OrBinah

(EN ARABE) N'oublions pas Rays Hmad Amntag

 

حذارِ أن ننسى الرايس حماد امنتاكًـ

 

بمناسبة مبادرة التفاتةٍ حِبيّة إخوانية من طرف بعض الكرماء إلى عميد الأغنية الأمازيغية من الأحياء الذين طوى ذكرهم النسيان الجمعوي والمؤسسي وهم على قيد الحياة، أعني بذلك  التفاتة أولئك الكرماء إلى الفنان الشاعر والرايس الحاج حماد امنتاكًـ (انظر هـــنـــا)، الذي جمعتني به لحظات خاطفة لكنها عميقة وكثيفة التبادل،.يطيب لي، اعترافا بمكانة ذلك الفنان المقتدر، وإحياء لذكرى تلك اللحظات التي جمعتني به، يطيب لي أن أشاطر هذه الكلمات في حقه مع القراء الأعزاء.

 
-  الرايس حماد امنتكًـ شاعر فذّ، جزلُ العبارة الشعرية ومحكِمُ النظم؛ وهو مغنّ قويّ الصوت وعذبُ الجرس، وعازف ساحر على آلة الرباب السوسي لأصيل الألحان الأمازيغية الخماسية السلـّم الموسيقي؛ ملأت أغانيه الخالدة ("بوسالم"، "ازور  ن-لو'رض"، "لحيجّ"، "ليصانص"، الخ) عالمَ السماع في فضاء الطرب السوسي منذ الستينات من القرن العشرين.
-  خيلال السنوات 2005-2010، التي كانت تسند إليّ الإدارة العلمية لتنظيم ملتقياتِ أكاديميةَ في موضوع "الموسيقى الأمازيغية وموسيقى العالم" على هامش مهرجان "تيميتار" بأكادير، ، وقبل أن تنسِف تلك الملتقياتِ مزاحماتُ بعض المؤسّـسات المعرقِلة وغير ذات فاعلية في ذلك الميدان عبر ما تمّ التعبير عنه بـ"اتفاقيات التعاون" بين تلك المؤسسات وبين مهرجان تيميتار، إضافة إلى مفعول ضجيج بعض الأصوات المناضلة حول "محاربة تبذير المال العام" من جهة، وضرورة "إفساح المجال أمام الكفاءات المحليّة"، كنت لا أفوّت فرضةَ ملتقىً من تلك اللقاءات دون أن أتصل بالرايس امنتاكًـ هاتفيا وعقدِ لقاء تواصلي معه في غرفتي هناك ليحدثني بنفسه عن الجانب التقني لفنه، فن الشعر المغنّى.

 - ذلك لأن أغاني الرايس امنتاكًـ بما يطبعها من جزالة وإحكام نظم، كانت قد شكلت موضوع أعمال طويلة ومضنية (تفريغ الكلمات بالكتابية الصوتية انطلاقا من الأشرطة، ترجمتها إلى الإنجليزية، تقطيعها العروضي في جداول التقطيع، الخ.)  بالنسبة لي في أعمالي العروضية والموسيقولوجية مع اللساني الفرانسي فرانسوا ديل في المركز الوطني للبحث العلمي بباريز، حيث كنّا قد قمنا بتفريغ قصيديتين مطولتين له (قصيدتا /لحيجّ/ "الحَجّ" و/ليصانص/ "البنزين") من الأشرطة، وتدوينهما بالتدوين الصوتي العالميIPA، كما قمنا بتقطيع كل منها عن آخرها في جدول عروضي للمقاطع الخفيفة والثقيلة  في إطار إعدادنا المادة التجريبية لدراساتنا العروضية. 

-  وفي شهر يوليوز 2006 وفور عودتي من ملتقى تيميتار لتلك السنة، ولأيام معدودة قبل أن يتخذ قرار الاستغناء عن خدماتي كباحث في مركز التهيئة اللغوية بمؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بدعوى "ضعف المردودية" و"عدم الاقتناع بتوجهات المؤسسة" كما ورد ذلك في الرسالة التعليلية لعميد تلك المؤسسة،

وبينما كنّا، اللساني الفرنسي فرانسوا ديل وأنا شخصيا، في المراحل الأخيرة من إنهاء كتابنا حول العروض الأمازيغي وعلاقته ببنيات الموسيقى الموسيقى الأمازيغية الذي يحمل عنوان  Poetic Meter and Musical Form in Tashlhiyt Berber Songs  والذي صدر بعد ذلك سنة 2008 عن دار النشر  Rüdiger Köppe Verlag   بكولونيا (انظر متابعة للكتاب هـــنـــا  بالفرنسية)،

بينما كان كل ذلك كذلك، قمتُ في ذلك الشهر بمهاتفة الرايس امنتاكًـ سائلا إياه عما إذا لم يكن ربّما قد قال شيئا منظوما عن الجانب التقني الصناعي لإعداد المادة الشعرية الغنائية، فأنشد علىّ الرايس في الحين تسعة أبيات من ذاكرته، رجوت منه أن يمليها علي بيتا بيتا، ففعل مشكورا.

 -   قمنا بعد ذلك، زميلي في البحث وأنا شخصيا، بتدوين تلك الأبيات وترجمتها إلى الإنجليزية، وضمنّاها صفحةَ الافتتاح في كتابنا المذكور، الذي صدر سنتين بعد ذلك كما ذُكر، أي في سنة 2008 (انظر هـــنـــا).

 

- وهاهي تلك الأبيات بالشكل الذي نُشرت به كـ"إبيغرافيا" في الصفحىة الافتتاحية غير المرقمة من ذلك الكتاب، وأثبِت جدولُ تقطيعها العروضي الذي هو على بحر "دّرست" في الصفحة 253 من الكتاب.

- الأبيات دونت في الكتاب بالأبجدية الصوتية العالمية IPA وأتبع كل بيت منها بترجمته إلى إنجليزية. لكن، تسهيلا لمهمة القراءة بالنسبة لمن لا يتهجّى تلك الأبجدية ولمن تعوّد على قراءة الأمازيغية بالحرف العربي، عملت هنا على تدوين الأبيات بالحرف العربي محتفظا بالترجمة الإنجليزية:

 

1- يموريــكًـ  زود  لياجور، غيكــلـّـي  تّيريـــن

Composing verse is like bricklaying, in that it requires

2- يغ  يلّا  لماعلـّـم  د-يخف  نس،  ار  يسّرصاو

That the craftsman be focused and make things fit together,

3- يولح  يــزري  ف-لميزان  ياسي-تن  غ-وفوس

That he glance at the plumb line and keep it in hand

4- ادّ  يشاشك  لبنيا  د-وسغار  انّ  ور  يشاض، 

So that the brickwork and the woodwork hang together without any gaps

5- اد  كولـّو  يكًـيدّي  زود  يغ-تن  يوت  لمنشار.

And that everything line up as though cut up with a saw

6- آ-غيكانّ  د-يموريكًـ،  ار-ت  يفّرن   لفـنّـان

The same holds with words in verse, the artist must sort them out,

7- افادّ  ا-يلوح  امود  يرصان،  ار  يساوال.

Before, in his utterances, he can cast the good seed.

8- يواليون  ور  يكًادّان،  يوف  اد-تن   توخرّت

Words that do not fit, it is better that you set them aside

9-  ور  مّيمن  ور  مكًادّاين،  ور-يّي  سّوسمن.

They are bland, they are not right, and they do not give me satisfaction.

(Personal communication by phone from Rays Hmad Amntag; Jully 2006)
 

أما ملتقيات "الموسيقى الأمازيغية وموسيقى العالم"، التي كنت أشرف من الناحية الأكاديمية على تنظيمها في إطار الشق الثقافي لمهرجان تيميتار، والتي كانت تشكل مناسبة للقاء مع الرايس حماد امنتاكًـ، وكان يُدعى إليها مختصّون في الموسيقى والإثنو-موسيقى والعروض والشعر الأمازيغيين، من المغرب (أحمد عيدون، عبد العزيز بن عبد الحليل، عبد الله عصامي، عبد الكريم ساعة، عبد الله المنتصر، محمد الإدريسي، الحسن حيرا، أحمد بوزيد، أحمد محمد موستاوي، أحمد الراقبي، الخ.) ومن تونس (محمود قطاط) ومن فرنسا (عبد الله بونفور، مريم روفزين أولسون، فرانسوا ديل، مونيك برانديلي، كلود لوفيبور، تاسعديت ياسين ) ومن أمريكا (كاثرين هوفمان)، فقد تم نسفها بالشكل الذي ذُكر أعلاه. وحتى "اتفاقية التعاون" مع تيميتار التي كان المسؤولون  في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يرفضون الاستجابة لها لما اقترحتها عليهم كتابة وأنا حينئذ باحث في تلك المؤسسة، ثم بادرو بعد ذلك بسرعة إلى توقيعها بعد أن غادرت تلك المؤسسة، بقيت اتفاقية على الورق ولم تُخلـّـف أي شيء في ذلك الحقل المعرفي (حقل االبحث العلمي في الموسيقى الأمازيغية كلمات وألحانا)  منذ توقيعها وإلى اليوم، ممّا عدا عرقلة نشر ما تمّ جمعه من مادة علمية جاهزة للطبع منذ سنوات كحصيلة لتلك الملتقيات، نظرا لأن تلك الاتفاقية المذكورة تم التنصيص فيها على "التعاون في ميدان النشر...".

فليعتمد إذن الفنانون من أمثال الرايس امنتاكًـ على أريحية الكرماء والمحبّين والأصدقاء، وليعتمد الباحثون المحترفون في حقل الفنون المغربية عامة، والأمازيغية خاصة، على احترافيتهم وجهودهم الخاصة وجهادهم، ولينصرف من لا يهمّه سوى استرضاء فزّاعات بعض الجمعيات الشبحية والأصوات الصاخبة إلى همومه، وكان الله في عونه معها.



09/07/2015
11 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 345 autres membres