OrBinah

(En arabe) Qui fut le premier à corrompre la Langue Arabe au Maroc?

من هو أوّل مَن أفسد اللغة العربية في المغرب؟

 

 

 

 

1-  لا يُعلم كيف كان المشهد السوسيو-لغوي المغربي في القرون السابقة، ذلك المشهد الذي في إطاره ساهم المغاربة بكل ما أسهموا به في ميادين العلوم والفنون والفكر والآداب والطراز والمعمار والسياسة ممّا تشير إليه أسماء أضحت معالم ومنارات. حول تفاصيل هذا التساؤل، يمكن الرجوع إلى المقال الآتي-:   

"Le berbère et l’histoire du plurilinguisme au Maghreb (Le cas du Maroc)"-2025

https://orbinah.blog4ever.com/en-francais-l-amaeigh-berbere-et-l-histoire-du-plurilinguisme-au-maghreb-le-cas-du-maroc

 

2-  كل ما هو معروف لدى الجميع في صفوف النخبة وعبر خطاب مؤسسات التربية والتعليم والإعلام العمومي، هو أنه قد كان هناك لسان قائـــم مستقيم ولغة كامـــلة مكمولة، رَبْعة القد لا يشتكى قِصر منها ولا طول، وسِعتْ كلام الله لفظا وغاية، فكان  لها بحكم ذلك في أحشائها الدُرُّ كامناً. كانت هناك تلك اللغة محفوظة في صدور أجيال متلاحقة من النخب  حرصت على نشرها ونشر العلم والمعرفة والآداب والفنون بها صافية من الشوائب، في صفوف أجيال متلاحقة من العامة المعوجّي الألسن والذين هم في حكم الانقراض التدريجي كقدر محتوم يقيّض الله من يُنجز على يده في كل جيل، إلى أن يلتحق سائر الجمهور لغويا بمنزلة النخبة ليس فقط في المحافل الطقوسية الرسمية، ولكن في كل مناحي حياة المجتمع في سعيه اليومي في البيت والشارع والأسواق واالمقاهي، وفي المزارع والمراعي، وفي الأوراش والمعامل وشبابيك المرافق العمومية... وبذلك يلتئم انشعاب الألسن ويستقيم اعوجاج اللسان الواحد الأحد.

كان ذلك هو تصوّر ما كان يُعتقد أنه كان سائدا كواقع وكخطّة مصير تاريخي، إلى أن حلّ الغاشم الفرانكوفوني بالبلاد، فعمل بقوة على العودة بالمجتمع المغربي إلى التلهيج، والتعويج، والتدريج، من جديد، حتى يضمن للسانه السيادة على ما تفرق في البلاد شعوبا وقبائل.

 

3-  تتوفر، مع ذلك، نتفٌ منبثة في الآثار مخالفةٌ لهذا التصور المروّج والمُسيّد حول مفاهيم اتجاه اعوجاجية اللسان  أو استقاميته في البلاد، أي حول دينامية المشهد السوسيو-لغوي التاريخي الملموس بالبلاد. نقف على نصيب من ذلك في وثيقة كان قد حققها المرحوم محمد بنشريفة. إنها "ملعبة الكفيف الزرهوني". يتعلق الأمر نص ملحمي حافل بالمعلومات التاريخية والأنثروبو-ثقافية والسوسو-لغوية، ويمثل نموذجا ملموسا لكيفية اكتساب المغاربة التدريجي للعربية وتملّكهم لها في حياتهم العادية الملموسة؛ وذلك من حيث إنه يتضمن إشارات ملموسة حول نشوئية ما يعرف اليوم بـ"التدريج/التلهيج"، أي حول نشـــــوء واتجاه صيرورة ما يعرف اليوم بـ"الدارجة المغربية" على أرضية تاريخية أمازيغية. تمّ ذلك، وما يزال مستمرا، مع تبدلا المشهد اللغوي، وفق ديناميكية تبادلية جدلية متعددة الاتجاهات في خضمّ التبادلات السوسيو-اقتصادية والسوسيو-ثقافية واللغوية الملموسة لمجتمع ملموس يسخّر ملكاته اللغوية لمقتضيات ذلك التبادل والتعارف تسخيرا نفعيا براغماتيا يجعل تلك الملكات في كل ظرف من الظروف الزمكانية منخرطة مترسّخة بنجاعة في واقعها الحيّ المعيش، وليس في أي عالم تخييلي. وكنت قد كتبت عن ذلك النص ما أقتطف منه المسلكين الآتيين، وكأن جيل الكفيف الزرهوني هو أول من أفسد/عوّج اللسان.

 

المسلكان المذكوران:

 [... بل إنه كانت المفردات الأمازيغية ترد كما هي، دون تطبيع صرفي حتى في الأعمال الأدبية للنصوص الزجلية الأولى. فقد أحصينا ثلاثة عشر مفردة من ذلك القبيل في "ملعبة الكفيف الزرهوني" (عاش في العصر المريني) كما حققها الأستاذ بنشريفة، وكما يتضح ذلك من الأمثلة الآتية أسفله، حيث سنتبع كل كلمة أمازيغية برقم البيت الذي وردت فيه في تحقيق الأستاذ بنشريفة لتلك الملحمة/الملعبة، ثم بترجمة تلك الكلمة بين قوسين في ما يلي:

"ايت مرّين": 103، 278 (بدل "بني مرّين")؛  "اغيلاس": 117 ("panthère")؛ "إيـْـسان": 116 ("الخيل")؛  "إسردان": 142 ("بغال")؛ "تيسدنان": 221 ("نساء")؛ "ينزران" (بالتفخيم): 236 ("أمطار")؛ "تاسا": 288 ("كبِـد")؛ "ازاغار": 182 ("وطأة/سهل")؛ "ازرزي" (بالتفخيم): 345 ("إكراه")؛ "امزوار": 433 ("زعيم، قائد، نقيب")؛ الخ؟ ...].

[... وقد ظل معجم العربية الدارجة، من جهة أخرى، يغرف على الدوام، عبر قرون، وإلى اليوم، من معجم الفصحى، ويضمن من خلال ذلك الغرف ترويجا حيّا في نفس الوقت لـغَـميس ذلك المعجم، خصوصا عبر أجيال وأجيال من قصائد شعر الزجل والملحون الذي يشكل - إلى جانب الشعر الأمازيغي القديم - ديوان العبقرية الشعرية المغربية بلا منازع، وذلك عن طريق إجراءٍ وتدريجٍ على الألسن لكثير من "الغميس" "الغريب" أو "المهجور" من ذلك المعجم الفصيح، وذلك بتوظيفه كمرادفات شاعرية. من ذلك: /ريم/ إلى جانب /غُزال/؛ /مْدام/ إلى جانب خمر/شْراب/؛  /رْسام/  إلى جانب /مْكان/؛  /نْجال/، أو /نْيام/  إلى جانب /عْيون؛ /بْسْتان/ إلى جانب /جْنان/؛ /البْدْر السامي/  إلى جانب /الكًمرة العالية/ أو /القامار العالي/، الخ.)

 كما استمر معجم الدارجة يغرف كذلك من موادّ معجم اللغة العربية الحديثة عبرَ المدرسة ووسائل الإعلام الناطقة، مدرّجا إياها بدورها على الألسن في الحياة اليومية، فأصبحت هناك مثلا: السيّارة بدل /الطوموبيلة/؛ /القيطار/ بدل /التران/، /الماحطـّة/ بدل /لاكًار/، /الصاحيفة/ أو /الجاريدة/ بدل /الجورنان/؛ /الباريد/ بدل /البوسطة/؛ الخ. ].

.

المسلكان مقتطفان من نص بعنوان:

"العربية المغربية الدارجة؛ ما هي وما وظائفها؟"-2015

https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-1-c-est-quoi-l-arabe-marocain-1-lexique

 

4-  مع أمثال ملحمة الكفيف الزرهوني، وكل ما كان يطلق عليه "الزجل" بصفة عامة، انطلقت الآلة الأدبية لصناعة التلهيج والتدريج لقرون قبل وفود الغاشم الفرانكوفوني. تلك الآلة هي آلة الملحون/الزجل، بمصانع العربية المغربية الدارجة، آلة تحوِّل مادة معجمية أولية متعددة مصادر الاستخراج إلى إنتاج مهيّإ ومعبإ بشكل قابل للاستهلاك على أوسع نطاق، وبذلك اكتسبت تلك العربية الدارجة على الألسن أوراق اعتمادها الأدبية في حقيقة الأمر، من مدارس تافيلالت/مكناس، إلى مدارس مراكش/تارودانت، إلى المدرسة الحسانية بالسمارة/الصحراء، عبر سائر الحواضر الوسطى والأطلسية. فكانت أجيال سيدي قدّور العلمي ولاحقيه من كل الأسماء اللامعة ممّن شملتهم لحد الآن "موسوعة الملحون" بمجلّداتها الأحد عشر، وتلتها أجيال الزجل الحديث، فكان الشيخ أحمد سهوم، وأحمد المسيح، ومراد القادري، وغيرهم كثير ممن لا أذكرهم جميعا. لكن؛ وكان كذلك أناس ندبوا أنفسهم للعناية الدراسية بهذا القبيل من الآدب، من أمثال محمد الفاسي، وعباس الجراري، ومحمد بنشريفة، وغيرهم كثير كذلك. لكن في نفس الوقت، بُعث من جديد جيلٌ جديد من أجيل "الذائدين عن البيضة"، بيضة اللغة الصافية الكاملة المكمولة التي لا تشكو من شائبة عيب، الذين انتفضوا يوما انتفاضة رجل واحد في وجه واقعة الإقدام على إيراد كلمات من قبيل "قفطان"، "سلهام"، "بَلغة"، "بغرير" في كتاب مدرسي، في إطار ما اعتبروه بخطة الغاشم الفرانكوفوني من أجل تلهيج/تدريج اللغة. كما ظهرت حتّى في منابر المؤسسات الرسمية (البرلمان) مدرسة الإنشاء والسجع والمعلقات، يجمع بعضها ما بين وجهين متناقضين من أوجه التهريج الشعبويي: وجه "هشّة، بشّة، نشّة"، "حقّة، نقّة" والاستشهاد بمعلقة الأعشى ("وقد غدوت إلى الحانوت يتبعني * شاوٍ مِشَلٌّ شلولٌ شُلشلٌ شَوِلُ") من جهة، ووجه عبارة التحدّى "حربّوش/حرّبش" من جهة ثانية (انظر نموذجا هــــــــنــــــــا)

----------------------------------

محمد المدلاوي

https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques



20/05/2022
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 345 autres membres