(En arabe) Fêter l’Année Amazighe selon la vue du croissant à l’œil nu?
عيدُ رأس السنة الأمازيغية حسب رؤية الهـلال؟
ما دور تحديد المفاهيم في هذا الباب؟
سبق لي (11 يناير 2018) أن تقاسمت تدوينة من التدوينات الفايسبوكية تتمثل في نص يعرّف مجموعة من الألفاظ/المـــــفاهيـــــــم (اللفظ الصحيح؛ اللفظ الغريب؛ اللفظ المبتذل؛ اللفظ الحوشي؛ ...)، وهو من إمــــلاء أستاذة جامعية على طلبتها، عمّمه بعضُهم على الشبكة لفائدة من لم يحضروا حصص الإملاء لضبط المفاهيم.
و"بمناسبة هذه المناسبة"، أي مناسبة الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، يبدو أن هناك عدة مفاهيم تحتاج إلى تعريفات دقيقة جامعة مانعة وغير ملتبسة، من طرف أمثال تلك الأستاذة الجامعية، في إطار إخراج مشروع قانون "لا تقُلْ، بل قُلْ" إلى حيّز الوجود وتفعيله.
- أول تلك المفاهيم التي تحتاج إلى تعريف هو مفهوم "رأس" السنة كموعد/عيد احتفال: أهو آخـــــــر يوم من أيام السنة المستدبَــرة، أم هو أوّل يوم من أيام السنة المستقبَــلة؟ ذلك لأن من الأقوام من ذهنُه مشدود بـ"أمراس كتّانِ" إلى جُندُل الماضي في ما يتعلق بتصور "عدد السنين والحساب"، بينما منهم من يتجه نظره إلى أفق المستقبل.
- وإذا ما استقرّ الأمر على التعريف الثاني (أي "أول يوم من السنة المستقبَـلة")، فيتعيّـن تعريف مفاهيم فرعية أخرى، ألفاظها من باب "اللفظ الصحيح" (الذي ليس لا بـ"الغريب" ولا بـ"المبتذل" ولا بـ"الحوشي")؛ وذلك من قبيل "عـــــشـــيــّــــــــة اليوم الفلاني" أو "لـــيــــــلـــة اليوم الفلاني" إذا ما كانت تلك العشية/الليلة هي موعد الاحتفال باليوم الفلاني: أفيتعلق الأمر بالمساء/الليل الذي يسبق ذلك النهار المعني، أم بالمساء/الليل الذي يــلـــي ذلك النهار المعني؟
تلك التعاريف المفاهيمية أصبحت ضرورية، من الناحية التجريبيّة المحض، لأنه قد وقع تخــــــبّــط كبير في الأزمنة الأخيرة في حساب الاحتفال بعيد من الأعياد كان يُعتمَد في تحديد موعده تقويمُ السنة الشمسية التي لا يختلف تَيسان اثنان في حساب منازلها وفصولها وأيامها، حتّى إنه أصبح يلوح في الأفق أن موعد الاحتفال بذلك العيد سيصبح شبيها بمواعد الاحتفالات المشروطة بالرؤية الشرعية للهلال ما بين المشرق والمغرب وبحسب ألوان أعلام العواصم.
ويتعلق الأمر بالعيد الوحيد الذي يتوفر عليه المغاربة وجيرانهم، ويحتفلون به مجرّدا عن أيّ أيديولوجيا، وخالصا تمام الخلوص للطبيعة (culte à la nature). يحتفل به الجميع منذ آلاف السنين، وعلى هامش تعاقب وتناسخ الأيديولوجيات، احتفالا طبيعيا حسب طقوس معينة، وحسب معطيات المحيطين، الطبيعي والسوسيو-اقتصادي، وتحت تسميّات مختلفة (/يض ن-وسكًاس/ "ليلة السنة"، /الناير/ "يناير"، /حاكًوزة/، /الحوادز/، ...). إنه عيد الاحتفال برأس السنة الشمسية الرعوية/الفلاحية التي تتأخر بـ 13 يوما عن سنة التقويم الكًريكًوري الحديث الذي أصبح اليوم معمولا به إداريـــــــــــــا على الصعيد العالمي؛ أي أن السنة الفلاحية تبدأ يوم 14 يناير من التقويم الكًريكًوري (انظر هــــنــــا).
فعلى سبيل المثال، بشأن التخبّط المذكور، تم الاحتفال نهار أمس (12 يناير 2018) بمقر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالرباط، بذلك العيد تحت تسميته الجديدة، التي أصبحت تروج منذ عقود، أي تسمية عيـــد " رأس السنة الأمازيغية".
وقد صادف ذلك الاحتفال، هذه السنة، قرار السلطات الحكومية الجزائرية قبل أسابيع اعتبار يوم 12 يناير الإداري من كل سنة إدارية عطلة عيــــــــــــدٍ وطنــــــــــــي مدفوع الأجر؛ وذلك في خطوة لتهدئة غليان الأسابيع الأخيرة في بلاد القبائل.
- فإذ بدايةُ السنة الأمازيغية (التي كانت تسمى بــ"الفلاحي") هي يوم 14 يناير بالتقويم الإداري الجاري؛
- وإذ عُطلُ الأعياد، مهما كانت طيبعة العيد، تُعطَى في اليوم المعني لكي يُمــــــسِي الناس محتفلين عيشــــــةَ العيد ثم في الغداة يوم العيد وهم في عطلة، قبل أن يستأنفوا العمل بعد يوم العيد؛
- إذ كان الأمر ككلّ ذلك، فقد اعتبر البعض قرار السلطات الحكومية الجزائرية عبارة عن مزايدة ظرفياتية ملغومة لزرع الاضطراب في هذا الباب، من حيث حيث إن الناس سيكونون، بمقتضى قرارها، في عطلة يوم 12 يناير الإداري، ثم ينصرفون إلى العمل يوم 13 الذي كان يخصّص لإعداد احتفالات /يض ن-وسكًاس/ "ليلة السنة" (أو غير ذلك من التسميات)؛ وفي مــســــــاء نفس النهار (يوم 13 يناير الإداري) الذي سيســــتمــــر كــيوم عمل، سيكون عليهم أن يحتفلوا - طبقا للعادة القديمة الضاربة في التاريخ - بقدوم السنة الجديدة في الغداة، أي مع صبح نهار 14 يناير، الذي سيكون عليهم أن يبكّرو فيه منصرفين إلى أعمالهم.
وإذا ما حصل أن حاولت السلطات الحكومية المغربية يوما تداركَ ذلك الاستباق الجزائري، وتلافي ما ينطوي عليه ممّا اعتبره بعض الجزائريين تلغيما، فإن ذلك يعني أن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية أو الحكًوزة سيكون في يومين مختلفين ما بين جهة وأخرى للنقطة الحدودية بـ"جوج بغال"، كما يحصل مع رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى المعتمدين على روئية الهلال. وبناء على ذلك فلربّما احتفل البعض في الغد القريب في المغرب منحازا لتوقيت القطر الشقيق كما يحصل للبعض اليوم أن يصوم ويحتفل منحازا لتوقيت مكة المكرمة.
الاضطراب والتخبط المذكوران، ليسا مقصورين على مستوى المؤسسات الحكومية والشبه حكومية. فلقد دخل "المجتمع المدني" على الخط قبل ذلك ممهدا لذلك التخبط والاضطراب.
فإذ كان الاحتفال برأس السنة في بلاد المغارب على ما ذُكر أعلاه، يقام كمجرد احتفاء الإنسان بالطبيعة وأطوارها بما هي مرتبطة بدورة المعاش، كيفما كان المعاش (رعويا أم فلاحيا أم مختلطا)، فقد دخل ذلك الاحتفال في سُبات طويل كاد يفضي إلى انقراضه خلال ما يقارب الأربعين سنة، بعد إدخال لائحة جديدة من الأعياد السياسية خلال النصف الأخير من القرن العشرين إلى ترسانة الأعياد الدينية المختلفة المذاهب والمشارب.
وإذ الطبيعة لا تقبل الفراغ كما يقال في الفيزياء القديمة، وإذ "من أحيى أرضا مواتا فهي له" كما ورد في الحديث، واذ كانت الحركة الثقافية الأمازيغية هي من تشبث بذلك الاحتفال كوجه رمزي من أوجه الهوية الثقافية المغربية والمغاربية، فقد أصبح ذلك العيد اليوم مقترنا بها في الأذهان وفي الممارسة، فأخذ يعرف اليوم بــعيد "رأس السنة الأمازيغية"؛ وهاذا طبيعي في باب حيازة وتملـّـك المحسوسات والرمزيات ("من أحيى أرضا مواتا فهي له").
وكما يحصل في مثل هذه المنعطفات الثقافية، فإن من بين وسائل التــعـبـــئــــة من أجل الحفاظ على ممتلك من الممتلكات الرمزية، هناك أسلوب التـــــــــأويـــــل الأسطوري في هذا الاتجاه أو ذاك حسب قوة واتجاه رياح الأيديولوجيات (قصة تحوّل رمزيات عيد /تافاسكا/ مثلا "agneau pascal" وما ارتبط بها من طقوس "بيلماون/بو-جلود" التي أصبحت تحيل على مرجعية عيد الأضحى؛ وكذلك "عاشورا" و"البوريم"؛ انظر هـــــنـــــا).
وفي هذا الصدد الأخير، عمدت إيديولوجية الحركة الثقافية الأمازيغية في إطار بناء الحاضر والمستقبل على أساس من تصفية حسابات الماضي في اتجاه جغرافي معيّن، إلى القطع مع ربط ذلك الاحتفال بمجرد /تاكًلّا/ و/بادّاز/ و/ميحميح/ والقطاني والفواكه الجافة، وغير ذلك من أوجه وألوان المعاش الطبيعي حسب المحيط (وتبادل عباراة /اسكًـُّاس امكًاز/ "عامٌ غنيٌّ بالعُجول" وما شابهها)، وإلى ربط عيد السنة الأمازيغية، بالأحرى، بألــوان عَــــلـَــــم عالـَـم تــامازغـا من البحرين بلونيهما إلى المحيط، في ما يشبه فتوحاتٍ في الاتجاه المعاكس الجديد. إنه "فتح مصر وإحراز النـــــــصـــــر على المشرق من خلال تربّع الملك الأمازيغي شيشونغ على عرش حضارة النيل قبل 2968 عاما"، وذلك تملـّكا لتلك الحضارة، حضارة القبط والهكسوس والبربر أنفسهم والساميين والنوبيين وكل الأقوام التي شكلت التشكيلة البشرية لحضارة لبلاد النيل. وفي ذلك الأفق الماضوي، وبهذه الصفة والمواصفات (إحراز النصر على المصريين واعتلاء الأمازيغ عرش النيل) تقوم اليوم المطالبة باعتماد رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا معطَّلا ومدفوعَ الأجر، يضاف رسميا إلى ترسانة الأعياد الدينية والسياسية، بل وباعتماده من طرف اليونيسكو كتراث إنساني لا-مادّي، وليس بصفته عيدا لتكريم الطبيعة مثل عيد النيروز الذي اعتمد فعلا تراثا إنسانيا لا-ماديا.
وهنا برز وجه آخر مقابل من أوجه "المجتمع المدني" من ذوي أيديولوجيات أخرى في الاتجاه المعاكس القديم (زيادة على وجه "المجتمع الديني"). لقد أخذ هذا الوجه يـــتـــبــــرأ براءة الذئب من دم يوسف من عيد "الناير" أو "الحكًوزة" أو "الحوادز"، بعد أن تم تملك هذا العيد تحت تسمية "رأس السنة الأمازيغية" وإلباسِه ما أُلبِس من مرجعيات أسطورية جديدة، فأصبحت أصوات هذا الوجه تصيح: ["أنا أبي عربي وأمي أمازيغية" (أو "أنا عربي وأمّ أبنائي أمازيغية")؛ "والمغاربة قد تــــــمــــازجــــــوا وانــــــصهــــروا بالمــــصاهـــــرة وأصبحوا كلـّا واحدا منذ قرون؛ ولا أقــــــــبـــــل أن يفرض عليّ الأمازيغي عيد السنة الأمازيغية".
هنا تطرح من جديد - وعلى هامش مسألة تحديد وتعريف مفاهيم التوقيت (مفهوم "رأس" السنة، ومفهوم ليلة/عشية اليوم الفلاني) مسألةُ تحديد مفاهيم "التـــمــازج" و"التـــلاقـــح" و"الانصهار" التي تــقــتــرن اقترانَ لازمةٍِ ولايّـتـموتيف باعتـــــــرافـــــات: "أمّي أمازيغية"، أو "زوجتي أمازيغية". فهل الأمازيغية "أُمُّ ولـَــد"؟. هذا ما يحاول النص الآتي الإجابة عنه:
"هل الأمازيغية أُمُّ وَلـَــد"؟ أو العلاقة بين قضتي الأمازيغية والمرأة" (2011)
https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-la-cause-amazighe-et-la-cause-feminine-quel-rapport
----------------
محمد المدلاوي
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres