(EN ARABE) Culture et développement dans les provinces sahariennes au Maroc
Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis sur ARABE(Windows)
التجربة التنموية في الأقاليم الصحراوية،
مجرد وجه بارز للمفهوم القديم للتنمية
وأخيرا، يتضح من خلال مجموعة من السوابق المتدرجة والمتواصلة أنه قد حصل اليوم وعي مؤسسي بكون علوم الإنسان والمجتمع تندرج عضويا في صميم ورشة السياسة والاقتصاد. كانت قد لاحت بوادر ذلك الوعي منذ أن ظهر في الخطاب السياسي الرسمي، قبل سنوات، مفهوم الاستثمار في قطاع "التنمية البشرية"؛ ثم تلا ذلك نص الدستور الجديد (2011) الذي ينص فصله 136 على أنه [ يرتكز التنظيم الجهوي والترابي على مبادئ التدبير الحر، وعلى التعاون والتضامن؛ ويؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة.]؛ ثم تجسد ذلك الوعي أخيرا بشكل عملي من خلال مبادرات عدة مؤسسات عمومية إلى الطلب المنهجي للخبرة العلمية في باب ما يتعلق بكل التشخيصات والمعارف المتعلقة بالإنسان وبالمجتمع، واللازمة لضمان أهم شرط من شروط التنمية، ألا وهو شرط تملك العنصر البشري لسياسات تلك التنمية، وانخراطه في هياكلها وفي تفعيل آلياتها. وآخر تلك المبادرات هي مبادرة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بتنظيم "الندوة الوطنية حول الثقافة الحسانية" (يومي 7-8 ماي 2013). وقد ورد في ورقة عمل تلك الندوة قولها:
[استنادا إلى عناصر التشخيص والتوصيف لواقع حال التنمية في الأقاليم الجنوبية للمملكة، وارتكازا على المبادئ الأساسية المحددة في الدستور (...)، خلص المجلس الاقتصادي واالاجتماعي والبيئي إلى ضرورة اعتماد مقاربة استيعابية في مجال التنمية المندمجة (...)، فبلور، في ورقته التأطيرية (...) تحديدا للمسائل الهيكلية التي تعوق التنمية حاليا؛ وذلك بشكل يمكـّـن من تحرير الطاقات، ويحفز على التعبئة (...)، مؤكدا على المكانة التي ينبغي إفرادها للعنصر البشري؛ كما أكد على وجوب أن يكون ما هو ثقافي في صلب الاختيارات التي يتم تبنيها؛ فكان المحور الاجتماعي والثقافي هو ثاني المحاور التي تتأسس عليها التحولات الكبرى المزمع إحداثها في المنطقة].
وقد حددت الورقة المذكورة أهداف الندوة العلمية التي دعي للإسهام فيها طاقم من السوسيولوجيين والأنثروبولوجيين العارفين بالخصائص البشرية والثقافية والمجالية للجهات المعنية في ما يلي:
[تعميق النظر في آليات ووسائل تفعيل وأجرأة كافة مقتضيات المحور الاجتماعي، في اعتبار جاد للروابط العضوية بين الأبعاد الاجتماعية والثقافية؛ وهو اعتبار لا يمكن من دونه تحقيق التملك المطلوب من لدن الساكنة لأي مشروع تنموي، وانخراطهم في تحقيقه. وهنا وجب التأكيد على أن كثيرا من السياسات العمومية التي تم إطلاقها في المناطق الجنوبية، لم تستحضر هذا الاعتبار بالشكل المطلوب، سواء على صعيد التهيئة الترابية وتدبير المجال، أم على صعيد أنماط التواصل، أم على صعيد تهيئة وتكوين الأطر في مختلف مواقع المسؤولية.]. ولذلك تتعين [الاستبانة الوظيفية لمكونات البعد الثقافي والاجتماعي، في علاقتهما بالبعد المجالي. فالتعبير الثقافي، شعريا كان أم غنائيا، أم حكواتيا، مرتبط عضويا بالبعد المجالي والطبيعي في المنطقة، وكذا بالبنيات الاجتماعية والقبلية، مما له أبلغ الأثر في صياغة التصورات ومنظومة القيم والتعبيرات والرموز في المنطقة. وبدون الوعي بكافة هذه الأبعاد وتأسيس النموذج التنموي عليها، فإن الانخراط من لدن الساكنة لتحقيقه على أرض الواقع، والمرتكز أساسا على تملكه، سوف يبقى دون المستوى المطلوب].
هذا التشخيص الدقيق لمسألة التنمية في الأقاليم الجنوبية، في علاقتها بالأبعاد الأنثربو-ثقافية، في إطار مسيرة بناء الدولة الوطنية الحديثة، وبما يترتب من تعبيرات سوسيو-سياسية عن مدى اخذ تلك العلاقات بعين الاعتبار أم لا، هو في الحقيقة مجرد وجه من بين بقية أوجه مشابهة له على صعيد واقع سياسات التنمية في بقية جهات المغرب شمالا وشرقا ووسطا. إنه مجرد وجه من تلك الأوجه، رشحته التطورات الجيو-سياسة للعقود الأخيرة في المنطقة المغاربية ليشد الاهتمام إليه أكثر من غيره. ولقد تم عرض ملامح بعض بقية تلك الأوجه الأخرى هنا، في نفس هذا العمود، قبل حوالي سنة، وذلك من خلال سلسلة الحلقات المعنوية بـ"عن دلالات العلم الأمازيغي" والمشهرة حاليا في مدونه أوربينا (1).
فمما ورد في بعض تلك الحلقات وفي معرض الحديث عن دراسات أنثروبولوجية لأوجه الممانعة الجهوية في نواحي تخوم الصحراء الشرقية (كلميمة، ونواحي دادس) ما يلي:
[ففي مثل هذه التجارب من تجارب إقامة الدولة الوطنية الحديثة، حيث تفشل النخبة-النواة في صياغة ونشر منظومة من القيم الممعيرة في أبواب اللغة والثقافة والسياسة، بشكل يضمن انخراط جميع مكونات المجتمع عبر الفضاء الترابي الوطني، يتحدث الباحث الأنثروبولوجي، إيرنيست جيلنر، عن التنامي الحتمي لآلية مضادة كنتيجة لذلك الفشل، ألا وهي آلية مناهضة ومقاومة جهاز "الدولة الوطنية" العاجز عن التماهي مع "الكيان الوطني" ككل، تلك الآلية التي يطلق عليها ذلك الباحث تسمية "الإثــنَـويّة المضادة للوطنية" (ethnicisme)].
ومما ورد أيضا في بعض تلك الحلقات في معرض الوعي المعرفي والسياسي بذلك القبيل من ردود الفعل الأنثروبو-ثقافية، ما يلي:
[بالرغم من إن تجارب التاريخ لا تتماثل أبدا، بل إنها قد لا تتشابه، وذلك نظرا لتعدد أبعاد اختلاف المعطيات الفعلية في كل تجرية تاريخية، فإن قوانين تلك التجارب، من قبيل ما فصله ابن خلدون مثلا منذ قرون في حديثه عن عصبية الدولة في علاقتها ببقية العصبيات، تبقى سارية على تفاعلات كل تجربة مهما اختلفت معطياتها كمّا ونوعا. ويبدو أن الدراسات المغربية الحديثة في هذا الباب، وخلافا للمنهج الانثروبولوجي لابن خلدون، لم تتهيأ بعد لتتـناول موضوع بناء الدولة الوطنية الحديثة في المغرب في ما عدا مستوى شبكة الأحداث السياسية الظرفياتية (مفاوضات الاستقلال، ظهور وتشكل الأحزاب والزعامات، وتشكيل المؤسسات الرسمية، وما اكتنف كل ذلك من تدافعات وصراعات حدثانية ظرفية موصوفة كما تعكسها صحافة الوقت)، ولا تعالج الموضوع أبدا من الوجهة الانثروبو-سياسية البنيوية. فهناك اليوم في المغرب قطيعة إبيستيمولوجية تامة بين الدراسات الأنثروبولوجية على قلتها من جهة، والدراسات السياسية من جهة ثانية. فلا يتم تناول الحركات الإسلامية أو الأمازيغية مثلا إلا من الوجهة السياسية المحض (قيمها، ومبادئها السياسية والمدنية، مدى انخراطها أو عدم انخراطها في إطار الشرعية، وأوجه تجلي ذلك من خلال الخطاب والمواقف والأحداث). أما تناول مثل هذه الحركات/الظواهر من حيث دوافعها النشوئية ودلالاتها الأنثروبو-اجتماعية، ومن حيث علاقة تلك الدلالات بطبيعة وحالة هيئة الدولة وجهازها وفعلها، فلاحا أو إخفاقا على درب بناء الدولة الوطنية الحداثية، فمتروك لحد الآن لدارسين أجانب متعددي الاختصاصات على الطريقة الخلدونية.].
وأخيرا، فقد ورد في نفس تلك الحلقات ما يلي:
[وبالرغم من أن الطابع الصحفي التعميمي لتحرير نص هذا التتبع (لأوجه الممانعة) قد فرض تجنب تفاصيل توثيقات البحث الأكاديمي بمسطرية مراجعه وإحالاته المعيارية، فإن الغاية منه ذلك التتبع إنما هي تقديم نموذج لما يتعين أن تكون عليه الأمور لتجاوز ما تمت الإشارة إليه سابقا من وجود قطيعة إبستيمولوجية تامة في خطاب الفكر المغربي المعاصر ما بين الدراسات السوسيو-لوجية والأنثروبولوجية على قلتها من جهة، والدراسات السياسية من جهة ثانية. إن من شأن ذلك التجاوز أن يكون مفيدا ليس فقط بالنسبة للبحث العلمي المجرد، باعتباره قيمة ترقوية فكرية في حد ذاته، ولكن كذلك بالنسبة لترقية الأيديولوجيا نحو الانتقال من لحظة فكر التناقض الثنائي التضادي الإقصائي المطلق بين الأطروحة ونقيضها، إلى لحظة فكر التركيب بين طرفي التناقض في أطروحة جديدة جامعة لجوهريهما ومتجاوزة في نفس الوقت لتناقضيتهما، وكذا لترقية الفعل الحركي الملموس نفسه، نتيجة لذلك، على صعيد الممارسة والتعامل التدافعي مع الواقع؛ وذلك بفضل فهم أكثر عقلانية وأقل عاطفية لآليات الدوافع العميقة الكامنة وراء كل أطروحة، وتحت كافة مظاهرها الفينومينولوجية التي يشكلها الخطاب الملموس والمواقف الملموسة على الصعيد السطحي].
نص ذو علاقة تكميلية:
-----------
(1) النص الأول من تلك الحلقات، عبر الرابط الآتي، وفي نهاية كل نص رابط داخلي نحو البقية:
https://orbinah.blog4ever.com/blog/lire-article-162080-9352861-_en_arabe__que_signifie__le_drapeau_amazighe__.html
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres