(En arabe). Retour sur la qualification de la langue arabe (orthographe de la ponctuation)
عودة إلى موضوع تأهيل اللغة العربية
من بيداغوجية تلقين قواعد الإعراب والشكل
إلى مسألة ضبط التنقيط الإملائي
تتمحور بيداغوجية إكساب نحو اللغة العربية منذ قرون على تلقين قواعد إعـــــــــــــــــــــراب الاسم والفعل، بمعنى ضبط حـــــــــــــركــــــــات أواخر تلك الكلمات حسب موقعها التركيبي في الجملة، مع العلم أن إعـــــــــــــراب الفعل خاصية شكلية إطنابية من حيث الدلالة (لكنه من خصائص العربية ولا تصحّ العربية بغيره)، كما أن إعرابَ الاسم معلومة تركيبية من باب الإطناب إذ تغني عنها الرُتـــــــــــــــبــــــــة مبدئيا في الجملة. أما قواعد "المعانــــــــــــــي" (بمفهوم مصطلحات البلاغة: معاني الحروف، والفصل والوصل، والعائد من ضمير واسم موصول، ومرجعية النعت وصلة الموصول...) فهي قواعد متروكة على هامش الخطة البيداغوجية لذلك الإكساب. ومما له علاقة بهده القواعد الإخيرة، قواعد المعاني، على مستوى إكساب مهارة كتـــــــــــــابة النص العربي، قواعد التنــــــــــــقيــــــــــــط (نقطة الوقف، القاطعة، الفاصلة، الخ. وذلك بغض الطرف عن مسألة غياب الحركات الصرفية كـَتـَـب/كُـتِـب/كُـتُـب، والمعجمية ذِكْــر/ذَكَـر، عِلـْـم/عَـلـَـم، عِـرْق/عَـرَق، سِنَة/سَنَة/سُنّة...). بينما تلك التقنية الكتابية (أي التنقيط والفوصلة الإملائية)، قد بدأت في التقاليد الكتابية الإغريقو-لاتينية منذ ما قبل الميلاد، وتطوّرت في اللغات اللاتينية والأنجلوساكسونية والجرمانية مع بداية القرون الوسطى، ثم بلغت أوج ضبطها في تلك اللغات ما بين القرنين 18-20. التنقيـــــــــط في تلك التقاليد الإملائية للغة المكتوبة/المرئية (نقطة، قاطعة، فاصلة، عارضة، أقواس، نقطتا تفسير...) يقوم اليوم في تلك اللغات بثلاثة أصناف من الوظائف: وظائف تركيــــــــــبيّــة (تحديد طبائع الجُمل، من رئيسية، ونعتية، وحالية، وموصولية حصرية-تحديدية، وموصولية تفسيرية-بيانية، وهي وظائف تركيبية وثيقة الصلة بوظيفة ثانية، وظيفة التأويل الدلالــــــــــــــي لمعانـــــــــي الجُمل، ووظائف نبـــــــــــــرية تنغيـــــميّة عروضية (تنغيمات الاستفهام والتعجب والاستنكار، ونبر الوقف والاستئناف)؛ انقر هــــــنــــــــا في هذا الباب.
وتُعد اليومَ كلّ من الأملائيتين، الألمانية والإسبانية من أجود وأضبط الإملائيات في باب التنقيط والفوصلة. فمن قواعد الإملائية الاسبانية مثلا، أن الجملتين: الاستفهامية والتعجّبية، تسبقهما علامتا الاستفهام والتعجب على الترتيب وتعقبُهما. وتتمثل وظيفة تسبيق العلامة في جعل القارئ يُعِد صوته، خصوصا في الجمل الطويلة الملتبسةِ بداياتُها ما بين التصريــــــــح وبين الاستفهــــــام أو التعجـــــــــب، من إعداد سجِـلّه الصوتي لأداء التنغيــــــــــــــــم الملائم، بدل أن يضطرّ إلى إعادة الجملة الطويلة بعد وقوف عينه على العلامة المعيّنة في آخرها. هذا ما سيتّضح من خلال الأمثلة الثلاثة المسوقة أسفله على سبيل المثال.
1- من يستطيع أن يدّعي معرفة بلغة من اللغات لا يتقن النطق بأصواتها في مخارجها وبصفاتها، ولا يحسن استعمالَ صيغ صرفها ولا تراكيبَها ولا أساليبَها البلاغية من بيان ومعانٍ وليست له دراية مضبوطة بالمعاني الحقيقية والمجازية لمفرداتها المعجمية، فهو مجرّد مدّعٍ متهافت.
2- من يستطيع أن يدّعي معرفة بلغة من اللغات لا يتقن النطق بأصواتها في مخارجها وبصفاتها، ولا يحسن استعمال صيغ صرفها ولا تراكيبها ولا أساليبها البلاغية من بيان ومعان ولا ليست له دراية مضبوطة بالمعانيالحقيقية والمجازية لمفرداتها المعجمية؟
3- ؟من يستطيع أن يدّعي معرفة بلغة من اللغات لا يتقن بأصواتها في مخارجها وبصفاتها، ولا يحسن استعمال صيغ صرفها ولا تراكيبها ولا أساليبها البلاغية من بيان ومعان ولا ليست له دراية مضبوطة بالمعانيالحقيقية والمجازية لمفرداتها المعجمية؟
ستقتصر بقية هذا النص على تناول مختصر لمسألة أهمية الفوصلة في الجُمل الكبرى (propositions principales) التي تتضمن جملة موصولية (proposition relative). فلنتأمل الجملتين4-5:
4- للمجلس أن يضع حدّا لمهام مَن قام في المؤسسة بأعمال الشغب، التي يعتبرها القانون منافيةً لمزاولة المهامّ.
5- للمجلس أن يضع حدّا لمهام من قام في المؤسسة بأعمال الشغب التــــــــــــــي يعتبرها القانون منافية لمزاولة المهامّ.
في الجملة-4، يمكن أن توضع جملة الصلة بين قوسين (...) لأنها جملة صلةٍ تفسيـــــــريّـــــة بيانيّــــــــــة (relative explicative)، أي مجردُ زيادة معلومة إطنابية (information redondante)؛ وعلامة الفاصلة تقوم فيها مقام الوضع بين قوسين. لكنّ الأمر ليس كذلك في الجملة-5، التي هي جملة صلة تحديـــــــــــــدية حصريــــــة (relative déterminative restrictive)، تحدّدُ وتحصُر صنفَ "أعمال الشغب" التي يكون قد نص عليها القانون؛ ولذلك لم يفصل فيها بعلامة الفاصلة بين جملة الصلة ومرجع الموصول.
وإذا ما تعلق الأمر المنطق الداخلي في "علم الكلام" التوحيــــــــــــــــــدي، وفي التفسير، فإن الجملة-6 الآتية عبارة عن جملة صلة تفسيرية بيانيّــــــــــــــــــــة، تقتضي وضعَ علامة الفاصلة بمقتضى إملائية تامّة حديثة. بينما الأمر غير ذلك في الجملة-7.
6- [الله، الذي لا إله إلا هو، الحيّ القيوم، لا تأخذه سِنة ولا نوم؛ ...]
7- [ويل لكل هُمزة لُمزة الـــــــــــــــــذي جمع مالا وعدده، يحسب أن ماله أخلده. كلّا؛ لينبذنّ في الحطمة...]
فمن ناحية منطق علم الكلام التوحيدي، سيُعتبر الكلام في-6 (إذا لم تكن هناك فاصلة تفيد مجرد التفسير والبيان لمرجع الموصول، الذي هو [الله]) من باب القول بتعدّد الآلهة، إي إذا ما اعتبرت جملة الصلة [الذي لا إله إلا هو] صلةً محدّدة مخصِّصة. ذلك الحملُ غير المرغوب فيه، يُـرفع في إملائية تامّة بوضع فاصلة بين اسم الموصول ومرجعه.
أما في-7، وبالعكس، فإن وضــــــــــــــع تلك الفاصلة فيها، واعتبار جملة الصلة جملة فيها تفسيرية بيانية لما قبلها، سيترتب عنه أنّ كل "هُمزةٍ لُـمزةٍ" (أي كلّ مغتاب نمّام) من الأغنياء بمقتضى التعريف "الهمزة اللمزة"؛ وهذا غير صحيح. فالجملة في-7 تحديدية حصريـــــــة مخصّصة، في نوع من التعريض تتمثل قرينتُه ظروف "أسباب النزول". فقد جاء في التفاسير قولُ المفسرين إن السورة قد نزلت في الوليد بن المغيرة، الذي كان يكثر من اغتياب الرسول صلعم، وكان من أغنياء العرب المعتدّين بأموالهم.
مسألةُ قواعد الفوصلة والتنقيط بصفة عامة في الإملائية مسألة جد مهمّة في جميع اللغات المكتوبة، وتتفاوت أهميتها قوةً حسب خصائص الأنظمة التركيبية للغات. وكما سبقت الإشارة إلى ذلك، ففي باب قواعد الفاصلة في ضبط نوعية جمل الصلة (ما بين تفسيرية وحصرية)، تعتبر الإملائية الألمانية أضبط الإملائيات، وقد أخذت الإملائية الفرنسية تقتدي بها، لكن في غير انضباط بيداغوجي مطّرد في مسارات تلقين الفرنسية (انقر هــــــــــنــــــــا).
وقد سبق لي من جهتي أن كنت قد تناولت تلك المسألة بتفصيل في كتابي: Principes d’orthographe berbère en graphie arabe ou latine (منشورات كلية الآداب؛ وجدة-1999). كما تناولت بنية الجملة الموصولية ومعانيَها وإملائية الفوصلة وعدم الفوصلة فيها بالنسبة لنحو وإملائية العربية المغربية الدارجة في كتابي "العربية الدارجة؛ إملائية ونحو..." (منشورات مركز زاكورة-2019). أما مسائل منــــــــــــــطق التركيب اللغــــــــــوي للغة العربية بصفة عامة، في علاقته بصياغة النصوص الإدارية والقانونية خاصة، فقد كنت قد عمّمت بشأنه نصا قصيرا، هذا رابطه (انقر هـــــــــــــنـــــــــــا).
-------------------------
محمد المدلاوي
https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres