(EN ARABE)-1 Certains indices de la stratégie contestataire 20-Fevrier (Maroc)-1
Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis sur ARABE(Windows)
من تقاليد "لحْرْكـَه" إلى أسلوب "الحِـراك"
(دلالات بعض مؤشرات تداعيات حركة 20-فبراير)
مَـن في الجُـبّـة؟ وماذا في قعـر الجُـبّ؟
تقديم خارج السياق
المغرب يتحرك، كما كان قد قيل قبل سنين بأن "التلفزة تتحرك"؛ وبالتعبيـر الأخير في باب العربية لجيل المولـَّدين، التعبير الوافد من المشرق كالعادة على غير سماع ولا قياس في عربية مُضَر، على غرار عبارة "التنويه" بمعنى "التنبيه"، مما يتـلقّـفـه المغاربة على التو كالعادة في تهافتٍ كبير نفيا عنهم لتهمة عُجْمة ألصِقت بهم بشكل سرمدي عبر أدبيات الأجيال حتى آمنوا بها كواقع حال، وذلك بالرغم بأنهم تعلموا في ملاحظات النتائج المدرسية بأن ميزة "التنويه"، أي "الإشادة" هي نقيض ملاحظة "التنبيه" والإنذار (blâme)، نقول إذنْ، مجاراةً لما جرت به مقادرُ لغة الفضائيات في باب العربية، بأن المغرب يعرف اليوم (نهاية ماي 2011) "حِـراكا" شعبيا (وهو التعبير الذي يفترض أن يكون في عربية مُضَر فِعلُ "حاركَ، يُحاركُ، حِراكا أو مُحاركة"، مثلما يقال: عارك، يعارك، عِـراكا أو مُعاركة).
الذي يعنينا هنا هو معرفة نوع وطبيعة الحركة القائمة اليوم في المغرب، وليس التنبيه (أو "التنويه" حسب آخر ما بلغنا في باب العربية) إلى مدى سلامة "الوافد الجديد"، أي مصدر "حراك"، على ضوء قواعد اشتقاق صيغ المصدر القياسي في صرف العربية، مما هو ربما من صلاحيات وواجبات جمعيات الدفاع عن اللغة العربية متناً ووضعيةً دستورية. فنتساءل إذن في مستوى آخر للإشكال، وعلى سبيل المثال، عن علاقة أجواء ما استُورِد له اليوم ذلك "الوافد الجديد"، أي لفظُ "حِراك"، بـأجواء ما كان يعرف في العربية المغرية بـ"لحْرْكه"، والذي كان يفيد فيها معنى "الزخف العسكري" (حْرْكة بوحمارة، حْرْكة بودميعه، حْرْكة حيدا مُّيس، الخ.)، حيث يقال مثلا: "حارْك عليهوم" بمعنى "زحف عليهم".
صميم الموضوع
سنستهل الكلام بأحد أوجه ذلك "الحراك"، وجه قد يبدو تافها وجانبيا بالرغم من أنه غيّر الوجه الفيزيقي لقلب العاصمة في هذه الأيام ويعطي بذلك مثالا مخففا لما يحصل، لا محالة، في بقية "الحواضر" المغربية التي لم تعد حواضر إلا بمقتضى التصنيف الإداري بعد قرْيَـئَـتها وبَـدْوَأتـِها. يتعلق الأمر بـ"حْرْكة" فئـة "لفرّاشا" في العاصمة، تلك الحركة التي تحرك من خلالها جَرَبُ تلك الفئة تحركا وبائيا من "ديور الجامع" و"السويقة" إلى قلب تلك العاصمة بشارع محمد الخامس، الذي تحول منذ واقعة المرحوم بوعزيزي، الذي ركب الجميع على جثـته، فأصبح ذلك الشارع سوقا قروية عشوائية هي عبارة عن امتداد لفضاء "السويقة" الذي كان قد تم اكتساحُه وقـرْيأتــُه منذ سنوات؛ إنها سوقٌ بمفهوم (souk) على رصيفي الشارع، تعجّ بركام وأكوام من مفروشات ثياب "البال" والبوليستر، ومختلف الأدوات والأغراض البلاستيكية، والسيديهات المقرصنة، وساعات "الروليكس" وحُلي "البلاتين" لذوي وذوات الدخل المحدود، ومختلف المراهم ومعاجين الأسنان المهرّبة من الصين أو من جنوب إفريقيا أو نيجيريا، وركام من قوارير العطور الكحولية أو المشتقة النفط، وآلات الحلاقة البلاستيكية، ومساوك عود الأرك "النبوي" أو الإفريقي، وسجّادات الصلاة التي ترشد المصلي وغير المصلي إلى ثاني القبلـتين، والطيوب القوية الإفريقية والمشرقية الخ؛ وتنـّـشط فضاءها كاكوفونيا أصوات "لفْـرّاشا" الصاخبة الإشهار. فأما المارّة، مواطنين أو سوّاح، فإن أغلبهم قد تدرب في "السويقة" على رياضة التنـقل على طريقة تنقل بيادق الشطرنج بقفزات عدة يمينا وشمالا قصد التقدم خطوة واحدة نحو الأمام، وذلك دون أدنى تعبير عن تذمر أو استياء أو تظلم، طلبا لراحة الأعصاب ولسلامة الأجساد قبل كل شيء في جوّ نرفزة "حراك" ما بعد مأساة البوعزيزي. أما رجال الأمن البلدي، فإن "شّـافّ"، الذي ليس سوى شبح البوعزيزي، قد أعطاهم أوامر صارمة بالتواري عن الأنظار تجنّبا لأي حرج واستفزاز لا تحمد عقباه، وبتفويض مهمتهم في ضبط إيقاع شارع قلب العاصمة لمايستروهات جوقة "لفرّاشه". أما أطياف الصحافة، ما بين متحزبة ومحترفة، فموزعة بين الحسابات الانتخابية المسايرة للقطيع بدل قيادته بالنسبة للبعض، وانتصاب البعض الآخر كهيئات "مستقلة" انتحلت صفة القيادة في باب الدفاع عن مفهوم مشوه فوضوي لـ"حقوق الإنسان" ولمشروع "التغيير" كخط تحريري لصحفها. وأما التجار الأصليون في الشارع، الذين تُشهر متاجرهم شهادة الباتانتا، فقد أصبحوا منذ حلول "ربيع الحراك" المبارك مجرد متفرجين، يخرج الواحد منهم بين الفينة والأخرى إلى باب متجره الذي طوقته أفرشة البلاستيك وهجره الزبناء، متأملا في مظاهر جلبة "ربيع الحراك" الذي أخذ يتأهب لإفساح المجال لحرارة الصيف ونرفزة ورفث من سيصومون مرة أخرى بالمـنّ، أي "بْـجّـميل". أما أحد زملاء أولئك التجار، وهو صاحب متجر للبصريات في بداية الشارع من جهة السويقة على الرصيف الأيسر، فقد أسدل "رّيدو" يوما. قال البعض ممن تضرروا من ذلك الوضع الذي أصبح فيه الشعب "يحكم نفسه بنفسه" حسب ميزان القوى العددية لفئاته في فضاء من الفضاءات: "لقد حاول ذلك التاجر الاحتجاج على من ضايقوا واجهة وباب متجره بشكل بالغ الاستفزاز، فتألب عليه أصحاب "الحراك" مشهرين في وجهه صورة جلالة الملك، وانتهى الأمر بأن حضر رجال الأمن فاقتادوه معهم بدل اقتياد من تألبوا عليه". ثم أضاف الراوي قائلا: "لكنهم ما لبثوا أن أخلوا سبيله، لأنه يهودي؛ فلو لم يكن كذلك لعلم الله ما كان عسى أن يكون مصيره". تدخـّل أحدُ الفضوليين على التو مسائلا صاحبَ الرواية قائلا: "لكن أفـتعتـقـد بأن رجال الأمن قد أخلوا سبيل ذلك التاجر لكونه يهوديا؟ أم إن من اختاروه ليضايقوه بتلك الكيفية، ثم استفزوه بأن أشهروا في وجهه صورة للملك كانت معدة لكل غاية مبيّـتـة، هم الذين فعلوا ما فعلوا لكونه يهوديا؟" ... تحول النقاش، واتخذ منحى آخر موغلا في "فلسفة ابن خلدون في خمسة أيام بدون معلم"، يصنف الذمم وذوي الحقوق والواجبات في المدينة إلى يهودي ومسلم، وفاسي وسوسي، وعروبي وحضري، بشكل ينمّ بدون أصباغ، عن وجه من أوجه الخلفية الفكرية العامة لمفاهيم المواطنة والحقوق المدنية السائدة، التي يجري على خلفية أرضيتها الحديث عن ضرورة أن يكون "سّي شّـعـب المحترم" - "دابا" والآن وليس غدا، ودفعة واحدة - كما هو عليه الآن في الشارع، يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ويتشاجر فيها ويتعارك بالأيدي ويدوس بعضه على أعقاب بعض دون التماس معذرة ويسب بعضه "دين الآخر" من نوافذ السيارات وينعته بالبغل أو بالحمار، هو المصدر الوحيد للشرعية وللسيادة دون غيره، وذلك على "المنهاج النبوي" أو "النهج الديموقراطي" المباشر أو عليهما معا في إطار وجبة صلصة "الحراك".(1)
طبيعة صلصة "الحراك"
هناك إذن مؤشرات دالـّة تطرح أكثر من سؤال حول طبيعة "الحراك" الذي قيل بأن شباب المجتمع المدني من المتشبعين بمفاهيم المواطنة والحقوق المدنية وسيادة الحق والقانون و"مالي" (MALI) و"ما لك" و"ما لهم" الخ.، هم من يتحكم في درجة حرارة ذلك "الحراك" ويحركه في اتجاه العمل على تنزيل تلك القيم في الدستور والمدونات وترسيخها على أرض الواقع بما يـُلزم الجميع وليس بالانتقاء الفئوي لا حسب الأصل أو الفصل ولا حسب الهندام أو قَصّ الشًعـَر. ذلك لأنه قد أصبح هناك، من الناحية العملية، تفاهم ضمني يفصح عن نفسه لتكامل الأدوار عبر الأسبوع فيما يتعلق باحتلال الشارع. فـفئة "الفرّاشا" يعرفون أن هناك وراءهم وأمامهم، كلَّ يوم أحدٍ من الأسبوع، من يزيد من درجة الضغط السياسي في اتجاه استثناء ما تقوم به فئتهم من طائلة تطبيق القوانين الصغيرة العادية المتعلقة بتنظيم الحياة اليومية العادية، في نفس الوقت الذي يزعم فيه الجميع بأن المجتمع منهمك في مراجعة تحسينية للقانون الأسمى، أي الدستور. أما مهندسو ومؤطروا الموارد البشرية لـ"حراك" نهاية الأسبوع، وهي موارد قيل بأنها كائنات فردانية شابة وعبارة عن إليكترونات حرة لا شُحنة إيديولوجية لها ولا نواة قطبية تجعلها تدور حولها، فإنهم يجدون في فئة الفرّاشا من يحتفظ بجذوة الاحتقان والتوتر حية طيلة الأسبوع في الشارع ضمانا للتعبئة؛ ويتوقعون، في تـَرَجّ وتمَنّ، أن كل اصطدام صغير أو كبير قد يحصل، لا يمكن إلا أن يرفع من درجة تلك التعبئة ويكون مبررا سياسيا، وباعتبار "حقوق الإنسان"، للانتقال إلى سرعة أعلى. هذا وإن من طبيعة الإليكترونات الحرة (électrons libres) في ميدان الفيزياء أن تنتهي بالانجذاب بجاذبية نوى ذرّات تصادفها في فضائها (وهو ما يعرف في الفيزياء بالإشعاع) فتلبسها هذه الأخيرة كما تُـلبَـس الجُبـّة.
إذن، فمن يا تُرى في جوف الجُـبّة، وماذا في قعـر الجُـبّ؟ فأما المتصوف، ابن عربي، الذي لم يكن الرهان مع ذلك في شطحته إلا كلاميا، فكان قد قال يوما: "ما في الجبة إلا الله"؛ وأما الجُـبّ من جُـبوب جحيم جهنم، فتقول أُخرَوياتُ وإيسكاطولوجيا "دقائق الأخبار في ذكر الجنة والنار" بأن مائة باب تفتح في حلبة بقعره، يخرج من كل باب منها مائةُ حيّـة، لكل حية منها مائةُ رأس فاغرٍ فاه، وبفم كل رأس من الرؤوس مائةُ ناب تـسيل سُـمّا ذُعافا؛ كل ذلك الويل أُعـِدّ لـ{كلّ أفّاك أثيم منّاع للخيرِ، مُعتدٍ أثيم، عُتـُـلّ بعدَ ذلك زَنيم}ق.ك من فِرَق ونِحَـل الذين {يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا}ق.ك. إذ إنما يُشترى بالقول ثمنٌ قليلٌ أو كثير حينما يتعلق الرهان في ذلك القول بالمصالح الدنيوية لا بمجرد شطحة كلامية؛(2) وفي باب ذلك النوع من الرهان تندرج أمور الدولة، هذه المؤسسة التي قال عنها المفكر والقيادي سعد الدين العثماني في حالة كونها دولة دينية، لا مدنية، بأنها تتصف بواحد على الأقل من ثلاثة أمور: (أ) اعتقادُ الحاكمين في قرارات أنفسهم بأنهم يعبّرون عن إرادة إلهية مقدسة، أو (ب) اعتقادهم بأنهم معصومون أو أن شرعيتهم تستند إلى حق ديني مقدس، أو (ج) أن تكون تلك الدولة منحازة دينيا في أمور المواطنة ولا تضمن حقوق أتباع الديانات من شعبها ولا تساوي بينهم في الحقوق المدنية للمواطنة (من تقرير حول ملتقى "المنتدى العالمي للوسطية"، بتونس؛ التجديد، 7 يونيو 2011 ص3). أما بخصوص بعض أوجه الجحيم على وجه البسيطة في هذه الدنيا العاجلة وما يطبعها اليوم من "حراك" الأحزاب والحركات والفِرَق والمِلل والنِحَـل حول رهان طبيعة الدولة، بالوجه الثاني لذلك الحراك وبسرعته الثانية، وعلى إيقاع طبعة ثانية منقحة ومزيدٍ فيها من شعاراته من قبيل "لا إله إلا الله؛ المقدس هو الله"، أي بثمن إضافة اسم آخر إلى لأسماء الحُسنى إلى جانب "القدّوس" (ولا حرج، إذ الرهان هناك كلاميّ !)، فقد أُومئ إليه لما تسببت فـلـتةُ لسان أحد قيادات شبيبة إحدى الفِرق، لما تحدث عن "تطهير الشوارع بالدم"، في إيقاظ الشكوك حول الوجه الخفي لتلك الفرقة من الفرق حسب قول المعلـِّـق (المشعل الأسبوعية؛ 1 يونيو 2011؛ ص13)؟
وبالرجوع إلى المثال الفيزيائي للإليكترونات "الضالة"، فمن المعروف أنه إذا ما كانت الذرّات التي تصادفها تلك الإليكترونات الضالـّة فتنجذب إليها للدوران في فلك نواها، ذرّاتٍ في خلايا حية، فإن البنية الخلوية لهذه الأخيرة تتغير هندستها فـتـنموا نموا مسيخا غيرَ طبيعي يطلق عليه في اللغة العادية اسم "التطور السرطاني"، وهو نمو خبيث من وجهة نظر الإنسان لا من وجهة نظر الطبيعة. ومن أوجه الشبه بذلك النمو المسيخ، في باب مصير "العناصر الحرة" على المستوى السوسيو-سياسي، ما أسفر عنه العَوَمان السياسي (flottement politique) للعناصر "الحرة" بحركة 20-فبراير من صهر عضوي غير طبيعي بين خلايا جسمَي أيديولوجيتين تنتميان إلى فصيلتين فكريتين متناقضتين من حيث طبيعة كل منهما. والواقع هو أن القاعدة السوسيو-سياسية التاريخية تثبت في هذا الباب بأن التنظيم السياسي الأكثر قوة، والأحكم تنظيما، والذي أُشرِب أيديولوجيةً معينة كما أُشرب قومُ موسى العِجـلَ في سيناء، تجري من عروق أعضاءه مجرى الدم كيفما كان موقعها من الطيف الممتد ما بين العقلانية، التي تبقى دائما نسبية في شؤون المدينة، واللاعقلانية التي لا حصر لأوجهها بما في ذلك مختلف الأوجه الأسطورية، هو التنظيم الذي يجني سياسيا، على هذه الأرض وفي الحياة الدنيا، ثمرة الاحتجاجات الاجتماعية "العفوية" الكبرى، التي تنتهي دروعُها البشرية وحطبُ وقودها البشري حتما بالدوران في فلكه كما تنتهي الإليكترونات الضالة بالدوران في فلك نواة الذرة المحتضِـنة.
وعلى ذكر بُعد التعبئة في تدبير أطوار "الحراك"، وبالعودة إلى مثال "الجُبّـة" ومن فيها، فإن الملاحظ هو أن مَـن هو في جوف الجُبّـة أو تحت إسكيم الجلباب، قد عبـّأ جميع طاقاته، ومنتهى مهارة أصابعه من تحت الإسكيم، لتحريك خيوط "الحراك" في اتجاه اكتساح الشارع أولا وقبل كل شيء؛ وذلك "حيّ – حيّ" و"زنكَة - زنكَة" في استعارة غير اعتباطية لتعبير قائد أخرق يحتضر؛ وكأن المنطق السياسي للـ"الحراك" الذي ينشده المُحرّك غيرُ معني استراتيجيا بورش التدافع والنقاش العمومي القائم بالمغرب حول القيم الحقوقية التي يدركها العقل (المواطنة، والحقوق المدنية، وسيادة الحق والقانون) وحول الآليات الدستورية اللازمة لضمان تفعيل تلك القيم (فصل السلط وتوازنها وتداولها، ومبدأ المسؤولية المحاسبة، واستقلال القضاء)، ذلك الورش الذي تم الحكم على حصيلته مسبقا بأنها "لن تكون أكثر من عملية تجميل"؛ مع أنه الورش الذي فُتح لأول مرة بذلك الشكل في تاريخ المغرب في استمرارية لسلسلة من منعطفات التطور حقـّا، لكن بالضبط على إثر بوادر الوجه الأول لـ"الحراك" من حيث الظرفيات المباشرة لفتح ذلك الورش. إنه مُعطىً مُعايَـنٌ في تطور أطوار "الحراك" يكاد يفصح عن هروب سياسي منهجي، في ضبط إيقاع واتجاه سير ذلك "الحراك"، من نطاق جاذبية ورش التدافع والنقاش حول تفاصيل الدستور والحكامة ملفا ملفا وغير ذلك من "الجزئيات" التي من شأن الاستسلام لجاذبيتها والانخراط فيها أن يرفع الإسكيمَ عن وجه مّن هو جوف الجلباب. وذلك معطى يترجم كذلك، وفي نفس الاتجاه، سعيا حثيثا وعنيدا بالمقابل، إلى إبطال مفعول حفاظ الفرقاء على الطابع السلمي الأول لـ"الحراك"، وإلى التخلص من شعار الاستهلال الذي كان: "سلمية – سلمية؛ لا شاقور لا جنوية"، وإلى تصيّد منهجي في ثبات لفـُرَص أي حدَثٍ أو أحداثٍ يوفـّر لذلك "الحِراك" رموزا درامية تصبح مبررا لرفع سقف المتغيرات (س، ن، م) في شعارات من قبيل: [الشعب يريد تغيير "س"] و[الشعب يريد إسقاط "ن"] و[الشعب يريد رحيل "م"]، وذلك أسوة بتطور سقف الشعارات في ساحات التغيير أو التحرير هنا وهناك مما أصبح نموذجا للحذو يستهوي أكثر من طرف لينجّم لحظات أجندته على منواله ("كنا ننتظر أن المخزن لن ينتظر كثيرا": قيادي بشبيبة إحدى الجماعات . المشعل الأسبوعي؛ نفس العدد؛ ص:16).
البقية:
-----------------------
(1) يمكن الاطلاع على نماذج ملموسة لانعكاسات هذه الخلفية الفكرية حول مفهوم المواطنة على التعامل مع الواقع الاجتماعي اليومي، في مقال عبر الرابط الآتي: https://orbinah.blog4ever.com/blog/lirarticle-162080-1051013.html
أما مفجر مقهى أركانة بمراكش، فقد عبر أمام قاضي التحقيق "عن عداء خاص لليهود والنصارى مشيرا إلى أنه لم يندم سوى على مقتل المغاربة المسلمين في التفجير، أما الأجانب فذلك ما يستحقون لأنهم كفار" (أخبار اليوم؛ 1 يونيو 2011 ص2).
(2) من التفاسير الواردة في فهم الآية السابقة قول المفسر: [أيْ، ويلٌ وهلاكٌ عظيمُ لأولئك العلماء الذين يكتبون الكتب بأيديهم ويُودعونها آراءهم ويحملون الناس على التعبد بها قائلين :إن ما فيها من عند الله، ويمكن الاستغناء بها عن الكتاب الذي نفهم منه ما لا يفهم غيرنا ، يخطبون بتلك الكتب ميلَ العامة ووُدّهم، ويبتغون الجاه عندهم، ويأكلون أموالهم بالدين]
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres