OrBinah

(En arabe) Le chemin postscolaire-1 (texte narratif))

طريق ما بعد السكيلة-1

(تابع لسلسة "طريق السكُيلة" التي لم تنته بعد)

 

بداية سلسلة "طريق السكيلة"، عبر الرابط الآتي:

https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-marocain-le-chemin-de-l-ecole

 

 

1-   الرحلة إلى مراكش

 

ولّى الربيع وأقبل الصيف؛ وقد شرع طلبة معهد تارودانت ينقطعون تدريجيا منذ مدة عن الحضور إلى الفصل. ذلك لأن كثيرا منهم قد اكتسب استقلالية التحصيل الذاتي عن طريق التعامل المباشر مع المراجع استعدادا لاجتياز امتان الباكالوريا. بينما كان البعض الآخر منهمكا على فنّ إعداد مطويات "التحراز" في اعتكاف وعناية. أخذ الطلبة يستعدّون لشد الرحال إلى مراكش، عبر أكادير ثم الصويرة، لاجتياز الامتحان بدار البارود. غادر سّي موحمد تارودانت إلى إيكًودار ليستعد من هناك لأول سفرة في حياته تتعدى مسافتها 120 كلم؛ إنها مسافة 480 كلم!. ذلك أن المسافة القصوى لتحركه السابق نحو تاليوين شرقا هي 60 كلم، والمسافة نحو أكادير غربا هي 120 كلم؛ فكان بذلك محور تحرُّك موحماد، إلى حدود قرابة سن العشرين، لا يتعدى 180 كلم في المجموع.

أعدّ مساء ذلك اليوم الحقيبة/الباليزة الحمراء التي كان قد بعث إليه بها أخوه من الرباط لمّا كان في قسم الشهادة الابتدائية بتاليوين، وأودع فيها دفاتره وثيابه. قالت له الوالدة: خذ معك "الطرواكار/المعطف" فأجاب بأن الفصل فصل صيف. قالت "الكبش ما كا يتـقّـلوه كًرونو؛ كا يكًولو بلّي صويرة باردة ...". حمل حقيبته على كتفه وخرج متوجها إلى دوار "أيت أيوب" ليقضي الليلة عند زميله في الدراسة منذ مدرسة تاماصت، "سّي بّيه ايت القاضي"، ابن "سّي موحمّاد و-محند"، فيستقلّان معا في الغداة الحافلة/الكار نحو تارودانت، فأكادير، فالصويرة، فمرّاكش. بعد الوصول إلى أكادير وجدا ازدحاما كبيرا في محطة تالبورجت الطرقية، نصيب كبير منه متولّد عن تقاطر مرشحي معهد تارودانت للتعليم الأصيل من جميع جهات سوس لاجتياز امتحان الباكالوريا بمرّاكش. تمكّنا، بفضل تجربة "سّي بّيـــه" في تجربة الأسفار (كان لسنوات، قبل التحاقه بالمعهد، مع أخيه مولاي عمر القاضي بابن ملال) من شراء تذكرة السفر نحو مراكش، على أساس قضاء الليلة في الطريق إلى الصويرة، ثم قضاء اليوم فيها والمبيت فيها ثم استئناف السير في حافلة مراكش صبيحة اليوم الثاني .

انطلقت الحافلة ليلا، وكان محمّاد يودّ أن يكون السفر نهارا، لأنه كان يتصور، من خلال تمثله الجغرافي الجيّد للخارطة، أن الطريق سيكون مطلّا على المحيط لجهة اليسار. مدينة الصويرة في حدّ ذاتها كانت متصورة في ذهنه منذ زمان كمدينة بيضاء على مرتفع من الجبال. وكلما بدت أضواء تجمع سكني من بعيد وسط الجبال بعد بضع ساعات من السير، اعتقد سي موحمّاد أنها مدينة الصويرة، المدينة التي كان يسمع عنها كمركز لتوزيع الشاي بقوافل الجمال إلى حدود نهاية الخمسينات (أتاي الصويري، النميلي، الكامنجة). كان كذلك يفكر في أنه سيمر أخيرا بعد يومين من بلاد الشياظمة التي طالما راودته فكرة الهرب إليها بحثا عن عمل مأجور لمّا حصل له ذلك التعثر/البلوكاج التربوي العسير الذي كان قد جعله يتهرب من مدرسة أولاد برحيل ويقضي سحابة يومه فالغابة؛ كما أنه سيصل أخيرا إلى مراكش التي ساورته فكرة الفرار إليه في نفس تلك المرحلة الحرجة، مستعينا بـ"المجموعة المباركة" لـ"تطويّة الأرض" قصد الوصول إليها مشيا على الأقدام. كان يعرف كذلك، بفضل تمثله الجغرافي الجيد أن الطريق من الصويرة إلى مراكش سيكون من الغرب إلى الشرق، وأن الشمس ستكون في أفق مقدمة الحافلة صباحا؛ وأنه سيمرّ من "أربعاء سيدي المختار" و"إسباعيين/شيشاوة" اللذين كثيرا ما تحدث عنهما الوالد ... أنها كثيرٌ من التمثلات التي أصبح الواقع يحل شيئا فشيئا محلها في الخيال ويجسدها مصحّها.

وصلت حافلة "الساتّيام" إلى محطتها بالصويرة في الصباح الباكر. كان الفضاء مخالفا للشكل الذي كان يتصوره سّي موحمّاد: رطوبة جوّ وركود اجتماعي قاتلان؛ نساء متغنبرات في أزُرهن البيضاء جالسات على مسطبّات إسمنتية لا يُعرف ماذا ينتظرن، وطيور النورس/عوّا البيضاء تحلق فوق رؤوسهن صائحة في الساحة، وبعض المتسوّلين والحمّالين المثاقلين  ... كان من بين مستقلّي الحافلة، من طلبة المعهد، مَـن كان على سبق معرفة بالمدينة، فتشكلت على التوّ مجموعة متجانسة المقصد، انخرط فيها موحمّاد وزميله سّي بّيــه. اتجهت المجموعة نحو صاحبات الحساء/ازكّيف لتناول حساء الصباح. كنّ يقمن بغرفه من القدر وتبريده في غطارة "المترد" عن طريق خبطه بظهر المغرفة/تاغنجاوت فيقدمنه للزبناء في مجبنات/زلايف فخارية بثمن 6 د-الريال (30 سنتيم). مباشرة بعد ذلك، توجّه العارفون بالمدينة إلى مكان البحث عن غرف للمبيت في ما كان يسمّى بــ"القهوة". غرفة مفروشة بالحصائر لكل 4 أو 5 نفَرٍ يختار بعضُهم بعضا حسب القرابات الزمالية في معهد تارودانت. في المساء اقتنت كل مجموعة من السوق كل ما يلزم لإعداد طعام العشاء، وسلمت ذلك لصاحب المقهى/النزل لإعداده كما يفعل معظم النزلاء.

كان الاستيقاظ باكرا، فانطلقت الحافلة قبل إشراق الشمس، وكان مشرقها، بالنسبة لاتجاه الحافلة، كما تمثله سّي موحمّاد (في مقابل الزجاجة الواقية الأمامية؛ "شايلّاه، ا-عيلم الجغرافيا!").  كان ذلك تأكيدا جدّيا لثقة سّي موحمّاد بالعلوم الطبيعية، بعيدا عن عالم قومٍ في سهل سوس يتصورون الدار البيضاء لجهة الغرب منهم. فقد تذكّر ذلك يوما من الأيام، وكان حينئذ في الابتدائي الثاني، لما كان مساعدا ("كا يضرب اسّتا") في عملية تذريّة محصول الزرع في بيدر "ايت عُمَر" بدوّار العوينة فأثيرت الدار البيضاء استطرادا في الحديث المباح بين المذرّين عن ريح "البحري"/"الغربي" التي هي طاقة التذرية. اتفق الجميع على أن تلك المدينة الذائعة الصيت موجودة لجهة الغرب بالنسبة للمكان (إيكًودار-أولاد برحيل)، ما عدا موحمّاد الذي أشار بشطابته/مكنسته نحو ما وراء جبال الأطلس الكبير، أي نحو الشمال، فأنكر عليه الجميع ذلك الزعم، وخصوصا بعض المعروفين بالمماحكة الذين يفهمون في كل الأمور ويشرحونها للناس بما في ذلك مثلا كيف يحدد المهندس مكان وجود المعدن تحت الأرض، وكيف يحصل أن ينقل الراديو الكلام من الرباط إلى دوار العوينة. قال أحد هؤلاء: أفلا ترى بأمّ عينيك أن الحافلة/الكار التي تنقل الذاهبين إلى الدار البيضاء تخرج من سوق الثلاثاء هنا في إيكَودار متجهة نحو الغرب عبر تارودانت؟ فهم موحمّاد بعد ذلك ما الذي يحصل في الأذهان خارج المعرفة بالجغرافيا: تتجه الحافلة فعلا نحو الغرب للوصول إلى تارودانت؛ وهناك تخرج حافلة أخرى ليــــــــــلا نحو الدار البيضاء، فلا يعلم المسافر في أي اتجاه تسير الحافلة إلى أن تصبح في الغداة في الدار البيضاء. ثم فهم بعد ذلك أن مما زاد من ترسيخ تصور الدار البيضاء في غرب المنابهة بسوس لدى قومٍ هُم خارج عِلم الجغرافيا، عنصرا لغويا يتمثل في أن تسمية "الغرب"  كجهة كبرى من جهات المغرب (أي "الغرب" و"الشاوية")، والتي هي في الأصل من إطلاق أهل الشرق وسايس (فاس/مكناس) على السهول الأطلنتيكية، تسمية قد انتقل استعمالها إلى سوس للدلالة على بلدات ومدن تلك السهول (بما في ذلك مدينة الدار البيضاء: "خدّام فالغرب" = "خدّام فالدار البيضا" أو "خدّام فالقنيطرة" أو...).

 بدأ النخيل يظهر تدريجيا من بعيد، ثم بدأت كثافته تزداد، ثم بدأت تلوح في الأفق الرصاصي حرارةً صومعةُ الكتبية. منظر جديد باهر، ولكنّ له أساسا في تصور سّي موحمّاد بفضل معلومات التاريخ والكارتــبّوصطال والأغاني ("يا مرّاكش، يا وريدة بين النخيل"). توقفت حافلة "لاساطاس" في محطتها بجامع الفنا. واتجه الطلبة توّا، بإرشاد من العارفين منهم (الذين كرّروا قسم الباكالوريا) إلى الزاوية الدرقاوية بحيّ "الرميلة"، التي وُضعت رهن أشارتهم للإيواء، والتي كان قد أسّسها والد العلامة المختار السوسي. وضعت رهن أشارتهم بها مجّانا مقصورةٌ كبري مفروشة بالحصائر وبدون وسائد، وطاقمٌ يسهر على إعداد وتقديم الطعام والشراب بالمجان كذلك، وعلى النظافة. ثم بدأت مرحلة المراجعات الأخيرة طول النهار كلَّ يوم في بستان "عرصة مولاي عبد السلام" البهيّة حينئذ، بالقرب من مقر الامتحانات القاديمة. وفي المساء يخلد الجميع لتبادل اللغو والكلام المباح وغير المباح، في جوّ احتفالي (المأكل كان جيدا: اللحم في كلّ وجبة في غضائر/طباسل جماعية وليس وجبتين في الأسبوع فقط كما في تارودانت، والشاي في مقاريج عملاقة، لكن الكؤوس هنا من زجاج، وليس من ألومينيوم؛ "بخير وعلى خير") إلى أن يغلب القومَ النومُ فيبدأ الشخير الجماعي بطبوعه ومقاماته المختلفة.

مرّ الامتحان الكتابي بالنسبة لسّي موحمّاد في ظروف ثقة كبيرة في جميع المواد، بما في ذلك مادّتا الفلسفة والرياضيات اللتان كانتا تُفزعان الطلبة. وكذلك كان أمر الاختبارات الشفوية (البلاغة، اللغة الأجنبية). وقد كانت الاختبارات الشفوية مناسبة له ليحتك عن قرب مع إحدى الشخصيات التي كانت مسيرته قد تقاطعت معها قبل سبع سنوات: المرحوم (الراحل اليوم) "سّي براهيم النوراوي" الذي كان ناظرا/حارسا عامّا بداخلية معهد تاليوين أثناء تحضير موحمّاد للشهادة الابتدائية به، والذي كان موحمّاد يتهيّب من صرامته، خصوصا لمّا نهره ذات ليلة بسكنى الداخلية بسبب عدم توفره على غطاء/"كاشّة". لقد تدرّج المرحوم النوراوي بدوره، بشكل حرّ، فحصل على الشهادة الثانوية ثم تقدم حرّا لامتحانات باكالوريا التعليم الأصيل ("أدبي-ب"). لقد اكتشف سّي موحمّاد، من خلال تبادل شذرات من الحديث، مع الأستاذ النوراوي خلال انتظاريات أدوار الامتحانات الشفوية، شخصية أخرى غير شخصية قناع الدور الإداري؛ ولم تفيسلم في نفس الوقت من الشعور بنشوة ذاتية إزاء ذلك الحديث الودّي "للندّ مع الند" بعد الصورة الأولى المرسومة في ذهنه لمدة سبع سنوات.

لم يعكّر صفاء جوّ الامتحانات بالنسبة لسّي موحمّاد سوى ما حصل في إحدى الحصص الأولى: فنظرا لما كان قد رأى من كثرة الاستعدادات بـ"التحريز" لدى بعض الزملاء الطلبة، ساءه أن لا "يتخذ الحيطة" بدوره في إحدى المواد (ولعلها الجغرافيا الاقتصادية) التي تشتمل على كثير من عناصر الحفظ بالذاكرة (أرقام، إحصاءات)، فقرر أن يدسّ دفترا من خلف ظهره من تحت حزام سراويل الجينز. وقد حدث ذلك الصباح أن ضُبطت إحدى قريبات أحد المسؤولين عن تنظيم الامتحانات وهي تمارس الغش/النقل، فرُفع بها تقرير في الحين "عن غير علم بهويّتها" فتمّ توقيفها في الحين. حينها ثارت ثائرة المسؤول وأخد يقتحم القاعات في مزايدة ويختار من طاب له من الممتحنين فيمارس عليه تفتيشا جسديا على الطريقة الجمركية. لكن الله سلّم لما دخل القاعة، لأن موحمّاد كان في الصف الخلفي، فكانت تلك عبرة كبيرة بالنسبة لموحمّاد؛ إذ كانت ستكون كارثة قاضية لمجرد تقليد طائش للآخرين في غير حاجة.

انتهت الامتحانات، ولبث محمد أياما إضافية في الزاوية، وهو في شبه يقين من نجاحه. أخذ حينئذ يفكر في مـــــــا بعـــــــــــد الباكالــــــوريا. لم يكن يعرف عن ذلك شيئا، ممّا عدا أمر واحد: ضرورة امتلاك اللغة الفرنسية التي ضاعت منه أسُسها الأبتدائية منذ أن انتقل، في مستوى المتوسط الأول، من التعليم "الحكومي" المزدوج إلى "التعليم الأصلي". تذكر أن في ساحة جامع الفنا كتبيّا من كتبيّي الرصيف يبيع الكتب المستعملة. قصده ذات صباح فاقتنى ثلاثة كتيّبات: لاروس الأحمر الصغير Le plus petit Larousse rouge وكتيبان بالفرنسية السهلة: Richard Cœur de Lion و Alice، ثم أعد حقيبته عاد من حيث أتى، وكان قد اشترى كذلك عددين متتاليين من يومية L’opinion قضى في قراءتهما بعد ذلك أسبوعين كاملين في ظلال زيتون دوّار العوينة بإيكودار، مستعينا بمعجم لاروس الصغير، وذلك قصد اكتساب لغة الصحافة والسياسة، وهو يتدرج موازاة مع ذلك في قراءة الكتيبين الآخرين لاكتساب قاموس التاريخ وقاموس السرد، وذلك في انتظار ظهور النتائج بجريدة "العلم" التي يعرف أنه سيبعث بها إليه أخوه من أكادير إذا ما نجح فعلا؛ وكذلك كان ذات يوم بعد أسابيع. فبينما كان يتجاذب أطراف الحديث المباح مع أترابه القدامى من مراهقي دوار العوينة، الذين التحقوا جميعا بالعمل في الضيعات العائلية أو كأجراء في الضيعات العصرية التي أخذت تلتهم الأراضي في نهم، أقبل "عُمر بولكروش" الذي كان يرعى معه الغنم، وهو يلوح من بعيد بجريدة ملفوفة صائحا: "الصلا-عنّبي، ها الباكاروريا، آ-سي موحمّاد". لقد جاء بجريدة "العلم" من أولاد برحيل كأمانة بعث بها أخ سّي موحمّاد من أكادير مع أحد الأفراد. نعم "الصلا-عنّبي"؛ لقد أصبح موحمّاد أول حاصل على الباكالوريا في كامل القبيلة في وقت ووسط سوسيوثقافي كان يتباهى فيه من له صلة بالتعليم مثلا بأن قريبا له، في مراكش أو الدار البيضاء "ساقط فالباك"!

ماذا سيحصل بعد ذلك في الدخول المقبل؟ لا أحد يعرف. كل ما يعرفه موحمّاد يومذاك هو أنه اقتحم عقبةً كأداء واجتازها ولا يدري ما وراءها. فمدرسة المعلمين التي كان يتحسر على أن لم يكن له السن القانوني للتقدم إلى مباراتها قبل سنوات، أصبح من باب إضاعة العمر والجهد والمال التقدم إليها اليوم بعد توفر ذلك الشرط. ثم إنه كان قد توسع بعد ذلك أفقه المعرفي بشكل تصوّر معه أنه أحاط بالمعرفة الكونية. فبعد العلوم الشرعية والكلامية وعلوم اللغة العربية التي حصلها ما بين تاليوين والسنوات الأولى من الإعدادي، حتّى كان يتخيل نفسه فقيها في المستقبل، زاد علوم الطبيعة، من كيمياء (أحوال المادة والعناصر والتفاعلات والمعادلات)، وفيزياء (الروافع والبصريات)، واطلع على التاريخ القديم (العصر الحجري، الحضارات الكبرى القديمة في مصر وكنعان وما بين النهرين)، وتاريخ أوروبا الحديثة (النهضة، الحروب الدينية، الاكتشافات الجغرافية، ثورة كًرومويل، الثورة الفرنسية، الأسر الكبرى من آل البربون، وآل رومانوف وأل هوهونزويلرن)، وعلى عناصر الجغرافية الاقتصادية لأهم الدول الحديثة في القارات الأربع، ثم زاد على كل ذلك الأسئلة الكبرى للفلسفة وعلم النفس من خلال التهام كتاب "دروس في الفلسفة" لمحمد عابد الجابري وأحمد السطاتي (الوجود والعدم، الحرية، المصير، الدولة، المدارس الوجودية والشخصانية والنفسية والماركسية ...). فما عسى أن يفعل بكل ذلك، وبعد كل ذلك؟ لا يدري. إنما كان يعرف بوضوح معيش يوميا في المرافق والعلاقات أن أفقه ما يزال محدودا وناقصا، وأن هناك أمورا أخرى يحول دونَها بالنسبة له عدمُ امتلاكه للغة أجنبية. كانت أنجليزيته جيّدة بفضل ميثودولوجيا أساتذة "بعثة السلام" الأمريكية (ميس كانيكًهايم، دافيد بروي، دافيد كلارك؛ كتاب Let's learn English) خلال ثلاث سنوات بمعدل ساعتين في الأسبوع لكنها لا تتعدى مستوى الأنتيرميديات-1 ( "متوسط-1"). أما الفرنسية، فقد تراجعت لمدى عدة سنوات حتّى بالقياس مستوى ما كانت عليه لديه قبل مغادرة "السكُيلة" وولوج التعليم الأصلي في أواخر المرحلة الابتدائية. وهذه الثغرة هي التي صمّم على ملئها مستعينا بـ"لاروس الأحمر الصغير" كيفما كان ما ستؤول إليه الأمور في الدخول المقبل من رحلته نحو المجهول.

-----

النص التابع ("الرحلة إلى الرباط") عبر الرابط الآتي

https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-marocain-le-chemin-d-apres-l-ecole-2-texte-narratif

--

محمد المدلاوي

https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques



18/08/2019
3 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres