(En arabe) Promotion de l’Amazigh au Maroc : du discours plaintif et revendicatif à l’impératif de l’évaluation d’une expérience.
النهوض بالأمازيغية
من خطاب الشكوى المطلبيّة إلى ضرورة تقويم تجربة
نظمت أمس (6 يونيو 2018) "الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة" بتعاون مع طرفين آخرين لقاءاً بأحد فنادق الرباط حول مشروع دراسي بعنوان "الحق في التعليم باللغة الأمازيغية: المعوقات والآفاق". قُدمت في اللقاء ورقات باسم أحد الأطراف المتعاونة (من السفارة البريطانية) ثم باسم الشبكة المنظـّمة المذكورة ثم باسم معهد الإركام، ثم فُسح المجال لتدخلات الحاضرين لمدة ساعة كاملة. تمثلت الكلمة الأولى في التعريف ببرنامج لدعم دراسات التعرّف على أوجه تعامل المجتمع المدني ميدانيا مع مختلف أوجه السياسات العمومية بالمغرب ومن بينها السياسة اللغوية. وتمثلت الثانية في عرض لتصوّر وزارة الثقافة لمهمة النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين، كمّا وكيفا، في الزمان والمكان، وعلى ضوء النصوص المؤسِّسة في الباب، وعلى ضوء تقويمات دورية للتجربة الجارية مما يتعين القيام به دوريا – حسب تلك الورقة – بشكل دوري على جميع مستويات تلك التجربة لضمان مزية الانسجام الأفقي والزمني. أما ورقة معهد الإركام، فقد تمثلت في استعراض نقدي مدعم بالشواهد وبالأرقام لما يستفاد منه أن هناك تقهقرا في مسار سياسة النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين على مستويين: (أ) مستوى إدراج اللغة الأمازيغية في المنظومة التربوية والإعلام والمرافق والفضاء العامّ، و(ب) مستوى مشاريع القوانين المنتظر صدورها مما له علاقة بالسياسة اللغوية العامة ومفهوم "اللغة الأمازيغية" فيها ووضعيتها المقارنة فيها.
بعد ذلك أعطيت الكلمة للحاضرين، الذين غلب عليهم الجيل الجديد من المهتمين بالشأن الأمازيغي حضوراً وتناولاَ للكلمة. وقد غلب على مضامين كلمات المتدخلين تطويرٌ، بأساليب مختلفة، لروح ما ورد في ورقة معهد الإركام، ولم يشذ عن ذلك سوى كلمة أحد قدماء العاملين في حقل تدريس اللغة الأمازيغية، من قدماء العاملين بمعهد الأركام، الأستاذ عبد الرحمن بلـّوش. أما بقية التدخلات فقد استمرت في الخطاب الشكوى من مجهول هو "الآخــــــــر"، الذي لا يسمي إلا بمختلف التعميمات من قبيل قاموس "التماسيح والعفاريت" المستحدث في باب المصطلحات السياسية بالمغرب.
معنى ذلك أن ملف النهوض بالأمازيغية ما يزال مجرد ملف مطـــلــبــــي قوامه شعــــارات مبدئية هي: التعــــميـــــم الأفقي والعمودي على مستوى الخارطة المدرسية، والتعميم الشــــامــــل على مستوى مواد التدريس وقطاعات ومرافق الاستعمال، والمساواة التامّة على مستوى صياغة النصوص المؤسسة والقانونية المتعلقة بالسياسة اللغوية وموقع اللغتين اللتين رسمهما الدستور في تلك السياسة؛ وهي جميعا مطالب موجهة دائما إلى طرف ذلك الطرف المجهول: "الآخــــــر". ومعنى ذلك أيضا بصيغة أخرى هو أن ذلك الملف يغيب فيه بُعدُ تـــــــقـــويـــــم التجرية كما مارستها مختلف المؤسسات التي انخرطت فيها منذ عقد ونصف، من أجل العمل على إعادة تعديل محتمل لبعض معالم تلك التجربة في خطواتها اللاحقة على ضوء ذلك التقويم.
إن مهمّة ذلك البُعد ظلت غائبة أو مغيّبة سواء في ما يتعلق بالجانب التقني للملف أم ما يتعلق منه بالجانب الترافعي والتفاوضي وبوسائله وأساليبه الممكنة، ودَعْك تحديد الطرف/الأطراف الذي هي من مسؤولياته بحكم المهامّ المنوطة به. لقد تمّ مثلا التطرقُ لإعداد ومعيرة متن اللغة ولجَمع وتدوين آدابها، وللحامل الحرفي لكتابتها، وكذا لعملية تدريسها، وتكوين مدرّسيها وموجّهيها التربويين، وغير ذلك؛ لكن لم يتمّ الوقوف عند أيّ تجربة من تلك التجارب التي مضى عليها عقد ونصف قصد إخضاعها للتقويم قصد رصد ما قد يكون هناك من أوجه الخلل أو عدم الفعالية أو عدم الانسجام أو كل ما من شأنه أن يكون معكوس النتائج بالقياس إلى البرنامج المؤسّس كما هو مسطر في الظهير المؤسس للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الذي يظل، من حيث الأهداف والغايات البعيدة، أهمّ وأوضح وثيقة في الباب.
ولإعطاء فكرة ملموسة عن غياب بُعد التقويم، ليس فقط في مجمل ما قيل في لقاء أمس، ولكن كذلك في جُماع ما يقال هنا وهناك من اللقاءات والخطابات في الموضوع، تكفي الإشارة إلى النقطة التي شذّ بها تدخّل الأستاذ بلـّوش عن غيره مما قيل في اللقاء المذكور. لقد أثار ذلك الأستاذ، المتمرّس في الميدان، ذلك التسرع التهافتي الذي طبع اتفاقية/قرار يوليوز 2003 بالشروع في تدريس الأمازيغية في الدخول المقبل (أي بعد شهري العطلة الصيفية) انطلاقا مما دون الصفر من الإعدادات على جميع المستويات، من مدرّسين، وموجهين تربويين وحوامل بيداغوجية وخارطة مدرسية مرحلية موصوفة ومبنية على أساس دراسات سوسيو-لغوية وتربوية.
والواقع أنه لو كان اللقاء - من خلال بقية الأوراق المقدمة ومن خلال بقية كلمات المتدخلين - منصبّا في اتجاه ما تميّز به تدخل الأستاذ بلـّوش الشاذ عن غيره، لكنت قد تناولت الكلمة لتكملة بعض تفاصيل ما أشار إليه الأستاذ من أوجه التسرّع الذي طبع الشروع الإرادوي المذكور في تدريس اللغة الأمازيغية، وذلك من خلال وصف مكمّل لأسبوع "التكوين" الذي نظمه معهد الإركام بالرباط على عجل في نفس الفترة (1-5 يوليوز 2003) لفائدة خليط غير متجانس وغير واضح المقاييس من أساتذة وأستاذات مختلف الموادّ الذين تمّت دعوتهم فجأة من مختلف جهات الوطن قصد "إعدادهم" و"تأهيلهم" في خمسة ايام لتدريس اللغة الأمازيغية في الدخول المقبل بعد شهري العطلة (بعضهم يقول إنه مقبل على التقاعد، وبعضهم يقول إنه لا يعرف أي وجه من أوجه الأمازيغية).
هذه التجربة "التكوينية" الغنية بالدلالات ودروس في باب ما كان يُنتظر أن يتمّ في باب التقـــــويـــم، أتوفر لها على ملف كامل بالوثائق والصور، قد تسنح الفرصة لفتحه متى ما كانت هناك رغبة في تقويم التجربة التي عليها انبنت البقيّة؛ لكنّي سأقتصر هنا، باعتباري من بين مؤطري تلك الدورة الأولى وما تلاها من دورات في السنوات اللاحقة في مختلف جهات الوطن، على الإشارة إلى أني شخصيا، لما رأيت أن ما تقرّر قد تقرر، ونظرا لتجربتي ومعرفتي بوسط التربية والتعليم بجميع مراحله من قسم الملاحظة إلى قسم الدكتوراه، ولما كنت أرى من أن الوثائق والبرنامج التي تمّ إعدادها لذلك "التكوين" المرتجل والخاطف غيرُ ملائمة لبروفيلات أساتذة التعليم الابتدائي حينئذ الذين يغلب عليهم التكوين باللغة العربية، ولا يفقه منهم الفرنسية سوى النزر القليل، ناهيك عمّا هو طبيعي جدا، بحكم تكوينهم، من افتقادهم لأي معرفة صورية مهما كانت ببنيات اللغة الأمازيغية الأمازيغية وبوضعية المشهد اللغوي العام بالمغرب، عمدت بمحض مبادرة شخصية منّى إلى تحرير ستة دروس تيسيرية باللغة العربية، وقمت بسحبها على الورق وتصويرها وتوزيعها على المشاركين لتكون سندا ملموسا بحوزتهم فيما سيُنتدبون له.
هذه الدروس قد وضعتها اليوم على الخط قبل سنتين لفائدة كل يرغب فيها. أما تصوّري التقويمي العام حول تجربة الشروع في تدريس الأمازيغية، فقد صغته وعبرت عنه منذ سنة 2005 من منطلق انخراطي في تأطير الدورات "التكوينية"، وذلك من خلال عرضين، أولهما بالمعهد الجامعي للبحث العلمي سنة 2005، والثاني في ندوة "تدريس الأمازيغية: حصيلة وآفاق" (الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، سوس-ماسة درعة؛ أكادير 05-06 ماي 2006). ولقد كان ذلك التعبير عن ذلك التصوّر من بين الأسباب التي أدّت، بعد شهرين من تاريخ الندوة الأخيرة المذكورة، إلى وضع حد لعملي بمعهد الإركام، وذلك بدعوى " "ضعف المردودية وعدم الاقتناع باختيارات المؤسسة" كما ورد في الردّ المكتوب لعميد معهد الإركام على رسالة استفسار حول قرار فسخ عقدة الإلحاق بالمعهد بعد ستة أشهر من توقيع تجديدها.
--------------------
روابـــــــــــط:
1- رابط نحو الدروس التكوينية الميسرة المذكورة في باب تدريس الأمازيغية (2003)
https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-formation-en-amazighe-lecon-1
----------
2- رابط نحو نصّ "تدريس الأمازيغية وتكوين المكونين؛ من التجريب إلى الخطة" (2006).
------------------
محمد المدلاوي
https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres