OrBinah

(EN ARABE) Un témoignage en hommage au poète amazighe, feu Abdallah Hafidi

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE, puis sur CODAGE, puis sur PLUS, puis sur ARABE(Windows).

 

وداعا للشاعر الأمازيغي، عبد الله خفيظي

شاعر المحبة والغُـصُة

 

رحل عنا يوم الثلاثاء 3 يناير 2014 الفقيد الشاعر الأمازيغي، عبد الله حفيظي رحمه الله، صاحب ديوان "تايري د-ونكـّيـد" ("محبّة وغُصّه") الذي نشره على نفقته سنة 1996. إنه ابن تيسّينت الوفيّ للأرض والوطن والمؤسسات في ربوع طاطا حيث اشتغل في ميادين والتعليم وتدبير الشأن المحلي والجهوي (رئاسة المجلس الإقليمي لطاطا: 4984-1992) بتلك البقاع التي كان يُعنى بها كما يُعنى بالثغور وبالمواقع الخلفية، قبل أن يُـتوارَث تصنيفُها كمغرب غير نافع. إنه شاعر بلغات متعددة (أمازيغية، عربية، فرنسية) صادق ومبدع، رحل عنا وفي نفسه أسى وغُصّة عتاب لوطنه، غُصة ديوانه "اكًـليد ن-يكلدان" ("ملك الملوك") الذي حمَـله مخطوطا بين يديه لعدة سنوات يطرق من أجل نشره أبواب المؤسسات، والمرض يدك لحمه وعظمه منذ بداية الألفينية، وذلك بدون جدوى. تارة يـلوَّح في وجهه هنا بشعار "الحداثة" التي تسمو على بعض ما يتضمه الديوان من تعابير عن مشاعر شخصية إزاء ملك راحل، صُنفت في باب المدح الرجعي، وتارة يلوّح في وجهه هناك بضرورة قلب حرف تدوين ديوانه إلى ما كان يسمى بـ"الحرف الكوني" (أيّ الحرف اللاتيني). ديوان "اكليد ن-يكلدان" هو ديوان شعر قبل كل شيء؛ ومدحيات الملك الراحل الحسن الثاني لا تمثل فيه سوى ما تمثل مدحيات سيف الدولة في ديوان المتنبي مثلا، دون أن ينتقص ذلك من شاعرية الشاعر. فالديوان ديوان شعر قبل كل شيء، تتوزع فيه عواطف الشاعر هنا وهناك، لكن الذي يجمعها هو حب وثني للأرض والوطن والمؤسسات. وهذه عيّنات عناوين بعض القصائد كما بعث بها إليّ المرحوم تباعا ما بين نهاية تسعينات القرن وبداية الألفينية بخط يده بينما كان يحبل بديوانه الذي تم وأده بعد الميلاد:

"اكليد ن-يكلدان" ("ملك الملوك" 5 صفحات)، "دونيت-اد" ("هذه الدنيا" 1 ص)، "رمضان" (6 ص)، "ول يتّانّاين" ("القلب الناظر" 2 ص)، "العيد ن-تلاليت ن-وكليد" ("عيد ميلاد الملك" 7 ص)، "تاوادا تازكزاوت" ("المسيرة الخضراء" 15 ص)، "اكال" ("الأرض" 20 ص)، "شرم الشيخ" (8 ص؛ حول فلسطين)، "لعدو ن-لعيراق" (11 ص، حول حرب العراق)، الخ.

علاقتي بالفقيد، الشاعر عبد الله حفيظي تغمده الله برحمته، بدأت عن طريق البريد التقليدي في فترة لم ينتشر بعد فيها البريد الإليكتروني. كان في تيسينت، وكنت في وجدة؛ ولم نلتق إلا لقاء خاطفا لسنوات بعد بدء مراسلاتنا، وكان ذلك يوم 17 أكتوبر 2001 بأجدير بمناسبة حفل تلاوة الظهير الملكي المؤسس للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. ولقد كان أن سمعت له ذات يوم - لعله من أيام أواخر سنة 1998- قصيدة على أمواج برامج تاشلحييت بالقسم الأمازيغي للإذاعة الوطنية؛ وكانت تلك القصيدة في التغني بمناقب الملك الراحل الحسن الثاني بعنوان 'اقّصيد ن-تـﮔلدييت' ("قصيدة المُلك")، فوجدتها عصماء محكمة الوزن ورائعة التصوير ومن أجمل وأعذب ما سمعت أو قرأت في باب غرض المدح . ولقد صادف ذلك ما خلـفـتـْـه من وقع في آذان الأوساط المهتمة بالشعر في المغرب قصيدةٌ عصماءُ أخرى في نفس الباب وفي مدح نفس الملك، ألا وهي قصيدة 'مشكاة الرباط' التي كان قد ألقاها الشاعر السوري الكبير، خالد محيي الدين البرادعي في ليلة القدر لسنة 1419هـ أمام الفقيد الحسن الثاني (انظر: "دعوة الحق"، ع341، مارس 1999)، فانتابتني بدوري حسرةُ وغصة أن أرى إلى أي حدّ لم يكن التيار يمر بشكل طبيعي بين أعضاء الجسم المغربي وجهازه العصبي وبين مكونات فضائه الثقافي الإبداعي، هذا الفضاء الذي كان قد أصبح وإذا به يلتقط نبض الآفاق البعيدة، بينما تخفت دقاتُ قلبه هو نفسه، فلا يلتقط تلك الدقات حتى الجسمُ الذي بفضلها يـُضخ الدمُ في شرايـيـنه المغذية لخلاياه العصبية والعضلية والعظمية! ولقد قال المتنبي يوما في مثل حال الشاعر عبد الله حفيظي- وهو الذي (أي المتنبي) إذا قال قولا أصبح له الدهر منشدا، قال:

وا حرّ قلباه ممـن قــلبُــه شبـَــمٌ    ./.    ومن بجسمي وحالي عنده  سـقَــم

ما لي أكتـّم حبا قد برى جســدي  ./.     وتدعي حُبّ سيف الدولة الأمــــم

إن كان يجمعنا حب لغــرتــــــه   ./.     يا ليت أنا بقدر الحب نــقـتــســــم

طلبتُ مني الفقيد بعد ذلك أن يسمح لي بتضمين تلك القصيدة في كتاب كنت أعدّه، لكي اتخذ من تدوينها نموذجا ملموسا للأوفاق الإملائية في باب الفصل والوصل والإدغام مما كان يشكل حينئذ معضلة في باب كتابة اللغة الأمازيغية مهما كان الحرف المعتمد، فقبل؛ وكذلك فعلت بالقصيدة تدوينا وترجمة في كتابي (Principes d’orthographe berbère en graphie arabe ou latine 1999, pp : 110-129).

واصل بعد ذلك المرحومُ، وهو عليل الجسم، رحلة البحث عن ناشر، مستبشرا خيرا بتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي كان آخر باب طرقه. وقد أحيل علي ذلك الديوان للفحص والتقويم وأنا حينئذ باحث بتلك المؤسسة، فرفعت في شأنه تقريرا إيجابيا خصوصا وأني كنت قد اطلعت على نصيب مهمّ من قصائده فور نظمها، وأن الشاعر كان قد طلب مني قبل سنوات من ذلك أن أحرر له تقديما لديوانه ففعلت؛ إلا أن ديوان الشعر قد رد في وجهه الشاعر مرة أخرى بتعليل ضرورة إعادة نقله من الحرف العربي، لكن ليس إلى "الحرف الكوني" (أي اللاتيني) هذه المرة، عكس ما كانت تطلبه مؤسسات أخرى (مركز طارق بن زياد)، بل إلى حرف تيفيناغ الذي أصبح "الحرف الرسمي" للمعهد بعد خروجه منتصرا ثالثا من قعقعة "حرب الحرف" التي كانت قد اندلعت ما بين جمعين أساسين تحت رايتين: راية "حرف الأجداد الأمازيغ" (أي الحرف العربي)، وراية "الحرف الكوني" سنة 2003 (انظر  هــنـا أو هـنـا). ذاك هو التعليل المصرح به؛ لكن هناك تعليلات أخرى كان يتم الهمس بها وتتعلق بشعار "الحداثة" الذي كان أول شعارات تلك المؤسسة قبل أن ينسخه شعار "الحكامة" ثم شعار "الاستراتيجية".

كان آخر قصيدة خصصها المرحوم لمصير ديوانه والتي يعبر فيها عن لواعج غصته هي قصيدة مقفاة (وهذا من أوجه التجديد النظمي عند الشاعر حفيظي) وهي بعنوان "سّي عصيد"، يعاتب فيها زميله الشاعر الأمازيغي أحمد عصيد، الباحث بدوره في مركز الفنون والآداب بنفس المعهد، ومطلعها:

ا-سي عاصيد ور كًيكـ يلّـي وبريـــد؛   (يا سيــدي عصيـد؛ عدمت سبيـــلا إليك)

 يس-كا نكتيك-يد، ربّي كـتــّـات-ييد   (أنما تذكرتــك؛ ربي ذكرنـى على الدوام)

ما يكًـا غاياد يجران، ا-سي عاصيـد   (ما هـذا الذي جـرى، يا سـيـدي عصيـد؟)

وانا يكشمـن ي-ومــاوال يـفـل-ـكيـد   (ينخرط المرء في الجلبة فيتخلى عنــك!)

 

 

أما أنا، وبعد أن راسلت بشكل فضولي عدة أطراف معنية بالأمر، وبعد أن أيقنت أن الديوان الذي كان قد سبق لي أن حررت له تقديما مؤرخا بـ 26 مارس 2002 قد تم وأده نهائيا بين معابد "حرف الأجداد الأمازيغ"  و"الحرف الكوني"  و"الحداثة"، فقد عمدت إلى نشر نص ذلك التقديم بعنوان [وتدعي حب حبّ هذا المغرب الأممُ: تقديم لديوان عبد الله حفيظي، "اكًـلـّـيد ن-يكًـلدان"] وذلك في القسم الثاني من كتابي لسنة 2012 "رفع الحجاب عن مغمور الثقافة والآداب، مع صياغة لعروضي الأمازيغية والملحون"؛ ص:225-242، وذلك تحديّا لآلة العقوق والنسيان في حق ذلك الشاعر الذي ظل وفيا لبلده لا يستهويه سواها، ولو بتقديم شيء يكاد يطويه الغيب.

 



18/01/2014
2 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 345 autres membres