(EN ARABE) L'expérience musicale des groupes des années 70s du 20e siècle au Maroc, revisitée
التفاتة إلى الخلف بعد خطوة "إلى الأمام"؟
بمناسبة مراجعة تجربتي "ناس الغيوان" و"الشيخ إمام"
ورد قبل أيام من يومه 23 يونيو 2016 في أحد ملصقات صفحة صديقنا، الكاتب شرف الدين ماجدولين على الفايسبوك، ممّا لم أفلح في إعادة العثور عليه قصد الاستشهاد به نصيا، ما يفيد أنه هذا الكاتب لم يــــــعُـــــد يرتاح إلى أغاني الشيخ أمام. وقد علقت على ذلك بأنه لم يحصل لي من جهتي يوما أن استسغت ذلك القبيل من الغناء حتى في الفترة التي كان فيها ذلك بالنسبة لجيلنا، في غرف الأحياء الجامعية ،بمثابة أشرطة التجويد والأدعية والتبتلات اليومَ في سيارات الأجرة والمحلات التجارية وحتى بعض مكاتب مرافق الإدارة العمومية والجماعات. وقد علق صديق آخر مصرحا على نفس الملصق بأنه لم يعد، من جانبه، يستسغ حتى ريبيرتوار ناس الغيوان ومدرستهم مما تلاهم من مجموعات.
ثم توالت التفسيرات من طرف مرتادي الفضاء الأزرق ممن يتخذون منه فضاء بديلا للنقاش الثقافي. أكثر تلك التفسيرات تجمع على إرجاع هذه "المراجعات" الذوقية في باب الفن إلى تضافر عنصرين: التقدم في السن على مستوى الجيل، و"تبدّد أحلام التغيير" على مستوى المجتمع. ولقد علقت من جديد على بعض تلك التفسيرات بأن ذينك البعدين، وإن كانا أمرا واقعا بالنسبة للكثير، لا يفسران المسألة على المستوى الفني المحض، بما أن هنالك قبيلا آخر من الأعمال الموسيقية ذات الطبوع المختلفة (مغربية وشرقية وغربية) لا يطالها البـــلى مهما كان الجيل وكيفما كانت أحلامه الأيديولوجية، بل تزداد مع مرور الزمن عتاقة وقيمة فنية.
أتذكر بهذا الصدد أنني كنت قد قرأت في صحيفة من صحف السبعينات تعليقا مقتضبا لعبد الوهاب الدكالي يأخذ فيه على غناء المجموعات (التي أخذت حينئذ تكسر احتكار النجوميات الكلاسيكية الفردية لذلك الوقت) ما أسماه بـ"الفــــقــــر في اللـــــحــــــن والبناء الموسيقي" (غير آبه بالتأويلات الإسقاطية الوقتية للكلمات).
ما كان واقعا في الحقيقة هو أنه كانت قد سادت فجأة في تلك الفترة، بسبب تحولات عالمية (حركة 1968، المد الشيوعي) وسوسيو-ديموغرافية داخلية (علاقة الأطراف بالحواضر عبر التمدرس والجامعة والوظيفة العمومية)، ثقافةٌ عامة اتسمت بتمجيد "العفـــوية" و"الجمــــاعيـــة" الساذجة في جميع الميادين، عفوية "المبادرة الشعبية" و"الإبداع الشعبي" في جميع الميادين، من أساليب "التنظيم الجماهيري" إلى أساليب "الحرب الشعبية الطويلة الأمد" لتحقيق "ثورة الجماهير" (مع اختلافات حلقية في عينية تلك "الإبداعات") وإلى ميادين الآداب والمعارف والفنون وحتى الهندام (إرسال اللحيّ واطراح البذلة ورباط العنق، الخ.).
وقد واكب "النــقــــد" كل ذلك في باب "الإبداع" الأدبي والموسيقى على شكل ما عرف بقيمة "الالـــتــــزام"، قيمة كان يُبحَث عنها، موضوعيا أو إســــــقاطــــا تأويــــليــــا، على مستوى مـــــضاميــــــن الخطاب على سبيل الحصر. أما البناء والمعمار الفنّي في الأدب والموسيقى وبقية الفنون، فقد تم العمل عملا ثوريا على تفكيك وتكسير قيود "شكلياته المتحجّرة" (كل ما يسمى بـ"علوم الآلة" في الآداب والفنون). ولعل ذلك ما كان قد أشار إليه عبد الوهاب الدكالي بطريقته في ما يتعلق بطبيعة ظاهرة غناء المجموعات. أما الإسقاطات الـتأويلية التي كانت أغاني بعض تلك المجموعات هدفا لها في إطار تمجيد العفوية وقيمة "الالتزام" كوظيفة من وظائف الأدب والفن التي كانت سائدة حينئذ، فقد جاءت كثير من تصريحات ومذكرات بعض أعضاء المجموعة، ومن بينهم عمر السيد، لتميط النقاب عن طابعها الأسطوري الشعبي (انظر هــــــنـــــا).
ولقد دارت الأفلاك دورتها فجاء مطرب الشعب مرة أخرى، منبثقا من رحم الشعب من جديد، في جيل جديد من مقدّسي الشعب، وعفوية الشعب وإبداعاته في التنظيم والتعبئة بالرؤى والإشراقات هذه المرة. إنه المنشد رشيد غلام. جاء فصالح عشيرة جيله من بين الفرَق من جديد مع الفن الذي ينظر إليه قومُه عامة عبر الأجيال بعين الريبة ما لم يبرِّر نفسه ووجودَه بزعم أداء وظيفة أخرى غير فنية (تبتّـل، تواجد صوفي، إثبات هويّاتي، إلهاب ثوري، الخ.). لقد صالح الخطابَ الورع لعشيرته مع الطرب والغناء ذي الوظيفين التبتلية الروحية والتعبوية في نفس الوقت. التعبئة هذه المرة، ليس من أجل العمل على توفير شروط قيام مجتمع بدون طبقات تختفي فيه مؤسسة الدولة بانتفاء مبرر وجودها الذي هو حفظ مصالح الطبقات المستغِـلة كما بشّر الرفيق لينين بذلك الاختفاء في نهاية سفر "الدولة والثورة"، ولكن من أجل قومة تُقيم جمهورية الخلافة على المنهاج النبوي الذي يمثل المرحلة المهدوية الخامسة والأخيرة من مراحل التاريخ في خطاطة العشيرة، على غرار المراحل الخمس في خطاطة المادية التاريخية للمذهب الشيوعي البائد (انصت إلى منشد الشعب هــــنـــا) (1). أما عشائر أخرى ممن "ابتلوا" بترسّخ فن الغناء لديهم كفن أولا وقبل كل شي، والذين لم يُقيِّض لهم القدر في صميم صفوفهم لا مطربا ملتزما ولا مجموعة غنائية طليعية مناضلة من أجل التغيير، فقد فقد لجأوا إلى سوق الاستيراد، فتوّجوا المطربَ الجزائري القبائلي، المرحوم معتوب لوناس، منشدَهم ومطربَهم وحاملَ صوتهم وممثلَ فنّهم وشهيدَهم دون غيرهم، في إطار أفق أممية قومية بلا حدود، هي نسخةٌ طبقَ الاصل معكوسةٌ لتلك التي تم في إطارها استيراد أيقونة الشيخ إمام (انظرهـــــنـــــا).
خلاصـــــة
لعل ما تمت الإشارة إليه أعلاه، إذن، من أن الجيل لم يعد ينصت بنفس الأذن الموسيقية إلى فن الشيخ إمام أو ناس الغيوان يفيد تضافر أمرين ثقافيين هما:
1- عودة قيّم البناء الفني والمعمارية الفنية في الآداب والفنون كقيم نقدية متصورة على أسس ذوقية ومعرفية جديدة، وتواري موجة تمجيد قيمة العفوية الساذجة كقيمة مقصودة لذاتها،
2- اضمحلال ثقافة المرجعيات الثورية في صيغها الشيوعية وتلاشيها في أذهان الجيل كما يوضح ذلك شريط قصير من أشرطة الفيديو يسأل بعض الشيوعيين والشيوعيات القدامى عن معنى الشيوعية (انظر هـــــنـــــا). ذلك الاضمحلال هو ما حدا بالعبد الضعيف، مساهمة منه في حفظ الذاكرة الثقافية، إلى أن ينظم أبياتا أولى من أرجوزة على شكل متن "الألفية" أو "العاصمية" تعرّف بأجرومية المفاهيم الأساسية للشيوعية؛ وهذا مطلعها:
يقول عبــدُ ربـّــــه، المدلاوي * في المذهب اللينِيـنِـيّ والمـاوي
العـِلــمُ قد فـــاز بـه الحــفّـــاظُ * حـــذارِ أن تلـتبــس الألــفــــاظُ
فاحفظ جُماعَ القول في المتـونِ * في مجــمل العلـوم والفـــنــونِ
لا تخلطـَنْ في ذهنك الشيوعيّه * بمـــلــة المُشايعين الشيــعيّــه
بقية الارجوزة في نص آخر عبر الرابط الآتي:
https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-pensee-democratique-au-maroc-texte-de-2006
-----------------------------
(1) خطاطة التاريخ في الفكر المهدوي كما رواها الإمام أحمد في المسند، إذ روى أن النبي- صلى الله عليه وسلم قال:
[1-تكون فيكم النبوة ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعھا إذا شاء أن يرفعھا، 2- ثم تكون خلافة راشدة؛ فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعھا الله إذا شاء أن يرفعھا ؛ 3- ثم تكون مُلكا عاضّا؛ فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعھا الله إذا شاء أن يرفعھا، 4-ثم تكون مُلكا جبريا؛ فتكون ما شاء الله أن تكون، 5- ثم يرفعھا إذا شاء أن يرفعھا، ثم تكون خلافة على منھاج النبوة. ثم سكت].
أما خطاطة التاريخ حسب الحتمية التاريخية للفكر الشيوعي فمراحلها الخمس هي الآتية: 1- مرحلة الشيوعية البدائية، 2- مرحلة الاسترقاق، 3- مرحلة الإقطاع، 4- مرحلة الرأسمالية/الأمبريالية، 5- مرحلة الاشتراكية/الشيوعية
-----------------------------
نص تحليلي ذو علاقة: "لماذا تصلح السوسيو-موسيقى، ولماذا يصلح الدستور؟"
https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-a-quoi-sert-l-ethnomusicologie-ou-la-constitution
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres