(EN ARABE) Peut on cloner un modèle d'Etat (à paropos des relations maroco-turquess)
Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE, puis sur CODAGE, puis sur PLUS, puis sur ARABE(Windows).
هل يمكن استنساخ نموذج الدولة
في خضم النقاش والاستغراب الذي أحدثه إعلان الخارجية الأمريكية قبل شهرين عزمها على تقديم مسودة قرار إلى مجلس الأمن تتضمن فقرة حول توسيع صلاحيات بعثة المينورسو، تم التركيز في نفس هذا العمود، من خلال نص بعنوان: "الجزائر-أمريكا، أو زواج العقل مرتين"، على بُعد البراغماتية والنفعية في فكر الواقعية السياسية للديبلوماسية الأمريكية الجديدة. ومفاد تلك البراغماتية هو تدبير شؤون الدولة، في علاقتها ببقية الدول، بأسلوب عملي براغماتي، باعتبار المصالح الملموسة، وليس بناء على مذاهب سياسية أو قناعات أخلاقية إطلاقية. ولقد صيغ ذلك الشعار ببساطة في عبارة "لأمريكا مصالح دائمة، لكن ليس لها أصدقاء دائمون". وفي ثنايا ذلك النص، تمّ [[التساؤل عن مدى إدراج المغرب الحديث لسياسته تجاه مختلف القوى الدولية العظمي والمتوسطة والإقليمية، البعيدة منها والقريبة، في إطار تشخيص عقلاني لمصالحه الحقيقية الممكنة، في تقاطعاتها الممكنة مع المصالح الفعلية لكل واحدة من تلك القوى الدولية، ليستجلي من خلال تلك التقاطعات ما تـتيحه له إمكانياته الذاتية الواقعية من جهة، ويتبيـن من جهة أخرى، على ضوء تعارض أو تناقض المصالح الأجنبية في ما بينها، ما هو متاح له من أسباب وإمكانيات رعاية وتحقيق مصالحه الخاصة؛ وذلك بدل أن يدرج المغرب سياسته الإقليمية والدولية، في كل مرحلة، في مجرد إطار ما توحي به الشعارات الأيديولوجية الظرفية (اشتراكية / ليبيرالية، شرق / غرب، جهاد / محاربة الإرهاب)، ليفاجأ كل مرة بغلبة صلابة المصالح الملموسة على هوائية الشعارات.]](1)
شهران بعد ذلك، وفي غمرة أزمة سياسية شلـت اليوم التدبير والاقتصاد بعد تصدع صف أغلبية حاكمة كانت ملفقة أصلا، وفاجأت المعارضة من حيث إن هذه الأخيرة ليست مهيأة لاستثمار ذلك التصدع بقدر ما تتوجس منه كشفا عن عدم جاهزيتها، جاءت "الديبلوماسية الكبرى" لإغراق أزمة السياسة في زبد تداعيات الأزمة نفسها. فقد تميزت بداية هذا الأسبوع الأول من يونيو (2013) بشروع الصحافة في تلمّس معالم موضوع جديد لتصريف القول الصحفي لأيام معدودة، بعد أن لم تعد أخبار المسيرات، والاحتجاجات، والجرائم، وحرب المواقع بين التماسيح والعفاريت من جهة، وأصحاب الرقى والتعزيمات من جهة ثانية، تسترعي ما يكفي من الاهتمام. إنه موضوع زيارة رئيس الوزراء التركي، السيد رجب طيب أردوغان للمغرب. شاءت الصدف أن تتم تلك الزيارة في نفس الوقت الذي تغلي فيه ساحات المدن التركية الكبرى في وجه النموذج الأردوغاني بما لم تتضح بعدُ أبعادُه ولا مداه. وشاءت مفارقات السياسة، من جانبها، أن تندرج تلك الزيارة من جهة في مستوى يتعدى التبادل التجاري والاقتصادي إلى أفق تعاون أمني وعسكري واستراتيجي، بينما لم تـتـوفر، من جهة ثانية، حتى الشروط الأولية الدنيا اللازمة للشق الأول العادي، أي التبادل، كما دلت على ذلك مقاطعةُ الاتحاد العام لمقاولات المغرب للجانب الذي يعنيها بالدرجة الأولى مبدئيا قبل غيرها من تلك الزيارة؛ وذلك للأسباب السياسية والاقتصادية التي فصلتها الصحافة (انتقائية الجانبين الحكوميين في التنسيق مع أوساط الأعمال في البلدين، رجحان ميزان المبادلات لصالح تركيا).
الدولة التركية دولة قومية عريقة، وقوة إقليمية بارزة في حوض البحر المتوسط، لها اليوم سياسة إقليمية واضحة يمليها موقعها، وثقلها الاقتصادي والبشري، وعمقها التاريخي. وهذا العمق القومي التاريخي لا ينال من طبيعته تبدل شعارات الظرفية، لا نموذج "العلمانية" القسرية الأتاتوركية، ولا نموذج "الأسلمة" الناعمة الحالية. فقد قامت تلك الدولة أول ما قامت كإمبراطورية قومية على أساس من وظيفة الخلافة، بسطت من خلالها نفوذها من القوقاز إلى البلقان الغربية، ومن الخليج إلى تلمسان. وخلال كل تلك الفترة، لم تحتفظ ذاكرة كراسات تاريخ المغرب إلاّ بنوعية العلاقات التي كانت سائدة بين تلك الامبراطورية ودولة السعديين التي شكلت حينئذ درعا في وجه امبراطورية أخرى هي الامبراطورية البرتغالية. وقد احتفظت تلك الذاكرة على الخصوص، في باب نوعية تلك العلاقات، باغتيال الملك السعدي، محمد الشيخ في قلب جبال الأطلس الكبير ("جبل درن"، أي "ادرار ن-درن")، على أيدي بعض المتسللين من جيش "الإنكشارية" العثماني؛ ولكن النصوص المدرسية لم تبين لنا كنه الرهان في ذلك.
أما اليوم، فإن الدولة التركية محكومة بنفس القيم القومية العليا، وتحركها نفس المطامح المناسبة لمختلف مظاهر ثقلها في منطقتها. ولعل سياستها في العشر سنوات الأخيرة، القائمة إلى حدود ما عرف بـ"الربيع العربي" على شعار "صفر-مشاكل" مع جيرانها، وعلى رأسهم إسرائيل وإيران ودول العراق والشام، تأهيلا لنفسها في أعين أوروبا وأمريكا للعب درها الإقليمي، سياسة توضح ذلك. وبقطع النظر عن حوادث الظرفية (أحداث اسطول الحرية سنة 2010) التي لا تغير من الجوهر شيئا، يكفي هنا استحضار الخطوط العريضة لتلك المطامح، كما تم تسطيرها بتفصيل في الكلمة التي كان قد افتتح بها السيد "ناموك تان" (Namuk Tan)، سفير تركيا سابقا في تل أبيب، الدورةَ السابعة لندوات "سليمان دوميريل"، التي نظمها "مركز موشي دايان لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا" بجامعة تل أبيب يوم 11 ماي 2009.(2)
والخلاصة هي أنه إذا كان يتعين على الدولة المغربية أن تنوع أوجه سياسة تعاونها مع مختلف القوى الدولية العظمي والمتوسطة والإقليمية، في إطار تشخيص عقلاني لمصالحه الحقيقية الممكنة، بدل أن تضع كل بيضها في سلة واحدة، أو أن تدرج تلك السياسة في مجرد إطار ما توحي به الشعارات الأيديولوجية الظرفية، فإن نوعية التعاون مع الدولة التركية الحالية ينبغي أن يستحضر الإجابة أولا عن مجموعة من الأسئلة: فإلى أي حد يتكامل النظامان الاقتصاديان، المغربي والتركي، رغم تفاوت حجميهما (تركيا أول قوة اقتصادية في الشرق الأوسط، والسابعة أوروبيا والخامسة عشرة عالميا)، مع أنهما معتمدان معا أساسا على الاستثمار الخارجي، وموجهان معا نحو الفلاحة، والسياحة، الأشغال الكبرى، والاتصالات، والملاحة الجوية، أو يتنافس ذانك القتصادان بالعكس على الأسواق في أوروبا وإفريقيا على الخصوص حسب القطاعات؟ ثم، ما هي العوامل المشتركة في باب التواصل اللغوي والثقافي، قديما وحديثا، أو في باب تدبير شأن التعددية الثقافية على هذه المستويات؟ وما هي العوامل المشتركة في باب فلسفة الحكم ومشروعيته قديما وحديثا (الخ.)؟ ويمكن طرح نفس القبيل من الأسئلة على الصعيدين الأمني والعسكري حينما يتعلق الأمر بآفاق "تعاون استراتيجي" كما ورد ذلك في الصحافة، تلك الآفاق التي لا يبث في أمثالها في الدول الحديثة إلا المؤسسات الدائمة للأمن القومي التي لا ترتهن لقيود وإكراهات الحسابات الانتخابوية لأسلوب التناوب على السلطة، والتي لها نظير مؤسسي في الدولة التركية الحديثة.(3) ذلك لأنه، إذا كان بالإمكان استنساخ بعض الأشخاص أو الهيئات لتسميات غيرها، إما غبطة وتفاؤلا وتيمُّنـاً في باب الفضيلة والعدالة والتنمية وغير ذلك من الفضائل، وإما تماهيا كليا من موقع أخوّة أو بنوّة حقيقية أو مدّعاة، فإن نموذج الدولة لا يُـستنسخ أبدا، وذلك بمقتضى مفهوم جوهر هذه المؤسسة في فلسفة التاريخ.
--------------
(1) انظر النص الكامل عبر الرابط الآتي: https://orbinah.blog4ever.com/blog/lire-article-162080-9858344-_en_arabe__algerie_usa__deux_fois_un_mariage_de_ra.html
(2) انظر ترجمة لنص كلمة السفير التركي في تل أبيب عبر الرابط الآتي: https://orbinah.blog4ever.com/blog/lire-article-162080-1361570-_en_arabe__la_strategie_de_la_turquie__a_l_occasio.html
(3) إنه "مجلس الأمن القومي" الذي يترأسه رئيس الجمهورية التركية والمكون من رئيس أركان الحرب، وقواد مختلف الأسلحة، والوزير الأول، ووزراء الداخلية والخارجية والعدل، والذي يرعى سياسة الشؤون الداخلية والخارجية ذات الطابع الاستراتيجي.
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres