(EN ARABE)-5 De l'orientation dans l'espace (gauche-droite)-5
Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis sur ARABE(Windows)
عن مدى بداهة مفاهيم الجهات الست
القسم الأول ومنه إلى بقية الأقسام، عبر الرابط الآتي:
8- من مباركة بعض الجهات إلى تقديس بعض البقع
تم الحديث في الحلقات السابقة عن تقابلات الجهات الست (أمام/خلف، فوق/تحت، يمين/شِمال) من حيث الأسس الذهنية والفيزيولوجية والطبيعية لتحديدها، ثم من حيث ما ربط الإنسانُ بحدي كل تقابل منها من قيم معيارية، إيجابية (أمام، فوق، يمين) أو سلبية (خلف، تحت، شمال)، وذلك في رمزيات الثقافة والأخلاق والجماليات والأيديولوجيات، وبكل ما يعكسه ذلك الربط أحيانا كثيرة من مفارقات. وسنتناول في هذه الحلقة بعض أوجه امتداد إضفاء تلك القيم، من مستوى الجهات في إطلاقية علائقيتها، إلى مستوى أماكن محددة بعينها تكون بدورها مرجعية لتحديد الجهات.
كان العبرانيون من أهل كنعان في ترحالاتهم يعتبرون الذهاب إلى مصر هبوطا إلى أسفل، والعودة منها إلى أرض كنعان صعودا إلى أعلى. وبذلك الاعتبار تم التعبير مرارا في التوراة عن تلك الرحلات ("ريدو ميصرايما") وكذلك في القرآن ("اهبطوا مصرَ")، مع أنه يعرف اليوم بأن البحر الميت منخفض بأكثر من 400 متر عن مستوى سطح البحر، الذي لا ينخفض إلا ببضع عشرات من الأمتار عن مستوى نهر النيل حتى في عاليته بما أنه ضعيف الانحدار في جريانه. وبعد تشكلهم في مصر بعد ذلك، رسخ بنو إسرائيل مفهوم "الصعود"، منذ أن صعد موسى إلى جبل سيناء؛ ثم زاد ذلك الترسيخ بعد نشوء الحركة الصهيونية حيث أصبحت الهجرة إلى فلسطين، من أي بقعة من بقاع الأرض فوق أو تحت سطح البحر، تسمى ["عاليا"] أي "صعود". ولما تأسست شركة الطيران الإسرائيلية، سميت كذلك بشركة [عال]، في إحالة إلى نفس مفهوم الصعود. فأرض كنعان بعينها أصبحت مقدسة باعتبارها مركز الأرض والكون. إنها فكرة الإحلال المكاني التي لم يستطيع لا توحيد أخناتون ولا توحيد موسى اجتـثاـثها من ذهنية من "أُشـرِبوا العجل" على مستوى سعي الإنسان إلى تكوين تصور عن الحقيقة المطلقة.
ولقد لازمت فكرة الإحلال المكاني بني إسرائيل عبر تطور فكرهم اللاهوتي، في انتقاله من الوثنية التعددية (Idolatry) إلى الوثنية التوحيدية (Monolatry) التي لا تتميز عن الأولى إلا بتجاوز تصور تعدد الآلهة؛ وذلك ليس فقط من خلال ما يضفيه تصورها اللاهوتي على الرب من صفات بشرية كالغيرة والغضب والانتقام، وغير ذلك، ولكن بالخصوص من خلال مفهوم الإحلال، أي ربط الكينونة الإلهية بإبعاد مكانية فيزيقية (البعد السماوي مثلا)، بل بمكان بعينه على الأرض. فبعد وفاة موسى عليه السلام، اتخذ عامة بني إسرائيل "تابوت الحضرة" أو "تابوت العهد" (Convenent Box) فانتهوا باعتباره "مقاما" (ماقوم) للذات الإلهية، وتنقلوا به في ترحالهم. ولما أسس النبي داود المملكة بعد إلحاحهم عليه وتحفظه من ذلك، دعوا إلى تشييد الهيكل في بيت المقدس ليوضع فيه التابوت وليصبح بيتا قارا للرب، فرفض النبي داود بناء على ما أوحي :("لم أسأل قط قائدا ممن قيـّضتُ لبني إسرائيل من القادة: لماذا لم تُـقم لي هيكلا من أرز.". صموئيل الثاني، 7:7). ولما أعاد القوم الكرة بالإلحاح على سليمان بتشييد الهيكل ليتخذ بيتا للرب، توجه النبي إلى ربه بالاستغفار التوحيدي المنزه الآتي: ("أيها الرب، إله إسرائيل؛ لا إله مثلك لا في السماء ولا في الأرض (...)؛ وهل لك أن تقيم حقا في الأرض، يا الله، مع أنه حتى السماوات وسماوات السماوات لا تـتسع لك، فكيف بهذا الهيكل الذي بنيته لك (...)". الملوك الثاني، 22-27").
بعد ذلك أصبحت أورشليم قبلة ومركزا للأرض لدى القوم. فبعد تخريب الهيكل الأول، نادى آراميا قائلا ("لن يتحدثوا بعد عن تابوت عهد الرب، ولا يخطر لهم ببال، ولا يذكرونه، ولا يصنعه أحد ثانية؛ لأن أورشليم في تلك الأيام تدعى عرش الرب، وتحج إليها كل الأمم باسم الرب" آراميا-2: 12-17). فحتى بعد ضياع تجليات الوثنية لمجرد حدث تاريخي (تخريب أورشليم والنفي البابلي)، لم تختف فكرة الحلول من الفكر اللاهوتي، إنما توزعت تجليات تجسيدها ما بين جبل صهيون ومدينة أورشليم ("تعالوا لنصعد إلى جبل الرب، إلى بيت إله يعقوب، فمن صهيون تأتي الشريعة، ومن أورشليم كلمة الله". إشاعيا 2: 3).
تلك بعض المظاهر التي جاء الفكر المسيحي، المنبثق من رحم بعض فرق اليهودية (Les Esséniens) والمتـجلية بوادره حتى لدى أمثال ياراميا وإشاعيا، ليخلص منها اللاهوت اليهودي لما نادى ذلك الفكر بتطهير وختان القلوب بدل ختان الذكور (ياراميا 4: 4)، وبإحلال الإيمان بالله في القلوب بدل ربطه بالأماكن والمذابح (إشاعيا 1: 11)، إذ {ليس البر أن تُـولّـو وجوهَـكم قِـبَـل المشرق والمغرب}، {ولله المشرق والمغرب، وأينما تُـولـو فثـمَّ وجهُ الله} كما جاء في القرآن بعد ذلك). إلا أن قوة الجنوح نحو الإحلال لدى العامة أقوى من كل ذلك. فقد تسربت تقاليد الحج إلى أورشليم حتى إلى بوادر المسيحية الأولى (لوقا، 2: 42) في تنازع مع جبل السامرة لدى فرقة السامريين من اليهود الذين أقاموا لهم هيكلا ضِـرارا لهيكل أورشليم واتخذوه قبلة صلاتهم منذ وفاة سليمان وانقسام مملكته إلى مملكتي ياهودا والسامرة (إنجيل يوحنا-4: 1-26). وما يزال هناك في مختلف الملل والنحل من يؤمن بوجود بقعة في الأرض هي بيت الرب ومركز الكون، في اختلافات طائفية في تحديدها.
البقية عبر الرابط الآتي:
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres