(EN ARABE) Les protestations d'Al-Hoceima au Maroc ne sont pas réductibles au dimensions de surfacde
احتجاجات وأحداث الحُسيمة
لا يصحّ اختزال طبيعتها في تجليّاتها الظاهرية
تـــقديــــم عــــــام
ما يجري بمدينة الحسيمة اليوم ومنذ شهور من أحداث - وهو عبارة عن استـئـنـاف، أضحى أكثر حدّة هذه المرة، لما يحصل بتلك الجهة منذ عدة سنوات (أحداث بني بوعياش مثلا) - هو شيء أكــثـر عُـــمــقا وتـــعـــقّــــدا مما يُتصوّر ويُظـن.
وكما هو شأن كل الأحداث التي هي من هذا القبيل، فإن طمس طبيعتـة ما يجري والحيلولة دون فهمه والاقتدار على التعامل معه، طمسٌ إنما يتولـّـد ويتمثل في اختزال العناصر المحدِّدة لطبيعة ما يجري في مجرد بُعد واحد من الأبعاد، وعلى مستوى واحد من مستويات تمثّـل البنيات والآليات الاجتماعية، وذلك بمقتضى منطق يقينيات وقناعات سابقة. غالبا ما يكون ذلك البعدُ الاختزالي بعدا غير جوهري بالنسبة للحدث أو الظاهرة، أو بعدا عرضيا ظرفيا بالنسبة لها مهما كانت خطورته في حد ذاته، من قبيل ربط لما يجري مثلا بمأساة وفاة المواطن، محسن فكري، في الظروف والملابسات التي يتذكرها الجميع (انظر تذكير بها هـــنـــــا).
ومن ذلك القبيل من الاختزال القولُ مثلا بأن تلك الأحداث إنما هي من طبيعة انفاصالية، ذاتُ أو غير ذاتِ علاقة بطرف خارجي؛ أو القول بأنها مجرد مطالب محض اجتماعية، على غرار المطالب المطروحة في جميع أنحاء المغرب مُدنا وجهاتٍ، وخصوصا الجهات التي هُمّـشت تاريخيا على المستويات السوسيو-اقتصادية والسوسيو-ثقافية في المغرب الحديث (انظر مثالا لجهات أخرى هــــنــــــا، 2007)؛ أو القول إنها مجرد مظهر من مظاهر ساحة لعبة حسابات سياسوية داخلية بين فرقاء متعددين لبيان من يتحكّم في الشارع، الخ. إن كثيرا من كل هذه الأبعاد موجود وقائم بالفعل بدرجاتٍ متفاوتة من القوة؛ لكن استحضارها جميعا، في جُماعها وفي آلية تغذيةِ بعضها لبعض، هو المدخل الوحيد لــــفـــهم طبيعة ما يجري، من أجل الاقتدار على التعامل مع ذلك الذي يجري.
لكن استحضار تلك الأبعاد، بمختلف مستوياتها ودرجة قوتها، يقتضي أولا وقبل كل شيء تشخيصها تشخيصا. والتشخيص لم يعد اليوم مسالة ذلك القبيل من التقديرات الحدسية المعروفة بــ"الدمغي" كأساس للمعرفة (من قبيل "أنا ابن المنطقة" أو "لقد اشتغلت في المنطقة 20/30 سنة، فأنا أعرفها وأهلها جيدا"). إن لذلك القبيل من التشخيص علوما إنسانية ميدانية تقوم به، ولها أصحابها ومناهجها؛ أما مهارة التجربة والمعرفة الميدانية الدمغية (بما في ذلك معرفة اللغة وأوجه الثقافة كما هي معيشة)، فمهمة هي ايضا، ولكنها لا تقوم مقام المعرفة الأكاديمية في القدرة على التشخيص.
هَـبْ مثلا أن ملاحظا قد لاحظ المفـــارقة القائمة ما بين العناية المتميّزة التي حظيت بها المنطقة المعنية وما تزال تحظى بها طيلة العشرية الأخيرة على مستوى البنيات والتجهيزات من طرف الدولة بالقياس إلى مناطق أخرى من مغرب الهامش من جهة، وما حصل اليوم من أن تصبح تلك المنطقة بالضبط هي المستقطبة اليوم للاحتجاج بحدّة وبشكل (الزعامة، الرموز، الرايات والأعلام والشارات، ونوعية الخطاب) لم يشهد لهما مثيلٌ في مغرب النصف قرن الأخير. مثل هذا المٌعطى من معطيات الملاحظة الظاهرية يحتاج إلى تـفسيـــر تعــلـــيـــلي عـــلــمي ليكُـفّ عن أن يُدرك ويُتصوَّر في الوعي كمــــــفارقــــــة مجانية تتحدّى التعليل. ولا يصحّ تعليل أمور من هذا القبيل حينما يتمثل فهمها "فهما دمغيا" على شكل مجردِ توريطٍ واتهام، قد يكون له أو قد لا يكون له جانب من جوانب الصحة، لقوىً أخرى من داخل الوطن أو من خارجه يُحمَـل على عاتقها الجمَل بما حمَل. ذلك لأن هذا القبيل من قُـبُـل التورّط المحتمل لا يتمّ إلا في الفضاءات المُهيأة بنيويا وظرفياتيا للسماح به. والدراية بالفضاءات المهيأة بنيويا وظرفياتيا لإمكانية "ملء الفراغ"، الذي تنفر منه الطبيعة كما يقال، وكذا بالأشكال الممكنة لذلك الملء، معرفة تـتّـم اليوم بطرق أبحاث أكاديمية ميدانية كما سنرى، وليحكم عليها من أراد ذلك، بما يحلو له من الأحكام.
العـــطــب المعرفي والثقافي التارخي
فالعطب إذن - أي عطبُ الــفـــهــم، وبالتالي عطبُ القدرة على التعامل مع الواقع في تعقُّـده - يعود في آخر التحليل إلى ما يمكن تسميته بالانتهاكات الجسيمة للحقوق المعرفية للمغاربة في فترة من الفترات المغرب الحديث، أي تلك الانتهاكات التي عانت منها العلوم الإنسانية الناشئة، في النظام التربوي والأكاديمي الجامعي بالمغرب لعدة عقود، والتي حالت دون حصول تراكم معرفي أكاديمي في مختلف أوجه خارطة المجتمع المغربي، يبلغ في تراكميته، ومن خلال تعميم نصيب منه كثقافة عامة مشتركة، حدّ نـصـاب ما يسمى بالـكتلة الحرجة للتراكم المعرفي العلمي التي يتحوّل الكــمّ مع بلوغها إلى كيف، والتي تنعكس على مستويات الوعي الجمعي والثقافة العامة وتمكّن من تطوير الذهنيات والسلوك المدني في دوائر السياسة العمومية، والإدارة، بما يتلاءم مع متطلبات نوعية نسيج المجتمع المغربي والتطور السريع لبنياته في العقود الأخيرة، وعلى ضوء المستجدات الكونية الحديثة، بدل استمرار سيادة ثقافة المرجعيات العتيقة القائمة بطبيعتها على الإقصاء على جميع المستويات والتي هي أصل كل المشاكل مادية كانت أم معنوية (انظر تذكيرا بوجه من تلك الأوجه، مما له علاقة بمناطق الشمال هـــــنـــــا). ذلك النوع من المعرفة بخصائص وبآليات اشتغال البنيات الاجتماعية المغربية العميقة، وبعد المدرسة الكولونيالية وما-بعد-الكولونيالية اللتان خلـّـفتا مادة وصفية وتحليلية لا بأس بها في ذلك الباب (من جاك بيرك إلى بول باسكون)، ظلت تجري، على ندرتها، خارج هياكل الجامعة المغربية، وتتم من طرف باحثين أجانب وبلغات أجنبية، كانت فيها الصدارة للمدرسة الفرنسية، ثم أصبحت اليوم المدرستان الانجلوساكسونية والجرمانية هما اللتان تنجزان باللغة الإنجليزية ما يُنجز في الميدان؛ وهو الأمر الذي جعل حصائل تلك الأعمال، في النهاية، شبه غائبة، وعديمة التأثير في الوعي المغربي المشترك وفي تصوره لآليات اشتغال المجتمع المغربي.
ذلك العــطــب المتمثل في العــجــز المـعــرفي المسجَّـل على المستوى الأكاديمي في باب العلوم الإنسانية اللازمة لفهم بنيات وآليات اشتغال المجتمع المغربي (سواء على شكل مقاربات ومتابعات ذات طابع تعميمي، أم على شكل أبحاث ميدانية متخصصة)، قد زاد من حدّته فداحته، وتكاملَ معه في مفعوله ونتائجه، ما ورثه وطوّره ونشره خطابُ أجيال من النخبة المغربية المثقفة كقيم ومرجعيات ومضامين ثقافية تمَّ ترويجها في الآداب، والصحافة والإعلام، وأنشطة المنابر والأندية، والتعبئة في الشارع العام على مدى عقود، وذلك بما يحُـول في النهاية سدّا دون قيام وعي فردي وجمعي بمفهوم الدولة الوطنية كمرجعية.
تلك المضامين الثقـافيــة، التوعوية والتعبوية المروّجة، التي ضربت صفحا طيلة عقود عن كل التجليات الرمزية للكيان المغربي وذاكرته بما هو عليه على جميع الأصعدة، والتي أعرضت في أصرار عن الاهتمام بالتعبيرات الثقافية المغربية كما هي معيشة تاريخيا وفي الميدان وعلى جميع الأصعدة، فولـّـتْ وجوهَ أجيال من المغاربة ووجّهت صحونهم الملتقطة توجيهاً شطرَ آفاق أخرى سديمية وما-فوق-وطنية، وعبأت اهتماماتهم ووعيهم تعبيئا في اتجاهها، بما يجعل كل هـمّ مغربي لتملك رمزياته وذاكرته ومعانقة همومه الحقيقية مجرد تفاهة أو عرقلة، هي المضامين التي فتحت، من جانبها، بابا آخر نحو المجهول، ما فتئ يتسع بسرعة فائقة بعد الانهيار الكارثي لصرح تلك الآفاق السديمية. وردود الفعل العكسية عند الأجيال، في مثل هذه الأحوال، تكاد تتـمّ بشكل آلي.
ومن بين ما شرَع الأبواب في كل اتجاه نحو مختلف احتمالات المجهول، وبشكل متسارع، هو أنه حتى حينما دفعت المعطيات السوسيو-سياسية والجيو-سياسية المستجدة بالدولة، من خلال أعمق هياكلها الذي هو المؤسسة الملكية، إلى تدشين مراجعات كبرى على الصعيد الثقافي منذ عشرية ونصف على إثر خطاب أجدير سنة 2001، ظلت تلك النخبة المثقفة تنظر بعين الريبة إلى تلك المراجعات، مستبدلة شعارا بشعار لوصف طبيعة كل اهتمام بالثقافة المغربية وبعمق الذاكرة المغربية الذي هو الحصن الحصين ضد كل أوجه التشويش على الوعي بالمغرب كدولة وطنية (من شعار "حفدة اليوطي" إلى شعار "عملاء الاختراق الصهيوني"، بعد الشعار المؤسس الأول المسمى "الظهير البربري"؛ انظر عيّنة مصورة من ذلك الخطاب حول "ثقافة الشلوح" في "أخبار الفن"-1978، هـــــنــــا). فلقد اختارت تلك النخبة الاستقالة والفـــــــرّ حتى تتسنّى فُـرص عودة الكـــــــــرّ، فـلم تنخرط قط بجدية وحماس في أوراش تلك المراجعات (التي تنقصها فيها، في واقع الأمر الأداة المعرفية اللازمة التي لم تسعَ قط إلى اكتساب ما تراكم في بابها، نظرا بالضبط لعدم توفر الإرادة). وحتى التعبيرات التنظيمية السياسية لتلك النخبة (سواء في المعارضة أو في الحكم)، قد ظلت بدورها متراوحة بين الاستخفاف واللامبالاة أو التحفظ اللبق أو العرقلة، فلم "تنفتح" على تلك المراجعات سوى من نافذة بعض الشعارات الانتخابوية الاستهلاكية الموسمية، وذلك في انتظار فُـرص الـــكـــــــرّ دائما (انظر "الكرّ بعد الفرّ في مسألة الثقافة الأمازيغية بالمغرب"-2010، هــــنـــــا).
عودة إلى الجانب المعرفي من خلال إحالة على أمثلة
وإذ كان قد استرعى انتباهي، منذ عدة سنوات، بُعدُ الرمزيات من رايات وأعلام وشارات مما أشير إليه في بداية هذا النص، ومما أصبح ملازما للتظاهرات الجماعية في المغرب كيفما كانت طبيعتها، احتفالية، أو استعراضية، أو احتجاجية، فقد خصصت سنة 2010 سلسلة من ثمانية نصوص قصيرة نشرت في الصحافة ثم أودعت في مدونة بعنوان "بعض دلالات العَـلـم الأمازيغي". وكانت بعض تلك النصوص مناسبة لعرض بعض الأعمال الأنثروبولوجية الميدانية المتعلقة ببعض بنيات المجتمع المغربي وآليات اشتغالها وتفاوضيات الإعادة الدورية لتوازناتها، مما تمّ تقديمه كعروض في ملتقى "المجتمعات الأمازيغية: مقاربات جديدة للمجال والزمن والصيرورات الاجتماعية" الذي نظمه "المعهد الامريكي للدراسات المغاربية" بطنجة (يوم 30 يونيو 2012) والذي شاركت فيه وكنت من بين المساهمين في تقويم مشاريع طلبات المشاركة فيه. وهذا رابط نحو النص الأول من تلك السلسلة من النصوص وفي نهاية كل نص رابط داخلي نحو ما يليه:
"بعض دلالات العلم الأمازيغي" (سلسلة نصوص قصيرة)
https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-que-signifie-le-drapeau-amazighe
خــــاتــــمــة
وأخيرا أختم هذه التذكيرات بنص من طبيعة واسلوب خاصين، وذلك على هامش آخر تطورات احتجاجات الحسيمة أو ما يسميه البعض "حراك الريف"، وذلك على إثر حادث المسجد الذي ألقى فيه زعيم ذلك الحراك، السيد ناصر الزفزافي، خطبة جدّ متميزة في شكلها ومضامينها.
----------------------------
طـــــــلعَ البــدرُ عليــنـــا
(آخر أطوار احتجاجات الحُسيمة)
أهنئهم جميعا في هذا اليوم (الجمعة 26 ماي 20177 عشية غد فاتح رمضان بتقويم المغرب الأقصى)، ليس بمناسبة حلول الشهر المطهّر، إذ لست ممن لهم رقة ولياقة المواظبة على التهنئة بالمناسبات الجمعية العمومية. لا، بل أهنئ أولئك بقدوم عُـــــــــــــــمَـــــــــــــر، وبدخوله المسجدَ وهو بـ"التيشورت"، يدعو المصلين ويــــــــضـــــــرب بقوة عُــــــــــمــــــر رضي الله المعروفة بقبضة يده على صدره قائلا لهم ولسائر من تمّ إبلاغهم الخبرَ في الحين: "إن رأيتم منّي اعوجاجا فقوّموني"، ومنددا، بالمناسبة، بكل مظاهر التبرّج والعُــــــــــــري، ومعلنا أنه لا يـبــــــــــــايــــــع سوى رسول الله (انظر هـــــنـــــا).
لقد قام السيد ناصر الزفزافي بذلك التقمص، وقال ذلك اليوم مختارا سجلّ العربية الفصحى هذه المرة ليخاطب بها عامة المستضعفين، بعد أن اختارها، قبيل ذلك في مناسبة أخرى، في توجّهه الغريب عبر شريط بثه على شبكة الفايسبوك إلى أهل سوس خاصة دون غيرهم من المغاربة وذلك بصفته زعيم احتجاج اجتماعي مطلبي سلمي بمدينة الحسيمة، ليكيل لهم مدحَ وحمدَ مناقبهم وفضائلهم، ويوغر صدورهم ضد شانئيهم ومناوئيهم.
تهانئي موجهةٌ إذن فقط إلى كل أولئك الذين كانوا يردّدون بأشكال متنوعة، وبمناسبات مختلفة مزمور "هرمْنا، هرمْنا في انتظار هذه اللحظة التاريخية" منذ أن قيل ذلك المزمور لأول مرة ذات ربيع قد طاف عليه اليوم طائف، فأصبح كالصريم، فأقبل بعض القوم على بعض متلاومين.
أعني أولئك الدُعاة المتجرّدين من دُعاة "الخير للجميع بلا حدود"، الذين ملأوا الدنيا كلاما
(بالعربية الفصحى، والفرنسية الفصحى، والأمازيغية الفصحى وغير الفصحى، وبالدارجة العامية غير الفصحى) لبيان الطابع الحضاري للحراك السلمي الذي لاحتجاجات مدينة الحُسيمة من أجل مطالب محض اجتماعية وإن كانت تتمّ خارج كل الأطر المؤسّسية من نقابات وطينة، ومنظمات جماهيرية حزبية ومدنية، ومجالس منتخبة محلية وجهوية، ونواب برلمانيين من كل من انتخبَهم المواطنون المعنيون أنفسهم قبيل أشهر فقط. أولئك الدعاة من أجل "الخير للجميع" و"الإنصاف والعدل والمساواة والكرامة للجميع" خارج كلّ إطار مؤسّـسي ممّا ساهم في إقامة صرحه أولئك المواطنون أنفسهم، على علّاته التي هي حاصل بعضِ علّاتهم وعلّات غيرهم، ، والذين ما فتئوا ينددون بما ألصِق بذلك الحراك المبارك من تُهَم من مختلف الأصناف وعلى يد مختلف الأطراف.
كما أنني أدعو كذلك أولئك الدعاة الأخيار جميعا، وخصوصا المحلّـلين منهم، إلى أن لا يولـّــوا وجوههم اليومَ شطرَ المشرق والمغرب للحديث عن أحوال الطقس في رمضان. إذ عليهم أن يعبّروا اليوم جهرا جهارا عن ارتياحهم لصدق بياناتهم وصدقية انتظاراتهم وصحة تحليلات المحللين من بينهم، كما جهروا ببياناتهم التوضيحية وبتحليلاتهم حول طبيعة الاحتجاج طيلة شهور. فليضربوا اليوم الدفوف إذن، ويردّدوا أنشودة "طلع البدرُ علينا".
-----
وبصفة عــــــــــــــــــــــامّــــة - وهذا إعلان من فضولي وإشهاد عامّ منه على من يعنيهم الأمر - أن على جميع الذين واللواتي تعوّدوا وعوّدوا قراءهم على التــــمــــــــوقــــع المنهجي إزاء الأحداث باسم حزمة من المبادئ اثناء الغــــــمـــــوض الموضوعي أو المفتعل لتلك الأحداث، ألا يولـّـوا، هم/هنّ أيضا، وجوههم/أقلامهم صوبَ المشرق والمغرب لتفادي التموقع، في اتجاه أو في آخر. إذ عليهم جميعا أن يتموقعوا، الآن وليس غدا، إزاء قـــــــــدوم عُـــــــــــــمَـــــــــر، وألا ينتظروا حتي يتبين الخيط الأبيض من الأسود بشكل أكثر فضاحة وليس وضوحا، ليرددوا من جديد: "لقد قلتُ ذلك دائما، ومنذ البداية" وليرمو بلائمة التضليل على العفاريت والزواحف البرّمائية.
إن لم يستطيعوا أن يفعلوا، فمن الحريّ بهم، من أجل توازنهم، أن يكفّوا عن الكلام المباح في أمور الوطن، وأن ينصرفوا للحديث عن أحوال الطقس في العالم.
---
أما ذلك العُــمَـرُ، الذي ارتجل نفسَه لتقمُّص ما يتمثّـل على شكله شخصيةَ عمرَ بن الخطاب، فأعلن عن نفسه بالطريقة وبالمضامين الواضحة والرمزية المشار إليها، فإنما هو تجسـيـد استخدمه واقع التاريخ استخداما؛ لأن التاريخ مـــاهـــيّــة بــــكـــــمـــاء تحتاج دائما، من أجل التعبير عن معانيها في ظرفياتها، إلى لسان من لحم ودم. فلذلك الـ"عُــــمَـــر" إذن ما له، وعليه ما عليه كشخص وكمواطن؛ كما أن لمحيطـَـيه المؤسّـسين، الجهوي والوطني، ما لهما وما عليهما. ولذلك، فإن أي معالجة للأمر في عمقه وجُماعِه لا يصحّ أن تُختزل في مجرد معالجة شأن فرد استخدمه واقع تاريخ غنيّ بتعقيداته.
-------------------------
وأخيرا، وبالمناسبة، هذا تذكير بنص يعود نشره إلى عشر سنوات (2017) يشخّص ببيانات ملموسة، المنطقَ السوسيو-سياسي الذي أدّى إلى ما يجري اليوم على الساحة بالحسيمة وما قد يحصل في أماكن أخرى:
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres