(EN ARABE) De la mise en oeuvre de l'article-5 de la Constitution. Atelier-CNDH
مساهمة من أجل تنزيل الفصل الخامس من الدستور
- ورشة عمل من تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان -
(مقر المجلس؛ 30 يونيو 2015)
قراءة خاصة من طرف محمد المدلاوي
في إطار المساهمة والعمل من أجل "تنزيل الفصل الخامس من الدستور"، نظم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بمقره يوم 30 يونيو 2015، ورشة للتفكير في ما يتعلق بالقوانين التنظيمية المنصوص عليها في ذلك الفصل والمتعلقة باللغات، وعلى الأخص من ذلك، القانونُ المتعلق بتدابير "تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية". وقد تراءس ذلك اللقاء وسيّره رئيس المجلس، السيد إدريس اليزمي، بحضور نائبه، السيد محمد الصبار، وبحضور طيف واسع من ممثلي الجمعيات، والحقوقيين، والأكاديميين، الفاعلين جميعا في الميدان. وقد وزع ممثلو أهمّ الجمعيات المشاركة خلال ذلك اللقاء وثائق تتعلق بتصورات تلك الجمعيات لذلك التفعيل. واستمرت المناقشة حوالي أربع ساعات، من خلال ما يفوق خمسة عشر تدخلا؛ واتسمت كلهان مما عدا واحدا منها كان من صنف المحاكمات، بدرجة عالية من الهدوء، والالتزام بالموضوع، والتقدم بتشخيصات شاملة، وحتى بأفكار أصيلة أحيانا في ما يتعلق بالمعالجة.
تطرقت بعض التدخلات لإطار اللقاء نفسه، مدرجةً إياه في الانطلاق من الطابع الحقوقي الأساسي للمسألة اللغوية، في استحضار للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذي يضمن الحقوق اللغوية والثقافية للكائن المواطن،(1) والذي وقع عليه المغرب، واستحضارا كذلك لديباجة الدستور المغربي ولموادّه ذات الصلة بالموضوع.
وقد اعتبرت كثير من تلك التدخلات هذا الربط مدخلا وشرط قيام أساسي من أجل تمام مسيرة التحول الديموقراطي بالمغرب، وذلك باعتبار مبادئ المساواة، والتعددية، واللامركزية، وتكافؤ الفرص، والتشاركية، ممّا نص عليه الدستور وممّا يقوم على أساسه جوهر الديموقراطية، الذي لا يتمثل في مجرد هياكل وآليات شكلية خالية من مضامين تلك المبادئ. بل إن بعض التدخلات أضافت، من منظور أيديو-سياسي محض، أن حُسن تدبير الملف اللغوي والثقافي عامّة، وحسنَ تدبير شقّه المتعلق باللغة والثقافة الأمازيغيتين خاصّة، يشكل وجها رئيسيا من بين أوجه تحصين كيان الدولة الوطنية في وجه ما يتمخض من حوله في المحيط الأقليمي القريب والبعيد، ذلك الكيان الذي لا يمكن تصور تطور ديموقراطي بدون الحفاظ عليه، كما يشهد بذلك الظهور التاريخي للديموقارطيات وتطوّرُها، وكما تشهد به المعطيات الإقليمية الراهنة التي لها طابع ودلالت تاريخية بدورها.
وقد تم التذكير، من خلال التدخلات، بندوة سابقة بعنوان "التعددية اللغوية والثقافية؛ أيّ سبُل لإعمال المقتضيات الدستورية" كان قد نظمها نفس المجلس الوطني لحقوق الإنسان بمدينة أرفود يومي 12-13 يناير 2013، وتم التساؤل عن أسباب تأخّر نشر أعمالها، خصوصا وأنها تتضمن مقترحات وتوصيات حول القانونين التنظيميين اللذين ينص عليهما الدستور في باب اللغات والثقافة.
وتم التعبير في هذا الصدد، في أطار الحرص على إضفاء مزيّة الانسجام على التشريعات، والحرصِ على تجنّب التنازع أو الاضطراب بين صلاحيات وتوصيات هيئات الحكامة، على ضرورة البدء بإنضاج وإصدار القانون التنظيمي الخاص بـ"تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية" ثم القانون التنظيمي المؤسس "للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية" حتى يتسنّى لهيئات أخرى للحكامة، مثل "الملجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي" أن تصدر توصياتها وتتقدم بمقترحاتها القصيرة والطويلة الأمد، في أبواب صلاحياتها، على هدي ذينك القانونين، وفي تنسيق مع مجالس أخرى متكاملة من حيث موضوع الصلاحيات وفي مقدمتها المجلس الوطني لللغات والثقافة (انظر هـــنـــا في ما يتعلق بهندسة انسجام الصلاحيات؛ نص بالفرنسية).
وفي ما يتعلق بصميم ما يُرتقب من مضامين القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، تقاطعت مُجملُ التدخلات بشكل تكاملي مع بعضٍ مما كان قد تم تداوله خلال اللقاء التواصلي الذي كان قد نظمه المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يوم 24 أكتوبر 2013 بالمكتبة الوطنية لعرض ومناقشة تصور تلك المؤسسة بحضور عميد المعهد وأمينه العام، بمناسبة الذكرى العاشرة لتاسيسه.
فإذ نبه رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان في اللقاء الأخير الذي نظمه إلى بديهية أن المؤسسة التشريعية تظل في نهاية المطاف مصدر التشريعات في جميع القطاعات، فإن من بين ما كان قد تناوله خبيران ممن شاركوا في اللقاء التواصلي السابق الذي كان قد نظمه المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية هي مسألة ضرورة مراعاة الانسجام التشريعي والمؤسساتي بصفة عامة (cohérence légistique) في ما يتعلق بصياغة القانونين التنظيميين المذكورين أعلاه، وكذا بالمؤسسات والهيئات ذاوت العلاقة، أي ضمان الانسجام المؤسسي والصلاحياتي بين أطراف نوعية ثلاثة:
(أ) مؤسستا السلطتين التشريعية والتنفيذية ،
(ب) هيئات الحكامة بمختلف درجات صلاحياتها في باب اللغات والثقافة،
(ج) المؤسسات الأكاديمية الوطنية المعنية بنفس الباب (انظر هـــنـــا).
كما أنه كان قد تمّ الالحاح خلال لقاء مؤسسة معهد "الإركام" على نفس ما ألحّ عليه بعض المتدخلين في لقاء مجلس حقوق الإنسان، من ضرورة ضمان استقلالية عضوية وسياسية لهيئات الحكامة التي لها تعلـُّـق تعالـُـق مع مسائل قطاعات استراتيجية مثل حقل اللغات والتعليم خاصة (انظر هـــنــا)، وذلك تفاديا لجعل تلك الهيئات مجرد غُرف ترجّع صدى نفس التدافعات الظرفية التي تُحرك الولايات البرلمانية والحكومية، المحكومة بالإكراهات الانتخابية القصيرة النظر والمدى بطبيعتها (انظر هـــنـــا). وبهذا الصدد الأخير، ذكّر ممثلو بعض الجمعيات في لقاء مجلس حقوق الإنسان بالدور التاريخي الذي استطاعت المؤسسة الملكية القيام به في العُشريتين الأخيرتين في يتعلق بفك احتقان كثير من الملفات الكبرى والدفع بحلها خطواتٍ نوعيةً نحو الأمام، ومنها ملف اللغة الأمازيغية على وجه الخصوص.
أما بخصوص الأوجه الملموسة في ما يتعلق بما ينتظر من تدابير من أجل "تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية"، فقد حصل كذلك تكامل بين اللقائين المذكورين حول ضرورة أن يندرج كل تدبير مقبل، مما ستحدده القانونان التنظيميان المعنيان المقبلان، في إطار ترصيد ما تم تحقيقه في ورش اللغة الأمازيغية، وذلك في أفق الاستثمار العملي لذلك الرصيد قصد خلق التراكم، بدل أيّ محاولة للرجوع إلى ما عبّر عنه بعض المتدخلين في اللقاء الاخير بـ"المربع الأول"؛ كل ذلك مع عدم إغفال ضرورة التمييز الإيجابي الذي حقّ للّغة الأمازيغية كي تتدارك ما خلفته عقودٌ من الإنكار والتهميش المؤسَّسيين. وقد أشار بعض المتدخلين في نفس الوقت، بالنسبة لهذه النقطة الأخيرة، إلى أن مطلب الترصيد يستلزم ضمنيا بمقتضى مفهومه القيامَ بتقويم ميداني يرصد ويحدد بالتشخيص المدعّم بالأرقام لكل ما تحقق وما لم يتحقق وقد كان بالإمكان تحقيقه، سواء من منظور الفعالية، أو الحكامة والتدبير، أو العلاقة مع بقية الأطراف المؤسسية المتدخلة في الميدان، وسواء على مستوى الإنتاج والمنجزات، كمّا ونوعا وتناسبا من حيث الأولويات، أم على مستوى تدبير مختلف الموارد، بما فيها الموارد البشرية وهيكلة مختلف قطاعات العمل، وذلك لكي يتم ترصيد ما تم تحقيقه، ويعادَ استثمارُه بشكل تراكمي، بناء على تقويم يرصد نقط القوة لزيادة تقويتها ومواطن الصعوبات قصد تذليلها، ومواطن الأخطاء بشكل صوري ملموس ليتم تلافي استمرار السير فيها.
------
انظر سلسلة مقالات حول القوانين التنظيمية المتعلقة باللغات والثقافة هـــــنــــــا.
-----
(1) يتصور الميثاق العالمي لحقوق الإنسان المواطن بما هو كائن ذو كرامة وجدارة لا تتفرعان لا عن ظرفية الميلاد، ولا عن الجنس أو العرق الإثني، ولا عن طبيعة النوع البيولوجي، ولا عن لون البشرة أو شكل القسمات، ولا عن الانتماءات الهوياتية من عقيدة ولغة وثقافة؛ وكذلك من حيث هو كائن ذو ضمير حر هو مقر المسؤولية، ويتمتع بحرية التفكير وحرية التعبير، ويتملك بنفسه تمامية جسده سالما، ولا طرف آخر بمخوّل أن يتصرف في ذلك الجسد غيره.
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres