OrBinah

(En arabe) Constitutionnalisation des langues officielles au Maroc; les méandres d’une diversion.


الوضع اللغوي بالمغرب، ومتاهة/مراوغة الدسترة

 

 

 

نشر الأستاذ أحمد العلوي  اليوم 7 أبريل 2019 تدوينة في صفحته بالفايسبوك بعنوان [اللاوعي اللغوي] جاء فيها

[[بعض اللسانيين لا يفرق بين العربية الفصحى والعربية العامية ، ويعدّهما شيئا واحدا ، ويتحدث عن المغرب كما لو كان فيه لغتان : العربية والامازيغية
لا. المغرب فيه خمس لغات ولهجات: العربية الفصحى الكتابية، العربية العامية ( وتدخل فيها الحسانية)، العاميات الامازيغية الثلاثة. دُسترت أربع لغات، العربية الفصحى والعاميات الامازيغية الثلاثة، وبقيَت أقواهن، العامية العربية، مُبعَدة من الدستور.
في هذه الدسترة عيب كبير: جعلت العربية الفصحى لغة فريق من المغاربة في مقابل الفريق الامازيغي. 
هذا بهتان. العربية الفصحى هي لغة كل المغاربة، وليست لغة فريق؛ والكل يتعلمها في المدرسة لأنها لغة تمثل تراث وتاريخ الجميع، وتمثل العامل الموحد بين عناصر المغاربة. (...).

من هذا يظهر أنّ الصورة التي اتخذتها الدسترة ليست منطقية، وتتناقض مع الواقع، وان الصواب فيها ربط دسترة العامية الامازيغية بدسترة العامية العربية، لا بدسترة العربية الفصحى.]].

---------------------

 

وقد كانت التدوينة موضوعا لتعليقات دعاني من خلال أحد المعلقين باسم إلى إبداء رأيي معتذرا عمّا قد يفهم من ذلك من محاولة لإحداث "تماسّ الأسلاك" مع الأستاذ أحمد العلوي (الذي هو أستاذي).

بما أنني دعيت للمساهمة في ذلك التبادل، فليس لي أن أتوارى؛ وليس في الأمر أي مدعاة "لتماسّ الأسلاك"، ولكنّي فضلت أن أتجنب التعليق المبتورة فقمت بتحرير هذا المقال. سأبدأ بالعلاقة بين العربية الفصحى والعربية المغربية المعروفة بـ"الدارجة". ما قاله أستاذنا أحمد العلوي صحيح، في نظري أيضا، على مستوى، ونسبيّ على مستوى آخر.

.

1-  ذلك القول قولٌ نســـــــبـــــي باعتبار أن الدارجة تتقاسم مع الفصحى ما يفوق التسعين في المائة من مادة المعـــــــــــجـــم الأساسي (خبز، ماء، أرض، سماء جبل، حبل، يد، عين، رأس؛ دخل، خرج، قرأ، كتب، ضحك، مات ...) مع اختلافات صوتية مطردة تعلق باختفاء المدّ، وتخفيف الهمز، وبنطق الجيم [كًـ-1] والقاف [كًـ-2] واختفاء النفث (ث/ذ/ظ)؛ وباقي المفردات مقترضاتٌ من الأمازيغية ومن لغات المحيط التبادلي الحي. كما تتقاسمان الصيغ الصـــــــرفيـــة الأساسية (الماضي والمضارع والمصادر، والجمع السالم وأغلبية جموع التكسير، مع اختفاء التثنية في الدارجة)؛ والأساليب التركيـــــبــــــــية الأساسية لبناء الجملة (الجملة الفعلية والجملة الاسمية وتحويلاتها بالتقديم والتأخير والنسخ) لكن مع اختفاء نظام الإعراب والاستعاضة عنه بنظام الرتبة؛ وأحرف الجرّ (معروفة) والظروف (فوق، تحت، بين ...). ولا تتميز الدارجة سوى ببعض الراوبط المحصورة (/كا/+المضارع؛ /بلـّـي/ "أنّ"؛ /اللي/ لكافة أسماء الموصول؛ /اش/ "ماذا" ...).

هذه العلاقة العينية في المادة المعجمية، والتقابلية المطردة في المكونات الصرفية والتركيبية بين الدارجة والفصحى، تجعل منهما، على المستوى التصنيفي، عبارة عن سجــــلّـيـــــن اثنين (deux registres) للغة تجريدية واحدة، وليس لغتيــــــن مختلفتين اختلافا صنافيا جوهريا كالاختلاف القائم بين العربية والأمازيغية مثلا، أو بين كل منهما والفرنسية.

.

2-  وهو، أي ذلل القول، قول صحيـــــح باعتبار أن تراكم أوجه الاختلاف في الاستعمال الفعلي، على قلتها وبساطتها وجريانها على أوجه الاطراد،يجعل سجلّ الدارجة الذي تحصـــــل ملكــــــــته للناشئ بشكل طبيــــــــعي بفضل مجرّد الاحتكاك الطبيعي مع المحيط (معظم الأسر، وأغلب الفضاء الخارجي)، بينما يرتبط اكتساب السجل الثاني بالخضوع لتلقين نظامي بأساليب بيداغوجية عتيقة غير ملائمة لا لطبيعة متن السجل اللغوي المعني نفسه ولا وللوضعية السوسيولوغوية للناشئ، تراكم يجعل في النهاية اكتساب الخصائص المميزة لسجل الفصحى عملية تستمر طول الحياة، وقلما تتم للنزر القليل بشكل يرتاح فيه لاستعمال سجل الفصحى بنفس ارتياحه لاستعمال سجل الدارجة. وهذا النوع من الصعوبات ليس مقصورا على العلاقة بين الفصحى والدارجة؛ إذ هوملازم لجميع حالات الديغلوسيا ("ثنياية السجلات اللغوية") التي هي أعوص بيداغوجيا من حالات التعدد اللغوي.

.

3-  زيادة على ما قيل في الفقرة-2 حول تراكم اختلاف تنويعات الجانب البنيوي، على بساطتها، هناك جانب آخر للمسألة: فامتلاك سجلّ الدارجة بسلاسة طبيعية حرّة دون تلــــــقيــــن نظامي مدرسي معياري/"إكراهي"، يجعله سجلّا خلّاق وحيوي في التعامل مع الواقع المعيش، يقترض ويرتجل دون "وصيّ رقيب" بالرغم من أن له قواعدَ جدَ مطردة، صوتيا وصرفيا وتركيبيا، يستبطتها المتحدّث (ويمكن للغوي أن يستنبطها ويصوغها، وقد تمّ ذلك). هذه الخاصية السوسيو-لغوية تجعل في النهاية من سجلّ الدارجة سجلّ النشاط العملي الحيّ بامتياز، في البيت وفضاءات المدرسة والجامعة والشارع والمرافق والأوراش ومحافل الخطاب السياسي؛ فلن تجد مثلا ميكانيكيا أو نجّارا أو كهربائيا أو بنّاءً أو فلاحا أو طبّاخا ... يعجز عن التواصل في حيز مهنته أو يتلعثم في ذلك. ويظل كذلك سجل الدارجة السجلَّ العاطـــــــــفي بامتياز، الذي يستطيع وحده الاستجابة لمختلف الشحنات التعبيرية (charges expressives) التي لا يوفر سجل الفصحى إمكانيات التعبير عنها بحكم ما يخضع له من توقيف معياري صارم حتى على مستوى مجرّد مفردات المعجم (قصة مفردات "البلغة" و"الغريبة" و"البغرير" مثلا، التي شكلت شأنا وطنيا قبل أشهر في المغرب). هذا يجعل المستعمل اللغوي يشذب ويحدّ من طاقاته التعبيرية والفنية التصويرية المختلفة حينما يعمد إلى استعمال سجل الفصحى كما هي عليه اليوم بنيويا وسوسيو-لغويا، أو يضطر إلى "تهذيب" تلك التعبيرات بشكل يذهب بجوهرها.

.

4-  كثيرا ما تتمّ الإشارة بشكل خاطف إلى هذا الوجه من الإشكال الذي يمثله سجل الفصحى، سواء في بنية متنه كما هو عليه الآن، أم في وضعيته السوسيو-لغوية كسجل معياري توقيفي، أم في علاقته بسجل الدارجة. ففي ما يتعلق بالمتن، كان قد ورد في الدعامة-112 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين قبل حوالي عشرين سنة ما يلي:

[[يستلزم الاستعـــــــداد لفتح شعب للبحث العلمي المتطور والتعليم العالي باللغة العربية إدراج هذا المجهود في إطار مشروع مستقبلي طموح، ذي أبعاد ثقافية وعلمية معاصرة، يرتكز على أ- التنمية المتواصلة للنسق اللساني العربي على مستويات التركيب والتوليــــــــد والمعــــــجم؛ ب- تشجيع حركة رفيعة المستوى للإنتاج والترجــــــــمة بهدف استيعاب مكتسبات التطور العلمي والتكنولوجي والثقافي بلغة عربية واضـــــــــــحة، مع تشجيع التأليف والنشر وتصدير الإنتــاج الوطني الجيد؛ ج- تكوين صفوة من المتخصصين يتقنون مختلف مجالات المعرفة باللغة العربية و بعدة لغات أخرى، تكون من بينهم أطر تربوية عليا ومتوسطة]].

.

5-  أما في ما يخصّ العلاقة البداغوجية بالوضعية السوسيو-لغوية، فقد ورد في نفس الميثاق الوطني مفهوم ظل إلى يومنا هذا فضفاضا غير واضح الأوجه الإجرائية الملموسة، ألا هو مفهوم "الاستئــــــناس"، أي أخذ الاستعمال اللغوي الفعلي للناشئ بعين الاعتبار في المراحل الأولى لتمدرسه.

أما العلاقة ما بين سجلّي الفصحى والدارجة، فقد ظهر في أدبيات بعض اللسانيين (الأستاذ الفاسي الفهري خاصة) بشأنها مفهوم آخر، هو مفهوم "التجسـيــــــــر" ظل بدوره مجرد شعــــــــار وإعلان للمبادئ والنوايا، ولم يتم قط التقدم في شأنه ببرنامج وصفي يصف الخصائص البنيوية لكل من السجلّين (الدارجة والفصحى) وصفا مقارنا تقابـــــليــا يمكّن من تبيّن المفاصل الملموسة (على مستوى المعجم والصرف والتركيب) التي يتعين التدخل على مستواها في أي خطة تأهيلية إعدادية عملية لإنجاز تدريجي طويل الأمد لذلك "التجـــــسيـــــــر" بين السجلين. وذلك من بشكل يمكّن من التفكير مثلا، بالنسبة لمسارات التكوين المهني والعلمي، خلافا لمسارات الدراسات الكلاسييكية (Etudes classiques) من "أدب عربي قديم" ومن "دراسات قرآنية وفقهية"، إمكانية إغناء المعجم بما توفره الدارجة من مفردات في قطاعات المهن، وربما كذلك التخلي البيداغوجي عن الصرامة التوجيهية والتقويمية المربكة والمثبطة عن إعراب أواخر الكلمات (كما يحصل ذلك عمليا اليوم في النطق بالفصحى) مع معالجة خاصة للمثنّى وجمع المذكر السالم. وذلك في إطار إعطاء معنى ملموس معين لمفهومين ظلّا مجرد شعارين إلى اليوم من قبيل "الاستئناس" و"التجسير".

إذا كان الجميع يعلم أن الدراسات الوصفية للفصحى كثيرة قديما وحديثا وأن لها رصيدا هائلا من المعاجم، فالذي يجب أن يُعلم هو أن الدارجة المغربية كذلك قد تراكم بشأنها بلغات مختلفة (فرنسية، انجليزية، إيطالية، وأخيرا العربية) رصيدٌ هائل من الدراسات الوصفية، أصواتا، وصرفا، وتركيبا، وأن لها كذلك رصيدا هامّا من المعاجم المزدوجة مع لغات أخرى تفوق مجلدات اثنين منها عشرة محلدات في المعجم الواحد (معجما كولان، وديبريمار). غير أن الذي لم يكن له بعد أثرُ وجودٍ هو المعالجة المقارنة التقابلية المشار إليها أعلاه من أجل حصر مفاصل البنية اللغوية (صرفا وتركيبا) في كل من الفصحى والدارجة، التي يتعين أن تتم على مستواها خطة إعدادية لغوية لما سمّي بـ"التجسير".

.

6-  نفس القبيل من العلاقات البنيوية التقابلية المطردة (صوتيا موعجميا وصرفيا وتركيبيا)، ومن الإشكالات السوسيو-لغوية كذلك، قائم اليوم أيضا ما بين الأوجه الثلاثة الكبرى للأمازيغية في المغرب وبين "أمازيغية معيارية" ممكنة نظرياً. هذه "الأمازيغية المعيار" قد شُرع في إعدادها منذ عقد ونصف، وإن كان ذلك قد تمّ ويتمّ في كثير العجالة والتهافت ومن الارتجال والإرادوية (أول معجم تمّ نشرته المؤسّسة المعنية كان هو "معجم علم الجييولوجيا" بعد الشروع في تجربة "تدريس الأمازيغية")، وفي عدم استحضار منهجي للرصيد المعرفي الهائل الذي تراكم بلغات أجنبية على مدى أكثر من قرن من الدراسات الوصفية اللهجية حول مختلف الأوجه المذكورة، بل وفي عدم تمكّنٍ، في غالب الأحيان، حتى من امتلاك ناصية وجه واحد من تلك الأوجه لغة وبلاغة وإبداعا أدبيا من طرف بعض المشتغلين بالأمر، وفي نسيان شبه تامّ لبرنامج الجمع والتدوين الميدانيين للمادة اللغوية والأدبية الذي هو شرط قيام إعداد وتهيئة اللغة، أي لغة. زد على ذلك الخلطَ والتداخلَ السائد في ذلك الإعداد والتهيئة بين الأكاديمي والجمعوي، وغلبةَ المواقف الوساوس الأيديولوجية التي تدفع في اتجاه نقاء/صفاء/تطهير معجمي يفوق في حدّته ما هو معروف في حقل الفصحى من قبيل ما تصوره قصة "البلغة" و"البغرير" المشار إليها سابقا. كل هذا، مجتمعا، جعل من إعداد "الأمازيغية المعيار" أشبه ما يكون بمحترف لنجارة/حدادة مفردات غريبة لا يفقه أغلبيتَها الناطق الفعلي بأي وجه من أوجه الأمازيغية القائمة، بل هي مفردات ما يلبث حتى الذين نحتوها أن ينسوا المعاني التي أرادوا لكثير منها بمجرد الفراغ من نحت ألفاظها.

7-  بصفة عامة، وهذا يصدق على حالتي العربية والأمازيغية معا، إعدادُ وتهيئة وتأهيل لغة من اللغات لم يكن يوما شأن مؤسسات حكومية من مجامع وأكاديميات لغوية. دور مثل هذه المؤسسات ينحصر في تزكية ما راج في سوق الاستعمال. فالذين ينهضون بلغة من اللغات هم اللغويون والأدباء والمفكرون والباحثون المنتجون للمعرفة في مختلف الميادين، الذين يتخذون من تلك اللغة حاملا لمضامين ما أنتجوا من معرفية مستحدثين لأنفسهم ما يحتاجون إليه من مصطلحات مناسبة وشفافة غير إعجازية استعراضية، فيخلقون بدلك جمهور قرّائهم بأنفسهم. مثال انبعاث اللغة العبرية الحديثة بليغ في هذا الصدد. فقد بدأت نهضتها الأدبية في القرن الثامن عشر في أوروبا الشرقية في استقلال عن أي مؤسسة حكومية، والمعجم الأساسي الكبير لهذه اللغة، معجم إليعازار بن يهودا قد تمّ شرع صاحبه في تأليفه في العقد الثاني من القرن-20 (وكان محاربا من طرف المحافظين الذين نكّلوا به وبآل بيته بسبب "تجاسره على اللغة المقدسة" من خلال اشتقاقاته التي كان يروّجها في الصحافة)؛ بل إن الجامعة العبرية قد تأسست بالقدس في منتصف القرن-20، أي لعشرين سنة قبل قيام دولة إسرائيل.

.

8-  إن القفز على مثل هذه المسائل الملموسة من طرف اللغويين المتخصصين والهواة ومجرد المتهافتين المزايدين والانصراف إلى المسائل السهلة، مسائل المبادئ المطلقة، من قبيل دسترة الشأن اللغوي في صيغة "اللغة/اللغات الرسمية" قفز ومراوغة إنما فتحا الباب أمام المتاهة الدستورية التي بدأ يتمّ التعبير الصريح عن منعرجاتها، من قبيل ما ورد في تدوينة الأستاذ أحمد العلوي أعلاه. إن دسترة واقع متحرك مثل الواقع اللغوي المغربي في اتجاه حصري طوباوى مفارق لذلك الواقع، لهو ضربة مسبقة قاضية لروح الدستور، بما أن الواقع اليومي القائم في الإدارة والمؤسسات والمقاولات بأرشيفاتها وقواعد معطياتها وشبكة معاملاتها يجعلها تخرق الدستور يوميا. وإذا كان الأمر كذلك، يتم التطبيع مع خرق الدستور، لأن الدستور إما أن يكون ويحترم أو لا يكون.

---------------------------------

.

محمد المدلاوي

https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques

.

مقالات صحفية ذات علاقة:

1- "الدارجة المغربية؛ ما هي وما وظائفها" (يناير 2015)

https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-1-c-est-quoi-l-arabe-marocain-1-lexique

.

2-  "تطوير العربية وثقافة إعلان المبادئ" (أبريل 2015)

https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-1-qualification-de-la-langue-arabe-et-declarations-de-principe

.

3-  "حول مطلب دسترة المسألة اللغوية" (مارس 2011)

https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-constitution-et-question-linguistique-le-cas-de-l-amazighe

.

مقالان أكاديميان مقارنان بين أوجه الأمازيغية:

.

 Elmedlaoui, Mohamed (2011)-b "Le groupe berbère". Pp. 243-260 in Emilio Bonvini, Joëlle Busuttil et Alain Peyraube (sous la direction de), Dictionnaire des langues. Quadrige / Presse Universitaire de France.

.

Elmedlaoui, Mohamed (2012) “Berber”. pp. 131-198 in Lutz Edzard, ed. Semitic and Afroasiaric: Chalanges and Opportunities. Porta Linguarum Orientalium. Neue Serie. Herausgegeben von Worner Diem und Lutz Edzar. Band 24. Harrassowitz Verlag. Wiesbaden. 2012.



07/04/2019
2 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 347 autres membres