(En arabe) Eléments de connaissance préliminaire à propos de Tifinagh
عناصر معرفية أوّلية حول حرف تـــــفيـــنــــــاغ
--
1 "تيـــفـينـــــاغ" حرف كتابة ألفاظِ أوجهٍ مختلفة من الأمازيغية، وليس لغة من اللغات كما يختلط ذلك في أذهان كثير من الناس، بمن فيهم بعض المسؤولين الذين يراسلون مؤسسة أو شخصا طالبين "من فضلكم، ترجمة العبارة xxx xxx xxx إلى تيفيناغ"
2 حرف تيفيناغ من صنف الكتابات الإلفبـــــائيــــــة (alphabétique)، أي أن الوحدات الكتابية فيه (أشكال رموز الحروف) تمثل أصوتا بسيطة دُنيـــــــا (ب، ج، د، هـ ...) ليس للصوت الواحد منها معنى معجمي في حدّ ذاته، وإنما تركّب في ما بينها فتدل الكلمة الكتابية من عدة أشكال حرفية على لفــــــظ كلمة من الكلمات (/ج.م.ل/ مثلا = الحيوان المعروف في العربية)، أي أن تلك الوحدات الكتابية ليست تصـــــويرات تشكيــــلية للماهيّــــــات الملموسة أو التجريدية بالمجاز (مثلا: صورة "جمل"، صورة "جبل"، صورة خط منكسر يمثل التموّج دلالة على "الماء"، الخ.) على غرار ما عُرف بالكتابات الهـــــــيروغلــيفيــة (hiéroglyphes) في كثير من الحضارات (مصر الفرعونية، الأزتيك، المايا، الخ.). معنى ذلك أن تيفيناغ تنتمي إلى الصنف الكتابي الذي تطوّر في حوض البحر الأبيض المتوسط عن النموذج الفينيقي (الكتابات السامية اللاحقة، والكتابات الإغريقو-لاتينية ...) ويتميز عنه بإضافة الحركات (المسمّاة /تيدباكين/)، خصوصا حركة الفتحة، ليس مجرّد إعجامات جانبية ملحقة ولكن كأحرف مندمجة في صلب الكتابة، على النموذج الإغريقو-لاتيني. ليس هناك جزم لحد الآن بمعرفة القنـــاة التي تفرع عنها النموذج الألفبائي لحرف تيفيناغ، أهو الوجه البونيقي (Punique) بعد استيطان جالية من الفينيقيين بقرطاج في تونس الحالية، أم أن لحرف تيفيناغ علاقة بالحرف الحميري المعروف بــ"المُسند" في جنوب شبه الجزيرة العربية (قارن بين الصورتين في نسخة الفايسبوك من هذا النص).
3 عرف ما يسمّي اليوم عامة بحرف "تيفيـــناغ" عدة أوجه وتطورات. من ذلك أوجه الحرف الليـــبـــياوي القديم (Lybique)، المشرقي منه والمغربي، والوجه الصحراوي الذي عُرف لفظا بتسمية "تيفيناغ" نفسها المستعملة اليوم على سبيل التعميم. أما الشواهد التاريخية القديمة عن هذه الكتابة، فهي محصورة في (أ) ما اكتشف لحد الآن من نقوش كتابية صخرية كثيرة منتشرة في كامل شمال إفريقيا والصحراء الكبرى، (ب) شواهد بعض المقاامات الرسمية، وأشهرها نصّ إهدائيــــة ضريح الملك النوميدي ماسيـنيـــنسا (القرن-3 قبل الميلاد) المودعة اليوم بمتحف باردو بتونس، (ج) بعض وثائق جماعات الطوارق في الصحراء الكبرى التي تعود إلى القرنين 19 و20 الميلاديين.
4 إضافة إلى وجه تيفيناغ الصحراوي الذي توفّر له نصيبٌ من الاستمرارية على يد النساء خاصة لدى جماعات الطوارق (مجتمع أميسي تتعهد فيه النساء الموسيقى والكتابة)، تم فك القيم الصوتية لأحرف الوجه الليبياوي الغربي على يد الفيليولوجي الفرنسي J.-B Chabot في بداية أربعينات القرن-20 على الطريقة التي سلكها شامبّوليون لفك رموز الهيروغليفيات المصرية انطلاقا من نص مزدوج اللغة والكتابة: أغريقي-هيروغليفي. تم ذلك الفك لرموز حرف تيفيناغ بفضل نصّ إهدائية الملك ماسينيسا التي كانت بدورها مزدوجة اللغة والكتابة: نص أمازيغي بحرف تيفيناغ الليبياوية وإلى جانبه مقابله البونيقي بالحرف البونيقي. ولقد اشتغل بعد ذلك الراحل ليونيل كالان (Lionel Galand) على نفس ذلك النص وغيره من أوجه تيفيناغ (بما في ذلك تيفيناغ الطوارقية) خلال سنوات الثمانينات من القرن الماضي، وكنت أحضر حلقاته في الموضوع بالمدرسة التطبيقية للدراسات العليا بجامعة السوربون، وأودع حصيلة دراساته تلك في كتابه لسنة 2002 (ص:37-47) الذي أهداني منه مشكورا نسخة فور صدوره.
.
ترجمةٌ إهدائية ضريح الملك ماسينيسا المزدوج اللغة والحرف حسب ترقيم أسطر النقيشة:
1- [هذا ضريح شيده مواطنو (مدينة) توﮔـّـا لــماسينيسا الملك، ابن ﮔــايّا الملك، ابن ژلـّـسن الحاكم]،
2- [في السنة العاشرة من (حُكم) ميـسيبـسا الملك،
3- [(الموافقة لـ) سنة شبت الملك، ابن ابشن الملك.
4- [(الموقعون:) قادةُ المائة: شنك ابن بنج الحاكم، ابن مـﮔـن بن تنكو]،
5- [(مَعَ) "مسكوج": مـﮔـن بن جرشتن بن سدجلن]
6- [مَعَ "ﮔزبج": مـﮔـن، ابن شبت قائد المائة، ابن ابدعمن الملك]؛
7- (ومَعَ) "ﮔـلدﮔجمل": زمر ابن مسنب بن عبدامن
8- [و (معَ) قائد الخمسين رجلا: مقلا بن اشجن الملك].
9- [(وقد) انتُـدب لـ(لإنجاز) هذه المأثرة اشجن ابن انكـّن بن بتش و أرف بن شبت بن شنك].
10- [والمشرفون على الأعمال: حنا بن جتنبعل بن حنبعل، و نبتستن بن شبت]
(مترجم عن: Galand 2002, p:14). ويمكن الرجوع إلى تفصيل حول منهج الحشوية في الحديث عن مثل هذه المعطيات إلى كتاب (المدلاوي 2019؛ ص:145-185).
.
5 على غرار الكتابات القديمة في مراحلها الأولى، كُتبت الحرف الليبياوي/التيفيناغي في مختلف الاتجاهات: من أعلى إلى أسفل، ومن اليمين إلى الشمال والعكس، وبالطريقة المسماة عند أهل الاختصاص بـ"الحراثية" (boustrophédon)، أي أن يُشرع في السطر في اتجاه معين إلى نهايته على رقعة الكتابة، ثم الاستمرار في الاتجاه المعاكس. وبعد تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وتصويت مجلسه الإداري، بالكيفية وفي الظروف والملابسات المعلومة (انظر رابطا أسفلة)، لصالح اعتماد حرف تيفيناغ لكتابة الأمازيغية، ومصادقة جلالة الملك على القرار، ثم شروع مركز التهيئية اللغوية الذي كنت أشتغل فيه كباحث، في تكييف أشكال ذلك الحرف اعتمادا على مختلف الاستعمالات القديمة والحديثة المتوفرة ليتلاءم مع الطبيعة الفونولوجية للأمازيغية الحديثة بأوجهها في المغرب، تمّـت إضافة إعجامات خاصة إلى أشكال بعض الحروف الأصلية للرصيد القديم الليبياوي/التيفيناغي (22 شكلا حرفيا، على غرار الأنظمة الكنعانية من فينيقية وبونيقية)، وذلك من أجل تمثيل أصوات مميزة استجدت في الأمازيغية، مثل الطاء والصاد، والراء المفخمة، وذلك على غرار ما حصل مثلا مع ظهور الحرف العربي انطلاقا من الحرف النبطي من استحداث حروف جديدة بإعجامات خاصة لتمثيل وأداء أصوات يتميز بها النظام الصوتي العربي عن نظام اللغة النبطية؛ هذه الأحرف المستحدثة عرفت بـ"الأحرف الروادف" (ث، ذ، ظ، خ، غ، ض). انظر التفصيل في (المدلاوي 2003).
.
6 المراجع المحال عليها:
Galand, Lionel (2002). Etudes de linguistique berbère. Peeters. Leuven-Paris.
المدلاوي، محمد (2003) "من التقييد العادي للبربرية" إلى "الإملائية الأمازيغية". مقدّمـــــــــــــات
المدلاوي المنبهي، محمد (2019). مساءلة البداهات، من خلال مفاهيم وقضايا بمغرب الإصلاحات. دار الأمان. الرباط.
المدلاوي، محمد (2003) "من ' التقييد العادي للبربرية' إلى 'الإمالائية الأمازيغية'". مـــقــــــدمـــات، المجلة المغربية للكتاب؛ عدد: 27-28 (الأمازيغية، تحدّيات ورهانات انبعاث)؛ ص: 28-39.
نسخة من هذا المقال عبر الرابط الآتي:
.
- وهذه الأن بعض ملابسات اعتماد حرف تيفيناغ لكتابة الأمازيغية (نص من عدة حلاقات روابطها الداخلية في نهاية الحلقة-1):
"فصيلة الأسئلة المغيبة في النقاش حول حرف كتابة الأمازيغية" (2003)
.
- الصورتان بهذا النص المرفقتان في نسخته بالفايسبوك (صفحة Mohamed Elmedlaoui بتاريخ 30 ماي 2019) كنموذجين لكل من حرف "المُسنـــــد" الحِميري وحرف "تيــــفيـــــناغ" توجدان كذلك في (المدلاوي 2019؛ ص:169)، وهما مصورتان من الكتاب الآتي:
Fiszel Roland (directeur ; 1990). Les caractères de l’Imprimerie Nationale. Imprimerie Nationale Editions.
-------------------------------------------------
محمد المدلاوي
https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres