OrBinah

(En arabe). Selon l’élite marocaine, toute mise à l’écrit de l’arabe marocain, même sur les réseaux sociaux, est une atteinte à la langue arabe.

عودٌ في العمق إلى مفارقة شعار "التجسير بين الفصحى والدارجة"، من جهة،

وسُبّة "تعواج اللسان" أو "تشويه العربية"، من جهة ثانية

 

 

 

 

نقيصة "تعواج اللسان"؛ ما هي؟ وما قصتها؟

 

 

1 - من خلال جُماع التعاليق، الموحَّدة والمكرورة المضمون والروح بشكل مطرد لأحد الزملاء ممن يشرفني أن يطلّوا على هذه صفحتي بالفايسبوك، يفيدُ ما أسماه مؤخرا في أحد تعقيباته بـ"تعواج اللسان" الكتابةَ بسجل العربية المغربية المعروفة بالدارجة.

 

2- بما أن الأمر يتعلق بجارحة اللســـــــان الناطق في تعاليق ذلك الزميل، وليس بأداة القــــــــــــــــلم الكاتب أو بملامس الحاسوب في الكتابة، فتلك السبة تصدق في الواقع على الأغلبية الغالبة من المغاربة، أميين ومتعلمين، مثقفين وفاعلين سياسيين وبرلمانيين... الذين يستعملون هذا السجل من سجلّات العربية (سجل العربية الدارجة) في حيواتهم الشخصية والوجدانية والمهنية، ومن أجل التواصل في البيت وفي الأسواق والأوراش والحقول والمعامل والمكاتب والمنابر والمدرجات... وأعتقد أن هذا الواقع الأخير لا يشكل مصدر تضايق بالنسبة للزميل المذكور.

 

3- أما المقصود في الحقيقة - بمقتضى سياق تدوينات الفايسبوك - من سبّة "تعواج اللسان" في تعليقات ذلك الزميل، فهو إقدامي، في بعض تدويناتي، على تحــــليـّــــــــــــــــــة ذلك السجل الدارج على ألسن المغاربة بحِليــــــــــــــة الحرف العربي؛ هذا الحرف الذي ما يزال الكثيرون يعتبرون أنه حرف مقـــــــــــــــدّس يستمدّ قداسته من قدسية اللغة العربية المعربة المعروفة بالفصحى، وذلك بالرغم، على سبيل المثال، من كون الكثير ممن لم يعد بإمكانهم - بحكم مجرّد تبدّل الأحوال - أن ينكروا على لغة مثل اللغة الأمازيغية حقَّ التأهيل والإنعاش المؤسسين، يدْعون اليوم بقوة، كأدنى الألطاف أو كأهون الآفات، إلى وجوب استعمال الحرف العربي دون غيره في كتابة تلك اللغة، إذا كان لا بدّ من كتابتها وجرت بذلك الأقدار.

 

4- وفي ما يتعلق بتعاملي الشخصي مع اللغات على مستوى الكتابة، ليس فقط في هذا الفضاء العامّ، أجد صعوبة كبرى في فهم "استعواج" كتابتي للعربية المغربية بالحرف العربي، وعدم التضايق من كتابتي العبريةَ أو الدارجةَ المهوّدة أو الأمازيغية بنفس الحرف العربي، إضافة إلى أحرف أخرى (عبري، لاتيني، تيفيناغ) حسب المقام والشريحة/الفئة المخاطبة بالدرجة الأولى وحسب طبيعة التعبير ما بين الجد واللعب/التنكيت الذي هو حق من حقوق خفة الروح. هذا كله يدخل في بيداغوجيا التواصل والتبليغ التي لا تخفى على أهلها.

 

5- والحصيلة هي أني أفهم من سبّة "الاستعواج" تلك أن لجميع الألسن الحية للأقوام أن تُكتب، ماعدا العربية الدارجة، فليس لها ذلك ولو في مجرد فضاء عامّ مثل فضاء الفايسبوك، الذي هو أقرب إلى دردشات المقاهي. ويستعصي عليّ أكثر - بما أنني لست الوحيد الذي يحصل له أن يتواصل في هذا الفضاء بالدارجة كتابة - فهمُ اقتصار "استعواج" مَن يستعوج على تدويناتي دون غيرها. أفلأن بعض تلك التدوينات تعالج مواضيع في الثقافة والسياسة والفكر والآداب كتابةً، ممّا كان يُعتقد أن هذا السجلّ اللغوي (سجلّ الدارجة) غير مؤهل ولا جدير بمعالجته، على العكس مما تمت الإشارة إليه من رواج استعمل ذلك السجل سجيّةً في تلك المواضيع استعمالا شفهيا على الصعيد الواقعي، مما تمت الإشارة إليه؟

ثم إنه، في هذا الصدد الأخير بالضبط من أوجه المسألة، تطبع التعليقات الدوريةَ لزميلي المذكور مفارقةٌ غير مفهومة. فإذا ما تمّ استعمال سجل مُغرق في العامّيّة من سجلّات الدارجة نفسها، لغايات تعبيرية معينة كالهزل والتنكيت، عبّر الزميل عن تضايقه واستهجانه المبدئي لتحلية الكلام العامّي بحامل كتابي بحرف عربي؛ وإذا ما تمّ رفع سجلّ الدارجة بما يقتضيه موضوع من المواضيع معجميا بحكم مفاهيمه، اعتبر الزميل ذلك مجرّد تكسيـــــر وتشويه للعربية بما أن المصطلحات المفاهيمية عربية أصلا، غافلا في ذلك عن حقيقة كون المعجم الأساسي (من أرض وسماء وخبز وماء...) معجم مشترك - لحسن حظ المستعملين في جُماعهم -ما بين الفصحى والدارجة، وأن هذه الأخيرة لا تتميز عن الأولى إلّا بإسقاط الحركات الصرفية داخل الكلمات والإعرابية في أواخر الكلمات (وهي الحركات التي لا تثبتها حتّى إملائية الفصحى نفسها) وبـبعض الأدوات والروابط التركيبية المحصورة عددا (مثل الأداة الفعلية /كا-/تا-/ للحال والعادة بدل لا شيء فالفصحى، و/غادي/ للاستقبال بدل السين أو سوف في الفصحى، أو الرابطة ديال/نتاع بين المضاف والمضاف إليه في الإضافة غير المباشرة كأسلوب اختياري، بدلا من الإضافة المباشرة الوحيدة الاستعمال في الفصحى). وغافلا كذلك، حينما يتعلق الأمر بالممارسة عن شعار التجسيــــــــر بين السجلين، النخبوي المكتسَب بالتعلّم الطويل الأمد، والعامّيّ السجيّ الدارج على الألسن، وهو شعار طالما رفعه بعضُ النخبة ممن يتناولون الوضع السوسيو-لغوي بالمعرب، دون أن يتعدّى قط ذلك الشعار مستوى إعلان نظري للمبادئ، أي دون الإقدام أبدا على تحديد ملموس للأبواب التي يتعين أن تعالج، وكيف يتمّ ذلك، من أجل تحقيق ذلك الشعار من أجل تجاوز حالة الديكًلوسيا السوسيو-لغوية. المربكة بشكل كارثي مزمن، تربويا وتواصليا وتنمويا (انظر الرابط-أ، أسفله).

 

-6-  أما من لديه مجرّد حساسية سيكو-ذاتيّــــــــــة تجاه قبيل من الخطاب، مضمونا و/أو شكلا، وهذا أمر طبيعي، فمن حسنات فضاء عامّ كفضاء أنه فضاء ليبرالي لا يفرض على أي فرد محتوى من المحتويات. فللفرد أن يمرّ مرّ الكرام على ما لا يروقه، أو أن يلجأ كليّا إلى عملية خلع من لا يروقه خطابه من اللائحة، ليرتاح مما من شأنه يثير أعصابه؟

 

7-  ولبيان أن هذا الإلحاح منّى على العودة إلى هذه المسألة ليس، بدوره، مجرد ردّ فعل مبالغ فيه، أورد هنا نص تبادل فايسبوكي قديم بيني وبين زميلي بشأنها يعود إلى  يوم 22-23 ماي 2019:

-  تعليق الزميل وهو يخاطبني على صفحتي: 

[استاذي الجليل؛ لماذا تصرّ على كسر عظام العربية، وانت العاشق الحاذق لها؟ كل الكلمات في تدوينتك ليست من قاموس العامية. ... أخجل من تنبيهك وأنت " النبيه المنبهي" تحياتي].

 

=  تعقيبي: [[وإذ أشكر أستاذي الفاضل على اهتمامه وعنايته، وهو - للإشارة والتدقيق – أستاذي بالفعل، فإني أشكره كذلك على أنْ كانت ملاحظاته منبّها لي كي أذكّر ببعض الأمور تذكيرا عامّا، بما يبيّن أنْ ليس في الأمر أيّ إصرار دوغمائي، بقدرما يتعلق الأمر باستغلال ما توفره اللغة المعينة من ســـــجلـــّات مختلفة كي يناسب المقالُ المقامَ، باعتبار الموضوع والمنبر، وباعتبار الغاية من التواصل، ما بين الخبَريات، والوصفيات، والإقناعيات البرهانية، والإفصاحيات الذاتية من تنكيت وسخرية وغير ذلك، مما تتفاوت سجلات اللغة المعينة في مدى الاقتدار على حسن أدائه. وفي هذا الصدد، أذكّر هنا بالنصين الأتيين (أ، ب):

 

أ-  "العربية المغربية الدارجة؛ ما هي، وما وظائفها؟ (يناير 2015)

https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-1-c-est-quoi-l-arabe-marocain-1-lexique

.

ب-  "حول فكرة التجسير بين العربية الفصحى والعربية الدارجة" (أبريل 2015)

https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-1-qualification-de-la-langue-arabe-et-declarations-de-principe]]. انتهى التعقيب

 

8- في الحقيقة زميلي صاحب التدوينة ليس الوحيد في باب الاقتناع الصلب والراسخ بقاعدة "الدارجة في الكلام، لا بأس في ذلك حتّى بالنسبة للنخبة وعلية القوم؛ لكنّ كتابتها أمر مرفوض لأن في ذلك انتقاصا من شأن العربية. ولم أتخذ تعاليق زميلي القديمة والحديثة، المطردة المضمون والروح كذريعة للعودة إلى هذا الإشكال الذهني السوسيو-لغوي، إلّا لكون الأستاذ لا ينتمي إلى مجرد عموم النخبة العالمة المغربية من حملة القلم ومروّجي الخطاب العالِم بالمغرب، بل ينتمي إلى زبدة/قشدة تلك النخبة على مرّ عقود. فهو إنما يعبر، في الباب الذي هو موضوع هذا النص، عن ذهنية عامة تشترك في مشاطرتها النخبة وتتعمل على إقناع الغير بها من مطلق وسائر "يا أيها الناس".

فقبل يومين فقط، أي في 10 ماي 2022، نقرأ في موقع "الحياة اليومية" الجذاذة الآتية (التعليم بالبنط السميك من إضافتي):

 

[[[اتهم مجموعة من النشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي، رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بالإساءة للغة العربية، وذلك بعد نشر صفحته الخاصة تدوينة بالدارجة المغربية.

 

وفي هذا السياق، قالت أمينة ماء العينين القيادية بحزب العدالة والتنمية، إن "صفحة رئيس الحكومة هي صفحة رسمية لشخصية رسمية تمثل المغرب، لا يمكنها أن تلعب أدوار المزيد من امتهان اللغة الرسمية باستعمال الدارجة التي يعرف المغاربة كيف يحافظون عليها بالتداول اليومي دون حاجة إلى نقلها للصفحات الرسمية."

وأضافت في تدوينة منشورة على صفحتها الخاصة بموقع فايسبوك: "هل يمكن أن يقنعنا المكلفون بالتواصل لدى السيد رئيس الحكومة بإيجابيات استعمال ألفاظ من قبيل ( وصلت ليه، الطموح ديالو، الله ينصرو، التطوير ديالها... ؟".

وتابعت: "هل يرى أن لسان المغاربة الدارج مهدد بالانقراض حتى وجد رئيس الحكومة شخصيا نفسه مضطرا للتدخل العاجل لحمايته عبر الكتابة الهجينة به للإخبار في صفحة رسمية؟".

واعتبرت ماء العينين أنه ولو خصص رئيس الحكومة كبسولات مرئية على شكل فيديوهات للإخبار ليقول إنه يتواصل مع الفئات الشعبية التي قد تجد صعوبة في فهم العربية الفصحى لحاولنا التفهم، لكن الكتــــــــــــــــابة بهذه الطريقة لا تليق بشخصية عمومية في موقع القرار الرسمي.]]].

 

ج- الرابط نحو الصفحة في "الحياة اليومية: انقـــــــــــــــــــــر هــــــنــــــا  

 

--------------------------------------

محمد المدلاوي

https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques



12/05/2022
2 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres