OrBinah

(EN ARABE) La Aïta de Jbala; deux contraintes: promotion médiatique et préservation de spécificité musicale

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE, puis sur CODAGE, puis sur PLUS/AUTRES, puis sur ARABE(Windows).

 

العيـــطــة الجبــليــة

ما بين مشروعية الانعاش الاحتفالي وضرورة الحفاظ على البنية

 

في ربيع 2013، وعلى إثر سلسلة تظاهرات علمية وتحسيسية متعاقبة ومتكاملة، تدور كلها حول مفهوم التنمية في علاقته بالخصائص الثقافية للعنصر البشري وللجهة، بالرغم من اختلاف أماكن انعقادها، خصصتُ للأمر مجموعة من المقالات الصحفية (هـنـا) كان آخرُها يحمل عنوان "نموذج تراث جبالة" (هـنا)، وقد نشر مباشرة عقب مشاركة صاحبه في الملتقى الدولي الأول لتاونات: "تراث جبالة في خدمة التنمية". وإذ تمثل المقال في استعراض أوجه تكامل الجوانب العلمية المتعددة الاختصاصات للملتقى (المحيط الطبيعي والسوسيو-اقتصادي والتاريخي والعمراني والمعماري) مع جوانب المعاينات الميدانية لمؤهلات وتراث المنطقة، فقد انتهى المقال بإبراز مفارقتين اثنتين. المفارقة الأولى تتمثل في ما لوحظ وما تم التعبير عنه من انخراط وحماس وتجنّد فعلي للسلطات الهيئات الجهوية المعنية من أجيل تحريك الأمور في اتجاه شعار الندوة من جهة، وفي الحالة التي توجد عليها رافعة كل تنمية في أي مكان من جهة ثانية، ألا وهي الحالة المتردية للطريق الوطنية رقم 08 الرابطة بين فاس وتاونات، التي تمثل الشريان الرئيسي الوحيد الذي يتوقف عليه ربط المدينة ومحيطها الجهوي بنسيج التبادل السوسيو-اقتصادي الوطني، من حيث تسويق المنتوجات المحلية والجهوية، وولوج الساكنة إلى الخدمات المركزية في ميادين التعليم العالي والصحة والإدارة، وتحفيز للسياحة بما تقتضيه ذلك من تجهيزات استقبال؛ وهي الطريق التي ظلت، بسبب حالتها، معبرا لحصد الأرواح ولثني من مرّ بها يوما عن العودة. أما المفارقة الثانية، فتتعلق بالشق الثقافي للتنمية؛ وقد تمت صياغتها في ذلك المقال كما يلي: [[فبالرغم من أن كثيرا من المشاركين كانوا قد ارتأوا، أنه إذا ما كان لابد من تنشيط فني، فإن ندوة دولية بعنوان "تراث جبالة في خدمة التنمية" لا يناسبها إلا تثمين "العيطة" و"العيّوع" الجلبين، وردّ الاعتبار إليهما، ومن خلالهما إلى العنصر البشري؛ خصوصا وأن تاونات هي مدينة الفنانين الشعبيين البارزين، محمد العروسي، وشامة الزاز وآخرين؛ بالرغم من كل ذلك، فقد تم استقدام جوقة لتردّدَ، في نوع من السوريالية على الحاضرين من أهل تاونات وضيوفهم من مغاربة وأجانب، محتطباتٍ مفارِقة، ومملة بسبب مفارقتها تلك، من ريبيرتوار مواويل "يا ليل، ياعين" للفنان السوري، صباح فخري"]].

اليوم، وبمناسبة انعقاد الندوة الدولية الثانية لتاونات (5 يونيو 2014)، ارتفعت المفارقتان معا إلى حد بعيد في ظرف سنة. فالطريق الرابطة بين فاس وتاونات قد أصبحت بالفعل طريقا وطنية بالمواصفات اللازمة، تغرى الزائر إغراء بالعودة. وهو ارتفاع لن يتم كليا إلا بعد تنفيذ مشروعي الطريق المزدوجة بين تاونات وكل من فاس وتيسة عن طريق تازة. أما اامفارقة الثانية، وإن كانت صحيحة في دلالة حدثها الظرفي، فيبدو اليوم، بعد مرور سنة، أن صياغتها كانت متسرّعة في ما يمكن أن يستفاد منها كحكم عامّ. ذلك أنه لم يمض شهر على الملتقى العلمي الأول المذكور حتى تم تنظيم "مهرجان تاونات لفنون العيطة الجبلية" في دورته الثانية، 14-16 يونيو 2013، وتنتظر دورته الثالثة ليوم 20 يونيو 2014.

من المعلوم في علم الإثنو-موسيقى، أن بنيات الأنواع الموسيقية، المصنفة كـ"موسيقى تقليدية" (عيطات، أحواش، أحيدوس، ملحون، كدرة، علاوي، الخ)، بنيات تعكس، من خلال توزيع أدوار إنتاجها وأدائها واستهلاكها (من يقوم بماذا، كيف، وأين، ومتى؟) ومن خلال الأشكال الهندامية والآلاتية والكلماتية، وكذلك من خلال تقعيد البنيات اللحنية والإيقاعية لوصلاتها، أطرا سوسيو-ثقافية رمزية ترتبط أشد الارتباط بالزمن والمكان السوسيو-ثقافيين والسوسيو-اقتصاديين، في سكونيتهما أو حركيتهما. وهذا الارتباط هو ما يجعل تدبير الشأن الموسيقى في صلب الشق الثقافي لأي خطة من خطط التنمية البشرية التي هي المدخل إلى كل تنمية بمفهومها العامّ. فالعلاقة جدلية ما بين النظام والزمن، السوسيو-اقتصاديين من جهة، والنظام والزمن الموسيقيين التقليديين من جهة ثانية. فإذ تحدث مثلا كل من الأستاذين العزوزي والسعيدي في الملتقى، عن ضرورة ما أسمياه بنظام "الاقتصاد التضامني" (تدخل معين للدولة والهيئات المنتخبة والجمعيات المدنية في السوق)" كمرحلة ضرورية في الانتقال من اقتصاد الاكتفاء الذاتي التقليدي إلى اقتصاد التبادل الحر، فإن ذلك يقتضي العناية ببعض الأشكال الثقافية المؤطرة تأطيرا رمزيا للمجتمع، ومنها رمزيات الأشكال الموسيقية، في انتظار تمكّـن الأوجه الحديثة للتأطير السوسيو-سياسي من نقابات وأحزاب. كل هذا يعني ضرورة المعرفة العلمية الصورية بالأشكال الموسيقية من الناحيتين الموسيقيولوجية والإثنو-موسيقية.

ومن هذا المنظور سألخص بعض ما ورد في العرض الذي قدمته في الملتقى الثاني المذكور بعنوان "الإيقاعات الوِتْرية في الموسيقى المغربية؛ العيطة الجبلية كنموذج".

كما بين الباحث الموسيقى أحمد عيدون ذلك في أحد مؤلفاته (1992). تتمثل بنية الوصلات الإيقاعية للعيطة الجبلية الأصيلة في المتوالية الآتية: "أ" استهلال آلاتي حرّ متحرر من الإيقاع، وتتمثل وظيفته في مجرد الإعلان عن الطبوع والمقامات، "ب" إيقاع "العيطة"، وهو ميزان من تسعة أزمنة [سوداء، مسنّـنة، ثلاث سُود]، "ج" أيقاع "الكًـُـبّاحي"، وهو ميزان من خمسة أزمنة [خمس مسنّـنات]، وأخيرا "د" إيقاع "الدريدكة" وهو ميزان سداسي راقص، لكن بوتيرة بطيئة نسبيا. غير أن الذي أصبح يغلب اليوم، بفعل ضغط تسارع الزمن السوسيو-اقتصادي والإداري الحديث (في مقابل زمن الفصول الطبيعية والمناسبات الاجتماعية) من جهة، وبفعل الجنوح الاحتفالي المهرجاني العام نحو الإيقاعات الراقصة السريعة الوتيرة من جهة ثانية، هو أن أداء المجموعات الناشئة لما يعتبر "عيطة" جبلية أخذ يختزل بنية ذلك النوع الموسيقي التقليدي في مجرد إيقاع "الدريدكة" وبوتيرة حثيثة سواء تعلق الأمر ببرنامج سهرة عمومية متلفزة أو حية، أم ببرنامج مهرجان محلي. فإذا لم يكن هناك وعي ويقظة ثقافيان بهذا الأمر على مستوى الإدارة الفنية، فإن العيطية الجبلية تتجه، بمقتضى منطق طلب "السوق الحرة"، نحو فقدان أهم خصائصها الفنية الأصيلة على مستوى الإيقاع، ألا وهما الإيقاعان الوِتْريان: التساعي "العيطة"، (تاك-تْرْتان-تين-تان، تاك-تْرْتان-تين-تان،) والخماسي "الكًـُـباحي" (اتاتا-كاتاك، اتاتا-كاتاك،). ويصدق هذا الأمر، في الواقع، على كثير من الأنواع الموسيقية الأخرى التي تشكل أساس التميّز المغربي في باب الإيقاع من حيث استعمال الموازين الوترية المسماة بـ"الميزان العرج"، مثل الثلاثي (الكدرة)، والتساعي (عيطة جبالة)، والخماسي البسيط (كبّاحي الملحون والعيطة، وأحواش، وميزان هوارة) أو الخماسي المضاعف (أحيدوس)، أو الخماسي المركب مع السباعي (ميزان هوارة). فقد عاينت كثيرا من نماذج هذه الأنواع الموسيقية وقد أخذت تجنح، في أدائها المستحدث، نحو إيقاع "الدريكة" السداسي الراقص (طاطاق-د'داق، طاطاق-د'داق)، متجهة بذلك جميعا نحو تنميط كارثي مُـفـقِـر سيختزل كل تلك الأنواع إلى مجرد أشكال هندامية فلكلورية (الجلباب والعمامة مثلا) متماثلة الإيقاع وفارغة بنيويا من جوهر الخصائص الموسيقية لكل منها. إن الإيقاعات والمقامات تراث غير مادي معرض للاختفاء بشكل لا تدركه الملاحظة المباشرة كما يُلاحظ سقوط برج أو صومعة أو سور.



09/06/2014
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres