(En arabe). Une polémique à contrario sur les modes de déclamation poétique et la psalmodie coranique.
بمناسبة السجال حول تعيين سيدةٍ
عضوا بـ"مجلس إدارة وكالة تقييم وضمان جودة التعليم العالي" بالمغرب.
-
عودة إلى مناهج تحليل النصوص
النص الكامل لنصّ بعنوان: "فجـــــــــــــــــــاءَ"
[[كنت أظن ...
كنت أظن وأنا أعبر شارع الموتى
أنّ القيامة مجرد حكاية في كتاب
حتّى جــــــاءت الساعة بغثةً
فانفلقت الجبال العظيمة عن فئران صغيرة سوداء
ورياح شديدة الفتك
فجـــــاء، فجــــــاء ...
فجـــــاء المصلون على النببيّ الأمّيّ
وجـــــاء الدكاترة العاطلون
وجــــاءت الساحرات على مكنسة كهربائية
وجــــــاء
وجـــــاء الضباط في سيارات مصفحة
وضباط الصف راجلين
وجـــاءت المواعيد في وقتها بالضبط
وجـــاءت المواعيد في وقتها بالضبط
وجـــــاءت الساعة.
سيدي ربّي وبا العالي
وجــــــــاءت الساعة
وجرسُ المنبّه
والنواقيس عادت من حيث رنّت
وجـــاء هولوكا
وجاء أهل الكهف يتبعهم كلبهم
وجـــــــاء، وجاء الأمن يتبعهم المخبرون
وجاء من أقصى المدينة صحفيّون مستقلّون حتّـــــــــى
عن ضمـــــــــائرهِـــــــــــــــــــــــــــم]]
ظروف النصّ وتحليه جوهرا وشكلا
ذلك هو النصّ. فليصنّفه نقاد الأدب العربي العارفون في نوع النثر الفني أو في نوع الشعر ("شعر حرّ" أو "قصيدة النثر")؛ فهو لا يختلف على هذا المستوى عن إبداعات كثير من المبدعين في المغرب والمشرق. وهذا رابط نحو فيديو إلقـــــاء حيّ للنص، قد يساعد النقاد على ذلك التصنيف.
https://www.youtube.com/watch?v=qXL9WJa_Fgo
غير أن كل تلك التصنيفات الممكنة غير ذات دلالة في السياق الذي أسوق فيه هذا النصّ المذكور؛ وهذا هو ذلك السياق.
السيــــــــاق:
1- ما أُعلِن عنه مؤخراً من أنّ السيدة لطيفة أحرار قد تمّ تعيينها عضوا بمجلس إدارة "وكالة تقييم وضمان جودة التعليم العالي
2- السجال الكبير الذي أعقب ذلك التعيين، ما بين مدافعين عن أهلية تلك السيدة لتلك العضوية، يستعرضون مختل مناصب تجربتها ويستشهدون بشهاداتها الأكاديمية، ومناوئين لذلك التعيين على أساس اعتبارات أخرى لا تمثل فيها أبعاد الغيرة على قطاع التعليم العالي ومسألة الأهلية الأكاديمية والتجربة الميدانية في حقل التقويم/التقييم سوى محسّنات توابل هامشية، بينما يبقى الاعتبار الأساس متمثلا في الغيرة على القيم والمقدسات.
.
لن أتناول هنا أيّا من دُفوع طرفي في ما يتعلق بالأهلية والجدارة وبالرصد العمومي للكفاءات وتعبئتها في القطاعات لأني لا أتوفر على عناصر معطيات خاصة بهذه الحالة المشخصنة بالضبط, وعلى كل حل، فإن دفوع كل من الطرفين في هذا الباب، في اتجاه أو في آخر، دفوعٌ غير ذات دلالة بالنسبة لنوعية الأسئلة التي سأعالجها في باب الاعتبارات المؤسسة على "الغيرة على القيم والمقذسات" بناء على تأويل للنص أعلاه، نثراً كان أم شعرا، وكيفما كان إلقاؤه وحركات إلقائه الفني حين يلقى. إنه نصّ قديم كان قد اشتهر قبل سنوات من خلال شريط سمعي-بصرى لإلقائه من طرف السيدة لطيفة أحرار بالضبط والذي كان في حينه محط حملة تنديد من طرف من وجدوا فيه إســــــاءة إلى القيم والثوابت والمقدّسات، وذلك من خلال ما أسمي بـ"الاستـــــــــهزاء بالقرآن الكريم". فهاذا الجانب تتوفر بشأنه معطيات ملموسة مستقلة استقلالا عن جانب الشخصنة.
.
بحثت عن أوجه المسّ بالمقدس وعن أوجه الإساءة للقرآن الكريم في النص أعلاه فلم أجد شيئا، إلّا أن ينبهني قارئٌ يرى ما لم أرَه. حينئذ عُدت إلى ذلك الشريط القديم كان قد تمّ ترويجه قبل سنوات على نطاق واسع تحت عنوان "لطيفة أحرار تستهزئ بالقرآن الكريم". إنه الفيديو الذي عاد الطرف الثاني المذكور إلى ترويجه والتعليق عليه، في تقديمٍ له للجمهور، كوجه أساسي من أوجه "فضيحة" في التعيين الإداري المشار إليه أعلاه كذلك.
وإذ لم أجد شيئا في النص مما بحثتُ عنه، اتضح لي حينئذ أن وجها جديدا من الأمور التي أضفيَّـتْ عليها قداسة القرآن قد تمتّ أضافتُه. يتعلق الأمر بالإيـــــــقاعــــــات الموسيـــــقيّـة وبالمــــــــقامـــات اللحنيــــــة التي يُـــــرتّل بها القرآن جماعيا في المغرب (حسب الجهات: مقامات "تاحزّابت" بسوس، المقامات الحسانية، مقامات الملحون، الآلة، العيطة الجبلية، عيطة السهول الأطلسية ...)، في اختلافٍ عن الترتيل الفردي في المشرق على مقامات متنوعة كذلك (مقامات بلاد الشام، مقامات بلاد النيل...). فلقد ألقت الفنانة لطيفة أحـــــرار قصيدتها النثرية أو شعرها الحـــــــرّ على منوال ذلك الترتــــيـــل الذي تتميز به التقاليد الثقافية المغربية، كما تتميز الثقافات الأخرى بمميزاتها في الباب.
المفــــــارقة ('الديب حلال؛ الديب حرام". "طلع تاكل الكرموس؛ شكون قال ليك طلع؟")
تتمثل المفارقة الصارخة في هذه النازلة في أن تلك المميزات الثقافية المغربية المشار إليها في باب إيقاعات ومقامات ترتيل القرآن الكريم، ظلت في حدّ ذاتها - على مستوى آخر من مستويات النظر إلى الأمور بنظّارات مستعارة من خارج الثقافة المغربية – مَحطّ تنديد واستنــــكار شديـــــدين في أوساط نفس الطيف الذي يعتبرها اليوم مقدسة ومن صميم جوهر القرآن في حالة إلقاء نصّ "فــجـــــاءَ" بالضبط كما ألقته السيدة لطيفة أحرار.
.
لقد سبق لي سنة 2018 أن تناولت هذا الموضوع، موضوع الترتيل في نص بعنوان: "الرهان في النقاش حول أسلوب "تاحزّابت" في قراءة القرآن رهان أيديولوجي". وممّا جاء في ذلك النص المقتطفاتُ الآتية الموضوعة بين قوسين مزدوجين ((...)):
((... هذه المعاينة العامة ومناسبتها هو بعضُ ما واجه به بعضُ هذا الجيل، ممّن غيّروا مشربهم فشُبِّهَ لهم أن قد جدّدوا معارفهم وهذّبوا أذواقهم، شريطاً من أشرطة الفيديو على شبكات التواصل لحصّة من حصص قراءة القرآن جماعيا على طريقة المعروفة في بعض المناطق بـتسميّة "تاحـــزّابـــــت". قال أحدهم الذي تقاسم ذلك الشريط لأول مرة في شبكة الفايسبوك على سبيل التشنيع والتشهير بـ"تاحزّابت" كبدعة من البدع ما يلي:
1- [لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم؛ جريمة في حق القرآن الكريم . حاولت ان افهم ما يٌقرأ لم افهم إلا نباح الكلاب, انا لله وإنا اليه راجعون].
2- ثم قال آخر معلقا: [كلابٌ نابحة. من برّأها فقد أساء إلى القرآن الكريم. هذا لغو، لا تلاوة.].
3- ثم قال ثالث معلقا: [لم أكتشف هذا المــــــنـــــــكر إلا بعد أن سكنت بالرباط]. ثم أضاف في مكان آخر مخاطبا من تقاسم شريط "تاحزّابت": [أطلـُبْ من أصدقاء صفحتك أن يحدّدوا الآيات التي يقرأها الأخوان في الفيديو الذي نشرته... شخصيّا لم أستطع إمساك رأس الخيط إلا بعد مرور 30 ثانية ... أكرر: المسألة فقهية صرفة، القرآن نزل بلسان عربي مبين، وأُمر المسلمون بترتيله ... ولا أظن أن تحزابت لها علاقة بالترتيل].
4- وقال متحمّس يحمل اسم "وطـــــــنـــــــيّ"، متشبعا هذه المرّة بـ"الوطنية" كما يُعبَّر عنها في مباريات كرة القدم: [هادو هوما اللي خصّني نطلقهوم على الجارة ،،،،]؛ يقصد جنس الكلاب دائما.
5- وعقّب آخرون: [ههههه؛ هوما هادو بالذات اللي كنت قلت ليك طلقهوم عليها]؛ [ههههه واقيلا كلاو المعجون فأتاي، هاد الطـّـلبة]؛ [تجِبُ محاسبةُ هؤلاء على هذا. لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم]))
----------------
رابط نحو النص الكامل حول الترتيل الجماعي "تاحزّابت"
-------------------------------
النص الكامل لقصيدة “رصيف القيامة”: للشاعر ياسين عدنان، التي منها اقتطفت الممثلةُ لطيفة أحرار المادة الصوتية لأدائها التمثيلي، والتي لم يرَ أحد في كلماتها ما يستهزئ بالقرآن؛ بما معناه أن الذي أثار الغيورين على القرآن هو أسلوب طبوع وإيقاعات "تاحزّابت" وليس الكلمات. أي أن أساليب الطبوع والإيقاع في ترتيل القرآن - بما في ذلك أسلوب "تاحزّابت" (الذي يعتبره البعض بدعة ضلالة بالقياس إلى أساليب النيل والشام) هي من جوهر القرآن.
[[كنت أظن و أنا أعبر شارع الموتى
أنّ القيامة مجّرد حكاية في كتاب
حتى جاءت الساعة بغتة
وانفلقت الجبال العظيمة عن فئران
صغيرة سوداء
ورياح شديدة الفتك
فجاء الملوك و المنجمون
وجاء الحكماء من الكتب القديمة
وجاء أدونيس وادّعى أنه المتنبي
وجاء عبد المنعم رمضان فسألته العصفورة
عن ناريمان
وجاء قاسم حداد
ليدل الوعول على قبره
وجاء الصّدّيقون فكذبوا
وجاءت مدام إدواردة عارية فتغوطت أمام الخلق
وجاء إسرافيل وملائكة الحراسة
وجاء الكهربائيّ وبائع الطاقيات المطرزة بألوان الفرح
وجاء باعة السجائر بالتقسيط
وجاءت سيارة الإسعاف
وجاءت الطفلة بتنّورتها البيضاء
وجاء العاشقان على متن وردة
وجاء الجابي والبهلوان والمهرّج ذو الرنين المرّ
وجاء حلمي سالم فبدا رومانتيكيا للغاية
وجاء ابن سيرين عاريا من أحلامه
وجاء أسامة بن لادن ومجاهدو بيشاور والملّا عمر
أمير قندهار
وجاءت حاملات الطائرات وصواريخ الكاتيوشا
وعميلات الموساد الشقراوات
وجاءت الناقة فعقروها
وجاء الكسعيّ ولم يكن نادما على الإطلاق
وجاء معاوية بن أبي سفيان
وكان محرجا للغاية
وجاءت مرام المصري وبيلين خواريث وسوزان عليوان
ورحنا جميعا ننفخ على النار لتصير بردا
ونعض بأسناننا على لهب مطّاطي
قديم
لم يلتفت أي منّا نحو شجرة الخروب
حيث كان ابن حزم يمسك بخناق شاعر مغربي حديث
لم نلتفت فقد خذلتنا الأعناق
والعيون صارت مجرد سحائب غامقة على الوجوه
لم نعد نرى
ولم نعد نتبين سحنة العالم
لكن الحكماء بيننا قالوا إن الأشجار صارت رمادية
والشرفات التي على الجدران
سالت كما تسيل العيون التي كانت
تتوسّط الأحداق.
لم نعد قادرين على الفرح. ولا على التعب
من الوقوف
لأن أرجلنا تقلّصت بالتدريج
ذابت الأصابع أوّلا..ثم انمحت الأقدام
ولم تعد هناك في العربية
كلمة اسمها الخطى
قلوبنا هي الأخرى صارت مثل مجوّفات
فضية صغيرة
فغرقت كلمة الحب في القاموس المحيط
وصرنا ننظر إلى بعضنا دون أن نشعر بأي شيء
ودون أن نتذكر أسماءنا ولون أعيننا
فظننت مثلا أن المعرّي الذي كان ينفخ بجواري
على النار لتصير بردا
هو الذي كتب “أنا باز”
و أن عبد الرحمن بن ملجم من اغتال السادات.
لم أكن جذلان ولا ناقما
كنت مشدوها فقط
حيث اختلطت في الجو روائح كثيرة
قال بعضنا: هذه رائحة السماء التي كانت فوقنا
وقال آخرون: هذه رائحة الأطفال
وقد كبروا بغثة
و أضاف جنين من بطن أمه: هذه مصائرنا تشوى
فهمست لعريشة القصب:
متى يأتي رجال الإطفاء ؟
لكن الحكماء الذين كانوا يتأمّلون مصير العالم
في الكتب القديمة
بدوا منشغلين بمشاهدة فيلم (بازيك انستانكت)
على جهاز فيديو
حتى أن (شارون ستون) منعتهم من مواصلة النفخ
مع رفاقهم
على النار الموقدة في أرواحنا
لكأنما اكتشفوا داخلهم نارا أخرى
فصارت الأولى سلاما دون نفخ
وكان العازفون ينفخون في النايات أيضا
من مكانهم على غرّة التّل
كان بعضهم ينزف وهو يعزف على أوتار مجندلة
في نوتاتها
وكان الآخرون يراقبون الكهرباء وهي تطعن
ضوءها الأخير
بشمع القيامة الفتاك.
فعم ّالظلام قلوب الرّضّع والغرقى
وحلقت طيور عظيمة الأجنحة على علوّ
عشرة أقدام. وعمّ
الظلام.
فجاء المصلّون على النبي الأمّي. وجاء
الدكاترة العاطلون
جاء الملثمون على بعرانهم
والساحرات على مكنسة كهربائية
جاء الضباط في سيارات مصفّحة
وضباط الصف راجلين
جاءت المواعيد في وقتها بالضبط
وجاءت الساعة وجرس المنبه
والنواقيس عادت من حيث رنّت
فجاء أهل الكهف يتبعهم كلبهم
وجاء رجال الأمن يسبقهم المخبرون
وجاء من أقصى المدينة صحفيون مستقلون
حتى عن ضمائرهم
وكتبوا…
فقال الشعراء إنهم لم يسمعوا النفخ في الصور
وقال شهود عيان إن ضوءا دافقا
غسل السماء
ثم عرّش مثل لبلاب في الأرواح
وقال راع أعمى إن ريحا عظيمة مرت
ولم يسمع دويّها أحد
لكنّ امرأة بعيدة شهقت
فعمّ لغط وسادت جلبة
وتعب الواقفون ممّا تبقّى من أقدامهم
والنائمون من جنوبهم
والموتى من فكرة البعث.
كانت الشمس نارا صادقة اللّهب
لذا سالت الأعضاء
على رصيف القيامة
فاكتشف الكثيرون أن الذوبان ليس مجرد
استعارة
و أنه ليس منذورا للشمع وحده
فبدؤوا ينفخون من جديد
لم يبصروا وردة اللّهب العظيمة وهي تتصبب
حمما
فوق الرؤوس
ولا رأوا الريح تلهث حيرانة خلف نوايا
الجبل
كانوا منهكين تماما
ولم يسمعوا شيئا مما قالته شجرة الخرّوب
لظلها
كانت كل المحلات المجاورة مغلقة
باستثناء مقهى صغير
في زقاق
وكان صبي المقهى يقطع الساحة لاهثا
وهو يحمل صينية الشاي
لملائكة الحراسة
على الجانب الآخر من المحشر
فيما أعضاؤه و أحلامه الأولى تسيل
على تراب قديم
وكان ملوك قصيرو القامة يتلون خطبا مطوّلة
بتفان و نكران ذات
لم يكن واضحا أنهم معنيون بما طرأ على الكون
كانوا مهتمين فقط باحترام قواعد النحو
ومخارج الحروف
وكان واضحا أنهم يقرؤون نصوصا مشكولة
بلون مغاير
وفيم الملوك يقرؤون والرعية تنفخ
حلّقت قبرة داكنة اللون
فوق رؤوس الخلق
ففكر الشيوخ في الهدهد
وغمغموا بكلام غامض لم تفهمه الريح
وقالت امرأة في سرها: لكل محنة طيرها
الأثير
وقال العرافون: لكنها المحنة التي لا محنة بعدها
و استغفروا الله
ومثلما كان يحدث قبل الموت
حين كان للعشاق دوما رأي آخر
فإن عاشقين انتبذا ظل زيتونة قصية
وتمازجا تحتها
بعد أن صارت الأجساد مائعة
بسبب وردة اللهب التي تقصف الكون
تمازج العاشقان تماما
وكانا متعانقين
ربما لم يقتنعا بجدوى النفخ
فآثرا العناق
وكانت الفراشات تحوم
حول الكتلة اللّزجة
التي خلّفها تمازج جسديهما
فتحلّق من حولهما خلق كثير
وهكذا اغتاظ الملوك و مزّقوا خطبهم
و اغتاظت النار فلم تكن بردا
وتحكي المرأة التي شهقت أن العاشقين
كانا يبتسمان
ومن عناقهما سال دفق بنفسجي
انسرب كجدول من بين أرجل الرجال
وعند البئر المهجورة
استوى نبتة بزهرة شفيفة
حتى لكأنها ضفيرة ماء
فقالت المرأة التي شهقت لابنتها
اشربي من عين الزهرة
قالت البنت
أنا لا اشرب من عين معلّقة
في السماء
قالت الأم للهواء
كن هدنة النار ودع ماءك يجري
على تراب اليقين
قال الهواء
أنا إسكافي المحبة.سادن زهرة العشاق
ولن أسقط في حبائل الطين
فقالت البنت
سأتسلق الهواء لأشرب من العين، وشربت.
لكن الشيوخ الذين كانوا تحت الجمّيزة
المأهولة بالأرواح العطشى
لم يصدقوا الماء و لا الهواء ولا بركة العاشقين
وواصلوا النفخ
على النار التي تأكل أحلامهم
وحينما اختارت بنت في عمر فراشة
البكاء
لتبرد نارها
لم يسعفها الدمع
فحفرت حيث كانت العينان
إنما كمن يحفر في ريح
و إذ حفرت أعلى قليلا
فارت من رأسها بعض الوصايا
شهقات غرقى
وليل قتيل
و أفرغت نسوة ما في صدورهن
عدى الرئتين
عسى الهواء يرضى
ووضعن أحشائهن في صندوق زجاجي معقّم
وعلقن أرواحهن
قرب عمارة الكهّان
لكن الأرواح أورقت في غفلة منهن
على حبل الغسيل
ثم استطالت الأوراق وصار لها رفيف
كانت تبدو
مثل أحصنة خضراء مجنّحة
فتساءلت إحداهن و كانت تشكيلية قبل الموت
أين رأيت مثل هده اللّوحة؟
أين؟
فأجابتها عجوز قرأت الكتب
و أدركت ما في الأسفار:
ليست لوحة. إنها المشيئة وقد أطبقت على مصائرنا
الآن يمكنك أن تهبي جسدك
للنار
فقد صارت الحياة مجرد حكاية تروى
وكان ثلّة من مروّضي المصائر في طريقهم
إلى حانة القيامة
حينما استوقفتهم ريح مجندلة
عند قدم الجبل
كان واضحا أن البرق الأعمى اغتصبها
فجرحها ينزف غيوما و عواصف
في لون الفضة
لكن الهدوء المخادع لذئبة الظهيرة
جعل المروّضين يرتابون قليلا
فتركوا الريح للرّيح
وواصلوا صعودهم باتجاه النبيذ الأخير
كانت ألسنتهم تسيل على صدورهم
من فرط اللّهفة
وحين مروا بمحاذاة البحيرة الحكيمة
نادتهم شجرة سرو :
أيها الراكضون إلى حتفكم
العقوا الألسنة من على صدوركم
وعودوا إلى هدنة الظهيرة
قبل أن تحوّلكم القدرة الجبّارة إلى ربوة آثام
لكنّ المروّضين كانوا جادّين في صعودهم
الصّادق
نحو المعصية
لم تكن الطريق ما يشغل بالهم
ولا باب الحانة الذي صار ريحا
لم تكن الكؤوس
ولا الصّفرة التي طالعت وجه الغيب
كانوا مستغرقين في السّير
دون أن يبالوا بمواطئ أقدامهم
وكانت النار تجري من تحتهم أنهارا
وكانت سماؤهم
قد استحالت كبّة لهب صفراء
تحجب الغيب
لكن لا شيء يشغل بالهم
فقد كان رنين الخطى
كلّ زادهم في الطريق إلى فضّة المعاصي
لم يسمعوا وهم يصعدون لا النفخ الذي كان
ولا غرق المجرّات في مداراتها
لم يسمعوا الرضيع يصرخ في القماط.]]
============
محمد المدلاوي
https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 351 autres membres