OrBinah

(En arabe). Traduction en arabe au Maroc de l’ouvrage de H. Zafrani2002: Ethique et mystique. Judaïsme en Terre d’Islam

من جديد الترجمة في حقل "الرافد العبري" للثقافة المغربية

 

كتاب حاييم الزعفراني حول التصوف القبّالي

عند الربّي الروداني-الأقاوي، يعقوب بويفركًان

 

 

 

أولا: حدث إصدار جديد-2022

.

الأستاذ عبد الرحيم حيمد (أستاذ اللغة العبرية بكلية الآداب بأكادير) من الباحثين اللامعين والرصينين الهادئين في حقل العبرانيات المغربية، قديمها وحديثها؛ وهو في طريقه، على ما يبدو لي، نحو شق نهج واسع في مشواره الأكاديمي الخاص يتمثل في الترجمة من اللغة العبرية إلى اللغة العربية التي يمتلك ناصيتها سليمة ناصعة. فبعد ترجمته ونشره سنة 2014 لرواية תינוק מאופראן "صبيّ من إفـران" للكاتب الإسرائيلي المغربي الميلاد والنشأة، אשר כנפו (أشير كنافو)، هاهو يصدر اليوم ترجمة جديدة تتعلق هذه المرة بالتراث الصوفي القبالي اليهودي للمغاربة اليهود؛ وهو العمل الذي كثيرا ما حدثني خلال اتصالاتنا الهاتفية باشتغاله فيه. إنه أحد كتب الراحل حاييم الزعفراني، عضو أكاديمية المملكة المغربية ورئيس قسم اللغة العبرية سابقا بجامعة باريس الثامنة، الكتاب الآتي:

 

Zfrani, Haïm (2002). Ethique et mystique. Judaïsme en Terre d’Islam. Le commentaire kabbalistique  du "Traité des Père" de J. Bu-‘Ifrgan. Maisonneuve & Larose. 2002.

 

ترجم الأستاذ حيمد هذا الكتاب تحت عنوان "أخلاق وتصوّف. اليهودية على أرض الإسلام. شرح "فصل الآباء على نهج تصوّف القبــــالا، ليعقوب بويفركًان" [تارودانت-أقّـــا. ق.XVI-XVII.م]" (الصورة الأولى).

.

الكتاب الأصل (الصورة) مكوّن من 244 صفحة. ويتكوّن من الأقسام الآتية، بعد مقدمة المؤلف التي عبّر فيها منذ البداية، في حماس وتماهٍ مع شخصية القبّالي يعقوب بويفركًان، عن الاستغراب الذي يثيره لدى المرء ما كانت تعرفه بلدات صغيرة معزولة مثل بلدة أقّـــــا ("قليل هم من يستطيعون تحديد موقعها على خريطة من بين المتخصّصين" حسب تعبيره) من أدبياتِ وجدانياتٍ جياشة في باب التصوف القبّالي الرفيع:

 

قسم-1  Littérature de l’éthique.

 

قسم-2 Un kabbaliste du Sud marocain, Jacob Ben Isaac Bu-Ifrgan...

 

قسم-3  PeraH Shoshan "Fleur de Lys". Un commentaire mystique de Pirqe ‘Abot  (تقديم لكتاب "פרח שושן" لــيعقوب بيفركًان في التصوّف القبالي)

 

قسم-4  פרח שושן לר' יעקב בר יצחק בו-איפרגאן (متنُ كتاب بويفركًان بالعبرية، محقّقا عن نسخ مخطوطة، مع تخريج للهوامش التحقيقية)

---------------

 

ثانيا: تعليق شخصي بمناسبة الإصدار الترجمي الجديد

 

زيادة على ما يمثله هذا الإصدار من تكريس وتأكيد لواقع أنّ هناك اليومَ جيلا من الباحثين بالمغرب يمتلك الأدوات اللغوية والمعرفية لاستعادة قطاع عريض من قطاعات الثقافة المغربية المتنوعة في وحدتها إلى حيز الوعي ولإعادة تملكه وإعمال الفكر فيه، أقصد ما سمّاه الدستور بـ"الرافد العبري"، فإن هذا الإصدار قد جاء، من جهة أخرى خاصة، في أوانه من أجل رفع قبيل من المفارقات المترتبة عن النقص المعرفي المتوارث بذلك الرافد في تجلياته التراثية والحية القائمة. وتتمثل هذه المفارقة في واقعة، هي جزئية في حدّ ذاتها، إلّا أن تلابيس الأباليس تكمن دائما في ثنايا الجزئيات كما يقال.

 

تميزت إحدى المؤسسات الأكاديمية المغربية في السنوات الأخيرة ببروز وترسّخ حضورها المشعّ المتعدد الأوجه بامتداده في الساحة الثقافية المغربية مالئا بذلك كثيرا من الثغرات في عالم الآداب والعلوم الانسانية والفنون ممّا لم يفلح تعاقبُ التداول السياسي على تدبير القطاعات المعنية به في ضمان وجود خطة شمولية مستدامة بشأنه.

وقد كان من بين أعمال تلك المؤسسة، ممّا له تعلق مباشر بموضوع ترجمة كتاب الزعفراني المذكور، تنظيمُ ندوة دولية حول الراحل حاييم الزعفراني بالضبط، الذي كان قيد حياته أحد أعضاء أكاديمية المملكة المغربية. وقد سعدت وحصل لي شرف الدعوة للمشاركة في تلك الندوة التي تمّ فيها تكريم ذكرى رجل تتلمذتُ على يده بجامعة باريس الثامنة في حقل الثقافة الفكر العبرانيين بالمغرب والأندلس، كما تتلمذت على يده من قبلي ومن بعدي ثـلّـة من المتخصّصين اليوم في حقل "الرافد العبري للثقافة المغربية، ومن ضمنهم الأستاذ عبد الرحيم حيمد؛ وذلك قبل أن تتطور تلك العلاقة بيننا إلى تبادل علمي، تواصل بالمراسلة (نمودج لحزمة منها في الصورة) وعبر زيارات منتظمة منّي له في بيته بعد تقاعده، تمّ آخرُها في شهر سبتمبر 2003، أي لبضعة أشهر قبل رحيله، يوم أهداني ووقّع لي بالحرف العبري اليدوي أحد أواخر كتبه. إنه  بالضبط نفس الكتاب حول التصوف القبالي اليهودي المغربي الذي ترجمه مؤخرا الأستاذ عبد الرحيم حيمد (الصورتان، الثانية والثالثة). وقد تمّ توقيع ذلك الإهداء حول برّاد شاي مغربي في صالون بيته حيث ينتصب حمّال خشبي يحمل طبعة كاليغرافية مزينة بالمنمنمات لكتاب ספר יצירה ("كتاب التصوير/الإبداع/الخلق") المؤسّس لمنهج القبّالة في حقل العرفانيات اليهودية، وهي طبعة من تحقيق الزعفراني نفسه. وقد التقطت لنا زوجته الراحلة سيليا الزعفراني صورة تذكاريه بالمناسبة (الصورة المرفقة).

وقد كانت الندوة الدولية المذكورة بعنوان:

 

Colloque international: Haïm Zafrani, membre correspondant de l’Académie du Royaume du Maroc. Rabat. 12-13 juin 2019

 

قدمتُ شخصيا في الندوة المذكورة عرضا باللغة الفرنسة بعنوان " Haïm Zafrani, résurecteur de l’affluent hébraïque de la culture marocaine".

 

ولمّا شرعتْ المؤسسة في تجميع نصوص العروض قصد نشر وقائع الندوة، كما دأبت على ذلك، اقترحتُ عليها صيغة إضافية من نص العرض تتمثل في ترجمة عربية بعنوان "حاييم الزعفراني، باعث الوعي بالمكوّن اليهودي العبري للثقافة المغربية "، فرحّبت بها المؤسسة مشكورة، مع تنويه شفهي خاص من طرف المسئول الإداري المكلف باستقبال النصوص كي تحيلها اللجنة المنظمة على خبراء المؤسسة ومراسليها للقراءة من أجل تقويم صلاحيتها للنشر بمقتضى الأعراف الاكاديمية العادية.

بعد مدة لم تكن بالطويلة من انتظار تقــارير كتابية (غفل من اسم الفاحص كما هي الأعراف) بما قد يكون هناك من ملاحظات قراءة/فحص خبرة الخبراء للنصين، يُعمل بما يفرض نفسه موضوعيا منها ويُعلّـلُ ما ليس كذلك، وفي انتظار فحص البروفات قبل السحب الطباعي، اتصل بي نفس المسئول ليخبرني شفهيا بأنه "لا يمكننا نشر النصين معا" (دائبا في ما تلا ذلك من اتصالات هاتفية في الموضوع على استعمال ضمير جمع المتكلم)، وخيّرني بين أحد النصين: الفرنسي أو العربي؛ فاخترت الأول الذي هو أصل العرض، وكذلك نظرا لتقديري بأن الفرنسية أكثر تقاسما في أوساط المهتمين بموضوع الندوة.

عاد نفس المسئول الإداري بعد أيام ليطلب منّي القيام بتغيير يتمثل في إزالــة صفة résurecteur ("باعث") من عنوان النص الذي هو "Haïm Zafrani, résurecteur de l’affluent hébraïque de la culture marocaine"، وذلك بدعوى أن الراحل الذي كرّمت المؤسسة ذكراه لم يكن أول من نفض الغبار عن "الرافد العبري" للثقافة والفكر المغربيين كما يستفاد من العنوان.

 

بدل الدخول في سجال مُباح عبر الهاتف مع مسئول إداري لا تعنيني معرفة ماذا يمثل بالنسبة للجنة العلمية للندوة، حول مسألة معرفية تحتمل الصواب والخطأ بما لا يبت في شأنه بتّا معلّلا إلّأ الخبراء الفاحصون، اقترحت عليه – تجنّبا لأي سجال - وضعَ صفة promoteur ("مُنعِش") في مكان résurecteur ("باعث").

بعد يوم أو يومين آخرين، أعاد المسئول المذكور الكرّة من جديد عبر الهاتف دائما، في إطار ما فهمتُ أنه أسلوبه الخاص في إنجاز مهمة فحص نصوص أعمال ندوة مؤسسة أكاديمية قصد نشرها. قال لي: إنه قد ورد في النص وصف لحاييم الزعفراني بما يفيد أنه كان يهتم بالقبّــالــــــة، ونــــحـــــن لا يمكن أن ننشر نصا يتضمن هذا الزعم في حقّ عضو من أعضاء اكاديمية المملكة. لقد كان يقصد عبارة وصفيّة وردت في الفقرة الآخيرة من نص العرض، ألا وهي:

 

[... Suite à la disparition de Haïm Zafrani six mois plus tard (31 mars 2004), je publie une sorte de requiem à sa mémoire dans deux journaux marocains.5 J’ai photocopié l’un d’eux en papiercarton et l’ai encadré; et quelques mois plus tard, je l’ai remis à Célia qui l’accrocha dans le salon, juste près du chevalet portant la belle édition illustrée en grand format poster du fameux Sefer Yitsira ("Livre de la Création") que chérissait le mystique et kabbaliste Haïm Zafrani, qui en avait lui-même établi le texte.]

 

 

بعد نفاذ مخزوني من اللباقة ومن محاولة العمل على تمكين نص كلمتي في حق الأستاذ الراحل المحتفل بتكريمه من الصدور ضمن أعمال الندوة "بالتي هي أحسن"، صدورا غيرَ مبتور بفعل أيّ رقابة على المضمون لست أدري مصدرها ولا خلفياتها، وهو شيء لا يعنيني في حدّ ذاته، دخلت هذه المرة في سجال، عبر الهاتف دائما، مع المسئول المذكور حول الأعرف الأكاديمية لفحص وتقويم النصوص المقترحة للنشر من طرف الخبراء عبر تقارير مكتوبة ومعللة الملاحظات.

زاد مخاطِبي إذ ذاك فبيّن لي أن المؤسسة قد قامت بالتحرّيات اللازمة؛ من ذلك أنه أحال النصّ على "ابـــــــــنــة" الراحل - حسب تعبيره -  Elie Zafrani وأنها قد استهجنت واستنكرت صفة "الصوفي القبّالي" في حق الراحل أبيها. بينت لمخاطِبي، عرضا، أني شخصيا لم أكن أعلم أن للراحل ابنة، ووضحت له أن Elie-Serge اسم شخصي لابنه الطبيب البيولوجي الذي كان الراحل يذكره لي من حين لآخر. وأضفت، بما هو صميم الموضوع، أن فحص وتقويم الأعمال الأكاديمية لا يرجع فيه إلى الأقارب والجيران وإنما إلى الخبراء في الميدان. كما أخبرته بأن آخر كتاب أهداه لي الراحل هو بالضبط كتابه المذكور أعلاه حول التصوف القبالي (الذي قام اليوم الأستاذ عبد الرحيم حيمد بترجمته إلى العربية لتوسيع دائرة المعرفة بالرافد العبري في أوساط المثقفين المغاربة)...

 

أنهيت ذلك النقاش غير الحميد بقولي لمخاطبي ما معناه أنني لا أقبل أن تبتر تلك العبارة من النصّ، وأنني إذا ما تشبّث، هو أو أي طرف آخر، بذلك البتر بناء على تقويم "إيــلـي" ابنة الراحل أو ابنه، أفضّل ألا ينشر النص البتة مبتورا من صفة وردت عرضاً لكنها صفة موضوعية مبنية على سندات موثّقة.

وبالفعل تشبثت المؤسسة المنظمة للندوة، والناشرة لأعمالها بموقفها كما عبّر لي عن ذلك مخاطبي، إذ أخبرني، في مكالمة أخرى دعاني خلالها لسحب نسختي من أعمال الندوة، وجوابا عن سؤالي عن مصير النص، بأن هذا النص لم ينشر في نهاية الأمر.

.

في الختام أشير إلى أن لي معرفة لا بأس بها بكثير من أوجه سوسيولوجيا عمل كثير من المؤسسات الأكاديمية بالمغرب وما يخترقها من تجاذبات وتوتّرات في بعض الأحيان ليس من السهل تصريفها تصريفا سلسا بأقل ما يمكن من الأضرار المهنية والمعنوية باعتبار جوهر الغايات. كما لا يغيب عن ذهني ما تقتضيه أعراف التعامل ممّا يسمّى بـفضيلة "واجب التحفظ". غير أن هذا المبدأ الأخير يتعيّن - في ملّتي واعتقادي - ألا يصبح مسوّغا سهلا للتواطؤ المنهجي إلى الأبد في أي وجه من أوجه ما يمكن أن يسمّى مؤامرة الصمت. فلذلك قررت أن أعلق بهذا الشكل على صدور ترجمة الزميل عبد الرحيم حيمد لكتاب حاييم الزعفراني حول الأخلاق والتصوف والقبّالة، واهنّؤ الأستاذ على عمله الذي من شأنه أن يزيل التباس بعض المفاهيم في بعض الأذهان، من قبيل مفهوم "القبّـــــالة".

 

وأخيرا هذا راط نحو صفحة بها رابطان إليكترونيان نحو كل من الصيغتين، الفرنسية والعربيّة، للنص الذي تم عرضه في الندوة المذكورة والذي تقرّر ألا يصدر ضمن أعمالها.

https://orbinah.blog4ever.com/en-francais-et-en-arabe-du-sort-de-deux-textes-2019-de-temoignage-en-hommage-posthume-a-haim-zafrani

 

 

 

-----------------

محمد المدلاوي

 https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques



17/06/2022
6 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 345 autres membres