OrBinah

(En arabe). Des archives du fond musical marocain, qui n’existe toujours pas

عن الأرشيف الصوتي/الحركي للموسيقى المغربية،

الذي لا وجود له بعدُ بالبلاد

 

 

 

 

قبل ما يربو عن عشر سنوات، وعلى إثر نشر أحد المقالات بالفرنسية والعربية حول موسيقى الروايس الأمازيغية ("مقامات وإيقاعات موسيقى الروايس؛ من أجل برنامج للحفظ"؛ نسخة فرنسية على الخط: هــــنـــــا)، وذلك على هامش إعداد كتاب مشترك مع زميلي فرانسواديل (F. Dell and M. Elmedlaoui; 2008. Poetic Meter and Musical forme in Tashlhiyt Berber Songs) بما تطلبه ذلك الإعداد من مآت الساعات من الإنصات والتسجيل والتفريغ التدويني لمآت الأشرطة الموسيقية المقتناة من السوق الشعبية، قمت ذات مرّة بزيارة للباحثة الإثنو-موسيقية، Miriam Rovsing Olsen، في مقر عملها بباريس بـمبنى "متحف الإنسان" (Musée de l’Homme) بـساحة تروكاديرو بباريس (شعبة الإثنو-موسيقى التابعة إداريا للمركز الوطني للبحث العلمي CNRS). تناقشنا في أمور الموسيقى المغربية، وخصوصا الناطقة منها بالأمازيغية، التي نذرت لها تلك الباحثة مشوارها الأكاديمي، بحثا ميدانيا ونشرا، وكانت قد شاركَت حينئذ للتوّ في إحدى دورات "ملتقيات الموسيقى الأمازيغية وموسيقى العالم" التي كنت مشرفا على الجانب العلمي لتنظيمها على هامش "مهرجان تيميتار" بأكًادير. حدّثتها عن المشروع الذي ختمت به المقال المذكور، والذي يتمثل في تشكيل قاعدة معطيات مرقمنة مبّوبة (اسم المغنّي، عنوان الأغنية، البحر العروضي للكلمات، نموذج نصّي لبيتين مع تسجيل صوتي لغنائهما) قصد تسهيل أعمال البحث في ذلك النوع الموسيقى من زوايا نظر مختلفة، موسيقولوجية وعروضية، وغير ذلك. أجابتني تلك الباحثة بأنه، إضافة إلى ما أتوفر عليه من أشرطة حديثة في ذلك الباب، يتوفر أرشيف مركزها على كمّ هائل من المادة الصوتية/الحركية الغنائية المغربية من مختلف الأنواع الموسيقية تعود إلى بداية العشرينات، وأن المركز مستعد لإبرام اتفاقية مع أي مؤسسة مغربية معنية قصد إعادة توطين نسخ (duplicatas) من تلك المادة بالمغرب ومن أجل تكوين وثائقيين (documentalistes) قصد تنظيم أرشفتها أرشفة مفهرسة في مركز خاص بالمؤسسة المعنية. وإذ لم أجد أي مؤسّـسة يعنيها ذلك الأمر، من بين المؤسسات التي عملتُ بها تباعا في ذلك الحين (المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، المعهد الجامعة للبحث العلمي)، فإن الفرصة قد ضاعت. لقد تقاعدت الباحثة المذكورة؛ ثم إني قد علمت مؤخرا أن شعبة الإثنو-موسيقى التي كانت تعمل بها في مقر "متحف الإنسان" قد تمّ تفكيكها بعد افتتاح "متحف كي-برانلي"، ونقل إليه رصيدها من المواد الإوركًنوغرافية (نماذج الآلات الموسيقية) وربما كذلك الأرشيف الصوتي. علمت ذلك وأنا أجرى بحثا في إطار إعداد نص موسوعي تعريفي قصير حول الموسيقى الأمازيغية.

 

فالذاكرة الموسيقة المغربية عامّة تظل، إذن هكذا، منعدمة؛ مثلها في ذلك مثل أوجه أخرى كثيرة من الذاكرة الثقافية. فمتى سيتم وضع وإنجاز برنامج تجميع واسترداد ما تفرق في خزانات العالم من رصيد أوجه الموسيقى المغربية؟ ومن النكت غير السعيدة حول هذا الفراغ المخزي في هذا الباب على سبيل المثال، أنه في سنة 2015، استضافت وزارة الثقافة، بتعاون مع "المجلس الوطني للموسيقى"، الدورة 36 لمؤتمر "المجلس العالمي للموسيقى" المتعامل مع اليونيسكو الذي انعقد بالرباط أيام 11-14 نوفمبر من تلك السنة لتجديد هياكله. وقد أُعجِب المشاركون، وكانو من 27 دولة من أوروبا الغربية والشرقية وإفريقيا والشرق الأوسط وإمريكا، بالحالة السائدة في الرباط، في عنفوان جوّ الأعمال الإرهابية التي زعزعت باريس يوم 13 نوفمبر خلال أيام انعقاد المؤتمر بالضبط. لكن، وعلى هامش الأشغال، اتصلت بنا (نحن: الأستاذ عبد العزيز بن عبد الجليل وأنا شخصيا بصفتنا مؤتمرَين منتدبين بمعية السيدة وفاء بنّاني عن "المجلس الوطني للموسيقى" المغربي) إحدى الباحثات المؤتمِرات (السيدة  Pia Shekhter) راجية منّا أن ندلّها على خزانة أو جناح خزانة تطلع من خلاله على التراث الموسيقي للمغرب، البلد المستضيف، وذلك بصفتها محافظة خزانة موسيقية بأحد بلدان أوروبا الشرقية وعضواً في جمعية International Association of Music Libraries، فكان لنا في ذلك حرج عظيم وشعور بالخزي، إذ لا يوجد ركن معروف موصوف في العاصمة المغربية التي احتضنت المؤتمر، ندلّها عليه لتجد فيه بعض ما تبحث عنه. فحتى مجموعة المادة الغنائية التي جمعها بول بولز في الخمسينات على سبيل المثال، والتي لها كانت لها بدورها قصة محزنة مع المؤسسات المغربية المعنية (انظر هـــنـــــا)، لا يعرف أحد أين يجدها في المغرب، بعد أن قامت خزانة الكونكًريس الأمريكي برقمنتها ونشرها بعناية الباحث الموسيقولوجي فيليب سكويلر. هذا وقد كان المرحوم أحمد رمزي، الوزير السابق وعضو أكاديمية المملكة المغربية، والعالم الموسوعي الكبير، من المولعين بالموسيقى عامة والموسيقى الكلاسيكية خاصة، رواية ودراية وتاريخا وخزانةً، والذي كلما التقيت به في حياته، رحمه الله، كان يحدثني عن قصصه مع حفلات أداء هذا الكونصيرتو أو ذاك، هنا أو هناك (خصوصا لما كان سفيرا يحضر بعض حفلات الموسيقى الكلاسيكية التي تحييها بعض التمثيليات الديبلوماسية الغربية في بعض الأقطار التي يحتفل فيها بطقوس تكسير الآلات الموسيقية). كان بدوره قد حدّثني يوما بمكتبه بأكاديمية المملكة المغربية بخصوص رصيد أرشيفات الموسيقى المغربية، عن أن هناك كثيرا من مراكز تسجيل الإيداع، ومن "متاحف الصوت والحركة" في فرنسا، كانت تودع فيها نسخ من كلّ ما كان يسجل بالمغرب من مادة صوتية/حركية منذ بداية القرن العشرين، وسمّي لي تلك المراكز لكنّي نسيتها؛ فمتى يتمّ وضع تنفيذ خطة عملية لاسترداد ذلك الرصيد؟

------------------------

محمد المدلاوي

https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques



07/10/2019
3 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres