(En arabe) Un cas de figure de réanalyse linguistique d'un usager de l'arabe classique
من مظاهر إعادة التحليل اللغوي عبر الأجيال
مِن "راب/"يريب"، بالتفخيم، إلى "ضاف"/"يضوف" بمعنى "زاد"
بمناسبة الجانب اللغوي لحملة مقاطعة بعض المشروبات والمحروقات في "السوق المغربية المشتركة"
--------------
نعود إلى ظاهرة إعادة التحليل اللغوي عند الأجيال (réanalyse linguistique)، التي تحدثنا عنها في عرض مفصل ومدعّم بأمثلة ملموسة بمناسبة ما أثارته حملة المقاطعة المباركة لبعض السوائل والمحروقات من اهتمام غير مسبوق بقواعد العربية الدارجة (انقر هــــــنــــــا لترى العرض).
.
1- في مستهل السبعينات، كان قد نشب خلاف عال بين علماء العربية في المغرب في شأن ترجمة التسمية الثانية لما أصبح يعرف اليوم بـ"الاتحاد الأوروبّي" إلى لغة الضاد الفصحى التي بها نحيا، أي تسمية "السوق الأوروبية المشتركة". فقد اختلف علماء اللغة والأدب في المغرب حينئذ حول حركة راء "المشتركة": أ-فالصحيح جعلُها فتحة أم جعلُها كسرة؟ وقد استمرّت المناظرة أسابيع عديدة على أعمدة منبر صحفي وحيد حينئذ كان متاحا لفئة قليلة من رهط العلماء؛ ولعلّ الكثير ما يزال يتذكر بعض أطوار تلك المناظرة.
.
2- حوالي نصف قرن بعد ذلك، وقد تبدّلت طبيعة المنابر، وعددها، وشروط الولوج إليها، تقفز عربية المرّوك، المعروفة بـ"الدارجة"، التي بها يحيا من هو من الأحياء، إلى الصف الأمامي لتشكل موضوع خلاف فقهو-لغوي بين طيف عريض من الناس؛ وذلك بمناسبة الخلاف الذي أثارته صيغة المضارع من فعل /راب الحليب/: أهي /يروب/ أم /يريب/ (بالتفخيم في الصيغتين)، وذلك على هامش حملة المقاطعة المباركة لبعض المشروبات والمحروقات في السوق المغربية المشتركة.
.
3- و"بمناسبة هذه المناسبة"، وزيادة على العرض السابقة الإشارة إليه، "أضوف" هنا تكملة لذلك العرض المشار إليه، وذلك بإيراد مثال طريّ ما يزال "يردح" على الصفحة الزرقاء للفايسبوك حيث اصطدته كالسمكة. فقد علق صاحب من صحبي التقديريين على تدوينة لي بخصوص مدى صحة صيغة المضارع في شعار "خلّيه يريب" (بالتفخيم) بدل "خلـّيه يروب" (والمقصود هو حليب شركة معينة)، التي كانت بعنوان "مشيتي فيها يا النحو ديال الداريجة، فقال ذلك الصاحب في سياق "كلشي كيف-كيف":
[[مصطلح "يريب'' ينطبق عليه نفسُ الشيء؛ فهو يعني الحليب و البناء معا، مع تغيير في نبرة الصوت. و هذه خاصية جميلة في اللغة المغربية، تتوفر في جميع اللغات طبعا. أضـــــــــــــــــــوف إليها خصائصَ أخرى ...].
.
أعجبتني صيغة الفعل المضارع "أضُـــــــوفُ"، بمعنى "أزِيــــــــــــــــدُ"، وتعجبت من أمرها في نفس الوقت. هل يتعلق الأمر بهفوة مُلامسة ملامسِ مِفتحان الحاسوب/الهاتف؟ تفحّصت ذلك على المِفتحان فتأكد أن ملمس الياء في واد، وملمس الواو في واد على "الكلافي". الأمر لا يتعلق إذن بعملية الرقن باليد. إنه متعلق بحــــالة اللغة في ذهن مستعملها، واللغة هنا هي الفصحى التي بها نحيا، كما يتضح ذلك من بقية مقتطف التعليق.
.
4- فما الذي حصل في هذه النقطة بالذات للغة، كما هي عليه متحركةً في ذهن مستعملها؟ الإجابة تقتضي استحضار المعطيات الآتية أولا كنموذج:
في فترة من الفترات، ما كانت الدارجة المغربية تحقق صوت الهمزة؛ فإمّا أن تخففها (مُؤمِن/مومن؛ قـرأَ/قـرا؛ بئرٌ/بير؛ فأرٌ/فار) وإما أن تسقطها إسقاطا، حسب سياقات معلومة ليس هنا مكان عرضها. ومن أمثلة الإسقاط التام للهمزة الكماتُ الآتية (الفصحى، ويليها مقابلها بالدارجة):
الفصــحى --------- الداريجة
أخًذَ/يأخذُ --------- خدا/يخود
........................ خدا/ياخُد
أكَـلَ/يأكلُ --------- كلا/ياكُل
........................ كال/يكول (عند البعض)
أقَال/يُقيلُ --------- قال/يقيل
أضافَ/يُضيفٌ ---- ضاف/يضيف (كلمة مدرسيّة جديدة)
6- فكما أن الإسقاط الدياكروني التاريخي للهمزة في الدارجة القديمة قد أسفر، بالنسبة لفعل /أكــــــل/ مثلا لدى بعض الناطقين، عن تصريف كال/يكول ("أكل/يأكل)، تصريفا مقيسا على تصريف كًال/يكًول أي "قالَ/يقولُ (من باب "إعادة التحليل عند الجيل")، وذلك كما كان الشأن بالنسبة لوجه الدارجة التي اكتسبته أنا شخصيا في محيطي الضيق في مرحلة الصبى، فكذلك، قد يحصل، وبالأحرى، لمستعمل الفصحى استعمالا مدرسيّا تعلـُّـميّا أن يختلط عليهم تصريف /أضافَ/، الذي أصبح في الدارجة الجديدة /ضــــــاف/ مع إسقاط الهمزة، بتصريف طاف/يطوف، فيقول قائل مثلا: [... أضــــــوف إليها خصائصَ أخرى ...] كما ورد في تعليق ذلك الصاحب من صحبي التقديريين. ولو توفرت ظروف سوسيو-لغوية وتواصلية معينة لانتشرت هذه الصيغة الجديدة في الفصحى الجديدة، أي صيغة "ضاف/يضوف" بمعنى "زاد/يزيد، كما انتشر غيرها، وقد يحصل ذلك. ومن بين تلك الظروف السوسيو-لغوية والتواصلية أيضا مسألة قناة الخطاب ومنبره وصاحبه، كما حصل في قصة كلمة /المُقاصّة/ التي روجتها منابر البرلمانيين وأعضاء الحكومة في المغرب بلفظ /المَقاصّة/ بفتح الميم مع أن صيغتها الصرفية كمصدر لفعل من أفعال المشاركة هي صيغة /مُفاعلة/. ويعتبر هذا الجنوح اللغوى الخطأ الوحيدَ الذي قد يساهم به المغاربة في تطوير الفصحى إذا ما كُتب له القبول في المشرق، بعد أن ظلوا يقلدون فقط كل جديد من أخطاء ذلك المشرق.
----------------------
محمد المدلاوي
https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres