(En arabe) Préservation de la mémoire; quelle logique? (suite au séisme du Grand Atlas)
هل لصون الذاكرة من منطق ذاتي أو موضوعي؟
قفز المغاربة فجأة، وعلى حين غرة، من "لغو الصيف" حول ظروف العطلة، إلى "جدّ الشتاء" حتى قبل حلول فصل الخريف.
1 أنا شخصيا أتهيأ الآن للعودة إلى مسماريّاتي اللسانية: تصحيح مقال حول نشأة وتطور العربية الدارجة (بالمناسبة، يحتمل كثيرا أن يتسارع تطور مشهدها السيوسيو-لغوي بقوة وحدّة بعد زلزال 8 سبتمبر الجاري)؛ وذلك بعد أكثر من أسبوع على تعطيل ذلك العمل منذ ليلة الزلزال.
فقد انشغلت عن مواصلة مسماريّاتي المذكورة بمواكبة مختلف أوجه كارثة الزلزال عبر تدوينات قصيرة أتقاسمها في شبكات التواصل الاجتماعي، تدوينات قصيرة تفاعلَ معها كثير من رواد الشبكة. أخص هنا من بين أوجه تلك التفاعلات تعليقا من طرف السيد Yassine Atafay على تدوينة لي يوم أمس 16 سبتمبر بعنوان "ما بعد الزلزال: 3-الزلزال والذاكرة".
يقول تعليق الأخ أتافاي:
[[أستاذي ، يعلم الله مصير أمكنة مثل : إگودار ، دار الشرفا ، تالگجونت ، تماصت ، تيگوگا ، إمدلاون ، منـــزانـيــت ، تيزي ن-يگرَّامن ، يدا وكايس ، تيليكنت ، أشبارو ، تارگا ن - الحنّا ، غرضايت ، أگرض ن -وريغ ، تازلُّومت ، يگضاشن ، أيت أيوب ، ماديدة ، ولاد حسّان ، أمدّرير ، العوينة ، الفرش ، بوخرصة ، المجردين ، البرج ، الغويبة ، عين أشعوي ... و غيرها من الفضاءات التي خلَّدها موحمّاد في يومياته الرائعة.]]. (التعليق يشير إلى العمل الأتو-بيوغرافي-2021 "يوميّـات مـوحمّـاد"؛ 494 صفحة).
2 من بين ما أثار انتباهي في تعليق الأخ أتافاي الدقة المتناهية التي ساق بها كثيرا من أسماء بقع مغمورة من ربوع أوسع إقليم بالمغرب، إقليم تارودانت، التي أجرت اليوم نكبة الزلزال أسماءها النكِرة على ألسن الصحفيين، صحفيّي المركز (بلاد "الغرب") رغم كثير من التحريفات أحيانا ("ثلاثاء يعقوب" مكان /تالات ن-ياعقوب/ "عين/شعبة يعقوب").
انتابني مزيج من الارتياح والقلق لسماع الأسماء النكِرة المذكورة لتلك الأماكن المغمورة، إحساس هو أقرب إلى إحساس الفرحة الممزوجة بالغصة والحسرة لدى تلك السيدة من المنكوبين والمنكوبات التي قالت شاكرة، في انفعال فرح وحسرة: "الله يخلف عليكوم؛ ما عمّرنا شفنا الخير حتّى جابه لينا الزلزال"، وهو إحساس ذو علاقة كذلك بحكمة ذلك الشيخ من المنكوبين الذي قال للمسعفين المغيثين الوفدين على بلدته بكرمهم المحمود وبسيماهم على وجوههم وهندامهم ولغة تواصلهم حيث قال "الحمدولله اللي حنا اللي صاب الزلزال، ما-شي نتوما. حيث لوكان ضربكوم نتوما، حنا ما عندنا ما نعطيو" (المغزى هو أن هناك شعورا بوجود حاجز بين "حنا" و"نتوما" لم تقوى لحدّ الآن على تحطيمه الأناشيد).
3 حينئذ أخذت أتساءل عن أي ذبابة وخزنتي منذ بداية جائحة كورونا وفي أوجها (2019-2020) حتّى عدت فجأة وبدون "أسباب نزول" عقوداً إلى الوراء لأغوص كتابةً في ذاكرة تلك الربوع بتضاريسها، وطبيعتها وأناسها البسطاء، وتقاليدهم ومشاكلهم التافهة عند الغير والحافلة بالحياة بالنسبة لهم، كما بيّن ذلك بيانا وتبيينا ضافين الأستاذ مراد القادري في تقديمه ذي القيمة المضافة في حد ذاته لكتاب "يوميات موحماد" الذي أشار إليه صاحب التعليق.
ليس لدي جواب على هذا التساؤل حول منطق الذاكرة، لا بعد جائحة كورونا بالأمس ولا بعد كارثة الزلزال اليوم.
4 وفي غمرة مواصلة مواكبتي تغطياتِ الإعلام لتداعيات نكبة زلزال قلب الأطلس وأطرافه، فاجأني شريط وثائقي لرحلة عون وإغاثة للبرنامج الفريد الشهير، "امودّو"، رحلة حطت في أحد دواوير قلب الأطلس الكبير، تيــكًوكًا (شرق يمدلاون/مدلاوة، وشمال يداومساطّوكًـ ثم يداوكايس ثم تالكًجونت في السفح لجهة سوس). سألت القافلةُ أهل الدوار عن دواوير أخرى لم تصل إليها الإغاثة بعد، فكان جواب أحدهم (بدأ الحديث بالدارجة ثم أكمل بتاشلحيت بعد أن طمأنه مخاطبه على فهما): "أنهم هناك غير بعيد: دوّار "منــزانــيت" ودوّار "تامسولـت". (أنصت ابتداء من الدقيقة-3 و 40 ثانية من شريط تسجيل "امودّو": https://www.youtube.com/watch?v=w0qqYuKbgZI)
دوّار /تامسولت/ ("المنبسَط") هو دوّار صديقي الأستاذ عبد الله الزاهدي Abdellah Zahidi، الفاعل الجمعوي النشيط الذي كنت قد تقاسمت صورة خراب غرفة نومه قبل أيام؛ والحمد لله على سلامته. أما دوّار "منزانيت" فهو دوار العين المسماة باسمه في الشعبة المحادية لسوق اثنين تيكَوكًا؛ وهو من بين الأسماء النكرة للبلدات والدواوير المغمورة التي ساقها الأخ أتفاي في تعليقه أعلاه.
لقد جعلني كل ذلك أتذكر، بالاحتمال، المكان الذي قد يكون اسم دوار "منزانيت" قد ورد فيه ضمن نصوص "يوميات موحماد" الستة والستين، فتحققت من ذلك. لقد ورد مرتين في النص-3، بالصفحة-36 بالضبط من الكتاب؛ وكنت قد تقاسمت صيغة أولى لذلك النص فور تحريره (سنة 2015) قبل الشروع المنهجي في "يوميات موحماد" (سنة 2019) ووضعتها على الخط في مدوّنتي أوربينا/OrBinah، وهذا رابط نحو ذلك النص، وهو بعنوان "طْــلوعْ الحاكْم" (من ثلاثة أقسام، كل قسم ينتهي برابط داخلي نحو القسم التالي):
https://orbinah.blog4ever.com/arabe-marocain-la-montee-du-contoleur-civil
تلك الأسماء النكرة لأماكن مغمورة بأسمائها وأهلها، ولغة أهلها وثقافتهم وآدابهم وأعرافهم ومعارفهم البراغماتية ومعمارهم وأنماطهم السوسيو-اقتصادية مقبلةٌ اليوم بعد الزلزال على مصير مجهول، بدون مبالغة في القول. فهل تعوّض نتفٌ وشذرات من الذاكرة ما قد يتلفه الدهر؟
--------------------
محمد المدلاوي
https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres