(En arabe) Quid de l'étude de la forme dans le texte coranique?
ماذا عن جانب الشكل في دراسات المتن القرآني؟
تمـــــهيــد
في خريف 2011، وعلى إثر صدور كتابي المشترك مع اللساني الفرنسي فرانسوا ديل حول عروض وموسيقى الأغنية الأمازيغية (تاشلحيّت) سنة 2008، اتصل بي، عبر الميل، أحد الطلبة الباحثين من الشرق الأقصى (اليابان أو كوريا، لم أعد أتذكر)، يسمّى Dawd Lee، كان يتابع دراسته العليا ببريطانيا. أبدى لي رغبته في مقابلة معي ليناقش معي بعض خصائص الشعر الأمازيغي من حيث البنية العروضية وألحان وإيقاعات وطقوس الإنشاد والأداء، وكذا من حيث الخصائص التركيبية والبلاغية (بيان وبديع)، وذلك خلال رحلة بحث ميداني كان يزمع القيام بها إلى المغرب في إطار تحضير رسالته الجامعية التي كان يعدها في معهد من معاهد بريطاينا. وافقت على ذلك واستقبلته لمدة أربع حصص متتالية من ساعتين للواحدة خلال أسبوع. مشروع بحثه كان ما معناه "ترجمة شاعرية للمزامير إلى تاشلحيّت من أجل استعمال ناطق؛ بحث مبني على أساس ترجمات نصوص العهد القديم من اللغة العبرية".
المنهج التقابلي في ترجمة النصوص ذات الشحنة التعبيرية
إنه المنهج التقابلي (méthode contrastive) في ترجمة النصوص المقدّسة بما يطبعها من شحنات تعبيرية (charges expressives) كما تأسّس وتطور في دراسات الكتب المقدسة في الأوساط اليهودية/المسيحية سواء من طرف مؤسسات الدعوة والتبشير المسيحية أم من طرف دراسي المادة الشعرية واللغوية لمجرد غايات معرفية. هذا المنهج التقابلي في ترجمة المزامير خاصّة، وترجمة الكتاب المقدس عامّة (العهد القديم والعهد الجديد)، تعتمد، أولا وكمنطلق، على أساس دراسات الشكل التي تمّت حول نصوص ذلك الكتاب من طرف متخصصين حول معجمي اللغتين الأساسيتين العبرية والآرامية، وحول تراكيب تينك اللغتين، وحول أساليبهما البلاغية في أبواب البيان (مجاز، تشبيه، استعارة، كناية)، والمعاني (فصل، وصل، تقديم/تأخير، حصر، ...)، والبديع (التسجيعات، الطباق، المقابلة، التوازي، الخ.).
وكمجرد مثال على الدراسات المتعلقة بــالشكل (جانب العروض والقافية بمعنييهما الواسعين) والتي تمّت من منطلق معرفي محض في مجال الدراسات والعروضيةوالبديعية، هناك مختلف الأبحاث التي قام بها ونشرها مؤسس الفونولوجيا الحديثة اللساني الأمريكي، موريس هالي Morris Halle (بروفيسور إميريتوس بمعهد الإيمايتي، بوسطون) حول الجوانب العروضية والبديعية للمزامير؛ وآخرها الدراسة التي تضمنها كتابه المشترك الأخير (2008) مع نيكًيل فاب Nigel Fabb، والتي كان المؤلفان قد طلبا منّي مراجعتها ومراجعة المادة الشعرية التي اعتمداها في إدراجهما للعروض العربي ضمن نظريتهما حول العروض الكلـّي، فقمت بذلك كما تمّ النص عليه في الكتاب.
وبعد ذلك، أي بناء على تلك المعرفة المحّصلة من تلك الدراسات حول المتن الأصلي، تتمّ دراسات ما يقابل ذلك من خصائص آداب اللغة المراد النقل إليها (نثرا وشعرا)، حتى يتسنّى إنجاز الترجمة بأقصى ما يمكن من عوامل تـــأثـــيـــــر النص المترجم لدى القارئ أو السامع، وذلك على مستوى الشــــكـــل. وعلى هذا المستوى الأخير، تنضاف عناصر تأثير ووقْع أخرى إلى المادة اللغوية؛ وذلك من قبيل أساليب الترتيل أو الإنشاد في مراعاة لخصائص ذلك الترتيل أو الإنشاد في تقاليد سمعيات اللغة المنقول إليها وفي تقابل مع تقاليد لغة الأصل في أدائها لطبيعة مضمون النص (طبيعة نص مقدس في هذه الحالة).
ماذا تم في باب الدراسات القرآنية؟
فهل تمّ شيء من قبيل ما تمّت الإشارة غليه بالنسبة لنص مقدّس آخر، هو القرآن الكريم؟ من خلال قراءتي لترجمات متعددة (فرنسية، إنجليزية، إسبانية، أمازيغية) للنص القرآني، لم ألمس أثرا لمثل تلك الخلفية المعرفية وذلك المنهج التقابلي الذي يقوم عليها سوى في ترجمة يوسف ريفلين للقرآن إلى اللغة العبـرية؛ ولذلك أجد تلك الترجمة أجود تلك الترجمات على مستوى التركيب والشكل البديعي والصوتي. وقد بيّنت ذلك من خلال دراستين منشورتين، إحداهما حول الترجمة العبرية المشار إليها، والثانية حول ترجمة الحسين جهادي لمعاني القرآن.
- وإذ عمليّة جمع المصحف وتوحيدِ متنه بشكل مؤسّـسي رسمي، وحصرِ قراءاته وتوقيفِها، مع اكتنفها من متغيّرات في قراءات بعض القراء على مستوى المعجم (زقيةٌ/صيحةُ، فتبــيّنــوا/فتثــبتــوا، ...)، وعلى مستوى تجويد الإخراج والنطق بالأصوات (الإمالة وعدمها، التفخيم وعدمه، الإدغام وعدمه، درجات المدّ، الغُنّة، القلقلة ...) عمليّة معروفة في مجملها وموصوفة في مصادرها،
- وإذ أضيفت عبر العصور إلى تلك الإجراءات التوقيفية والتقنينية تقاليدُ تلحين ترتيل النص القرآني حسب طبوع ومقامات مختلفة باختلاف البلدان، فكانت طبوعُ ومقامات الحجاز، العراق، والشام، والنيل، والنوبة ... والمغرب (مقامات جبلية، أندلسية-فاسية، سوسية، فيلالية ملحونية، درعية، عيطاوية ...)،
- فإن جانب هذه التقاليد اللحنية لم يحظ بدراسات موسيقية لخصائص كل طبع ومقام من تلك المقامات ولإيقاعات أداءها، بالتدوين التنويطي، كما تمّ ذلك بالنسبة للقراءات والتجويد بالوصف الفونيتيكي.
أما في التقاليد المسيحية على الأخص، فإن الجانب اللحني للترتيل الكنسي قد حظي بدراسات وصفية موسيقية دقيقة تمت في إطار الكنيسة وعلى أساسها وبمفاهيمها ومصطلحاتها الموسيقية تم توقيف تجاويد الإنشاد الغريغوري (Chant grégorien). بل إن تلك الدراسات هي التي وضعت الأسس الأولى لأبجدية التنويط الموسيقى العالمي الحالي (الصولفيج) منذ القرن التاسع الميلادي (انظر هـــــــنــــــا)
وفي ما يتعلق بوضع الجانب الشكلي اللحني لترتيل النص القرآني في إطاره الزمكاني على الصعيدين الإثنوثقافي والإثنوموسيقي العامين، فيمكن الرجوع إلى نص بعنوان "الإثنوموسيقى، الغائب الأكبر في خطط تدبير البحث والتكوين في العلوم الإنسانية"، وذلك عبر الرابط الآتي (انظر هـــــنـــــا).
أما جانب الشكل البلاغي للمتن القرآني، وعلى الأخص منه جانب البديع بمعناه الواسع (التسجيع/التقفية، الطباق/المقابلة، التوازي، الخ.)، فلا أعتقد أنه قد تم فيه شيء ذو بال ومستقل عن بعض الأمثلة المدرسية التي تُساق في دروس البلاغة. فلنتأمل هذا الجانب المتعلق بالشـــــكـــل في سورتين، سورة التكوير وصورة الشمس، على سبيل المثال:
أ- سورة التكوير
إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ *
وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ *
وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ *
وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ *
وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ *
وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ *
وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ *
وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ *
بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ *
وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ *
وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ *
وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ *
وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ *
عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ *
فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ *
الْجَوَارِ الْكُنَّسِ *
وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ *
وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ *
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ *
ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ *
مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ *
وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ *
وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ *
وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ *
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ *
فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ *
إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ *
لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ *
وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ *
--------
أنصت إلى نموذج من نماذج طبوع ومقامات تلحين أداء هذه السورة عبر الرابط الأتي (هـــــنـــــا)
ب- الشمس
وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا *
وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا *
وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا *
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا *
وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا *
وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا *
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا *
فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا *
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا *
وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا *
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا *
إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا *
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا *
فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَـــا، فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا *
وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَ *
------------------------------------
المراجع المحال عليها
المدلاوي، محمد (2012) "ترجمة معاني القرآن إلى الأمازيغية، ما بين وظيفة النقل وهموم النقاء المعجمي". ص:173-223 من كتاب: محمد المدلاوي (2012) رفع الحجاب عن مغمور الثقافة والآداب؛ مع صياغة لعروضي الأمازيغية والملحون. منشورات المعهد الجامعي للبحث العلمي. الرباط.
Dell, François and Mohamed Elmedlaoui (2008). Poetic meter and musical form in Tashlhiyt Berber songs. Rüdiger Köppe Verlag. Cologne.
Elmedlaoui, M. (1999). "La traduction du Coran en Hébreu par Joseph Rivelin (remarques sur la forme et le contenu)"; pp. 31-
Fabb, Nigel and Morris Halle (2008). “The Metrical Poetry of the Old Testament”. Pp. 268-293 in Fabb & Halle 2008. Meter in Poetry. A New Theory. Cambridge University Press.
-------------
محمد المدلاوي
https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
------------------
* كل إحالة على هذا المقال أو استشهاد به أو منه يتم حسب التوثيق الآتي:
المدلاوي، محمد (14 مارس 2018) "ماذا عن جانب الشكل في دراسات المتن القرآني؟". مدونة OrBinah
https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-quid-de-l-etude-de-la-forme-dans-le-texte-coranique
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres