(En arabe). Exil-Galot et émancipation-Gueoulla dans la pensée des communautés juives marocaines
وعي الجماعات اليهودية ما بين وضعيتي "الشتات" و"لمّ الشمل"
(بمناسبة نشر مقال "المنفى المغربي في أشعار دافيد حاسين")
1- بصفة عامة
كلمتا גלות [كًالوت] "مهجر/منفى" (مصدر فعل גלה [كُالا] "عاش في المهجر/المنفى) و גאולה [كًـأولّا] "عِتقٌ/فداء/تحرير" (مصدر فعل גאל [كًاءال] "أعتق/افتدى/حرّر") من الكلمات الرُكنية في سرديّات وأدبيات الفكر اليهودي التي تُـشكِّـل وعيَ الجماعات اليهودية أينما حلّـت؛ وذلك منذ أن ظهر العبرانيون كقوم على صفحة التاريخ، وخصوصا بعد "النفي البالي" على يد نبوخَـذناصار، وعلى الأخص بعد" تخريب الهيكل الثاني" سنة 71 للميلاد على يد تيطوس الروماني. بل إن فكرة الاضطهاد وعاطفة التوق إلى الانعتاق تعودان إلى فترة مُقام بني إسرائيل في مصر حسب ما ورد في الكتاب المقدس وفي متن الهاكًادا، ثم خروجهم من مصر ودخولهم بلاد كنعان فاتحين وصراعهم مع الفلسطينيّين/פלשתים (قصة داود وجالوت) ثم مع أقوام الجوار في شمال كنعان (بلاد الشام اليوم، أو بلاد "آرام" كما كانت تسمّيها الأدبيات التلموذية) وفي شرق كنعان (بلاد بابل وفارس).
2- لدى الجماعات اليهودية المغربية
الجماعات اليهودية المغربية، لم تشذّ، بطبعة الحال، عن ذلك مهما كانت أصولها، أي لم تشذّ عن تقاليد استدامة ترسيخ فكرة العيش في وضعية جلاء/نفي من جهة، وعاطفة التوق إلى حالة الفرج والانعتاق من جهة ثانية. وقد شكلت تلك الجماعات تمثّلاتٍ كثيرة مختلفة الأشكال، وأساطيرَ شعبية من أجل استدامة ذلك الشعور الجمعي في تأقلم مع معطيات المحيط الملموس المحسوس في بلاد المغرب، الذي عاشت فيه تلك الجماعات منذ بداية العصور الوسطى، على الصعيد الملموس، في وضعية "أهل الذمة" الخاضعين لنظام دفع الجزية الفردية والجماعية.
- فعلى سبيل المثال في باب تلك المثلات، أورد "أبراهام لاريدو" (1954 ؛ص:108) أسطورة "صخرة سليمان" التي ظهرت بنواحي درعة منذ القرن-11 للميلاد. ومفاد الأسطورة أن سكان تلك المنطقة من اليهود كانوا يعتقدون بأن "يؤاب بن صيرويا" قائد جند الملك داود كان قد أسس مدينة "حجر سليمان" في منطقة درعــــــــــة، وأنه كان قد عُـثر هنالك على صخرة منقوشة بالخط العبري المربّع، هدا نص ما خط عليها ما يلي: עד הנה רדף יואב שר הצבא את הפלשתים. ومعـاه: "إلى هنا تعقّب يُؤاب، قائد الجيوش، [فلول] الفلسطينيين".
وعلى خلفية ما ورد في متن الهاكًادا، الذي يُتلى طقوسيا في ليلة عيد الفصح ("عيد الخروج من مصر") بشأن الآراميين في شخص الملك "لابان الآرامي"، الذي تعتبره الهاكًادا ألدّ عداوة من فرعون، من قول ذلك المتن צא ולמד מה בקש לבן הארמי לעשות ליעקב אבינו؛ שפרעו לא גזר אלא על הזכרים, ולבן בקש לעקיר את הכל، أْيْ "تقدّم/تعالَ لتعلم ماذا كان يسعى لابان الآرامي أن يفعل بأبينا، يعقوب. فبينما لم يقض فرعون [بالإبادة] إلا في حق الذكور، كان لابان قد حاول استئصال الجميع"، على خلفية استحضار ذلك الهمّ إزاء الآراميين بالشام، أورد الربّي "ياشوعا أبيطبول" كلاماً عن وضعية بني ملته في مدينة صفرو المغربية في نهاية السبعينات من القرن-18 كما كان يتصور تلك الوضعية من خلال منظاره المخيالي إذ قال :
"في هذه المدينــــة، حيث تحاصرنا الجموع التي تنذر في أي يوم بإبادتــنا، لبثنــــا رهن الحصار والنكبة، وآل آرام أمامنا و الفلسطينيون ورائنــا ". يعني الربّي بذلك عربَ السهل وأمازيغ الجبال على الترتيب كما وضح ذلك المؤرّخ "شالوم بار-أشير".
هذا التمثّـل الذي يسقط ماهية "الفلسطينيين" على الأمازيغ المغاربة ليس مقصورا على المثال السابق، الذي يمكن أن يحمل على مجرّد الاستعارة. فقد دأبت النصوص الترجومية اليهودية المغربية الناطقة/المكتوبة بالعربية المغربية الدارجة المهوّدة والمعروفة بـשרח "الشرح"، بشكل منهجي، على ترجمة اسم הפלשתים )"الفلسطينيون"(، كلّما ورد ذلك الاسم في النصوص العبرية والآرامية المترجم عنها، بتسمية "البْرابْـرْ" (انظر هــــــــنــــــــا).
- ثم هناك روايات تتعلق بطائفة يهود إفران بجنوب المغرب، كما أوردها "أبراهام لاريدو" (ص:127) استنادا إلى أعمال كل من "يعقوب موسى توليدانو" (191Toledano ) وغاطيفوسى (Gattefosse 1935)؛ ومفاد تلك الروايات أن يهود إفران الجنوبية يعتقدون أنهم ينحدرون من السبط إفرائيم بن يوسف الصدّيق، وكانوا يعتقدون بأن أسلافهم كانوا قد حلوا هناك مند أن أسّس مـَلـكُهم الأول "ابراهام الإفراتي" (نسبة إلى إفرائيم بن يوسف بن يعقوب) سلالة الإفراتيين الملكية، وأنهم استمروا في الملك إلى أن سقطت مملكتهم بأن أسرع إليها الخراب وتمكّن من أهلها عدوُّهم جزاءا لما لمْ يلبوا داعي النبي "عازرا" لما دعاهم إلى العودة من أجل تعمير أورشليم، بعدما أذن له بذلك ملكُ الفرس (عازرا : 7: 12). ولقد أدت بهم تلك اللعنة، حسب اعتقادهم، إلى أن اضطروا إلى التخلي عن تليـد نسبهم العائلي "إفراتي" وتحريفِـه إلى " أفرياط/أفرياض" الذي يُعرفون به اليوم.
- هذا من جانب؛ ومن جانب آخر، وفي إطار التعقيد الجدلي بل المفارق، غير السطري وغير الأحادي البُعد يطبع الفكر اليهودي بصفة عامة، ليس هناك بلد آخر نَسجت حوله جماعاتُه اليهودية مثل ما نسجت الجماعات اليهودية المغربية من وقائع ومن أساطير الارتباط والتعلق ببلاد المغرب.
- فمن بين المناقبيات الأسطورية الواسعة الانتشار في اوساط اليهود بالجنوب الشرقي من المغرب على الخصوص على سبيل المثال، أسطورة الكشف عن "كتاب البهاء" المعروف بـ "الزوهار" (הזהר) في بلدة تـــودغــــــــا. كتاب الزوهار هو أمّ التصوف اليهودي وأهمّ كتبه على الإطلاق، من حيث الأهمية في الفكر اليهودي عامة، و من حيث الهالة الخاصة التي اكتسبها مع مرور الزمن في أوساط الفكر اليهودي المغربي خاصة. فلقد رُفع إلى منزلة النصوص المؤسسة، كالتوراة وأكثر من التلموذ، تُـتلى منه الأحزاب ليلا في زوايا طوائف "ربي شمعون باريوحاي" (רבי שמעון בר יוחי)، وتُـزفّ منه النسخة، كأرفع هدية، في مواكب عرائسية كما تزف العروس (75-74: 1991Zafrani).
ومعلــــوم أن هذا الأثر كان قد دُوّن بالأندلـــــس في القرن-13 الميـــــلادي على يد موسى بن لئون (1250-1305م)، الــــــذي رفع سنده نحــــــلا منه إلى "ربي شمــــعــــــون باريوحــــاي" الذي عـــــاش في فلسطيــــــــن في القرن الثانـــــي للميلاد (انظر 15 :1971 Schaya 1981: 15 ; Hoffman). هذا من حيث التاريخ. أما المتصوفة من اليهود المغاربة فلهم تصور أخر مغاير، فيما يتعلق بظروف ظهور كتاب "الزوهار". فقد أورد القبالي المغربي الشهير "إبراهيم أزولاي" في مقدمة شرحه لكتاب الزوهار (אור החמה) رواية مفادها بأن كتاب "البهاء" أو "الزوهار" إنما كُـشِف عنه للعالمين على قمم جبــــال تودغا بالجنوب الشرقي للأطلس الكبير، بعدما ظل مكنونا مختوما مند الأزل وإلى عهد قريب (انظر الزعفراني 1991 ص:74). تقول تلك الأسطورة:
« ظل كتاب البهاء/الزوهار مختوما مكنونا في إحدى مغارات "ميرون" بجبال الجليل. وحدث أن عثر عليه أحد الأعراب فباعه للتجار، الذين اتخذوا منه قراطيس لقرطسة توابلهم. وحدث أن وقعت ورقات منه بين يدي أحد الربيين من حجيج المغرب، فبحث عن سائر أعشار شتاته وجمعها. وإذ كان ينتمي إلى مدينة مغربية تدعى تــــودغا، فقد صحب معه الكتاب إلى موطنه» (الزعفراني 1980، ص : 412).
- ثم إن أرض المغرب تعج بشكل منقطع النظير بمآت الأضرحة والمزارات للأولياء والصديقين اليهود المغاربة وحتّى لبعض الوافدين من فئة "المبعوثين" (שד"רים) الذين يفدون إلي المغرب من الأراضي المقدسة لتوزيع "تراب التبرّك" وجمع الصدقات فيوافيهم الأجل بالمغرب. هذه الأضرحة، التي يتداخل في تبنّي قليل منها اليهودُ والمسلمون، قد كُتب عنها الكثير (Voinot 1948, Ben-Ami 1990؛ وآخر ذلك عمل هو موسوعة Chaoul Tangi التي لم تنشر بعد)، وما تزال تشكل، إلى اليوم، مزارات يحج إليها اليهود المغاربة من جميع أنحاء العالم لإحياء هيلولاتها الموسمية.
تفاصيل كل هذه الروايات والمناقبيات والأساطير مزيد من ذلك، موثقة بالمراجع وصفحاتها في عمل عنوان "صورة المغرب في بعض المكتوبات العبرانية واليهودية" كان قد نشر أول مرة سنة 1995 ثم أعيد نشره آخر مرة في المدلاوي2012 (ص: 243-273):
المدلاوي، محمد (2012) رفع الحجاب عن مغمور الثقافة والآداب، مع صياغة لعروضي الأمازيغية والملحون. منشورات المعهد الجامعي للبحث العلمي. الرباط.
------------------
مناسبة تذكيري بهذه الأبعاد هو بعض المقتطفات التي عممها مؤخرا موقع מורשת יהדות מרוקו "تراث يهود المغرب" وأحدثها بعنوان "L’exil marocain dans la poésie de David Hassine" نشر بتاريخ 21 ماي 2021 (انظر هـــــــنـــــــــا). والربّي دافيد حاسين ربّي وشاعر مكناسي كبير عاش في القرن-18 (1722-1792). وكان قد سبق ذلك عودة التذكير بقوة في نفس الموقع في الأشهر الأخيرة، بعد عودة العلاقات ما بين المغرب وإسرائيل، بما يسميه البعض بـ"الأدبيات البكائية" (قصة "لالّا سوليكة/صول"، وقائع ما كان يسمّى بهجومات /تريتل/ في فاس وجرادة خاصة...)
---------------------------
محمد المدلاوي
https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres