(En arabe marocain). Chemin postscolaire-43. Aux entrailles de l’enfer.
طريق ما بعد السكُيلة
(مستدركات)
3- في أحشاء الجاحيم
خفّت الجعرة ديال الكُحبة على سّي موحمّاد، معا ذاك السيرو والكنينات اللي عطاه عيسى الفرملي. نهار الإثنين، معا جوايه المغرب، عيّط عليه الواليد، اللي كان فوق السطاح، واللي جا نازل معا السلبا/تاسكالا في نفس الوقت لأنه عارف بلّي سّي موحمّاد ما يقدرش يطلع بالعي والنهجة دياله. سّي موحمّاد كان غادي ياخُذ الكار فالغدّ-ليه في سوق التلات باش يمشي يدوّز الراديو د-الصدر فتارودانت. قال ليه: الواليد /هاخ ا-يوي ماس ا-تّسودوت، د-ماس ا-تّـقّضوت الباب، تسغت اينّاك يخصّان ي-وكشّوم ن-تغري/ ("هاك، ا-ولدي باش تركب، وباش تقضي غاراض، وتشري لوازم الدخول ديال القراية")، ومدّ ليه حداشر ميّة ريال! مقدار اللي عمّر الواليد ما كان عطاه حتّى غير النصّ منّه لموحمّاد، من نهار ولّى موحمّاد طالب مسافري كا يقرا فالبلادت البعيدة، في تاليوين، ومن بعد في تارودانت. خذا الولد ذوك الوريقات، وباس يدّ بُّاه وقال ليه "الله يرحم بُّا-جدّي". فهم بلّي عليه يعتابر هاذوك الفلوس بمثابة الناصيب دياله في قسيم الفضل ديال البيعة وشرية د-الغلم فموسم "سيدي لحسن وتيقّي سكساوة"، اللي كان خصّو يكون شي 5000 ريال على حساب اللي مسجل عنده فالموذكّيرة دياله (طرح ثامان الشرا من ثامان البيع، والقيسمة د-الفضل على ثلاثة، على حساب ما كان تمّ عليه الاتيفاق، وحيث أن شريك الواليد، بوفضيل، خذا غير الثلث ديال الفضل).
خرج سّي موحمّاد فالغدّ-ليه، ومشى لسوق الطلاطا، وطلع قبط بلاصته فـ"الكار ديال بنصالح" جا "صنا" الكًرسون، مقنّف كيما ديما لأنه كا يبات سكران على ما حكاو فكًاراج الكار فتارودانت، ومدّ ليه الوريقة وخذا 30 ريال. مرّة-مرة، كا تقبط سّي موحمّاد نوبة الكُحّة، ويكُحّ فالخريقة دياله د-الجيب اللي ديما فيديه. هوّا، كان، فالحاقيقة ،ما محتاج حتّى لشي راديو باش يعرف اشنو بيه؛ لأنه دابا، صافي تأكّد من الحالة دياله الصيحّية، اللي كان شاكّ فيها كان فايت ثلث سنين، وخصوصا فهاذ العام د-البروفي (1964-1965) اللي قرا فيه على جيسم الإنسان بتفصيل، وكذلك على الأمراض المنتاشرة، القديمة منّها والجديدة (الجذري، البوحمرون، الزوهري/النوّار، البلهاريسيا، المالاريا، الدوسانطاريا، السل)، كلّ مرض بالأعراض دياله، وبكيفيات الإصابة بيه، والانتيقال دياله بالعدوى، وكذلك الصحّة الاجتماعية/العامة. كان كا يشكّ فحالته مرة-مرة ولاكين أكثر فأكثر، من يامات الزلط والجوع والعرا في تاليوين، ومن قبل كًاع من ذاكشّي، من يامات الهروب من السكُيلة/المدراسة حيث كان كا يبقى بالجوع يومين أو تلت يّام، والمباتة مفرّش الأرض في ضريح "سيدي علي وموحمّاد" فدوّار "ماديدة" أو في "دار الغلم" فدوّار الشرفا نفسه، ومن بعد في باب ضريح "سيدي وسيدي" أو باب "الكوري" د-القصبة فتارودانت فيامات موحاولات التسجيل فالمعهد، أن الحالة الصيحّية دياله ما-شي عادية وأنها كا تّدهور بشوي بشوي، خصوصا أنه بدا كا يسمع على واحد المرض د-"الخزي والعار" الجديد ديال ذيك الوقت، اللي كا يسمّيوه "مرض الرية" أو "مرض الصدر"، واللي قرا عليه فالموقرّار ديال البروفي وعرف بأن سميّته بلوغة "القراية" هيّا "مرض السلّ"، وأنّه قرا مزيان، وبعناية كبيرة، على الأسباب ديال هاذاك المرض اللي بيه ماتت مراة بن بيروك ، ولالّة عويش ("نقص التغدية"، "العيش في الهواء الوخيم" بحال النعاس ديال حوالي 30 تلميذ كا ينعسو على مضارب الحلفة على الأرض، وحدة لاصقة فأخري، في غورفة وحدة لمودّة عام فتاليوين معا غليق البيبان والسراجم بسباب البرد ...)؛ كيما قرا على الأعراض دياله ("هزال وضعف عام"، "ارتفاع درجة الحرارة"، "سرعة نبض القلب"، "السعال ولفظ بُلغُم ثقيل مخلوط أحيانا بخيوط دموية ...")؛ وكان كا يلاحظ النقص المستمرّ ديال النافاس دياله وزيادة النهجة فالحيصّة د-الرياضة فالمعهد مع سّي السرحاني، معا أنّه كان كا يجري وطية وحدة من "أولاد علّاكًـ" حدا "تافينكُولت" حتى لدارهوم فـي إيكًودار، كيما وقع ليه لمّا كان عزم يهرب لمرّاكش (ملّي كان كا يهرب من المدراسة)، وراحت عليه الشمش تمّا، وقبطه الخوف، ورجع كا يجري معا الغابة فالظلام حتّى لدارهوم فدوّار الشرفا ودخل للدار بدون ما تلاحظ عليه الواليدة أيّ عالامات إجهاد (قال ليها وهوّا كا يبان فضوّ الكانون كًاع مغبّر: "غير كنت كا نلعب معا الدراري فالطلاطا"). كيما كان كا يلاحظ الهُزال المستامرّ دياله؛ وكان في كلّ حين كا يدوّر صبع يديه اليمنى الوسطاني وصبع الإبهام بحال دمليج على معصم اليد ليسرى باش يعبر السومك دياله، وكا يصيب بلّي كا يتّقاطعو صباعه بجوج حيث وكا يوصل الوسطاني حتّى لمونتاصاف الإبهام. وملّي كا يكون معا شي واحد زاعم عليه عنده ماكًانة، كا يطلبه يعطيها ليه باش يحسب النبض ديال القلب فالدقيقة. كان ديما ذاك النبض فايت السبعين في حالة الراحة. الحاصول، كان عارف تقريبا اشنو كاين، خصوصا أن واحد الشريفيّة من شريفيات "دار الشرفا" الله يرحمها، لالّة عويش سماعين، مراة مولاي عبد العزيز، كانت عاد توفّات، بعد شي تلت سنين ديال "مرض الرية" وكانت الواليدة ديال سّي موحمّاد هيّا اللي كانت قايمة بيها ملّي شدّ عليها الحال بزّاف، سوا فدارها عند الشرفا، أو لمّا دّاوها تداوي فمرّاكش لمودّة شي تلت شهور أو لمّا دّاوها لسبيطار إنزكًان فين توفّات، وكانت أخت موحمّاد حتّى هيّا كا تقضي معا الشريفيات الليل كًالسيات عند راس الشريفية كا يخففو عليها بالهضرة د-العيالات. كان كا يعرف من خيلال القراية بلّي كاين من المخالطين ديال المريض، اللي عنده مناعة ولاكين كا يبقى حاميل للعدوى بالنسبة للاخرين اللي ضعافو وما عندهوم مناعة...
كان الكار غادي لمودّ ساعة باش يقطع ذيك الـ45 كلم اللي كا تفصل إيكًودار على المنابهة، وسّي موحمّاد المريض كا يستعرض هاذ المسايل بين نوبة ونوبة د-الكُحبة، وكا يتّساءل على مدى صواب التقديرات دياله السابقة: كان كا يحسّ بالأعراض ديال بداية الإصابة دياله، واخّا ما كان كا يكتاشفها الفحص المدراسي السنوي ديال الصدر؛ ولاكين كان كا يقول معا راسه بلّي يلا عرض نفسه على الطبيب وصرّح ليه بالأعراض اللي كا يحسّ بيها، ودخّلوه للموستشفى قبل الحصول على البروفي، غادي يتّكسر ليه ماسار قرايته فمرحلة حاسمة. ودابا، ملّي حصل على شهادة البروفي، يمكن أنه صافي، فات فيه الفوت.
وصل الكار لساحة "تالمقّلات" حدا الموستوصاف فتارودانت؛ نزل المريض، ودخل نيشان للموستوصاف. وصلاته نوبته، وعطاهوم ذيك الورقة اللي عطاه عيسى الفرملي فموستوصاف إيكودار. دوّزو ليه الراديو، وعطاوه ورقة يمشي بيها لموستشفى المختار السوسي فباب القصبة. تمّا قالو ليه يجي فصياح لغدّ ليه بكري باش يعمل التحليل الباكتيري ديال البصاق. مشى بات فـحيّ "القصبة" في دار الشريف مولاي الحَسن (اللي كان رجع لتارودانت من بويكًرا فين كان قايد) واللي هوّا ولد مولاي سعيد القاضي السابق ديال تارودانت، اللي كان وقف معاه باش يتسجّل فالمعهد ويمشي لتاليوين يحضّر الشهادة الابتدائية.
وفالصباح مشى عمل التحليل، وقالو ليه يرجع فالغدّ ليه. رجع فالغدّ ليه وصاب نتيجة التحليل فيها "بّوزيتيف++". قالو ليه تدخل للسبيطار دابا، وعطاوه ورقة قالو ليه دّيها لقيسم DAT اللي راهو غير تمّا شوية قدّامك. طلب منهوم يمشي يعلم خوه اللي كان فدار مولاي الحسن؛ ورجع معا الزوج، ولقى السرير دياله واجد. كانو ثلاثة د-الغوراف فهاذاك القيسم: وحدة منفاصلة للنسا (شي خمسة)، والزوج الأخرين فيهوم شي ثمانية د-المرضى، منّهوم واحد الوجه كا يعرفه: مول السويرتي (اللعبة د-الموكعّاب والغرّاف) اللي من دوار "الدير" واللي كان كا يتّسوق الثلات د-المنابهة فين كان موحمّاد كا يخدم نهار السوق فالعوطلة معا شي سوارتيّا اخرين ("اللكًجوني" و "لاركًو").
تّوالف سّي موحمّاد معا الإبرة د-"الستريبتوميسين" فالمسّاطة كل صباح، معا أقراص "الريفوميسين" (Rifampicine)، ودغيا بدات ذاته كا تّلحّم شوية (حوسن التغذية من جيهة، والستريبتوميسين "كا ينفخ" كيما كا يقولو). تعرّف فاليامات الأولى على ذوك المرضى: كلّ واحد وقصّته، وكلّ واحد من اش من بلاد جا؛ وبدات علاقات اجتماعية جديدة من نوع جديد. تّصاحب معا واحد السيد من تازناخت، ومعا ذاك السوارتي د-المنابهة، وواحد السوارتي آخر روداني من أصل منتاكًي سميته "الجيكعي" وتكون عنده غير ذيك العشرين عام. هاذ الزوج الآخرين كان سّي موحمّاد كا يبغي يحسّن معاهوم معريفته بالهضرة د-"الغوس" ديال القمّارا.
كانت الماكلة ماكلة د-الطهلية (اللحم مرّتين فالنهار، بينما فالمعهد غير مرتين فالأسبوع، وفتاليون غير مرة فالأسبوع، وفالدار غير فالعياد أو ملّي يكونو الضياف). لاكين الحالة كا تخلع: كان ذاك القيسم مجاور لبيت تغسيل الموتى ديال جميع الأقسام ("الشيروجي" و"الميدسين")، وفي كلّ يوم، كا يدوز برونكار أو زوج، وبعض المرّات ثلاثة؛ ومن حين لحين كا يمشي موحمّاد معا البرونكار، ويدخل لبيت الغسيل ويصيب الموتى على الباياصات بحال الحوت. بعضهوم، كا يلقى فيهوم علامات الفتيح التشريحي ديال ما بعد الوافاة، اللي كانو كا يقومو بيه بعض الطبّا. دازو شي يامات، ومات واحد الشيباني من ذوك اللي معا موحمّاد فالقيسم: بدا كا يتوجّع شي يومين ليل ونهار، وكا يسهّر المرضى الأخرين بالليل، وفالليلة الثالثة جاتو نوبة حادة د-الكُحبة، وناضو المرضى وشعلو الضوّ، وصابوه كا يتقيّى الدمّ. بدا كا يشهّد وكا يشهّدو معاه، وبعد شي جوج دقايق مات؛ وغطّاوه بالإزار، ورجع كلّ واحد للنعاس بعد شي نصّ ساعة. ما جا البرونكار يدّيه للتغسيل إلّا معا جوايه العشرة، بعدما فطرو المرضى. من بعد يامات قليلة، تبعه واحد الوليّد أصغر من موحمّاد (اللي كانت عنده هوّا نفسه غير 16 عام)، كان جا من شي بلاد من الأطلس الصغير. هاذوك الزوج، بحال كثير من المرضى اللي جاو من بعيد، كا يتّدفنو فـ"باب الخميس" بدون ما يحضر ليهوم حتّى واحد من أهلهوم. صبحت دابا الموت عادية، وطبّع معاها موحمّاد.
كان الطبيب Zaranis كا يجي نهار الأربعا من أكادير-إنزكًان باش يراقب اللوحة التـقنية الأسبوعية المعلّقة فسرير كل مريض، واللي فيها تاطوّر درجة الحرارة اللي كا يتمّ قيّاسها يوميا وكذلك حالة التحليل البكتيري للبصاق، ويقارن ذاكشّي بالميلفّ ديال المريض اللي كا توجّده فاطنة الفرملية فغلاف كبير فيه تصاور الراديو بالتوارخ ديالها. بعدما قضى موحمّاد شي شهرين، جا الطبيب، زارانيس، كيما هي العادة واحد نهار الأربعا. ملّي وصل لسرير ديال س"ي موحمّاد، فحص الوثائق، وكتب ليه ورقة، وقال ليه: غادي تتحوّل دابا لموستشفى إنزكًان. قرات الفرملية الورقة، وقالت للمنبّهي: راه عمل ليك دوا مزيان "التريكاطور" (Treize-Quatorze)؛ دوا ناجع، ولاكين مجهّد كا يدوّخ.
بعد شي يومين، ومن بعدما علم المنبّهي خوه الكبير، الحسن، اللي كان كا يزورو مرتين فالأسبوع؛ وخذا واحد الصباح، معا الفجر، الكار ديال "لاصاطاس". نزل فإنزكًان معا شروق الشمش، ومشي عند واحد مول القهوة يسوّله فاش من جيهة جا السبيطار ديال الصدر. جاوبه مول الكونطوار: /نفضر، اودّي، س-ربّي، صّباحاتو لله!/. خرج، وبدا كا يسوّل حتّى وصل الباب البرّاني د-الموستشفى. قدّم ليهوم ذيك الورقة د-الطبيب زارانيس، وسجلّوه، وجابو ليه البيجامة ديال السبيطار، وخذاو حوايجه وعملوهوم فواحد الصاك بعدما درّاو عليهوم شي دوا، ورّاوه الجاناح فين يمشي. دّاه واحد الفرملي للقاعة المعينة ليه، وورّي ليه السرير دياله وتّجبّد فيه فالحين، وبدا كا يجاوب على أسئلة المرضى: منين نتا؟ ...
عاود ثاني جدّد موحمّاد الواساط الاجتيماعي دياله فين صبح معروف بـ"الروداني" وتّماهى دغيا معا سمّيته الجديدة، ودار صحاب جداد، من بلدان وميهان وأعمار مختالفة كا يجمعهوم المرض اللعين، مرض الشموتية والعار و"الصباحاتو لله" ديال ديك الوقت، حيث راه حتّى الأمراض كاين فيها "المرض النبيل" و"المرض العايب"، وما-شي ديما درجة العدوى أو سورعة الفتك هيّا اللي كا تحدّد حوكم الناس على المرض. من بين أفراد لاكليك ديال "القافزين" اللي انخارط فيها الروداني: البوليسي، سّي العلمي، من فاس (كان مرّة مرّة كا يغنّي للمجموعة "يا جارة الوادي" أو شي شوي د-الشاكًوري د-فاس)، وواحد الموظّف فالبنك من أكادير، والفقيه الشوّاف والقدّاش، سي الحسين، اللي مرة-مرة كا يمشي يكمي السبسي بالتخبية، اللي هوّا من الطلاطا د-الحنشان، وواحد الولد أصغر من الروداني من هوّارة، وواحد الكًزّار شابّ هوّاري حتّى هوّا. كانو كا يتّافقو مرّة-مرّة، ويضوّرو معا شي شاوش بالحضية باش يتقضّى ليهوم، باش يديرو الكًاميلة فالليل، لأن الماكلة كانت باسلة بيها باللحم ديالها ...
بعد واحد المودّة قليلة بدا كا يبان للروداني واحد الوجه جديد فالمطعم، اللي كا يتجمعو فيه كًاع المرضى من جميع القاعات ديال البلوك (شي 120 مريض)؛ وكا يجيب ليه الله بلّي هاذاك الوجه ماشي غريب عليه. واحد النهار كان كًالس حداه معا شي مرضى آخرين كلّهوم كبار، كا يهضرو بيناتهوم باش يدوّزو الوقت، وكا يبركًـكًو فالفرمليات ويعلّقو عليهوم. دوى الروداني وسوّل ذاك السيد: منين هوّا فالخّوت. قال ليه "انا من زاكًورة". قال ليه الروداني: ماشي سميّتك "حميد"؟ قال ليه، صحيح سميتي حميد، كيف عرفتيها؟ جاوبه الروداني وقال ليه: انا راه ماشي سميّتي "الروداني" اللي معروف بيها هنا. أنا سميّتي محمد المنبّهي. واش سبق ليك كنتي كا تقرا فتاليوين؟ قال ذاك السيد: إيّيه، صحيح. زاد الروداني وقال ليه: "يوا، راه انا اللي كنت معاك ومعا وصاحبنا بزوج "سّي مبارك" اللي من "المهارا" فالمنابهة ملّي تقطعو بينا الحبال فتاليوين فيام العوطلة د-الربيع، وما كانين-ش كيران وارزازات-أكادير فاش نركبو لأولوز بسباب الحملة ديال واد سوس فأولوز، وكنتي نتا قاصد دوّار "" فالمنابهة فين تقضي العوطلة؛ عقلتي كنّا قبطنا الطريق على الرجل، معا الزفت، من سوق الإثنين ديال تاليوين قاصدين أولوز، وخلطت علينا عاصيفة ديال الشتا والتبروري، وكنّا شوي ما نموتو فالخلا، لولا ذاك الكاميو اللي تّعرّضنا ليه فوسط الطريق... قال ليه: صحيح أنا هوّا؛ بازّ عليك كيفا شكا تعقل! تّعانقو، وزادو كا يتّساولو. ما كانت-شي فالحاقيقة بيناتهوم شي معريفة فتاليوين من غير ذاك النهار اللي تعارفو فهاذيك المغامرة اللي جمعات بيناتهوم بفضل سّي مبارك المهاري اللي كان متّعارف معا كلّ واحد منّهوم بوحده. حميد الزاكًوري، واخّا كان كبير فالسنّ، وقرين سّي مبارك، كان ذيك الوقيتة (1961-1962) فمعهد تاليوين غير فالسنة الثانية قبل قيسم الشهادة؛ لاكين ما بقاش لتاحق بالثانوي فتارودانت. حكى للروداني بلّي تقدّم للعسكر، وتّقّبل، وعمل تدريب ديال ستّ شهور (وكا يعرف دابا يفكّـك ويعاود يركّب المكحلة ...)، لاكين بعدما عملو ليه فحص مضادّ ديال الإدماج النيهائي، صابوه مقيوس بـ"التيبيركيلوز". وزاد قال، حتّى هوّا، بلّي هاذيك الظروف ديال البرد والعرا والجوع والزلط ديال معهد تاليوين ساست ليه ضلوعه.
الروداني ما بقاش كا يزوره فإنزكًان غير الحسن خوه الكبير من الواليدة مرّة-مرّة. لأن أهله فالمنابهة بعيد عليهوم الحال، وما كاين فين يباتو فإنزكًان، والناس ذيك الوقيتة ما عندهوم-ش ثقافة المباتة فالقهاوي والفنادق اللي كانو كا يقصدوها غير السوّاقة ديال الطلاطا د-ينزكًان والحلايقيّة. وكان كا يبقى الحال فالروداني فساعة الزيارات، حتّى أنه كان كا يخرج ويهبط للساحات فساعة الزيارة باش ما يبداوش الزوّار يشفقو عليه ويتصدّقو عليه بحبّات د-الفاكية. إنما، واحد النهار فالعشية كًاع (وما كان-ش يوم زيارة)، بعد العشا، اللي كا ينتاهي معا جوايه الخمسة، الروداني ما قدّاته الدنيا: جا خارج من المطعم لابس بيجامته بلونها السماوي وعليها واحد المعطاف د-السبيطار بحال ثوب ولون الكاشّة، وهازّ فيديه غرّاف ديال حليب الغبرة، وتّلقى معا واحد السيد قال ليه: /فيسّا، فيسا، ار-كًيك يساقّسا القايد اقّديم ن-بيكًـُرا/ ("سربي خفّ؛ القايد القديم ديال بويكًـُـرا كا يسوّل عليك"). خف الروداني لباب البلوك، وكا يبان ليه من بعيد الشابّ الشريف مولاي الحسن (ولد مولاي سعيد القاضي ديال تارودانت) هوّا ومراته، الشابة لالة عيشة في باب البلوك. تلف، ما قدّاته لا السما لا الأرض. سلم عليهوم؛ وسوّلوه على حواله، وقالو ليه: جينا من أكادير دايزين، وقلنا ندوزو نشوفوك. مدّ مولاي الحسن يدّيه لجيبه وعطاه 200 ريال، ورجاو خارجين راجعين بعدما شجّعوه وطمأنوه. القايد ذيك الوقيتة شي حاجة كبيرة. نتاشر الخبار بسورعة، وبداو كثير من المرضى اللي من المنطقة كا يقولو بلّي كا يعرفو القايد مولاي الحسن أو سمعو بييه؛ ومن بينهوم واحد السيد كا يتّسمّى الحاج، كان من بيكًـُـرا وكان قليل الكلام، وكان الروداني كا يكًلس معاه مرة-مرة وكا يبدا غير يشوف فدرعانه الللاويين المكرّشين واخّا كانت تكون عنده غير شي خمسين عام. دابا الروداني طمأنّ إلى أنّ مجتاماع المرضى، اللي بحاله بحال الفيئات الاجتيماعية الأخرى، فالعونف د-الحكًرة والمعيار (حتّى فباب درجة المرض ونوعية الكُحبة)، ما باقي-ش غادي يبقاو ينظرو ليه بحال شي واحد مقطوع من الشجرة بسباب البعد ديال أهله.
ونهار آخر جات عنده الواليدة؛ كانت دازت لحيّ "تالبرجت" فأكَادير من قبل، فين نزلت عند الشريف الأخر، المحامي سّي محمد السعيدي (ولد مولاي عبد العزيز، خو مولاي سعيد قاضي تارودانت) وزوجته لالة زينب، أخت مولاي الحسن المذكور، وبقات عندهوم فانتيظار يوم الزيارة. فيوم الزيارة، عيطو للروداني قالو ليه: راه كا تسوّل عليك واحد المراة. نزل الروداني من البلوك، وصاب الواليدة. باس ليها على صدرها، وفرح بيها وفرحت بيه لأنه بان ليها تبدّل فالبنية ديال ذاته وفاللون ديال سحنة وجهه. طلع معاها للقاعة فين طرحو شي شهيوات جابتهوم ليه، معا واحد الصرفاقة ديال الكاوتشو بالسير بين الصبعان، ديال ديك الوقت، وقالت ليه جرّبهوم. بدات كا تشوف فالقدام دياله وهيّا فرحانة وقالت "الحمد لله على صحّتك؛ كانو درعانك بحال المناجل ورجليك بحال مغارف الصابون البلدي؛ ودابا، تبارك الله والله ينجّينا من عين بنادم، جبت ليك زعما الصرفاقة واسعة لأني عارفاك مازال كا تكبر، وهاهيّا ضيّقة على رجليك. ملّي جاو خارجين من الغورفة، بدات الواليدة كا تشوف يمين وشمال فالسطوان، وقالت ليه: "لايلاها-يلّاه؛ هنا فين ماتت الشريفية لالة عويش سماعين مسكينة، الله يرحمها" (مراة مولاي عبد العزيز، اللي كانت الواليدة قايمة بيها فدارها بدوّار الشرفا، ومن بعد فمرّاكش، ومن بعد بدات كا تزورها فسبيطار إنزكًـّان حتّى ماتت). تمّا تقرص ثاني موحمّاد، بالرغم من التاحسّون الكبير اللي طرا على صحته، وتذكّر أول زيارة ليه ديال وحدة من الخواتات دياله فموستشفى تارودانت: كان كا يروج بلّي مريض بالكبدة، بالمعدة ...، وسوّلاته: "باش دروك مريض، آ-خويا سّي موحمّاد؟" قال ليها: "قالو لي عندي الريّة"، وهيّا تصعق: "يا ويلي، كحالت علينا؛ هاذيك باش مات ولد "ماجالّا"، صاحبة عمّتنا رقيّة اللي ساكنة معا المنكوبين فالقصبة!" (كا تقصد المنكوبين ديال 1963 فتارودانت). والاكين، معا كُلّ هاذيك الإحباطات اللي هيّا ما-شي مقصودة، واللي كا تعكس غير ثقافة العفوية وقلّة اللباقة، الروداني كان طبّع شحال هاذا مع الموت، اللي صبحت بالنسبة ليه شي حاجة روتينية أكثر فأكثر، واخّا كل لحظة من اللحظات ديالها بدات كا تجعله يطرح أسئيلة ووجودية حول فلسافة المصير ووضعية الانسان، قبل كًاع ما يعرف اشنو هيّا "الفلسفة". فا بعد الماشاهيد اللي شافها فموستشفى تارودانت، حضر فسبيطار إنزكًان لماشهيد أقوى فالبشاعة. كان أولها، معا ذاك الحاج المذكور اللي من بيّكًرا: واحد الليلة، قبل ما يطفا الضوّ فالبلوك، سمع الروداني بلّي الحاج، اللي كان فغورفة فيها غير زوج د-الأسيرّة، كا يتّقيّي الدمّ. مشى كا يجري وصاب مجموعة د-المرضى واقفين كا يتّفرجو فالمشهد، والفرملي د-المداومة حاطّ ليه الكًلّاس فين يتّقيّى دمّ ريّته اللي كا يفيض ليه من فمّه ومن نيفه على دفعات، وكا يدير ليه خناشي بلاستيك ديال ليكًلاصّون د-الفريكًو على صدره. ما فات الحال شي جوج دقايق حتّى مات الحاج، وموحمّاد كا يشوف بحال الأخرين، والجاميع كا يشهّد. نفس الشي وقع معا واحد المريض آخر من أولاد تايمة شي يامات من بعد؛ وهوّا كان واعي حتّى لآخر ثانيّة من حياته: كا يتقيّى الدمّ فالكًلاس اللي طرحه ليه الفرملي فوق "الطابل دو-نوي" دياله، وهو هازّ صبعه وكا يشهّد بين النوبة والأخرى ديال القيا، وكا يقول للحاضرين "شهّدو معايا آ-الخّوت، على ربّي آ-الخّوت شهّدو معايا"؛ ومن بعد شي خمس دقايق قدّام الجمهور، طاح راسه على الوسادة ومات، فنفس المشهد ديال الحاج. ومن بعد، حضر الروداني، بنهار لموت واحد البحري كا يتّسمّى "الرايس" (كان يكمي الكًارّو بزّاف، وكان قوي فالكارطة). كان غير مشى للطّواليت، وتّعصّر، وتّرتقو ليه شي عروق فالرية دياله الهارية، وبدا كا يتقّيى الدمّ ،وطاح، وجابو الرونكار، ودّاوه للقاعة دياله فين مات فالحين. ومن بعد كانت حالة الولد الصحراوي، عومار، كان أصغر من الروداني: نفس الشي؛ وآخرين وآخرين...
***
كانت اللوحة الصحيّة ديال الروداني (كليشيهات الراديو، التحاليل البكتيرية د-البصاق، مونحانى درجة الحرارة) بدات كا تحسّن، من بداية الاتيحاق دياله بسبيطار إنزكًـّان، وزادت هاكذاك. واحد النهار، جا ثاني الطبيب، زارانيس، معا مراته الطبيبة حتّى هيا، وقال ليه زارانيس:
"Jeune homme, vous êtes guéris hamdoullah. Vous allez sortir et poursuivre du streptomycine au dispensaire chez vous trois fois par semaine pendant trois mois. Pas d’effort physique, pas de cigarette …".
برا سيّ موحماد، خرج من السبيطار، ومشى كًود من إنزكًان للمكتب ديال الموحامي سّي محمد السعيدي في شاريع الحسن الثاني فأكادير، فين كان خدّام خوه الكبير، الحسن. فالعشية، دّاه الموحامي الشاب، اللي كان عاد جا من الرباط وفتح مكتبه في أكادير، في سيارته من نوع فياط بيضا لداره فحيّ تالبرجت، ورحبت بيه زوجته لالّة زينب (اللي هيّا بنت عمّه، مولاي سعيد). وبعد يامات، رجع سّي موحمّاد لدارهوم فـ"دار الشرفا" بإيكودار/المنابهة، فين قضى باقيّة العام الديراسي (1965-1966) اللي ضاع ليه.
وفالدخول الموقبيل، بدات الحكاية الجديدة ديال قبول إعادة استئناف الديراسة، بالرغم من التاوفّور دياله على شهادة طبيّة كا تنصّ على أهليته الصحّية لاستئناف الدراسة، حيث موظّفي الإدارة المعهد ما كا يفهمو-ش مزيان اللوغة الفرانسية. قالو ليه: يمكن ليك تتابع الديراسة فالقيسم، ولاكين ما مسموح-شي ليك تكون "داخلي". اضطر يطلب الالتيحاق بالخيرية في حيّ "فرق الحباب" وقضى فيها 15 يوم، حتّى شافه واحد النهار مولاي براهيم، المعيد ديال المعهد وقال للمسؤولين على الخيرية بلّى ما مسموح-شي ليه يكون فشي داخيلية لأنه كان مريض السلّ. اضطرّ سّي موحمّاد يسافر من جديد لأكادير، واخذ معاه الوثائق دياله الطبية، وفسّر المسالة للطبيب، وعمل ليه الطبيب شهادة أخرى واضحة وبسيطة ومكتوبة بخط واضح، كا تنصّ على أهليّته الصحيّة للعيش فالداخلية، وانتهات ريحلة جاهنّام، وبدات رحلة تاداعيّات أخرى.
-------------
القسم-1 من المستدراكات (بداية الرحلة إلى الجحيم)، هنا:
https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-marocain-chemin-postscolaire-41-la-descente-aux-enfers-1
-----------------------
محمد المدلاوي
https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres