(EN ARABE)-2 Certains indices de la stratégie contestataire 20-Février-2
Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis sur ARABE(Windows)
من تقاليد "لحْرْكـَه" إلى أسلوب "الحِـراك"
(دلالات بعض مؤشرات تداعيات حركة 20-فبراير)
مَـن في الجُـبّـة؟ وماذا في قعـر الجُـبّ؟
القسم الأول:
القسم الثاني:
"الحراك" في طبعته الثانية
وبالفعل، فقد تم مؤخرا الرمي ببالونات اختبار فيما يتعلق بمتغـيّـرِ معمولِ مطلب الإسقاط ، أي المتغيّر "ن" المشار إليه أعلاه. لقد حصل ذلك لما رُفع شعار [أنا أريد إسقاط النظام] لأول مرة (وبشكل "هامشي" اختباري) منذ حلول موسم "ربيع الحراك" (انظر ملف أسبوعية "الوطن الآن" وصورة غلافها: 26 ماي 2011)؛ وذلك طردا للرتابة ومسايرةً في نفس الوقت لمنطق بعض أجندات سيناريو الجحيم، أي المراهنة على الاستفزاز كلما لاحت بوادر الرتابة في الأفق، وتصيّدا لما سبقت الإشارة إليه من فرص استحداث حدث أو أحداث تفتح لائحة "الرموز" على أمل أن يغذي السابق منها اللاحق فيما بعد حسب سيناريوهات المنطق الصدامي المعروف. وإلا فما الغاية من نقل "الاحتجاج والتظاهر السلمي" من الفضاءات العرفية المعتادة، التي يخاطب فيها ذلك الاحتجاجُ الرأيَ العام والصحافة في شفافية، وتحويلِه بالمقابل "زنكَة، زنكَة" إلى مناطق الأحياء الشعبية الهشة المكتظة والمنرفزة أصلا من أمثال حيّ "لْـواد لْخانز" بمدينة سلا، وهي مناطق "معروفة بكونها مناطق غير آمنة، وتعد ملاذا لجميع أنواع المجرمين" (المشعل الأسبوعية: 1 يونيو 2011؛ ص6)، بل والتهديد بنقل ذلك الاحتجاج مستقبلا إلى الشواطئ السياحية في أكادير مثلا (أخبار اليوم 1 يونيو 2011، ص4) في ربط ذي دلالة للحاضر بماضي "حرب الشواطئ" التسعينية، وفي الوقت الذي صادف أن تسببت فيه فلتة لسان أحد قيادات شبيبة إحدى الفرق، وهو يهدد في لاشعور بـ"تطهير الشوارع بالدم"، في إيقاظ الشكوك حول الوجه الخفي لتلك الفرقة (المشعل الأسبوعية؛ 1 يونيو 2011؛ ص13)؟ ثم، أخيرا، ما الغاية كذلك من الزج بأطفالِ أبرياء مما دونَ الثلاث سنوات في حلبات التظاهر، والدخول بصحبتهم في اشتباك بالأيدي مع قوى الأمن (أنظر صورة الغلاف ليومية "أخبار اليوم" 1 يونيو 2011 حيث تبدو امرأة مشتبكة بيديها مع قوى الأمن بينما ابنها المرعب المجني عليه يلوذ بالفرار في اتجاه المجهول)؟
وبالفعل، وبعد أسبوع من كتابة صيغة مختصرة أولى من المقال الحالي (صدر بيومية العلم: 3 يونيو 2011) أسفـر "الحراك" عن ظهور رمز أول أعطى لموسم الأحد 5 يونيو زخما استثنائيا تمثل في غابة صغيرة من صور عملاقة من الورق الصقيل المقوّى يظهر فيها بتركيز نيكروفيلي مزموم عليه بالزوم (zoom) وجهُ جثة الشخص الذي هلك في تداعيات "حراك" الموسم الأسبوعي السابق بمدينة آسفي بالشكل الذي يتعين أن يحدده التحقيق، صورة كُـتـب عليها طباعةً: "كلنا كمال العماري، شهيد حركة 20-فبراير". ثم تناسل، بموازاة مع الفوز بذلك الرمز القوي الذي كان يسعى إلى الحصول عليه من كان "ينتظر أن المخزن لن ينتظر كثيرا"، جيلٌ جديد من الشعارات المُشهرة والمردّدة: "يا شهيد ارتاح ارتاح، سنواصل الكفاح"، "ما مفاكّينش، ما مفاكّينش"، "الشعبْ، يريدْ، مَن قَـتـَـل الشهيد" (ولسان حال الحجاج بن يوسف يقول: ها هي رؤوس قد أُنضِجت بالغمز كما يُغمز تينُ 'كرموس طـّـلْـبا'، وحان قِطافُها)؛ "جاماهير توري توري، نـّـيضام ديكتاتوري"؛ "أبدا لن نركع، لن يرهبنا صوت المدفع". إنه إذن منطق "البؤرة الثورية" بالمفهوم السبعيني للتعبير؛(3) أما ورش الإصلاحات الدستورية، الذي كان دائما خارج التاريخ بالنسبة لـفلسفة "الحراك"، فإن جواب "الشعب" في شأنه هو شعار "لا نريد إصلاحا من نظام ظالم" بالمنطق السبعيني كذلك لمناهضة "أيديولوجة الإصلاح".
فمن هو هذا "الشعب" يا ترى الذي "يريد" كلّ هذا وذاك، وما سيأتي بعد ذاك وهذا، قبل أن يخلي فضاء الشارع [توفير الشغل والسكن والصحة والكرامة للجميع هنا والآن ودفعة واحدة، إسقاط الفساد بما فيه المهرجانات، إسقاط البرلمان، إسقاط الحكومة، إسقاط لجنة التعديلات الدستورية، رحيل لائحة من الأسماء تطول كل يوم (وآخرها عبد الواحد الراضي الذي كان مع ذلك أول من نفض الغبار عن لفظ "ثورة" مع البدايات الأولى لـ"الحراك")،(3) إسقاط رأس "من قتل الشهيد"، إسقاط النظام في النهاية]؟ أفهو نفس "الشعب" الذي كان قد قيل قبل أسابيع بأنه كان ينادي بإسقاط المهرجانات، ويتوعد مدوخة الشعب، المدعوة "شاكيرا الكولومبية"، بوابل من البيض الفاسد، قبل أن تستقبلها نساؤه بزغاريد الطبوع المغربية ورجاله شبابا وكهولا بالهتافات الهيستيرية؟ أم إن هناك من يخطـّون الخطاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الشعب، ويرددون الشعار بحناجرهم وبنات شفهاهم ثم يقولون هذا صوت الشعب؟
أما كثير من السياسيين والمثقفين المحترفين، ممن يساندون "الحراك" استراتيجيا في نكاية مَرضية مازوشية بالذات قبل الغير، وبغض نظرهم عمّن يوجد في جوف الجُـبـة وتحت الإسكيم، ثم ينتجون حوله قولا وخطابا "تحليليا موضوعيا" على طريقة فِرَق التقيـّة وبأساليبها، فإن تحليلاتهم، المختلفة المنعطفات والمنتهية جميعا إلى نفس الاستنتاج، تذهب كلها إلى أن ما حصل مؤخرا من رفع سقف الشعارات (بشكل "هامشي" حسب تحليلهم) أنما هو أمرٌ متولدٌ عن تصلب سلطة جهاز الدولة ("المخزن" حسب تعبيرهم) التي هي مَن غيـّر وجهَ التعامل مع "التظاهر السلمي والحضاري للمد الشعبي" بعد أن ولـّى وجهه شطر "لواد لخانز"، وليس نابعا من تطوّر تاكتيك أي أجندةٍ سياسية لأيديولوجية ما يسمى بـ"العنف ثوري" أو"قومة المستضعفين المباركة" كمنطق سياسي عميق لبؤرة "القومة" أو "الثورة"، سابقٍ أيديولوجيا وتاريخيا وسياسيا من حيث أجندته العامة البعيدة الأمد، عن تفاصيل وأشكال وأعراض ظرفيات "الحراك" الحالي كما تبدو تداعياته على السطح ("خلفيات الحرب على حركة 20-فبراير. لماذا غيرت الدولة استراتيجيتها ولجأت إلى العنف؟" هو العنوان الرئيسي ليومية "أخبار اليوم": 4 يونيو 2011).
خــــلاصــة
إن الإشكال السيميولوجي والدلالي العام لفلسفة وخطاب تطور شعارات "الحراك الشعبي" الحالي بالمغرب، وللأشكال الجديدة لأوجهه هذا "الحراك" على الساحة، هو أن هناك حالتين موصوفتين ومتميزتين لـ"أسباب نزول" الشرعية السياسة لأي "حراك" كيفما كانت درجة حرارته في المدينة: فهناك (أ) حالة إفلاس نظام معين وبلوغه نهايته التاريخية، وهي حالة تصبح معها المعالجة بطرح ملفات موصوفة بعينها، ملفا ملفا، أمرا عبثيا من حيث تعذر المعالجة من الناحية العملية (مثلا: الحكم الفاسد والمطلق المورث مدى الحياة خارج كل شرعية مهما كانت: مصر، تونس، ليبيا، اليمن، سوريا)؛ وهناك (ب) حالة نظام ذي شرعية تاريخية ودستورية، يتطور داخليا في تفاعل وتدافع مع بقية فرقاء المجتمع حسب تطور نبض ونفس هذا الأخير، لكنه أصبح في فترة معينة يتحرك بوتيرة لم تعد مسايرة لإيقاع المجتمع في أبواب موصوفة ومسماة (كيفية انبثاق الجهاز التنفيذي، وسلطاته، ومسؤوليته ومحاسبيـته؛ استقلال القضاء، تحريك ملفات الفساد المالي، شفافية بعض الأجهزة وتعميم تسييد القانون عليها، الخ)؛ وجميع هذه الأبواب لها ملفاتها الموصوفة (سواء على مستوى فعل الجهاز التنفيذي أم على مستوى الدستور أو مشاريعه أو مسوداته) بشكل يجعل نتائج التدافع بشأنها ومدى الاستجابة لها أو التوافق بشأنها أمرا قابلا للمعاينة وللحكم والتقييم، ويجعل بالتالي المبررات السياسية لاستمرار أي وجه من أوجه "الحراك" بخصوص هذا الملف أو ذلك إما مبررات مستمرة القيام، وإما غير ذات موضوع في حالة حصول التوافق حول الملف المعين.
هاتان الحالتان لا يخلط بينهما في أي "حراك" للتعامل السياسي بشأنهما إلا من يسعى إلى أن يتخذ من الانطلاق تاكتيكيا بطرح أمر المدينة بصيغة الحالة الثانية، أي حالة (ب)، مجردَ خطوة إنضاج سياسي لطرحه طرحا استراتيجيا بصيغة الحالة الأولى.
وختام الخلاصة هو أنه، إذا ما كان لمحطة 20-غشت 1953 ما قبلها وما بعدها، وكان لمحطات 23-مارس 1965، و 06-نوفمبر 1975، و 17-أكتوبر 2001 ما قبل وما بعد كل منها، فإنه سيكون حتما لمحطة 20-فبراير 2011 ما قبلها وما بعدها بشكل أو بآخر، باعتبار ما يُحسب لها – من بين ما يحسب - من رفع للطابوهات عن خطاب منطق المحاسبة بصفة عامة وعن مبدإ حق التداول حول جوهر فضيلة السياسة في المغرب، ومن تكسيرٍ لمنطق كان يحتكر حق اكتساب تلك الفضيلة في حدود بُرصة الاحتراف والتوريث العائلي أو العلائقي الزبوني، ويقتل السياسة في نهاية المطاف. ولذلك فإن الانطلاق من موقع المصالح الحيوية الاستراتيجية للشعب المغربي في توجيه مسار سفينة ما بعد 20-فبراير وتحصينها من مخاطر كل قٌرصان مهما كان لون عَـلـمه في البرّ أو البحر، يفرض على الجميع إجبارَ من هم في جوف الجُبـة من بين محرّكي "الحراك"، وكذا من يؤيدهم بالخطاب المباشر أو بالتحليل "الموضوعي" لأطوار ذلك "الحراك"، على أن يجعلوا شعارات ذلك "الحراك" وخطابه العام المصاحب له أمورا واضحة، لا تشفير ولا تلغيم فيها؛ وذلك لكي يتمكن المغاربة من الاختيار، في وضوح، وتبعا لتقديراتهم لطبيعة المرحلة والمؤسسات، بين الانخراط في هذا الاتجاه أو ذلك بوعي ومسؤولية، بدل الارتهان لوضعية الانسياق أو مجرد التفرج على اشتغال آلة من آلات الجحيم يتجه ميكانيزم اشتغالها نحو بلوغ مرحلة استقلال ذاتي تعيد بفضله إنتاج محركاتها ذاتيا، في استقلال عن المحركات الموضوعية المستعارة من أجل الانطلاق، وذلك عندما تفلح تلك الآلية في استحداث ما يكفي من "رموز درامية قوية" في خضم أحداث "الحراك" كما هو معروف في آليات "حراكات" "زنكة، زنكة" و"حيّ، حيّ"، سواء في حيّ "لواد لخانز" أم في حي الفنادق، رموزٍ تتحول معها الشعارات تدريجيا من المطالبة بمحاكمة هذا المسؤول الحكومي أو ذاك على ما يكون قد جرى فعلا من "تنظيف الشوارع بالدم" ("الشعبْ يريدْ [رأس] مَن قَـتـل الشهيد")، إلى المناداة برحيل مؤسسة الدولة برمتها على إيقاع "ديكَاج، ديكَاج" (..."أقول إن ما يحدث الآن ليس قمعا؛ بل هناك من يسعون إلى القمع، ويبحثون عن أن يكونوا شهداء... فكلنا نسعى إلى التغيير؛ لكن يجب أن تبقى المطالب ثابتة وواضحة، لا أن تُمرر من خلالها رسائل خفية": القيادي الاتحادي، عبد الهادي خيرات، لـ"أخبار اليوم": 2 يونيو 2011).
ذلك الوضوح هو اللغة الوحيدة الكفيلة، دون غيرها، بتحديد مضمون مفهوم "الشعب" في شعارات من قبيل: ([الشعب يريد تغيير "س"] و[الشعب يريد إسقاط "ن"] و[الشعب يريد رحيل "م"]). وفي هذا الباب (باب مضمون مفهوم "الشعب")، ارتكب محرّكو "حراك" 20-فبراير، على سبيل المثال، كما ارتكب ذلك كثير من قبلهم، خطأ تاكتيكيا فادحا لما رفعوا، في إصرار وبقوة واعتداد، وإلى حدود أقل من أسبوعين، شعارَ ما معناه [الشعب يريد إسقاط 'موازين'] وغير 'موازين' من أوجه الفن والترفيه الفرجة والتنفيس، وذلك بدعوى أن الشعب المغربي - بما فيه من جيل كتائب فضاء الفيسبوك وما شابه ذلك الفضاء من الفضاءات التي يقال فيها: ["يلا عمرات لكْرْش كا-تكَول لرّاس غنّي] – إنما هو شعبٌ عبارة عن قُطعان من البؤساء الجياع ممن "يحلمون بـنصّ كوميرا" و"لا تعنيهم روائع شاكيرا" (المساء؛ 3 يونيو 2011، ص1)، هذه ""الشكيرة" التي قيل بأن حشود تلك القطعان من البؤساء الجياع لن يستقبلوها، إن همُ فعلوا ذلك، إلا رميا "بالبيض الفاسد".(4) ذلك أن الادعاء، والرهان عليه، في هذه الحالة كان قابلا للدحض المباشر على محك بيّـنة معطيات الواقع الملموس القريب في حيز ما تستوعبه الذاكرة العابرة لجموع لرأي العام، الذي هو بطبيعته ماهية قصيرة الذاكرة ومنعدمة التفكير بسبب كونها كيانا غير عاقل مهما بلغ المستوى المعرفي لأفراد المجتمع. وبقطع النظر عن دلالة الأمر في هذا الباب على مستوى نوعية القيم والمعنويات، فقد فاجأ الشعب فعلا الناطقين باسمه بالغدو والآصال، وذلك لما هبّ بمآت الآلاف يوميا خلال ذلك المهرجان، وعلى مرّ أسبوع كامل، رجالا ونساء، من شباب وكهول وشيوخ وقورين و"حاجّات" وقورات، من محلقين وملتحين، ومن "سافرات" و"محتشمات" بمن فيهم شباب الفيسبوك، هبّ الجميع، ولم تحتطبهم "هونضات" المقدّمين والشيوخ من عقر ديارهم أمام تلفزاتهم، هبّوا جميعا إلى تكذيب وتسفيه، غير مقصودين طبعا، لذلك الادعاء بشكل مأساوي، تسفيهٍ رأى فيه صاحب عمود الصفحة الأولى بيومية "المساء" (نفس العدد) "نكاية في شباب 20-فبراير". فمن يقول لسان حاله: "من ليس معي [في كل الأمور] فهو ضدي [في كل الأمور]" غير مؤهل لأن ينطق باسم الشعب في أي أمر من الأمور في مجتمع يريد أن يكون ديموقراطا.
-----------------------
(3) في ما يتعلق بتذبذبات تصورات "الثورة" و"الإصلاح" في البدايات الأولى لــ "الحراك"، انظر مقالا عبر الرابط الآتي:
(4) بخصوص حملة حركة "الحراك" ضد أوجه الفرجة والترفيه، انظر مقالا عبر الرابط الآتي:
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres