخرى "الغْـمْرة"؛ وهي بالفرنسية gerbe وبالأمازيغية /تادلا/ (وجمعها /تادليوين/) وبالعبرية /אלומה/ ([إلــومَّـه]). وبهذا المعنى الزراعي وردت كلمة אלומה العبرية في الشق الأول من رؤيا حلم يوسف بن يعقوب في التوراة (شقّ ثانٍ لم يرد في القرآن الذي اقتصر على شق سجود "أحد عشر كوكبا والشمس والقمر")، ذلك الشق الذي اتخذ من مشهد نشاطٍ من الأنشطة الاقتصادية للعبرانيين لمّا كانوا רועי צון ועובדי אדמה ("رعاة غنم وفلّاحي أرض") أداةً للتبشير بسيادة وسلطان يوسف على أهله. لقد ورد في سفر التكوين-37 (7-8) ما يلي:
[[וְ֠הִנֵּ֠ה אֲנַ֜חְנוּ מְאַלְּמִ֤ים אֲלֻמִּים֙ בְּת֣וֹךְ הַשָּׂדֶ֔ה וְהִנֵּ֛ה קָ֥מָה אֲלֻמָּתִ֖י וְגַם־נִצָּ֑בָה וְהִנֵּ֤ה תְסֻבֶּ֙ינָה֙ אֲלֻמֹּ֣תֵיכֶ֔ם וַתִּֽשְׁתַּחֲוֶ֖יןָ לַאֲלֻמָּתִֽי׃ וַיֹּ֤אמְרוּ לוֹ֙ אֶחָ֔יו הֲמָלֹ֤ךְ תִּמְלֹךְ֙ עָלֵ֔ינוּ אִם־מָשׁ֥וֹל תִּמְשֹׁ֖ל בָּ֑נוּ וַיּוֹסִ֤פוּ עוֹד֙ שְׂנֹ֣א אֹת֔וֹ עַל־חֲלֹמֹתָ֖יו וְעַל־דְּבָרָֽיו׃
وقد قابلتُ ترجمتين عربيتين للكتاب المقدس اتفقتا على الترجمة الآتية:
[[رأيت كأننا نحزم حُزما في الحقل، فإذا حُزمتي وقفَت ثم آنتصبت فأحاطت حزمكم بحزمتي وسجدت لها. فقال له إخوته: "أتراك تملكُ علينا أو تتسلّطُ علينا؟" وآزدادوا أيضا بُغضا له بسبب أحلامه وأقواله.]]
.
7- سيناريو انتصاب غمرة/ماطة كبرى (grande gerbe) وسط الحقل وتحلُّق مجموعة من الغمرات الصغرى (petites gerbes) بها في طقوسية سجود، يناظره مشهد كوريغرافي لرقصة زراعية اشتهرت لدى "بني كًرفط" بجبالة الغربية خاصة؛ وهذا رابط نحو نموذج لهذا السيناريو الكوريغرافي: تنصيب غمرة/ماطة كبرى ("سلطان الغمرة") وسط الحقل يتحلق حولها مجموعة من الحصدة يحمل كلّ منهم غمرة/ماطة صغيرة ويطوفون حول الغمرة/الماطة الكبرى راكعين "مُبندقين" وملوّحين بماطاتهم الصغرى:
https://www.youtube.com/watch?v=GdYcchFrh-I
.
8- والجدير بالذكر والتنبيه هو أن هذا الطقس من الطقوس، طقس رقصة الغمرة/الماطة، ما يزال ملازما لما أصبح يسمّى "مهرجان ماطا للفروسية بالعرايش". لكن إكراهات الزمن الجديد بما يطبعه من أوجه/قيَم التسويق الإداري السياحي الجديد قد غير إخراج الشكل ودفع بوصلة رياضة الفانطازيا إلى الواجهة بينما غمر رقصة الغمرة/الماطة التي هي الجوهر الثقافي في ثنايا الهامش نظرا لكونها لا تثير سوى فضول المنقّب الإثنو-ثقافي والأنثرروبو-ثقافي. التغطية الصحفية المصورة الآتية تبين ذلك حيث لم تظهر فيها وصلة رقصة /ماطة/ سوى في الدقيقة-4؛ ثم إن هذه الرقصة ظهرت مشوهة إذ كان على الراقصين، حسب قرار المنشّط/"المخرج" أن يتحركوا مع الموكب الاستعراضي بدلا من أن يتحلقوا دائريا حول الغمرة/الماطة الكبرى:
تغطية صحفية لـ"مهرجان الفروسية، ماطا"-11 ببلدة عياشة/العرايش:
https://www.youtube.com/watch?v=BY0JUhqjsvc
وبالعودة إلى تسمية الغمرة/الماطة وإلى كيفية حزمها إثناء عملية الحصاد، هذه وصلة فيديو تبين العملية وتسمع فيها كلمة "الغمرة"، وعنوان الوصل كبير الدلالة فاتجاه الأسئلة التنقيبية التي تثيرها الفقرات السابقة:
"شوفو كيفاش كا نديرو لـــسلطـــان الغمرة"
https://www.youtube.com/watch?v=-VIe2dB9s2g
أخيرا، كنت قد خصصت لرقصة "الماطة" تدوينة قصيرة مقارنة وتساؤلية في نفس هذا الاتجاه، وهذا رابط نحو التدوينة (بالفرنسية)
"Rêve de Joseph et un rite agraire de Jebala au Maroc"-2016
https://orbinah.blog4ever.com/en-francais-reve-de-joseph-et-un-rite-agraire-de-jebala-au-maroc
.
كما نشرت مقالا موسّعا نسبيا في الموضوع ضمن أعمال مهرجان "بُّا-الشيخ" بطنجة ووضعته على الخط في مدونة OrBinah:
Trois spécimens de syncrétisme culturel au Maroc (Ba-Mghar / Ba-Cheikh / Imaâchar, Mimouna et Rêve de Joseph)
وأخيرا هذا مقال ثم دراسة حول العيطة الجبلية:
- "كيف طرأتُ على حقل العيطة الجبلية؟ تكريما لروح الفنانة الراحلة، شامة الــــزاز"-2020
https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-hommage-a-la-diva-de-la-aita-de-jebala-chama-zaz
- "العيـــطــة الجبــليــة ما بين مشروعية الانعاش الاحتفالي وضرورة الحفاظ على البنية"-2014
--------------------------------
محمد المدلاوي
https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres