(EN ARABE) A l'occasion de la décoration de Bensaid Ayt Idder du Wisam du Trône
قراءة في توشيح المقاوم والزعيم السياسي، محمد بنسعيد ايت يدّر بوسام العرش
هناك وجهان أساسيان من أوجه فهم السياسة والتعامل مع شؤونها ممارسة ميدانية و/أو إعمالا للتفكير:
1- ممارسة السياسة أو التفكير في شؤونها باعتبارها فـنا لتحقيق الأحسن الممكن في إطار من تشبع بروح كيان الدولة كإطار مؤسسي يمثل الحد الأدنى من ذلك الحسن الممكن،
2- ثقافة اتخاذ لافتة النضال كتعبير مقـنّـع عن فكر ما قبل الوعي بضرورة مؤسسة الدولة.
بمقتضى التناقض الداخلي لجوهر فكر هذه الحالة الأخيرة (أي احتراف السياسة كثقافة، والرفض العملي، في العمق، لمؤسسة الدولة)، وبمقتضى ما يتولد عن ذلك التناقض من استحالة التوفر على أفكار عملية ملموسة تمكّـن من التعامل تَعامُلَ ممارسةٍ مع الواقع التاريخي في أطار مؤسسة الدولة، يجد "الفعل" السياسي في هذه الحالة نفسه سجين الرمزيات والشكليات (رمزيات، شارات، تظاهر، رفض، بيانات) لا سبيل له إلى تعدّي دائرتها.
وعلى مستوى المفاهيم والمصطلحات، ومن أجل إكساب تلك الثقافة الرافضية مشروعيةً وقوةً إقناعية على مستوى الفكر السياسي، يتمّ التشبث ببعض المصطلحات التجريدية الضارية مفاهيمُها اليومَ في الإبهام، وذلك من قبيل سديم "الشعب" من جهة، وجهاز "المخزن" وسائر المصطلحات المولّدة أو المقترضة الحديثة التي تحيل على مفهومه الغامض ("الدولة العميقة" مثلا) من جهة ثانية؛ تلك المصطلحات التي تُعفي تجريديتها وإبهامها من تسمية المؤسسات الملموسة للدولة والمجتمع ومن التعامل معها تعاملا بما يقتضيه أيّ تطوير واقعي لمعطيات الواقع في إطار فن الممكن.
وفي إطار تلك الثنائية في تصوّر مفهوم السياسية، فبينما اعتَبر البعضُ أن التكريم الرسمي الأخير للزعيم السياسي التاريخي، محمد بنسعيد أيت يدّر من خلال توشيحه بوسام العرش بمناسبة عيد العرش وحفل الولاء لهذه السنة 2015، يمثّـل على صعيد الرمزيات تكريسا نهائيا لروح الورش الذي دشنته "هيئة الإنصاف والمصالحة" على المستوى الوطني، بما تفيده المزاوجة بين مصطلحي "الإنصاف/المصالحة" في تسمية تلك الهيئة من تكامل بنيوي جدلي لا يمكن بمقتضاه قيامُ أيّ من الطرفي دون الآخر، وذلك ليس فقط من خلال جوهر ذلك التكريم في حد ذاته، ولكن أيضا من خلال القرينة الرمزية المتمثلة في اقترانه بتكريم مماثل لمناضل آخر معروف بشهادته التاريخية أمام تلك الهيئة (انقر هـــــنـــــا)، ألا وهو المناضل أحمد حرزني، الرئيس السابق للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، الذي كان قد عهد إليه بتتبع تنفيذ توصيات تلك الهيئة، أقول بينما يرى البعض الأمور من ذلك المنظار، فإن البعض الآخر قد بقي في تقويمه للحدث سجين المفهوم الثاني للسياسة باعتبارها مجرد ممارسة أبدية لطقوس الرفض.
وفي إطار الرد على هذا الموقف الأخير، كتب أحد من يعرفون الشخصية المكرمة جيدا وعن قرب ممارسة، محمد نجيب كومونة، في موقع "أخبركم" مقالا بعنوان "بنسعيد ايت يدر كما عرفته؛ وهذه علاقته بالمخزن والملكية" (انظر هــــنــــا) ونقتطف منه ما يلي:
[[أن يتم توشيحه اليوم من طرف الملك ويقبل بذلك، ليس مفاجئا إلا لهؤلاء الذين لا يقرأون ولا يفهمون ولا يعرفون تاريخ هذا البلد، ولا هم واجهوا محنا (لقاوها ساهلة).
فالرجل اختار منذ تأسيس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، مع كل رفاقه، الانتقال للشرعية والدخول إلى البرلمان، ليس خوفا ولا تملقا، وإنما انطلاقا من قناعة بجدوى النضال الديمقراطي لحماية الوطن من الأخطار التي تتهدده أولا، فالرجل الذي تولى المسؤوليات المعروفة في المقاومة وجيش التحرير وطني حتى النخاع، ولتجاوز الدوران في الحلقة المفرغة للعداء بين الحسن الثاني وقوى اليسار والبلانكية والرفضوية من جهة، والقمع الشرس من جهة أخرى، كخيار آخر لإنهاء الاستبداد والسير نحو توافق يؤسس لانتقال ديمقراطي حقيقي بأفق الوصول إلى ملكية برلمانية تقوم على أساس مؤسسات تعكس اختيار الشعب وإرادته واختباره وتضع بلدنا في مصاف الديمقراطيات الحقيقية.
اختيار من هذا القبيل أبعد ما يكون عن منطق القطيعة التي يتوهمها البعض من الطفوليين وممن صارت لهم الجرأة، بعدما كانوا مسكونين بالجبن، وكانوا يخوضون في الصفقات الفاسدة من أجل منافع تافهة، بل يقوم على أساس المزاوجة بين النضال النظيف في كل الواجهات مع باقي القوى الديمقراطية والحوار مع الدولة، والملك على رأسها، للوصول إلى حلول وسطى تفتح طرقا جديدة للحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية، لكنه حوار محصن بالصدق والحرص القوي على الكرامة والابتعاد عن الانتهازية والريع وما جعل البعض يستبدلون الأقنعة بحسب المصلحة
تكريمه اليوم من طرف الملك محمد السادس، وهو الذي اعتُقل سنة 1960 بتهمة محاولة اغتيال ولي العهد الحسن الثاني، من المفروض أن يُنظر إليه إيجابيا وليس بالتحامل المجاني، فالدولة بهذا التكريم تقر بالدور التاريخي للرجل في معارك الوطن في مختلف المراحل، سواء لانهاء الاستعمار أو لاستكمال الوحدة الترابية أو لإنهاء الاستبداد وتوسيع مجال الحريات واحترام حقوق الإنسان، وبناء مؤسسات ديمقراطية حقيقية ومناهضة ميول الردة والتقهقر، ومحمد بنسعيد قبل بالتكريم في ظرف رآه مناسبا بناء على قناعة وحساب مصلحة البلاد، وليس رغبة في التملق أو الفوز بمنافع أو الحصول على ريع، فالرجل قنوع جدا ومستعد دائما للتضحية بما لديه، بما في ذلك صحته، ومتقشف في حياته الخاصة، وكرامته تسبقه كما سلف، وليس لأحد أن يزايد عليه...]].
أما عن المعالجة العامة لمفهوي "الشعب" و"المخزن" كماهيتين تجرديتين متناقضتين تناقض الخير والشر، تؤثثان خطاب رافضية فكر ما قبل الوعي بمؤسسة الدولة، فنحيل على النصوص الآتية:
1- "ماهية 'المخزن' اليوم، ما بين الواقع والوسواس" (يوليوز 2013)
https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-l-entite-makhzen-aujourd-hui-au-maroc-realite-ou-hantise
2- "الشعب الذي؛ ذلك الكائن الإشكالي والفاعل المرفوع" (يوليوز 2011؛ نص من حلقتين)
3- "عودة إلى الشارات والرمزيات، والوعي بالدولة الوطنية" (سلسلة نصوص قصيرة؛ يوليوز 2012)
https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-que-signifie-le-drapeau-amazighe
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres