(EN ARABE) L'amazighe: langue de communication, ou signes totémiques?
Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE, puis sur CODAGE, puis sur PLUS/AUTRES, puis sur ARABE(Windows).
اللغة الأمازيغية ما بين وظيفة التواصل وثقافة الشارات
أو
عودة الأمازيغية، من خلال حرف كتابتها، إلى فولكلورية الوشم والزربية
في ما يتعلق بالقضايا الأساسية في الحياة الاجتماعية والفردية، تصوّرا لمفاهيمها في الذهن، وتوسّما لتحقّـقاتها على أرض الواقع، وحُكما عليها، وتعاملا معها إيجابا أو سلبا، هناك صنفان ثقافيان قد يتعايشان في تداخل وبأشكال ودرجات مختلفة، وقد يغلب أحدهما على الأخر إلى درجة الإقصاء التام. ذانك الصنفان هما ثقافة الجوهر، وثقافة الشارات والرموز.
تنسحب هذه الحال على المفاهيم وعلى القضايا في جميع المجالات وعلى جميع مستويات تلك المجالات (مفاهيم وقضايا السياسة، والأخلاق، والدين، والأدب والفن، والإدارة والتدبير، الخ.). ففي حقلي الدين والأخلاق مثلا، يترواح تصور القيم ما بين إدراك يتمثـّـلٍ جواهر المفاهيم ومقاصد الأحكام من جهة، وبين "إدراك" يجسّد تلك القيم والمفاهيم تجسيدا في ماهيات وأشكال مشخصة، تنتهي بالحلول محل المفهوم والقيمة في الذهن، وبتجريدٍ أحكام المنظومات عن مقاصدها بشكل يجعل أشكال تلك الأحكام تحل في حد ذاتها كأشكال ومظاهر، محل تلك المقاصد، من جهة ثانية. وقد نشأت عن هذه الثنائية الثقافية، عبر التاريخ وإلى اليوم، فرقٌ وملل ونحل كثيرة. ويصدق ما يُناظر هذا، في سائر المجالات وعلى كل المستويات المذكورة على التو.
مناسبة هذا التقديم العام هي عرضٌ تم تقديمه في الملتقى الذي نظمته "جمعية باحثي المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية" يوم 29 مايو 2014 بالمكتبة الوطنية للملكلة المغربية بعنوان "قضايا ترسم الأمازيغية؛ الترجمة نموذجا". قام صاحب العرض، الباحث محمد لعضمات، باستعراض صنفين من الوثائق المتعلقة بالترجمة إلى الأمازيغية، وهي وثائق تشكل، بصنفيها، عيّـنة دالة في باب كيفية تمثُّـل أصحابها لماهية اللغة الأمازيغية من جهة، ولمفهوم الترجمة إلى تلك اللغة من جهة ثانية، مع العلم أن الوثائق المذكورة صادرة في معظمها عن مؤسسات عمومية (وزارات، مندوبيات) في إطار تفعيل دسترة الأمازيغية كلغة رسمية.
الصنف الأول يتمثل في عينات من المراسلات التي ترد على معهد الإركام طلبا لترجمة بعض التسميات الرسمية (وزارات، مندوبيات، مصالح ومرافق مختلفة)، أو التسميات المسجّلة، إلى اللغة الأمازيغية قصد الاستعمال على رأس الوثائق وعلى واجهات المقرات بالفضاء العمومي. والصنف الثاني مكمّل، ويتمثل في عينات مما هو مُشهر اليوم على بعض الواجهات كتسميات مدونة بحرف تيفياناغ.
الجامع بين عينات الصنف الأول هو أن أصحابها يطلبون، بعد التحية والسلام الإداريين "ترجمة ما يلي إلى تيفيناغ". أما الصنف الثاني، ففيه أحوال: فإما أنه مبتور (إسقاط أحرف أو كلمات بكاملها)، وإما أنه مخلوط (خلط في تركيب الكلمات)، وإما أنه محشور (حشر الأحرف المنفصلة بطبيعتها دون ترك بياض ما بين الكلمات)، وإما أنه عبارة عن مقلوب للكتابة من الحرف العربي إلى حرف تيفيناغ مع الاحتفاظ بالملفوظ الأصلي المزمع ترجمته مبدئيا. من هذا الصنف الأخير مثلا، تسميةُ واجهة "الغرفة الفلاحية لمراكش-تانسيفت الحوز" بـ"الأمازيغية"، التي هي عبارة عن مقلوب الحرف الفرنسي لعبارة /Chambre d’Agriculture/ إلى حرف تيفيناغ (انظر هـنــا؛ مثال آخر: هــنــا لكتابة عبارة عربية "مدرسة المغرب العربي" بحرف تيفيناغ في واجهة من الواجهات). وأكثر اللوحات سوريالية في هذا الباب، هي لوحة واجهة "المركز الجهوي للإعلام والمساعدة على التوجيه"، التي تم التعبير فيها عن اسم المؤسسة بحرف تيفيناغ بما هذا مقلوبُه إلى الحرف العربي، والله أعلم بأي لغة يتعلق الأمر: [المَركـَـز الجـِهَـوي ليـلـقـام د قـلعـسـقـقـدق كـه قـلـتـقـزجـيه] (انظر هــنــا). بل أن البعض لا يتردد في أن يرصف في واجهة من الواجهات خليطا غريبا من الرموز على غرار ما يمكن أن يجد المرء نظيرا له في جداول "شرح البهرتية والجلجلوتية للشيخ الولي الصالح الصوفي نور الدين سيدنا المسمى بالدمياطي نفعنا الله به وبامثاله أجمعين"، وذلك كما حصل على سبيل المثال في المقابل "الأمازيغي" بلافتة ملتقى "واحات المغرب منابع الحياة = Les Oisis du Maroc, Source de vie " (انظر هــــنــــا).
فلا غرو في ذلك إذن، بما أن تيفيناغ عبارة عن شارة من الشارات مقصودة لذاتها وليس أداة رشحّتها خصائص ذاتية واعتبارات وموضوعية معينة موصوفة للقيام بوظيفة التواصل بل وتسهيلها في محيط سوسيو-لغوي واقعي معلوم، فلا عبرة إذن ممّا تحمله مكتوبات ذلك الحرف أو لا تحمله كمضمون لغوي، فرنسية كان ذلك المضمون أم عربية أم غير ذلك؛ بل ربما كان ذلك القبيل من التعامل الفعلي مع حرف تيفيناغ فتحا نحو البعد الكوني لهذا الحرف بالنسبة لأغلبية كانت تتشيّع قبل 2003 لحرف آخر غير تيفيناغ بدعوى أن ذلك الحرف يشكل "الحرف الكوني" الذي من شأنه أن يفتح الأفاق العالمية أمام اللغة والثقافة الأمازيغيتين.
وقد أشار صاحب العرض على سبيل النكتة، أنه حينما يتم الاتصال ببعض المعنيين قصد تنبيههم إلى مواطن الخطإ، يكون استفسارهم من قبيل "واش هاديك البارّة متلاصقة معا هاديك الضوّيرة، ولاّ راه بيناتهوم يصْـبّاصْ؟". بل إن البعض يجيب بكل بساطة، بعد كل الجهد والمال المبذول في عملية تلميع لوحة واجهة من الواجهات قائلا: "يوا، حتى نْتا، خْلاصْ! شْكونْ اللي كا يقرا داك الشي؟". ففي إطار هذا الاستعمال الطوطمي المحض وليس التواصلي، تمت كذلك "ترجمة" مستعجلة لنصوص مؤسِّسة كبرى، يضيف صاحب العرض، من قبيل دستور 2011 بما فيه من مفاهيم فلسفية، ومحاضر نقاش "مدونة الأسرة" بما فيها من عبارات مغرقة في الخصوصبة الأنثروبو-لغوية من قبيل "الولد للفراش، وللعاهر الحجر"، كما استشهد بذلك صاحب العرض.
ذلك إذن هو التمثل العام والعمومي الجديد للغة الأمازيغية ولوظيفتها، ولمفهوم الترجمة إليها، ولوظيفة تلك الترجمة. إنه تمثل جديد اختزل اللغة الأمازيغية في شارات ورموز غير ناطقة؛ وهذا ما يعبر عنه بصراحة طلب "ترجمة ما يلي إلى تيفيناغ"، وما تدل عليه كل أوجه الأخطاء المشار إليها (البتر، والخلط، والحضر، والقلب)، وعلى الأخص منها أسلوب "الترجمة" المتمثل في مجرد قلب كتابة الملفوظ العربي إلى حرف تيفيناغ. إنه تمثل انتقلت بمقتضاه الأمازيغية من لغة ناطقة كان يعرف الجميع بداهة أنها لغة تواصل يومي وآداب ووظائف سوسيو-ثقافية، ويعي من يمتلكها بأنه يمتلكها، كما يعي من لا يمتلكها بأنه يجهلها، مهما كانت قيم العلم والجهل في هذا الباب عند هذا وذاك، نقول انتقلت إلى مجرد ماهية شعارية تمثلها بعض الشارات والرموز متمثلة في حرف تيفيناغ وحرف الزاي منها على الأخص، إضافة إلى رموز أخرى مثل "العلم الأمازيغي" (انظر هـنـا)، رموز وشارات تتقاطب بشأنها مرددات خطاب معين ومرددات خطاب آخر معاكس.
قصة حرف كتابة اللغة الأمازيغية، في علاقة تلك القصة بالتاريخ القديم والمتوسط والحديث من جهة، ومدى اندراجها في خط توجيهات الظهير المؤسس لمعهد الإركام، قصة معروفة كان قد أطلق عليها "حرب الحرف" سنة 2003 (انظر هــنــا /"أوربينا"، أو هــنــا/"الحوار المتمدن") وإن تم نسيانها في خضم غلبة ثقافة الشارات الشكلية والرمزيات على الوظائف الجوهرية والمقاصد المتوخاة حتى على مستوى الرمزيات نفسها، التي لا يصح تجريدها بشكل إطلاقي من الوظئف (انظر هــنــا). فالظهير المذكور يسطر مثلا في هذا الباب ما يلي كمهمة من بين مهام معهد الإركام: "دراسة التعابير الخطية الكفيلة بتسهيل تعليم الأمازيغية (النقطة 4)؛ "الإسهام في إعداد برامج للتكوين الأساسي والمستمر لفائدة الأطر التربوية المكلفة بتدريس الأمازيغية والموظفين والمستخدمين الذين تقتضي مهنتهم استعمالها (النقطة 5)؛ "البحث عن المناهج الكفيلة بتعزيز وتشجيع مكانة الأمازيغية في مجالي التواصل والإعلام" (النقطة 7). الذي يتعين الوقوف عنده هنا هو وسيلة "التعابير الخطية" بصيغة الجمع من جهة، وغاية "تسهيل تعليم الأمازيغية" من جهة ثانية.
وإذ بين الأستاذ أحمد عصيد بحق، في تعقيب له على العرض المذكور، أن ذلك التعامل الفوضوي المتهافت مع الحضور الكتابي للأمازيغية في الفضاء العام إنما هو راجع إلى واقع تفاوت وتفاقم (déphasage) لوجيـستيكي بين وتيرة وطبيعة ودرجة وكمية التكوين المنهجي للأطر في ميدان اللغة الأمازيغية من جهة، وتهافت وتسارع وتيرة الاستعمال الشاراتي المحض لذلك الحضور انطلاقا من استراتيجيات مختلفة، متعارضة الدوافع والغايات في كثير من الأحيان، فإني أتذكر هنا واقعتين ارتبطتا بجانب من جوانب علاقتي الفكرية والعلمية والمهنية بموضوع اللغة الأمازيغية. ففي النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي، وأنا أعِدّ حينئذ كتابي الذي صدر سنة 1999 "Principes d’orthographe berbère en graphie arabe ou latine " ضمن منشورات كلية الآداب بوجدة، قلت يوما لزميلي وصديقي الأستاذ محمد الشامي خلال نقاش تم بيننا حول مطلب إدخال الأمازيغية إلى المنظومة التعليمية ما يلي: "آ-سي محمد، لو كنت أنا صاحب القرار، وكان عندي سوء نية، غادي نصدر اليوم قرار بتعميم تدريس الأمازيغية فالدخول المقبل". الواقعة الثانية: خلال إحدى جلسات العمل التاريخية بمركز التهيئة اللغوية بمعهد الإركام سنة 2003 حول حرف كتابة الأمازيغية، كنت قد اقترحت أن يكون شكل الخبرة التي طلبها المجلس الإداري للمعهد من ذلك المركز ذا طابع تشخيصي وصفي مع تذكير تاريخي بمختلف تقاليد الحروف (تيفيناغ، العربي، اللاتيني) التي تم استعمالها تِباعا أو في توازٍ، مذيّلا بجدول صوري يحسب، بالنقط الموجبة والسالبة، القدرات الذاتية لكل حرف من تلك الحروف، كما هو قائم الآن، على أداء أبجدية الأصوات الثلاثة والثلاثين التي استقرت عليها الأمازيغية في حالتها التاريخية المشتركة القائمة، والتي حصرتها دراسات نفس المركز، وذلك مع الإشارة في نفس الوقت إلى بعض الجوانب التربوية، من قبيل التكـلـُـفات التربوية (التعلـّم) و الصناعية (برامج الحاسوب) لاعتماد ثلاثة أنظمة ألفبائية من جهة، وإلى الاختيارات التي تضمن إمكانيات نقل أوسع (transfert) لملكات القراءة والكتابة المكتسبة من لغة إلى أخرى في إطار واقع المنظومة التعليمية المغربية القائمة للجيل الحالي باعتبار تكويناته المختلفة. كان مضمون رد المسئول الإداري حينئذ على ذلك المركز هو الآتي: "إذا ما قدمنا جدولا من ذلك القبيل، فسنكون قد حسمنا أمر الاختيار [بين الأحرف الثلاثة المتنافسة في المجلس الإداري للمعهد]؛ ومن شأن هذا أن يثير حفيظة بعض الأطراف". عقّبت بما يلي مضمونه: "أعتقد أن وظيفتنا هنا كخبراء ليست هي إرضاء بعض الأطراف" (Je crois qu’on n’est pas ici pour plaire)، فعقب المسئول من جديد بما مضمونه: "تماما؛ كما أن وظيفتنا هنا ليست هي إغضاب طرف من الأطراف" (On n’est pas là non plus pour déplaire). مندئذٍ، تأكدت من طبيعة الوظيفة الجديدة التي غلب على تصوّر مسئولي المعهد أنها الوظيفة الجوهرية للمؤسسة؛ وقد كانت في الحقيقة لذلك التصوّر ليس فقط أسسٌ ممهِّدة على مستوى تزويد المؤسسة بالموارد البشرية عند الانطلاق، بل أضحت له بعد ذلك تداعيات لاحقة في ما يتعلق بإعادة هيكلة اتلك الموارد البشرية ابتداء من سنة 2006.
بسبب ثقافة الاحتفال بالشكل على حساب الجوهر، كما هو شأن الثقافات الطوطمية بمفهومها العام، حيث تختزل القيم الى مجرد شارات خارجية، من وشم، وتشريط، وهندام (لحية أو حجاب أو ذوائب أو أشكال حلاقة)، لم يجد العوّام صائد اللؤلؤ أمامه في الشبكة بعد كد وجهد العوم في الأعماق إلا ركاما من الصَدف الأجوف، يسميه البعض "تيفيناغ" ويسميه البعض "أمازيغية" بنفس الحمولة الفلكلورية لـ"الزربية الأمازيغية" بنقوشها الصامتة. فهذا الصدف الفارغ الذي يقول عنه البعض في شماتة، ولكن بحق: "خْلاصْ! شْكونْ اللي كا يقرا داك الشي؟"، والذي أصبح ديكورا لكثير من الواجهات الرسمية، لا نجد له في الحقيقة أثرا في الفضاءات الحرة لمستعملي الأمازيغية استعمالَ تواصلٍ أو مجرد ِمشايعة؛ ونعني بذلك مثلا فضاءات شبكات التواصل الاجتماعي الإليكترونية، التي لا تقبل، بمقتضى طبيعتها التواصلية، من وسائل إلا ما يضمن التواصل الفعلي مع الجيل الحي، والتي من بين دلالاتها في هذا الباب أنها تخلو كليا من استعمال تيفيناغ، بالرغم من كل المزايدات الشعارية الشاراتية وما ترتب عنها من أنفاق جهد ومال عموميين في التهيئة اللسنية والمعلوماتية لهذا الحرف وفي العمل على اعتماده على مستوى ASCI ومنظمة المواصفات ISO والتكفل به من طرف برنامج التشغيل Windows. فلكل هذا دلالة أبلغ من أي إحصاء تقويمي لم تجره بعدُ الأطراف المؤسسية المعنية للإجابة عن سؤال الشماتة "خلاص!، شكون اللي كا يقرا داك الشي؟" في علاقة ذلك السؤال ليس فقط بديكورات واجهات المؤسسات العمومية، ولكن بمئات المؤلفات التي ينحصر ربما مجال رواجها ما بين مستودعات المطابع ومستودعات المؤسسة الناشرة وبعض الرفوف للتزيين والديكور الشاراتي.
أما الشاعر الحسن ازوليض، شاعر السهولة والتواصل السلس في فضاءات "اسايس"، فقد أجمع واختصر القول لجمهوره في الأمر، مرتجلا مساجلا في معرضِ جدٍّ بما يشبه المزح، بما يلي:
هيـّـا غيكـّ تيفيناغ آ-س را تـبّـيم اسيف !? (أفَـبِــتيفيناغ تعتزمون اليومَ إذن أن تعبروا النهر!?)
تاشلحيت ن-لجديد-ا ور اونـتّ يري يان؛ (إن هذه الأمازيغية المستحدثة لا يقبلها منكم أحد؛)
"تانـمّيـرت ولا "يازول"، ور راتّــن تّـيـنـيغ. (فأنا لن أستعمل لا "تانـمّيرت" ولا "ازول")
(أبيات رواها لي الأستاذ عصيد بتالكجونت في صيف 2007 مشكورا)
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres