OrBinah

(En arabe) Sabotage social à travers la "délinquance" lexicale et terminologique

إفساد منـــــــــــــــــطق اللغة.

بلطجية المفاهيم/المصطلحات، بلطجية اجتماعية ناعمة غير محسوسة

 

 

 

--------י-------

 

للغة، أيّ لغة من اللغات، مكوناتُ أنظمةٍ أساسية هي الآتية، باختصار شديد وبأقصي تيسير تعميمي ممكن للمفاهيم:

 

1- الأصـــــوات/الفونولوجيا (أصوات النطق وقواعد ائتلافِها/تنافرِها، وإدغامها في بعضها، وإبدال بعضها من بعض، وحذفها، وزيادتها حسب السياقات...)؛

2-  الصــــــرف/المورفولوجيا (عناصر بناء الكلمة المفردة، من فعل واسم وصفة: الجذر/الأصول، الزوائد بالتصدير و/أو الحشو و/أو التذييل، وقواعد ائتلاف هذه العناصر)؛

3-  تركيـــــــــــب/سانطاكس، أي عناصر/وظائف بناء الجملة: فعل/فاعل/مفعول، مبدتدأ/خبر ومتمّمات/محدّدات (compléments/déterminents) كل من هذه العناصر؛ كالجار والمجرور والظرف المكاني/الزماني، والمفعول المطلق بالنسبة للفعل، وكالتعريف/التنكير والمسوّرات (كلّ، بعض، جلّ، جميع...)، والنعت (مفردا كان أم جملة)، والإضافة، والاستثناء، والتمييز، والحال، بالنسبة لعناصر/وظائف الفاعل والمفعول والمبتدإ والخبر؛

4-  المعــــــــــــــجم: لائحة من المفردات التي تدل على العناصر البنائية المذكورة في 2 و 3 أعلاه؛ مثل "أكَـلَ"، "جَـبَـلٌ"، "طويل"، "فـي"، "بينَ"، "غداً"، "كُـلّ"؛ ومن بينها معجم المصطلحات...

5-  منطــــــــــــــق اللغة أو التصور المنطقي /Logical form، وهو قواعد تمــــــاسك التأويل الدلالي للمطابقة بين عاناصر المكون التركيبي في المكون-3 في علاقة دلالة التركيب بمضامين المعاني المعجمية في المكوّن-4. فقولنا مثلا: "أقبلَ زيدٌ منحدرا مع العقبة" أو "انصرف زيدٌ صاعدا مع المنحدر" قولان متماسكان باعتبار المكون-3 (المكوّن التركيبي) في حدّ ذاته؛ لكنهما قولان مُـــفارِقــــان باعتبار العلاقات ما بين معاني مفرداتهما كما يحدد المكون-4 معاني "انحــــــــدر/العقبة" و"صعــــــد/المنحدر".

-------------י----------

 

لكل نظام من الأنظمة السابقة جوامعُ/universaux تشترك فيها جميع اللغات، وتنتمي إلى ما يعرف بـ"النحو الكُلّي/Grammaire universelle" (من قبيل امتناع إحالة الضمير على ما بعده لفظا ورتبة، مثلاً)؛ كما أن هناك اختياراتٍ/خصائصَ براميترية تتميز بها بعض اللغات أو بعض الأسر اللغوية عن غيرها.

فعلى سبيل المثال، قد تعبِّـر لغة من اللغات عن أوجه معينة من أوجه بناء الكلمة المفردة (المشار إليها في-2 أعلاه) بأسلوب تركيبـــــــــي-(3)، بدل الأسلوب الصرفــــــي-(2). ومن أمثلة ذلك ما يعرف، بالنسبة لـمَعموليّة الفِعــل، بـمعمولية "المشاركة/réciproque" (في مقابل معموليّة "التعدّي/transitivité" أو "المطاوعة/pronominalité").

فاللغة الانجليزية مثلا، تعبر عن "فِعل المشــــــــــــاركة" (أي الفعل الذي يتّم القيام به من قبل طرفين اثنين فأكثر على التساوي في القيام به) بأسلوب تركيبي-3، وليس بأسلوب صرفي-2. فلكي يقال مثلا "يتماقـتـون"، يقال في هذه اللغة:  They hate each other(حرفياً: "يمقتون، البعضُ-الآخرَ"). وتستعمل الفرنسية نفس الأسلوب، حيث تلجأ إلى تركيب المطـــــاوعة بضمير النفْـس (forme pronominale) فيقــال: Ils SE haïssent (les uns les autres) (حرفيا: "يمقتون أنفسَهم، بعضُهم بعضاً")

أمّا النظام الصرفي للغة العربية (وللأمازيغية ولكثير من اللغات الأفرو-أسيوية)، فيتوفر على صيغة صرفيّـــــــــــة هي صيغة /تَـقاعـَـــــل/ وشبكتها الاشتقاقية (مصدر/تَـفاعُـل، اسم فاعل/متفاعِل). هذه الصيغة تدل على معنى المشـــــــــاركة على قدم المساواة في القيام بالفعل بين طرفين فأكثر(تماقتا، تقاتلا، تفاهما، تصارعا، تبايعا، تجاذبا، تراضيا...)، ويكون ذلك غالبا إذا ما كان الفعل المجرد في أصله متعدّيا (مقَـت، قتَـل، فهم، صرَع، جذَب، رضِيَ...). أما إذا كان الفعل المجرد لازما (أفعال الأحوال خاصة)، فإن المعني الصرفي لتلك الصيغة (صيغة /تفاعَــــــــــل/) يفيد التــــــظــاهر المزيّف وافتـــــــــعالَ الحالة المعنيّة (مرِض/تمارَض، علا/تعالى، مال/تمايَـل، نام/تناوَم، وضُع/تواضَع)، ويسري ذلك على شبكة الاشتقاق (تمارُض/متمارِض، تعالٍ/متعالٍ، تمايُل/متمايِل، تناوُم/متناوِم، تواضُع/متواضِع).

بناء على هذه الأمثلة من العربية، فإن فعلا مثل /تَعـــــــــــاقَـــــــد/ (بجميع مشتقّاته: تعاقُـد/مُتعاقِد) لا يمكن أن يفيد سوى معنيين، حسب سياق التأويل:

أ- إفادة المشاركة في فعل "العَـقد" بين طرفين فأكثر، على سبيل المساواة والتراضي، في القيام بــفِعل "العَـقد" على أمرٍ من الأمور. وهذه الإفادة تتضمن بداهةً، بمقتضى تماسك منظق اللغة (5 أعلاه)، إقـــــــــصــــاءً منطقيا لكل نكث لعهد التعاقد؛

ب- التظاهُـــــر الافتعالي المزيّف بالقيام التشاركي بفعل العَـقـد على سبيل المساوة والتراضي. وهذه الإفادة، تفيد نســـــــــــــفا مسبقا للقيمة الأخلاقية المدنية لمعنى التعـــــــــــــاقُـد.

أما إذا ما أضفنا إلى كل ذلك، ما يتمّ ترويجه اليوم وترسيخه كمصطلحٍ/مفهومٍ جديد، من قبيل "التعـــــــــاقد المفــــــــــــروض"، "الأساتذة الذين فُـــــــــــــــــرِض عليهم التعــــاقُـد"، فإن ذلك يزيد وجها آخر لتخريب منــــــــــــطق اللغة، الذي على أساسه تصاغ القوانين المنظمة للمعاملات. ذلك لأن هذا من نفس قبيل مثالنا السابق: "أقبل منحــــــــــدرا مع العقبـــــــــــة" أو "انصرف صـــــــــاعدا مع المنـــــــــــحدر". الفرق فقط بين الحالتين هو أن الحالة  الأخيرة تتعلق بمجرد مدى تماسك الخطاب اللغوي قياسا إلى الواقع الحسّي الطبيعي، بينما الحالة الثانية تتعلق بنسف أسس مفاهيم تنظيم المعاملات.

 

سبق لي أن نشرت في هذا الباب نصّا قصيرا بعنوان:

 

"صياغة القوانين وتأهيل اللغة، أو لماذا يصلح النحو وعلم المعاني والمنطق؟" (2011)

https ://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-la-constitution-et-le-langage-juridique

---------------------

 

محمد المدلاوي

https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques



19/03/2021
1 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres