OrBinah

(EN ARABE) A quoi sert l'ethnomusicologie ou la Constitution?

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller  dans  la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis sur ARABE(Windows)

 

 

لماذا تصلح السوسيو-موسيقا؟

ولماذا يصلح الدستور؟

 

 

بعد سؤال "لماذا تصلح الرياضيات؟"، الذي كان عنوانا لنص سابق من نصوص "مساءلة البداهة"، وهو سؤال يتبادر إلى الذهن بأن الجواب عنه من باب البديهيات، نطرح اليوم سؤالا آخر بنفس الصيغة، إلا أن جوابه أقل بداهة، ألا وهو: "لماذا تصلح السوسيو-موسيقا؟". إنه سؤال نطرحه ليس فقط بمناسبة عيد الموسيقى (21 يونيو)، ولكن كذلك بمناسبة حملة الاستفتاء على الدستور، وهما مناسبتان ليس بينهما ظاهريا إلا مسافة من الخير والإحسان، وإن كانت قد شاءت الأقدار والجفريات أن يتوافق تاريخاهما.

في النص السابق المشار إليه، اختـُتم الجواب عن سؤال "لماذا تصلح الرياضيات" ببلاغة ذلك الأستاذ المتعاون الفرنسي، المدرس للرياضيات، الذي لم يجد ما يجيب به عن سؤال أحد التلاميذ المعرقلين من طينة مَن لا يجدون ما يبررون به فقرهم في الإسهام والتشاركية إلا التشكيك في الجدوى المباشرة لكل شيء، وذلك لما سأل ذلك التلميذ أستاذه مبررا عجزه وكسله في الفصل قائلا (... "ثم أخيرا، لماذا تصلح هذه الرياضيات في نهاية الأمر؟")، فأجابه هذا الأخير بحضور بديهة قائلا: ("الرياضيات تصلح لجعل الطائرات تطير، فتُـغـني عن خدمات الحمير"). انظر النص عبر الرابط الآتي:

https://orbinah.blog4ever.com/blog/lire-article-162080-2295023-_en_arabe__mouvements_sociaux_et_sciences_humaines.html

 

فما هو إذن علم السوسيو-موسيقا، قبل التساؤل عن جدوى هذا العلم بالنسبة لأي وجه من أوجه "التنمية المستدامة" أو غير ذلك من الغايات التي حددتها سياسة البحث العلمي بعد سلسلة "الإصلاحات"، وإصلاح الإصلاحات، وتدقيق الاستراتيجيات؟

إنه علم مستحدث، متفرع عن ظهور المنهج المقارن في علوم الإنسان (إثنوغرافيا، لسانيات، أنثروبولوجيا، الخ.)؛ وما تزال تسميته الأولي (Ethnomusicologie) تحمل سمات تلك الفترة التي كان فيها البحث يتصور علوم المجتمع كعلوم للمقارنة بين الإثنيات. لكن "لا مماحكة في ألفاظ التسميات إذا ما اتضحت المفاهيم" كما قال موسى بن عيزرا صاحب كتاب "المحاضرة والمذاكرة". وموضوع هذا العلم هو البحث في الأشكال والصور التي تتخذها الممارسات الموسيقية في المجتمع، بالمفهوم العام للموسيقي وما يرتبط بها (غناء، عزف، رقص، طقوس). فمن جهة، تُدرَس تلك الأشكال والصور في إطار ذلك العلم من منطلق المقارنة بينها من مجتمع إلى آخر؛ ومن جهة ثانية، تُدرَس نفس تلك الأشكال من حيث علاقاتها السيميولوجية الوظيفية، في مجتمع بعينه، بما يطبع ذلك المجتمع على أصعدة الأنثروبولوجيا، والثقافة، والنظم السويسو-اقتصادية والسوسيو-سياسية (أنماط الإنتاج والتوزيع، الأدوار الاجتماعية والسياسية، العبادي والعادي، نوع العلاقات السلطوية بين الفئات الاجتماعية والعمرية والجندرية من ذكر وأنثى، الخ.). ولدراسة جميع تلك الأمور، يتم تحديد متغيرات صور وأشكال الشأن الموسيقي على عدة أبعاد، أهمها ما يلي:

1- الأدوار في الإنتاج والأداء الموسيقى، وتوزيعها ما بين الجماعي والفردي، والذكر والأنثى في اجتماع أو على انفصال، والكبير والصغير، والرئيس والمرؤوس، والجوقة والصولو، ووجود أو عدم وجود مايسترو، وحق ارتجال أو إعداد الكلمات، وحق الغناء، وحق الرقص، وحق العزف وبأي آلة، وحق النقر وبأي آلة، وأمام أي فئة من الذكر والأنثى، ومن الصغير والكبير، والقريب والأجنبي، الخ.

2- الإطار المكاني، ما بين الخارج والداخل، والاندماج مع الجمهور أو الانفصال عنه، والعمومية والخصوصية، والمجانية والمؤدى عنها، الخ.

3- الإطار الزمني، ما بين المواسم الرعوية، أو الزراعية، أو الدينية، أو الخاضعة لإيقاعات المجتمع الصناعي أو الاستهلاكي، الخ.

4- الكلمات، ما بين مقيدة البناء (وزن، أسلوب، بلاغة)، ومرسلة البناء، ومتمردة على هذا المستوى أو ذاك. وفي حالة المقيدة: ما بين كلمات محصورة في ريبيرتوار مغلق متوارث، وكلمات مفتوحة للإبداع ارتجالا أو إعدادا مسبقا؟

5- الألحان ومقاماتها، ما بين سـُـلـّم قارّ، ومقامات وطبوع محصورة أو ربما ألحان بعينها محصورة، وبين المفتوح من هذا وذلك أمام الإبداع، إما ارتجالا أو إعدادا مسبقا.

6- الإيقاعات، من ثنائية وثلاثية ومركبة، وما بين ريبيرتوار إيقاعي محصور، وأبواب إيقاعية مفتوحة أمام الإبداع والارتجال، وما بين مختلف وتائر درجات البطء والسرعة، والرتابة أو قابلية الارتجال بمختلف التواشي النقرية وتعديد مواقع ودرجات الأزمنة القوية.

7- الآلات (عزف ونقر)، ما بين قائمة محصورة في عددها وأنواعها وأشكال كل نوع، وحالة تترك فيها الحرية لإدخال هذه الآلة أو تلك أو تغيير شكلها أو خصائصها.

8- الزي والهندام، ما بين هندام خاص بالمناسبة، وهندام يومي عادي، وهندام متمرد.

 

هذه الأبعاد كلها مستوياتٌ تعكس الأشكالُ الموسيقية على أصعدتها كافة القيم التي تتأسس عليها  النظـُم الاجتماعية في فترة معينة من فترات تطور المجتمع؛ وكل تطور على مستوى أي بعد من تلك الأبعاد مؤشر على تطور معين في اتجاه أو في آخر على مستوى تلك النظم الاجتماعية، من قبيل استبداد مؤسسة الجماعة أو انبثاق بُعد الفرد المدني في الوعي، أو انعتاق المرأة، أو تحرر الجيل أو تمرده، أو الشعور الهوياتي، أو ظهور ونمو أو خفوت حسّ الانتماءات المختلفة، من العشيرة، إلى القبيلة، أو الدولة الوطنية، أو الانتماء الكوني، الخ.

كل هذا ينعكس على مستوى بنيات الأشكال الموسيقية، التي هي أشكال غير اعتباطية، أي أنها ذات معان ودلالات، ليس فقط من حيث خطاب كلماتها، الذي تركز عليه المعالجات الأدبية كثيرا لحد الآن دون غيره من الأبعاد في تناولها للشأن الموسيقي ومعالجته معالجة هواية لا معالجة دراية مسلحة بالآلة اللازمة من المفاهيم الخاصة بكل مستوى من المستويات المذكورة (السلم الموسيقي، المقامات، الإيقاعات، الكوريغرافيا، السينوغرافيا، الخ.)

تلك بعض القضايا التي استدعى المعهد الجامعي للبحث العلمي بجامعة محمد الخامس – السويسي مؤخرا ثلة من المتخصصين للتداول بشأنها بمناسبة عيد الموسيقى (21 يونيو 2011)، وذلك على شكل يوم دراسي حول "الأغنية الاحتجاجية بالمغرب وموروث مجموعة ناس الغيوان"، تلك المجموعة الموسيقية التي ارتبط تغيير المشهد الموسيقي المغربي الحديث باسمها. وقد تم ذلك التداول من خلال البحث في ما كان يعكسه ذلك التغيير الشكلي لذلك النمط الموسيقي من تغييرات على مستوى مجتمع السبعينات من القرن العشرين، وفي ربط لكل ذلك بما يتميز به المشهد الموسيقي المغربي الحالي من انطلاق موسيقى "البولفار" بصُراخ "رَبـرَبتها" وصُراع "هبـهَـبــتها" مع اندلاع الأجواء الثقيلة لما عرف بـ"حرب الشواطيء" في نهاية تسعينات القرن الماضي، ومما تلا ذلك من موسمية المهرجانات الجهوية، ومن ظواهر أخرى ميكروسكوبية لكنها لا تقل دلالة، مثل ظاهرة الفنانة زينة الداودية عل سبيل المثال، التي تحدّت طيفا كاملا من المجتمع في خضم التحولات القائمة على مستوى "مدونة الأسرة"، ليس برفعها لشعار تغيير فصل معين من الدستور، ولكن بمجرد تجرّئها من موقعها المهني المتواضع على انتزاع حقها في "الكامانجة" والإمساك بها والعزف عليها أمام الجمهور بالطريقة الذكورية (الوضع العمودي على الركبة) التي رمزت خلال عقود إلى سلطة "الرايس" على حريمه من شيخات فن العيطة. وقد زادت على ذلك بالتمرد حتى على الشكل المادي للآلة ولونها وحتى على هندام شيخات فن العيطة الذي تمارسه، وذلك بتراوحها في حرية ما بين سروال دجينز، والبذلة العصرية، ومختلف أنواع النيو-قفطان. ولقد صفق لها طيف آخر من المجتمع المغربي ممن هو على نبض نفس الموج. وقد فعلت ذلك لما فعلت، بنفس القبيل من قوة التمرد الذي تحاول اليوم فئة النساء بشكل جماعي أن تضمنّ لهن به موقعا مدنيا في المدينة في بلدان سعيدة بعيدة، وذلك لما تحدّين المجتمع بانقضاضهن على مقاود السيارات لمدة يوم كامل في إطار "الحراك العربي"، إلى درجة أن بعضهن قد هدّدن، في مساومة لا تخلو من طرافة وإبداع في إطار "الشرع"، بأن يلجأن إلى إرضاع "شيـفوراتهـن" على هدي فتوى "إرضاعَ الكبير" إذا لم يتم السماح لهن بحق الخروج من الهوذج والإمساك بأرسان الدابة السيارة وسياقتها كما يسوقها شقائقهن.

فتلك الأمور الجزئية الصغيرة (الكامنجا، السروال، المقود، الخ.) شارات إلزام والتزام بمنظومات شؤونٍ كليةٍ عظامٍ يسهر على الرقابة في بابها كل أصناف المجدوبين وكل أصناف قوات حفظ النظام كما يرمز إلى ذلك "صوت الشعب" المغربي في فترة من الفترات غير البعيدة لما كان مجدوبو هذا الشعب يصيحون في الأسواق الأسبوعية وفي مواسم الأولياء إلى حدود الستينات من القرن الماضي بأمثال قولهم:

((هادا قرن ربعطاش؛ لا هنا لا معاش؛ شْـتـْـفْ هيـتْـفْ؛ لكبير تلف، وصغير تلف؛ لمرا زوّلـت للتام، ولحمارا دارت للجام؛ سـّـلوكي ولـّى نباح، ولفقيه دار لمضما ولـّى شطـّاح)).

ولقد رأينا في الحقيقة مؤخرا، في إطار آخر أوجه "حراك الربيع العربي" الذي أفضى إلى حراك الصيف، كيف أن بعض أئمة المساجد قد خلعوا عنهم وقار شروط الإمامة كما كنا قد لـقـِّـنناها في المدرسة، فرقصوا في الشارع في مشاهد كرنفالية على إيقاعات شعاراتهم الموزونة والمقفاة للمطالبة بالأجرة العاجلة قبل الأجر الآجل، وبمسائل أخرى ليس هنا مجال تفصيلها، وهم يرفعون صور الكاريكاتور في انفتاح على ثقافة خطاب الفنون البلاستيكية.

فلم يغب إذن عن اليوم الدراسي المذكور أيّ وجه من كل ذلك؛ لا ظاهرة "نايضة"، ولا حادثة محاكمة "موسيقى الشياطين"، ولا المولود الجديد الذي رأى النور بتاريخ "20-فبراير" والذي ازداد، حسب ما حُمِل عليه ونسب إليه في البدء، في فراش "البولفار"، لكن ما لبث أن اتضح نسبه بالولاية والتبني من خلال عدسة سيميولوجيا السوسيو-موسيقا، وذلك لما وضع رهانه في التصدي للمهرجانات الموسيقية من أجل "محاربة للفساد" و"تبذير المال العام" في الفترة التي كان فيها النقاش جاريا حول فقرات ديباجة الدستور وتفاصيل فصوله، لينتهي ذلك "المولود ابن أبيه" بعد طرح نص مشروع الدستور إلى جعل رهانه الجديد هو المناداة بأن "لا فائدة ترجى من الدستور" في باب ما "يريده الشعب" من توفير "العيش الكريم" و"السكن اللائق" و"إسقاط " هذا وذاك، وتغيير كل شيء، ورحيل الجميع، هنا والآن؛ وذلك قبل أن يضيف ذاك "المولود الجديد" هذا "الوافد الجديد" إلى قائمة من وما يتعين إسقاطه: (تغطيات مفصلة لهذا الرهان الجديد في "أخبار اليوم"؛ مثلا 21 يونيو 2011: عنوان الأولى: "البلطجية تيحركون لمواجهة 20-فبراير نيابة عن السلطة"؛ عناوين أخرى في ص:4 "آلاف المحتجين رددوا: الشعب، يريد إسقاط الدستور الممنوح"، "آلاف المتظاهرين طالبوا بإسقاط الدستور الممنوح"، "أرباب شركات ورؤساء جماعات ينزلون عمالهم وجمعياتهم لمنع آلاف المحتجين ضد مشروع الدستور"، "سكان الأحياء الشعبية ينضمون للمحتجين وسط مناوشات المعارضين").

وبالعودة إلى علم السوسيو-موسيقا بما له من قدرات وصفية وتحليلية وتفسيرية، فبالرغم من أن ليس له اليومَ أي موقع مؤسسي لحد الآن في الرقعة الضيقة أصلا لخارطة علوم الإنسان في الفضاء الأكاديمي بالمغرب، كما أنه ليس لعلم الموسيقى في تلك الرقعة أي موقع، فإن السوسيو-موسيقا تتوفر مع ذلك على أطر كوّنت نفسها بمجرد مغامرات فردية عصامية كما تجلى ذلك من خلال طبيعة مساهمات اليوم الدراسي المذكور الذي شارك فيه مغاربة وأجانب، وتلك الأطر مؤهلة اليوم لطرح أسئلة جديدة من خلال رصد مؤشرات مساءلة المجتمع لـبديهياته بالأمس. ولذلك، فقد آن الأوان، كما أجمع المشاركون في اليوم الدراسي على ذلك، ليصبح لذلك العلم مكانه المؤسسي في الجامعة ومعاهد ومراكز بالبحث، ولأن يؤخذ بعين الاعتبار في سياسة تدبير البحث في ميدان علوم الإنسان بالجامعة المغربية. وذلك بناء على الفصل 71 من مشروع الدستور، الذي ينص على أن من بين أوجه تشريع القوانين ما يتعلق بـ"تحديد التوجهات والتنظيم العام لميادين التعليم والبحث العلمي والتكوين المهني" وفي إطار ما ينص عليه الفصل 26 الذي يقول "تدعم السلطات العمومية بالوسائل الملائمة، تنمية الإبداع الثقافي والفني، والبحث العلمي والتقني". فليتم التصويت أولا على الدستور؛ فلعله يصلح كإطار، وبفضل برامج سياسية متنافسة، أن يخول موقعا ملموسا لكل القيم، بما في ذلك قيم البحث العلمي عامة؛ ولماذا لا نقول بكل "ضيق أفق": أن يخول موقعا لهذا "العلم المغرق في كماليات العقليات الثقافوية"، أعني علم السوسيو-موسيقا وما شابهه في رقعة علوم الإنسان؟

 



24/06/2011
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 345 autres membres