OrBinah

(En arabe marocain) Quatre courts textes narratifs sur un Maroc d'antan.

أربعة نصوص سردية حول بعض أوجه مغرب الأمس

 

 

1- الخرّوبْ كا يداوي العداوة

 

 

الحسْن و-تاكات، مول الفرّان، وعيّاد بوشفرة، ما يتّحاملو-ش بيناتهوم، علاحقّاش كا يتّنافسو على شكون فيهوم اللي حاضي مزيان الدوّار من ولاد الحّرام. كلّ واحد منّهوم كا يقول للناس ما تثيقو-ش فهاذاك ولد الحّرام.

كان النهار نهار من يامات السمايم، في ذيك الساعة د-الظوهر اللي كا تّقطع فيها الرجل كيما كا تّقطع فنصاصات الليل د-الليالي: لا كلب يضور، لا طير يطير، والا كلمة تّسمع فالجنانات والا فالديور؛ غير الجوق ديال بوزوزوان اللي عاطيها للتغياط.

هاذيك الساعة فاش كا يخرج موحمّاد بحال شي ثعلب د-الصحرا باش يصيّد الحجل غير بتجلكيط العصا؛ حيث الحجل كا يقهره الصهد، وما كا يقدّ يطير فيه؛ ويلا كًاع خلعه شي حسّ وخرج من ظلّ شي مخشاش د-الزرب وطار، كا يطير غير قياس شي حبل أو جوج ويولّي يحطّ. دخل موحمّاد معا فدّان محادي للضوّار فشي شمش كا تكًرمل الخنفوس، وعصاته فيديه باش يخرّج الحجل من الزروبا. داز من تحت واحد الكرمة، وبانو ليه فيها شي كرموصات مفتّـقات كا يسيل عسلهوم، من نوع "جلد حمار": وجه "بيوضي" ووجه "حمري". تّشعبط فالحين معا الكرمة، وبدا سارح فالكرموص بلا غسيل بحال الكًنفود. شويّة كا يبان ليه عيّاد بوشفرة دايز قدّامه بجنب حيط الروا بواحد الخنشة د-الشتب طاويها تحت باطه. قلس موحمّاد بحال كاشّا/الحربا، باش ما يشوفه عيّاد ويبيّع بيه لمول الفدّان. تـبّع موحمّاد ذاك عيّاد بعينيه حتّى وصل لعند الخرّوبة ديال "جنان الجامع" وبدا كا يحوش الخرّوب اللي طيّحه الصهد، ويعمّره فخنشته وهو كا يشوف هنا ولهيه.

شويّة كا يبان ليه من جيهة أخرى الحسْن و-تاكات، بقاماجيّته د-النيلو فالصهد، وبطاكًيته المرّاكشية المزوّقة وسرواله القندريسي، جايّ محادي حيط الضوّار بحال شي كلهوس عطشان من كلاهس الكًـُرنة. جا حتّى لقدّام الكرمة، غير على بعد شي جبدات، وهوّا يصدّ هكّ وهكّ، وحبط للارض، وبدا كا يقلّع حجار اللساس د-الحيط البرّاني ديال الروا د-البهايم ديال ايت الزاياني. قال موحمّاد معا راسه: هاذا ما يمكنش يخرّج بهيمة من بهايم الروا من النقّاب؛ ويلا كًاع خرّجها، فين غادي يدّيها فالنهار قهّار معا هاذ الكًايلة د-الظوهر؟ هاذا يمكن عينه فالخمّاسة، بريكة الحرطانية، اللي ديما كا يقولو بلّي كا يدور بيها وكا تدور بيه؛ ما-شي شغلي. بقى موحمّاد حاصل فالكرمة وقالس بحال بوزوزوان، علاحقّاش الحضّايا بزوج تّـقرقبو، كلّ واحد من جيهة، ويمكن يحصّلوه كا يسرق الكرموص فـ"اغرور" نتاع ايت الحاج مبارك . بدا كا يتّسنّى يفاجيها الله ويطلق السراح. شوية كا يبان ليه عيّاد بوشفرة جايّ راجع فـذيك "تيقّيقت" د-الشمش وهازّ خنشته د-الخرّوب على ظهره ومسربي بالخفّ لجيهة دارهوم اللي على جنب الجنانات. جا دايز بين حيوط خرب الضوّار لجيهة البلاصة فين بارك الحسْن و-تاكات كا يزوّل حجار اللساس وكان قريب يخرّج النقّاب للرّوا د-البهايم. ما شاف واحد الآخر حتّى وقف عيّاد على الحسْن. قال ليه عيّاد بالشلحة: "أقّ اشنو كا تدير هنا آ-الحسن؟" نطق الحسْن وقال ليه: "اشنو بغيتيني نكًول ليك؟ ونتا؛ اشنو فهاذيك الخنشة اللي على ظهرك؟". ضحك عيّاد ضحكةْ د-الحصلة اللي كا توحي بالمصالحة والصحبة وقال ليه: "مخّار حصّل مخّار؛ نوض يا الله لينا نشربو كاس اتاي نبرّدو بيه هاذ النار الكحلة اللي شاعلة، الله ينجّينا". مشاو دوك الناس بجوج، وبداو كا يهضرو غير على أحوال الطقس؛ ونزل موحمّاد من الكرمة بعدما شبع كرموص ونغّصاته فيه الخلعة. وكيما قالو الأولين، "اللي كا يصيّد النعامة، يلكًاها يلكًاها".

 

2- تكليـــــف بموهيمّة

 

الصيادة كانت من الهيوايات اللي كان كا يحماق عليها موحمّاد فالصغُر، بحال صاحبه، براهيم بنحميتّى اللي فضوّار العوينة. غير براهيم كان متّخصّص فصيادةْ "أبكًور/أنزيص/الزرّ/السنجاب" بــ"تازقّورت/تاكًجّات/المنداف، بينما موحمّاد كان مبلي بصيادةْ الحجل. وصيادةْ الحجل، على الطريقة الموحمّادية، ليها زوج د-الأساليب: الصيادة بالعصا فصهد السمايم، والصيادة بالمنداف فالفصول الأخرى.

الصيادة فالسمايم كان كا يزاولها غير بتجلكيط العصا على سرب الحجل يلا عاد طار من المخبع دياله. وكان واحد الراوي سبق حكى على واحد الخرجة ديال موحمّاد لصيادةْ الحجل بالعصا، لمّا خرج يصيّد، ساعة بانو ليه شي كرموصات معسّلات فكرمة واحد الفدّان، وطلع للكرمة ساعة حصل لمّا تقّرقبو عليه لجيهة الكرمة زوج د-"الحضّايا" زعما ديال الضوّار، عيّاد بوشفرة والحسْن و-تاكات، حيث كلّ واحد منّهوم طاحت عليه، حتّى هوّا، الفكرة ديال شي همزة يضربها ما دامت الكًايلة والشركًي قاطعين الرجل: لا كلب يضور والا طير يطير؛ همزة ما-شي ديال الصيادة أو ماكلةْ الكرموص بحال موحمّاد، والاكين همزة ديال تامخّارت المغلّظة من نوع "حاميها حراميها".

هاذاك النهار، غير كملات قصّة ذوك جوج د-المخّارا د-ساعة الظوهر بنهار قهّار، بعدما تّحاصلو فيما بيناتهوم كا يمخرو بزوجهوم، ومشاو مصاحبين باش يستر كلّ واحد الآخر، نزل موحمّاد من الكرمة وهزّ عصاته فيديه. كان كا يعرف القنوت والجزئيات د-الفدادن والجنانات، سدرة على سدرة، شجرة على شجرة، حجرة على حجرة وحفرة على حفرة، كيما كا تعرف يديه قنوت جيبه. كا يمشي قاصد الزروبا المعشّــشين والمسايف المخلّجة بالنجم و"اشدّير" ونواع العلّيق حدا مصارف الماء ديال "عين كًربة"، فين كا تكون شي ظليلة وشوي د-البرود كا يقصدوها سروب الحجل يكًـيّـلو فيها مخبّعين فالزرب حتّى تهمد الكًايلة شوية ويخرجو ينقبو اللي رزق الله. كا يدخّل عصاته ويبدا يخرخـش بها فالزرب أو التخليجة، ويلا كان تمّا شي حجل كا يطيّر في سرب، وكا يجلْوح عليه موحمّاد عصاته فالهوا بالخفّ، وتبدا تزرْوط بحال فرفارة الليكوبتير. وملّي كا يجيب الله التيسير، وتقيس العصا شي حجلة أو كًاع زوج وتطيح، كا يجري بالخفّ باش يحلّـلها بالموس دياله لأنه سبق ليه قرا أحكام تحليل الصيد فمادّة الفيقه فالشهادة الابتيدائية بمعهد تاليوين ("لا يحلّ صيدٌ مات صدما بدون سيلان دم").

فهاذيك الخرجة داز من "أغرور" ايت الحاجّ مبارك فين كلا الكرموص، وعفس المسافة لـ"جنان الجامعـ"، وعفس لفدّان "تاوايفسيت" حتّى وصل للزرب نتاع "جنان براهيم"، وتمّا جاب الله التيسير: رجع للدار بزوج حجلات مذبوحات بعدما ريّـشهوم تحت الزيتون ما دامو سخُونات. فرحو ثاني فالدار بالطاجين د-الحجل اللي كا يشوفوه جايّ فالعشية بعد واحد ساعة د-الماكًانة اللي كا يتّربع فيها الواليد من ورا الصينية ديال اتاي، اللي كان شراها من عند الشريفة، عيشة الحاج - على ما كا يحكي - قبل كًاع ما يتزاد موحمّاد، واللي هيّا باقية عند موحمّاد حتّى لليوم.

أما الصيادة بالمنداف، فا هيّا قديمة عنده. كان كا يمارسها فالعوطال الأسبوعية والفصلية ملّى كان مازال كا يقرا فالسكُيلة ديال أولاد برحيل. وهاذاكشّي كًاع، باش كان كا يسعـدر للناس ملّي كان كا يهرب من المدراسة ويظل فالغابة حتّى للعشية: اللي سوّله اشنو كا يدير طول النهار فشي خلا من الخلاوات، كا يقوليه "راني غير مادي تازقّورت"، زعما "راني غير ناصب منداف".

الحاصول، معا الإيّام، تفنّن موحمّاد فالتيقنية دال اختيار المكان، ونصيب المنداف والكاموفلاج دياله، وزريع شي تبـيّـنة وشي حبات شعير، ووضع شي شطيبات د-الشوك باش يوجّهو الحجل، المعروف بالعكًز، لجيهة المضيق فين منصوب المنداف؛ وتّعلّم كًاع كيفاش يقلّد صوت الحجل باش ينادي عليه... الحاصول، الهيواية كا تزيد وتعجبه، خوصوصا كًاع لمّا قبط ليه المنداف واحد النهار واحد الطير نفيس، كا يقولو بلّي فيه حكمة وأسرار كثيرة، والاكين صعيب يتشّد لأنه حاميه سيدنا سوليمان. هاذاك النهار رجع يطل على المنداف واش قبط شي حجلة، وهوّا يصيبه قابط هدهود. ذاك الطير اللي شلّا ما سمع عليه فالحلاقي ديال سوق الطلاطا د-إيكًودار، وقرا عليه في "كتاب الرحمة في الطب والحكمة". واللي كان كا يهمّه، هوّا، فذيك الأسرار كلّها هو ذاكشّي اللي كا يتّقال من أنّ اللي كلا قلب الهدهود كا يتفتح ليه العقل للحفاظة والفهامة فالقراية. دّا ذاك الهدهود سالم للدار فرحان (حيث قبطه المنداف غير من رجليه)، وطلب الواليد يذبح ليه ذاك الطير. الواليد حسّ بالخيبة ملّي ما كاين-ش الحجل، وضار كًاع فموحماد: "ما تريت غايانّ؟ مامّي راكًـّيس نغرس؟" زعما: "اش بغيتي ذاكشّي؟ اشنو غادي نذبحو فيه؟". شرح ليه موحمأد الحكمة، وهوّا يذبح ذاك الهدهود؛ وخذا موحمّاد قلبه وسلكه فواحد السفّود، وقصد بيه فـمّ الكانون. يالله سخّن ذلك القليّب شوية فالنار، وهوّا يصرطه بحال الحنش حيث ما قدر-ش يمدغه وهوّا باقي دامي (كتاب الرحمة كا يقول يتّكل خضر). وبقى ذاك الهدهود مملّح ومعلّق فسقف بيت الخزين ديال الواليد حتّى صبحات عنده قصّة أخرى بعدما نتاشر الخبار عند الطولبا والسحّارا البعاد والقراب.

والحاصول، من جيهة أحرى، هوّا أن أهل الدار والفو يزرّدو من حين لحين بشي طاجين د-الحجل، وكان الواليد مرّة-مرّة كا ينادي على موحمّاد ويقول ليه: "يوا شحال هاذي ما باقي شفنا معاك حجل، راه بان لي "شكًـ الدار" البارح على الصباح مطلي بالحجل...".

الواليد كان نبّوري في فياقه. هوّا الأول اللي كان كا يفيق وينوض، ويبدا يدخل ويخرج ويدور شوية على برّا، ويرجع يخاصم: "واش اوي ما بغيتو تفيقو؟ غير بالليل ما كا تبغيو تنعسو، وفالصباح ما تبغيو تفيقو"؛ وهاكذاك حتّى يوجد الحسا د-الصباح... هاذا، بينما كان موحمّاد - من نهار خلقه مولاه - نعّاس كبير، ما يقدر-ش يذوّب السمن بالنصّ كيما كا يقولو، يلا ما شبع نعاس مليح

واحد الصباح، ناض ثاني الواليد على النبّوري، وهوّا يدقّ على البيت فين كا ينعس موحمّاد: "أقّ نيكر-آ ماني غانّ تادّيت تازقّورت، هانّ دّو-تكًمّي ار كولّو يتّندويْ س-سكُران"، زعما "أقّ فيق يآ، ونوض فين تمشي تنصب المنداف؛ راه شكًـ الدار كُلّه كا يربل بالحجل". فاق موحمّاد، وناض وهوّا مازال معمّش ومدْرْوس بالنعاس، وخذا المنداف دياله وخرج لــ"شكًـّ الدار" بلا حسا. مشى، وردم ذاك المنداف، وجا راجع. ما قبط المنداف والو. من هاذاك النهار، عمّر الدار ما بقات فرحت بشي طاجين د-الحجل.

 

 

3- من سرّاق الخروب لـسرّاق الزيت

 

بان لـ"أولاد إحسّانّ" واحد الصباح بلّي عرارم الزيتون فالمعصرة ديالهوم بانت علي بعضها آثار السرقة. بداو كا يعسّو من حين لحين بالليل؛ ومن حين لحين كا يصيبو نفس الأثر. بداو كا يغّيرو سوايع العسّة على المعصرة من بعيد. واحد المرّة خرجو للعسّة فالظلمة، قريب يطلع الفجر، وفتحو باب المعصّرة غير بالمهل باش يعملو ضويرة. بيه-فيه، بان ليهوم فالغبشة شي خيال تّخطف فالحين وتّشعبق معا حيط المعصرة. جراو خارجين كا من باب المعصرة، وبان ليهوم ذاك الخيال كا يجري، ودخل لدار شي جيران غير حدا المعصرة نيت. هاذيك الدار ليها باب برّاني كبير ومراح د-البهايم مفتوجين فيه ثلث ديور، وما عرفو-ش ذوك الناس لاش من دار دخل ذاك الخيال بعدما سدّ الباب البرّاني من وراه بالمسرّح د-العود. صافي؛ بعّدو شوية لجيهة دار جيرانهوم دار-لدار، ايت بوغروم، وكًلسو تحت البرج، وهوما شاكّين غير فواحد السيد كان يخرج للخدمة فالفيرمة الصباح-بكري ببشكليته بحال جميع صحابه فالخدمة، حيث كان كلّ واحد منّهوم كا يخرج بكري بخنشة دياله د-الشتب مطوية فوق البورط-كًاباج؛ وفالعشية كا يرجع مدكّس خنشته بحمولةْ حمار ديال النجم والحشايش لشي بكًيرة أو نعيجات باش يعاون الوقت.

غير بدات الغبوشية د-الضو د-الصباح، ها الباب البرّاني تفتح، والاكين بطا البشكليت باش يبان، حيث كا تبان غير الرويضة الأولى فوق العتبة. بدا مولاه متّعافر معاه باش يتخطى بيه العتتبة العالية ديال الخشب، حتّى خرّجو. قالو ذوك الناس صافي هاهوّ خارج معمّر الخنشة بالزيتون علم الله لمن غادي يبيعو (يمكن لولد الحسين)، وجراو بالخف لعنده بحال لاراف، وقالو ليه على الصباح: "اهيا نتا، اش فهاذيك الخنشة؟ فتح هاذيك الخنشة". قال ليهوم "الصباحتو لله؛ ماشي شغلكوم ا شكا تسالوني؟ انا غادي لخدمتي". وبداو فالخصام على الصباح، وجاو تجمعو عليهوم شي وحدين آخرين باقي كا يحكّو عينيهوم ملّي فاقو على الخصام. بداو الناس كا يشوفو فالفورمة ديال ذيك الخنشة، وكا يتّعجّبو. ما-شي هيّا فورمة ديال شي دوزان، والا شي حشيش، اللي هيّا فالحاقيقة كا تدخل فالعشية ما-شي كا تخرج فالصباح، والا أيّ حاجة أخرى معروفة يمكن يدّيها الواحد معاه للخدمة فالفيرمة. الحاصول، بدا شي كا يتّعجّب، وشي كا يضحك؛ ودهش مول البشكليت. خرّج واحد من "ولاد إحسانّ" الموس من شكارته، وقال ليه: "فتح الخنشة ولّا راني غادي نبعجها بموس". تّعافر ذاك السيد معا ذيك الخنشة الثقيلة دياله حتّى نزّلها للارض، والناس مستغربة والبعض كا يضحك لأنه حاسّ بشي موفاجأة. تقدّم واحد من ذوك ولاد يحسّان وفتح الخنشة، وبان للناس وجه مُاحمّد بليــبيــلة، اللي انتافض فالحين وخرج من الخنشة بحال سرّاق الزيت، وتّجمع فرمشة عين، وطلق رجليه للريح طالع معا الكُدية لجيهة ضوّارهوم اللي بعيد بواحد الزوج د-الكيلوميتر. الناس بقات ميّتة بالضحك على الصباح بلا حسا، وهي كا تعوّك، وكا يقول البعض: "ســـــرّاق الزيــــت خرج من الخنشة!".

هاذ قصةْ سرّاق الزيت، باقي محتافظ بيها الطوباماروس فريسالة كان توصّل بيها، فبداية السبعينات الفايتة، من واحد صاحبه فالضوار، لمّا كان الطوبّاماروس في "كومونة ظهر المهراز" بفاس. حكى الطوبّاماروس ذيك القصة لواحد الجماعة من الريفاق كانو مجبّـدين فـالكًازون ديال الكومونة بعدما عرّكًوها فالمطعم الجامعي، وكا يدردشو ويناقشو الوضعية الأومامية التاريخية. بداو ذوك الريفاق كا يموتو حتّى هوما بالضحك. لاكين واحد الرافيق، اللي كان مرجيع وحوجّة فالأدبيّات الماركسية اللينينية والماوية، تدخّل وقال ليهوم: "علاش الضحاك، آ-الريفاق؟ هاذاك راه نموذج ديال الوضعية الموزرية ديال الطبقة المسحوقة من العمّال والفلّاحين..."؛ وسكت الجاميع، وخلّاوه كا يفسّر ليهوم نظرية توفير شروط الثورة فموجتاماع ضعيفة فيه قاعيدة البروليتاريا الصيناعية...

لمّا قرا الطوبّاماروس الريسالة لأول مرّة، وتمثّل المشهد ديال صاحبه القديم، بليبيلة مسكين، اللي ولّاو دابا كا يسمّيوه "سرّاق الزيت"، تذكّر أن هاذاك بليبيلة، غير فالعوطلة الصيفية اللي فاتت قبل موسم الزيتون، "كانت عند طوموحات ديال تابورجوازيت"، حيث كان شرا واحد الكامــــيــون فــ"الكًور" ديال "أدوال" نتاع "الرما" فضوّار "أيت صالح" فــ"تينزرت". فهاذيك الليلة، كانو اتّافقو ولاد ضواور "العوينة" و"ماديدة" "وأولاد حسّان" و"عين اشعوي"، باش يمشيو يالليل لـضوّار "أيت صالح" يتّفرجو فأحواش ديال الشلوح د-"تينزرت". موحمّاد وشي صحابه دازو بعدا فالأول لواحد البحيرة فـ"المغدود" فجنانات العوينة، وسرقو واحد الدلّاحة مخيّرة فاعلة تاركة، وطرحوها فمصرف الما تبرد شوية، وتّبردو بيها  مزيان عاد قبطو الطريق بين السدر والحفاري لأيت صالح فالظلام.

قبل ما يبدا أحواش، تعقد بعدا "الكًور" ديال طايفة "الرمــــا". بداو الناس كا يتّبرعو بالزيارات: يا فلوس، يا سكّار، يا شمع، يا صابون... وكا يدعي معاهوم واحد المونشّيط د-الكًور كان فصيح فتاشلحيت، كلّها على قدّ جهده وعلى حساب اشنو ناوي فقلبه. من بعد ذاكشّي، رجعو ذوك الرما لذيك السلعة اللي تّعرّمات فالحصيرة، وبداو كا يبيعوها المزاد. كل قطعة/"أرتيكل"، كا يصرّحو بأنّهوم باعو، من خيلالها، شي حاجة بفضل باراكة الكًور ديال الرما: /يان ومحضار يحسان ستين حيسب/ "محضار حافظ ستّين حيزب"، /يات تكًلوزت ن-وولّي/ "واحد الزريبة د-الغنم"، /يان لموبيليت ن-شّاش/ "واحد الموبيليت من نو الصاش"، /يان لكاميو ن-طّامس/ "واحد الكاميون من نوع الطامس"... غير كا يقول الفاصيح: "الأولى كذا ريال، الثانية كذا..."، كا تطيح الصفقة على مولاها، ويقرقبو عليها الناس سوارت الربح، أي "يضربو شامخة"؛ وملّي يكمل المزاد كا يقراو الناس الفاتحة، ويتّطرحو الطواجن وخبز افارنو.

تمّا فاش كان بليبيلة شرى الكاميو من خيلال واحد الصابونة، اللي طاحت عليه الصفقة ديالها بميّـــتين ريال، وذاكشّي غير أقل من شهرين قبل ما يولّيو كا يسمّيوه "ســــرّاق الزيت"؛ ومن تمّا غبر مسكين، وما بقى كا يجي للحمّام نتاع بن حميتّي اللي كاين ف-"اضوّار" فعشية الأثنين، وما كا يبان فالسوق نهار الطلاطا.

 

 

4- البشكليط

 

كانو كا يسمّيوه "عاود الريح"، ومن بعد "بنشكليط/باشكليط"، ومن بعد "البشكليط"/الشكليطة"، البشكليت/البشكليتة، البيسكليت/البيسكليتة؛ ودابا كا يتّسمّى "البكالة"؛ وهوّا باقي ديما بجوج روايض، وكاضر، وكًيدون، وسرز. كان موحمّاد كا يكري ساعة بربعة د-رّيال من عند السيكليس، سّي الحسين ولد سّي بوجمعة أو الحيسن ولد برايم، باش يتّعلّم يصوكً البشكليط ملّي كان باقي عالي عليه السرز وحتّى غير الكاضر، وكان كا يدخّل الرجل اليمنى من تحت الكاضر ويبدا يبيدل عوج بحال يلا فيه قطّاع اللحم. من بعد، صبح كًاع متّعلم عند السيكليسات ديال الطلاطا د-يكًودار، وتّعلّم كيفاش يركًـّب ويفك البشكليط من طّاقّ حتّى للسالاموعاليكوم (شوف واحد الدرس د-التكوين الميهاني فالسكلاسة/التسكليس  هـــــنـــــــا).

ملّي تّبلوكا موحمّاد فالديراسة بعدما انتاقل من السكُيلة ديال "تاماصت" للسكُيلة ديال "أولاد برحيل"، بزيادة 3 كلم على 2 كلم السابقين، وكان ما كا يوصل فالوقت، وكا يخاف، ويدوز يظل فالغابة، بدا كلّما غلّده الواليد ورجّعه للسكُيلة بالسيف، كا يبدا يقول: "انا خاصّني بشكليط، بحال العربي ولد عكُيريت، وموحمّاد و-بوسليم، والحسن ولد ايت و-ماعلّا. واحد النهار، مشى معاه الواليد للرحبة ديال البشكليطات فسوق الطلاطا د-يكًودار، وبداو كا يساومو. بدا كا يتفحّص السلعة: (ياك الكاضر ما مسودي، ياك الصندوق ما فيه اللجو، ياك المايّويات ما مخزّزين، والبّناوات ياك ما-شي ملحوسين...) حتّى صاب واحد السانتيــتيان-650 قديم والاكين حالته الصيحّته ما بيهاش. قال الواليد لمول السلعة /منشك باشكليط-اد؟/؛ وجاوبه: /فكان سبآميّا؛ البيع تّسآميّا/ ("عطاو سبعميّة؛ والبيع تسعميّة"). الواليد، اللي مُّالف يبيع ويشري غير فالكسايب، عمل يديه، وضغط بصبعه على البّنو وقال: "يالله لينا؛ هاذشّي مبيّـس، غير لاباريّا هاذي"، وبداو الناس كا يضحكو. فالأخير خرجو، ومشاو لحوانت السيكليسات كا يساومو. لصّق فيهوم ولد برايم واحد 650، قديم حتّى هوّا، بستّمية ريال. اللي كا يبان فيه كا عيب هو المايّوات والنقشة والسلوك والجوانط اللي باينين مغيّسين مخزّزين وهاريين. بان لموحمّاد بلّي الواليد ما بغاش يفوت 600 ريال، وشاف بلّي ذاك الواليد عجبه البشكليط لأن الروايض منفوخين مزيان. ركب على ذاك البشكليط ومشى جرّب بواحد الضورة، ورجع، وتّخلص البشكليط، وخذا الريسيـــبّو اللي هوّا أول حاجة كا يسوّلو عليها الجادارميا اللي كا يجيو يتّسوّقو بلاجيبّ ديالهوم من تيفينكًولت، ويبداو يجمعو فالبروصيّات فالهبطة ديال الطلاطا (الريسيبـــّو، الفران، الضّو، الفيروج...).

فاتت غير شي يامات، واحد النهار والنقشة تولّي "روفيكص" لذاك البشكليط: ما بقاش مومكين توقّف البيدالات؛ ويلا فورصيتي، كا توقف الرويضة اللورانية بشكل "فيكس". لغدّ ليه، زوّل موحمّاد الرويضة، وزوّل ليها ذيك النقشة من الفيلتاج ديالها  فالمايّو، وعاود قلب ليها واحد السنّ اللي كا تسبّب "الروفيكص"، وعاود ركّب كلّشي. ذيك النقشة، كانت كا تكًلس اللي كًلسات، وتولّي ثاني روفيكص، ويعاود موحمّاد نفس العامالية د-السكليس نهار الجمعة أو الحدّ؛ أمّا يلا مشى للمدراسة، فكان كا يجمع رجليه فوق الكاضر من جيهة البيدالات يلا نازل معا شي هودة، ويخلّي البيدالات كا يدورو بوحدهوم فالهوا.

واحد الصباح د-يامات البرد، كان غادي ثاني لأولاد برّحيل بجلّابة د-الصوف، ويدّيه الزركًين بالمشكًـّ كازّين على الكَيدون. شويّة وهوّا يتشقلب بيه البشكليط: البيدالة اليمنى كانت طاحت وبقى غير اللاكص ديالها بحال شي مغزل. قبط ليه ذاك اللاكص فطرف جلّابته د-الصوف، وملّي ضار المانيبير للقدّام لتحت، بالجهد ديال النقشة اللورانية الروفيكص اللي كا تتحكّم فالنقشة د-الطبصيل د-البيدالات عن طريق السنسلة، جرّ ليه ذاك المانيبير الكمّ ديال يديه اللي شادّة الكًيدون، وميّله فرمشة عين، وطاح بالشكليط دياله فالفوسي ديال لابّيست، الصباحاتو لله!

بالكشايف باش فكّ طرف جلّابته، اللي تشرّكًـ وعضّات فيه نقشة الطبصيل، وناض، وركب ثاني وبدا كا يبيدل بدون ما يوقّف التبيديل، والبرد يزبر الزاوش، والحال مشى عليه. وصل الدخلة ديال أولاد برحيل جايّ من جيهة الفيرمة ديال "بوريوس"، عند الدورة اللي حدا "عين أولاد براهيم"؛ وهيا دخلة فيها ضورة فيها هبطة ومن بعد طلعة؛ واللي جايّ مكركب ببشكليطه من شي جيهة ما كا يبان ليه اللي جاي مكركب من الجيهة الأخرى حتّى يتّلاقاو فالقنت الغارق؛ وزايدون اللي جايّ نازل خارج من أولاد برحيل، كا يضطرّ يوسّع الضورة باش ما يزلق بيه البشكليط، وكا يصدق غادي على اليسر. تمّا مُّالف موحمّاد يقبط مزيان اليمن دياله وينزل غير بشويّة بلافران، أي غير كا يعكّس على البيدالة اللي ما كا توقفش لأن النقشة روفيكص. إنّما فهاذاك اليمين دياله، مفتوحة خطّارة من خطاطر العين ومقابلة لباب دار "ايت بلّعياشي". فهاذيك اللحظة بالضبط، خرج ولد بلعيّاشي بحماره من باب الدّار فالجنب اليسري ديال لابّيست بواحد السورعة مجنونة، وضار بحماره فاتّيجاه مول البشكليط. قاس الشواري د-الحمار مول البشكليط، ومال فالحين، وطاح ببشكيطه فالخطّارة.

الخطّارة كانت واسعة وبدون حاشية، ونابتة فيها كرمة د-الظل، جات طالعة حتّى قريب لفمّ الخطّارة. جاب الله فروعها الفوقانيين حصل فيهوم البشكليط. أمّا موحمّاد، فا بقى طايح كا يتكربع من فرع لفرع حتّى وصل للما ديال العين وترقّد فيه بجلّبته د-الصوف وبمحفاظته اللي عامل ليها مجدول بحال الشكارة. تّخلع مزيان؛ بالصحّ جاب الله السلامة بفضل فروع الكرمة اللي رطّبو ذيك الطيحة ديال قياس نخلة. بدا كا يسمع ولد بلعيّاشي كا يقول من الفوق "فينك، يا؟ واش يا بعدا لاباس؟"؛ قال ليه: "لاواه لاباس الحمد لله"؛ شويّة ها ذاك البشكليط فلت حتّى هوّا من تعلاقه، وجا كا يتّلاوح معا فروع الكرمة. راغ الولد شوية، حتّى وصل البشكليط للما. بدا مدهشر شوية، ومن بعد هز البشكليط من الكاضر على  كتفه، وجا غادي كا يغطش فالما والغيس بحوايجه ساردين، حتّى وصل للخرجة ديال مصرف العين.

تمّا تلاقى ليه ولد بلّعيّاشي. قال ليه: ولد من نتا؟ قال له "انا خو الحسن... ذاك اللي..."، لأن أهل ولاد برحيل كا يعرفو خوه أكثر من الواليد دياله. كًال ليه ولد بلّعيّاشي "نتا اللي فيك لافّوت"، وركب على حماره ومشى لشغله. تمّا عاد بدا موحمّاد كا يحسّ بلّى الكعبة د-رجليه اليمنى كا توجعه. قال معا راسه: دابا فاتت وقت المدراسة؛ وبدا راجع لإيكًودار فين كاينة دارهوم، كا يعرج ومتكّي على البشكليط، وفمّ الرجل دياله بدا كا يتّنفخ والوجع كا يزيد.

واخّا كُلشي ذاكشّي ديال "وحدة على وحدة" على الصباح، كان موحمّاد فرحان شويّة؛ على حقّاش كا يشوف بلّي غادي يستراح شوية من المدراسة اللي ما بقا-ش كا يحملها من نهار وقع ليه بلوكاج. وصل للدار، وصاب الواليدة وحكي ليها. بالليل قبطاته سخانة د-جاهنّام. ما نعس ما شاف نعاس. فالصباح بكري، دّاته الواليدة لضوّار العوينة عند المرابطة، لالّة رقيّة محند، مراة  سي علال القُرش، اللي كا تدير الجبيرة للفدع. جابت ذيك المرابطة الحنّا، وخوّضاتها، وعملاتها فوق المجمر باش تسخن. وجابت واحد المنيجلة وعملتها فالجمر تحمار، وخذات واحد شوي د-الزبدة وبدات كا تدهن بيه ديك الرجل اللي ولّات منفوخة قدّ شي مهراز، وبدات كا تمسد شي مسيد كا يخرّج العقل، وموحمّاد كا يغوّت. ملّي كملت المسيد خذات ذيك المنيجلة اللي حمارت فالجمر، وبدات كا تنقب بمنقارها الجلد ديال بلاصة الفدع بحال نقيب الدجاج. عغر كا تنقب شي بلاصىة، كا يتّحرق فيها الجلد ويقساح، ويشمّ موحمّاد ريحة الشياط ديال جلده بحال شياط الكرعان. بعد ذاكشّي طلات المرابطة ذيك الرجل بطبقة من الحنّا السخونة كا تفور، وعصّبت عليها بعصابة طويلة قطّعتها من واحد القشابة قديمة، ورجع موحمّاد للدار فين يتّمتّع بشي يامات ديال النقاهة بعيد عن السكُيلة. بعد يامات جا خوه وقال ليه راه تلاقاني ولد بلّعياشي وقال لي بلّي خوك طاح فالخظّارة، وراه انا اللي طلّعته منّها.

-----------------י----------------

محمد المدلاوي

https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques



01/12/2020
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres