OrBinah

(En arabe) Hypothèse sur l’ancienne correspondance des mois du calendrier lunaire en Islam avant l’abrogation du système du 13e mois intercalaire

دورة السنة الطبيعية

وأطوار السنة السوسيو-اقتصادية والثقافية

(فرضية  حول المواقع الأصلية لأشهر التقويم القمري من السنة الشمسية)

 

 

هذا النص استمرار وتكملة لنص سابق حُرّر بمناسبة النقاش الذي دار ويدور حول التوقيت المضبوط للسنة الأمازيغية /حكًوز / حوادز: (يوم/ليلة 12؟ 13؟ 14؟ يناير)، وهو نص بعنوان "عيد السنة الأمازيغية حسب ثبوت رؤية الهلال؟" (انظر هـــــنــــــا).

 

تذكير بمعلومات في الطبيعيات

 

1-   كانت دورة السنة القمرية أوّل ما تمكّن الانسان من إدراكة بالملاحظة المباشرة (أي بدون حساب فلكي تجريدي) القــــريــبـــة الأمد (من سنة إلى ثلاث سنوات) في باب حساب الدورات الطبيعية الكبرى للزمن (الدورة الصغرى: تعاقب الليل والنهار؛ الدورة المتوسطة: دورة الهلال/البد/المحاق؛ الدورة الكبرى: دورة الفصول).

2-   لاحظ الإنسان من خلال ذلك أنه، بعد 12 دورة قمرية  (أي 12 مرة لظهور الهلال وّتحوّله إلى بدر ثم إلى محاق)، يعود نفس الفصل الطبيعي على سطح الأرض، بعلاماته الطبيعية (شتاء، ربيع، صيف، خريف)، فسمّي ذلك العَـــــوْد مثلا في العربية بـ"الحَوْل"، من "التحوّل" (وسمّى المغاربة صغير الضأن الذي دار عليه الحول بـ"الحولي"، أي ابن عام")، كما سمّت العربية نفسها المناسباتِ التي تأسّست ثقافيا على ذلك العَوْد بـ/العيـــــــد/، وهو مصدر نوعي من عاد/يعود وتقديره /العِوْدُ/ (كما يقال [الصيت] على أساس تقدير /الصِوْت/ بناء على قواعد الإبدال في تلك اللغة).

3-   تلك الدورات القمرية الإثني عشرة، تستغرق 354 يوما (بمعدل ما بين 29 و30 يوما أرضيا في الدورة القمرية الواحدة حول الأرض من المغرب إلى المشرق). إنه عدد أيام السنة القمرية.

4-  لكن توالي الفصول الطبيعية بعلاماتها الطقسية والمناخية، إنما هو في الحقيقة نـــتيـــجــــة لدوران الأرض في فلكها حول الشمس؛ وهي حقيقة موضوعية لم تُكتشف إلا بعد تقدّم الحساب الفلكي التجريدي، في إدراكه وتصوّرره الأول الظاهري المعكوس، الذي  تصوّر أن الأمر يتعلق بــدوران الشمس في "القُبّة السماوية" حول الأرض، التي كانت تُتصور كـ"مركز الكون الفلكي".

5-   هذه الدورة الكاملة المتعلقة بالأرض والشمس (على اختلاف مرحلي في إدراك حقيقتها)، والتي عنها تنتج الفصول الطبيعية بسبب ميل محور دوران الأرض حول نفسها الذي يتولد عنه تعاقب الليل والنهار خلال اليوم الأرضي، وبقطع النظر عن أيّ من الجرمين يدور حول الآخر (الشمس حول الأرض، أم الأرض حول الشمس؟)، دورةٌ سنوية تستغرق 365 يوما (أي 365 دورة للأرض حول نفسها أمام كوكب الشمس، التي كان يُتصور أنها 365 دورة للشمس في "قبة السماء" حول الأرض).

6-  معنى ذلك، وبناء على الفقرات 3- و 5- أعلاه هو أن الــ12 دورة قمرية (السنة القمرية) التي كان يُعتقد أنها تتطابق تمام المطابقة مع دورة الفصول الطبيعية المتولدة عن دورة الأرض في فلكها حول الشمس، الذي هو الفلك الثالث ضمن أفلاك كواكب المجموعة الشمسية (عطارد، الزهر، الأرض، المريخ ...) هي أقـــــــــل زمــــــنــــا من زمن السنة الشمسية (انطلاق الأرض من نقطة معينة في فلكها وعودتها إليه) بمدة هي الفرق ما بين 365 يوما أرضيا (سنة شمسية) و 354 يوما أرضيا (السنة القمرية)، وهي مدة تحسب بحوالي 11 يوما  (لا يمكن حسابها بوحدة اليوم الكامل بالضبط).

 

أطوار السنة الطبيعية والدورات السوسيو-اقتصادية

 

7-  يترتب على معطيات الفقرة 6- أعلاه أن المواعيد الاجتماعية المبنيّة على أساس من 12 دورة قمرية، تتقدّم (أي تسبِق) في الواقع في كلّ سنة بحوالي 10 أيام أرضية، على المواقع من الفصول الطبيعية (3 أشهر في كل فصل) المحكومة بالسنة الشمسية وفي استقلال عن حركية القمر؛ وهو تقدّم وسبْق لا يتمّ إدراكه بالملاحظة المباشرة من خلال ما يقترن بتلك المواعيد من أحوال الطقس والمناخ إلا بعد تراكم ذلك التقدم لعدة سنوات.

8-  ومن أجل الاحتفاظ لتلك المواعيد الاجتماعية المختلفة بمواقع فصلية قارّة (أي بحدٍّ أقصى من الفرق لا يتعدّى أبدا حوالي 30 يوما)، أي من أجل الاحتفاظ للمواعيد الاجتماعية (أسواق، مواسم، أعياد، محاجّ) الخاصة بالشتاء، أو الربيع، أو الصيف، أو الخريف بفصولها الطبيعية التي تأسّست عليها (كسوق عكاظ، أو موسم سيدي بوعثمان أو تازروالت) تمّ التوصل إلى تقنية حسابية تتمثل إضافة شهر ثالث عشر إلى السنة القمرية كل ثلاث سنوات؛ ويسمى ذلك الشهر بالشهر البَيــــني (mois embolismique/intercalaier). وتسمى السنة ذات الــ13 دورةً قمريةَ سنـــــة بينيــــة (année embolismique)، يتمّ من خلالها ردم الهوة من الأيام (حوالي 30 يوما) المتراكمة خلال 3 سنوات ما بين تمام السنة القمرية (354) وتمام السنة الشمسية (365). ولقد عُرف الشــــهـــــــر البيـــــنـــي عند العرب بــ"النســـــــيء" وكانت تترتّب على حسابه أمورٌ جدّ مهمة تتعلق بضبط مواعد أسواق التبادل الكبرى المحكومة بالفصول في مجتمع رعوي أساسا وزراعي جزئيا وبضبط أوفاق التجارة والغزوات القبلية، وكذا بضبط كل ما يرتبط بذلك من أوفاق السلم والحرب والمحاجّ بين القبائل؛ ومن ذلك ميثاق الأشـــهُـــر الحُـــرم التي تمّ التوافق على منع الغزو فيها من أجل تلك الغايات.

9-  من أجل إعطاء مثال ملموس قريب لعلاقة أطوار السنة الطبيعية بالدورات السوسيو-اقتصادية والانثروبولوجية، يشار مثلا إلى حالة أحواز الأطلسين الكبير والصغير التي كانت إلى حدود الستينات من القرن الـ20 تشكل وحدة سوسيواقتصادية وثقافية متكاملة بالمغرب. كانت تضبطها السنة الطبيعية التي تبدأ بفصل الحرث في الشتاء الذي ينتهى بفاتح يناير بالنسبة للنشاط الزراعي، وتتداخل معه ثم تليه مواسم تنظيم الرعي (النزول بالماشية للتعزيب في السهل/ازاغار بموسم الثلوج، والصعود إلى الأعالي مع بداية الحرّ). وفي الصيف، وبعد جمع المحاصيل (حبوب وثمار: لوز/جوز) وتسمين القطيع وجزّ الصوف والشعَر والوبر، تبدأ دورة التبادل التجاري السنوى من خلال سلسلة متصلة من المواسم/الأسواق/الزارات الجهوية الكبرى. تبدأ من موسم "البوخاري / سيدي بوعثمان في شمال مراكش مع بداية شهر غشت، وتنتهي بموسم "سيدي حماد وموسى" بزاوية تازروالت بالأطلس الصغير، مرورا بموسم "سيدي الحسن أو-تيقّي" بسكساوة ثم موسم "سيدي عبد الله وسعيد" (المعروف بموسم تافيلالت جنوب مدلاوة في قلب الأطلس الكبير) ثم موسم "سيدي موسى" بـ"أيت يكًاس" في السفح الجنوبي للأطلس الكبير، ثم موسم امزّو في وسط سهل سوس, وفي كل سوق من تلك الأسواق مزار صوفي تقدّم في أضحيات وتقام فيه طوافات، ويتم الختم بمزار زاوية تازروالت مع بداية الخريف.

 

فرضية في باب استرداد نظام التوافقات القديمة للاشهر العربية

 

10-  ومن خلال مجموعة من القرائن اللغوية (تسميات "ربيع-1"، "ربيع-2" وتسمية "رمضان") وأخرى تاريخية (كون سوق عكاظ التبادلي الكبير يتّم في العشرية الأخير من شهر ذي القعدة الذي هو من الأشهر الحُرم والذي يليه شهـــر الحـــــج الذي يختم الدورة التبادلية السنوية)، يمكن استرداد توافقات تسميات اشهر السنة القمرية عند العرب مع أشهر السنة الشمسية بأسمائها الحالية اللاتنية (هناك تسميات سريانية مستعملة في المشرق: كانون-1، كانون-2 ...)، تلك التوافقات التي كان استعمال نظام شــهــــــــر النســــــــــيء يحافظ عليها، على الشكل الآتي:

 

فرضية جدول التوافقات القديمة للشهور

 

 

محرّم ------------- نوفمبر    (ثالث الأشهر الحرم الخريفية المتوالية)

صفر ------------- ديسمبر

ربيع-1 ----------- يناير        (بداية البرعمة والإنبات في المنطقة الشمالية  أسفل خط عرض 30)

ربيع-2 ----------- فبراير      (تمام الإنبات وبداية الإزهار في نفس المنطقة)

      - في وسط رعوي كان يطلق "الربيع" على العام (عاش فلان كذا وكذا ربيعا)

جمادى-1 --------  مارس     

جمادى-2 --------  أبريل

رجب -----------   ماي         (الشهر المُفرد من الأشهر الحرم؛ فيه تُقام سوق  "حباشة")

شعبان -----------  يونيو

رمضان ---------  يوليوز     (أوج الرمضاء، أي شدة الحرّ)

 شوّال ----------- غشت 

ذو القعدة -------- سبتمبر     (أول الأشهر الحرم الخريفية المتوالية وفيه تقام سوقا "عكاظ" و "مجنّة"؛ وفيه وقعت   غزوة بدر)

ذو الحجة ------- أكتوبر     (ثاني الأشهر الحرم الخريفية المتوالية؛ فيه تقام سوق "ذي المجاز")

 

11-  بعد غزوة بدر، التي تمّت في أول الأشهر الحرم، أبطل الإسلام العملَ بنظام النســــــيء على مستوى التقويم، الذي أصبح قمريا صرفا، فإصبحت أعياد الإسلام ومواعيد شعائره تدور على أشهر السنة الشمسية عبر الفصول الأربعة، وأصبح العيد المعين لا يعود إلى ميعاده الطبيعي الأصلي إلى بعد مرور حوالي 33 سنة.

وبسبب الانشغل بالفتوحات خارج شبه الجزيرة العربية التي غيرت كثيرا طبيعة الدورة الاقتصادية (رعي/زراعة، تجارة، غزو داخلي بين القبائل) المحكومة بأوفاق الأشهر الحرم، انشغل الناس بالفتوحات وبناء الدولة الامبارطورية عن ما بدأ يطرأ عن إلغاء شهر النســــــــيء من انفصام التوافق ما بين المواعيد الدينية من جهة، القديمة منها (الحج إلى مكة) والجديدة (صوم رمضان، وعيد الفطر، وعيد الاضحى)، والمواعيد الطبيعية من جهة ثانية، وهو توافق كان قد أضخى غير ضروري بعد التغييرات التي طرأت على نظام الاقتصاد ومصادر الدخل ونظام توزيعه بعد تلك الفتوحات. (انظر سعيد الأفغاني 1993: أسواق العرب في الجاهلية والإسلام؛ انظر هـــــنـــــا). ثم إن تعطيل العمل بنظام النســـــــــــيء، زيادة على "أسباب النزول" المباشرة (نظام الغزوات الإسلامية الأولى ضد قريش انطلاقا من المدينة)، كان في نفس الوقت ذا دلالات ثقافية في باب رمزيات التميز وفك الارتباط بعادات قريش ثم يهود المدينة الذين كانوا يعتمدون نظام النســـــئء في أعيادهم الدينية لضبطها متوافقة مع طابعها الطبيعي الرعوي الزراعي القديم بالرغم من اعتماد السنة القمرية، وذلك منذ منتصف القرن الرابع الميلادي (انظر هـــنـــا).

------------

محمد المدلاوي

https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques



22/01/2018
1 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 347 autres membres