(En arabe) Démence intellectuelle d’un jeune mouvement culturel au Maroc
الخَــــــرَف الفكري
في صفوف الحركة الثقافية الأمازيغية
داء الخَـــرَف لا يميّـز ما بين الأفراد، ولا بين العشائر والقوميات.
1- اليــــــــوم (يناير 2018)
ألا، لا يعتقدنّ معتقدٌ أنّ ما أخذت أسمّيه بـ"اللانكًويستيــكيات السماوية" أو مفهوم "اللغة الأزلية" مقصور على إنتاج بعض من "يدافعون" عن اللغة العربية (انظر هــــنــــا). فذلك المنحى، في مجال معالجة الشأن اللغوي، مؤشر مشترَك فيه من مؤشرات جميع أوجه تجليات الخرف الفكري، متأصّلا كان ذلك الخرف أم موروثا بالعدوى أو بالتقليد. ولا حرج في تناول هذه الأمور اليوم بوضوح بالنسبة لمن لا يفتعل "ترفع أهل العِلم" لكي لا يحرق أوراقه الوهمية في باب ما هو لائق سياسيا أمام هيئة الجمهور، التي استقرّ اليومَ لدى الجميع أنها هيئية الحل والعقد في باب تخويل الأهلية في كل المجالات. تناول مثل هذه الأمور فيه إهدار للجهد وللوقت؛ ولكنها أمورٌ تؤثث الواقع على كلّ حال وتؤثر فيه، وليس من الحكمة الترفّع عن مجرّد الالتفات إليها، ناهيك عن معالجتها.
فعلى غرار ما كنت قد تناولته، في نوع من السخرية، من حديث البعض من على المنابر عـــن سنة 2070 كأجل لانقراض لغات الكون ما عدا اللغة الأزلية المختارة التي ستتبوّأ عرش مدينة بابل البشرية الموحّدة كما كان هو الأصلُ ممّا أوردته الصحُف الأولى وكتُب السماوات العُلى، وحديث ذلك البعض عن استعدادات القوى العظمى "في سريّة تامة تامة تامة جدا" لذلك الموعد عن طريق نقل أرشيفها إلى تلك اللغة الأزلية الناجيّة، أقول على غرار كل ذلك، الذي هو في الواقع واقعٌ قديم تتغير مصطلحاته وسيناريوهات التعبير عنه حسب العصور، أخذ وجهٌ آخر من أوجه الخـــــرف مُناظِرٌ للأول في تماثُـل سيميتري، يتشكّل في توازٍ منذ حوالي جيل، وذلك بمفعول الإرث الثقافي والتقليد المضادّ في الاتجاه السيميتري المعاكس، نقطةً بنقطة.
لقد بدأ هذا الوجه الأخير يتجلى وتترسخ قسماتُه وتعابيره، من أعلى الهرم في صفوف النخبة، متوسّعا نحو الأسفل في قاعدة الجمهور. ذلك الوجه من أوجه الخًــرَف يرى في النهاية أن اللغة الأمازيغية هي أمّ اللغات الحقيقية، وليس أي لغة أخرى.
وقد أخذ كثير من المتبحّرين يدغدغ حماس المتحمّسين بإيراد أثر اللغة الأمازيغية في مختلف اللغات والحضارات. وآخر ما قرأت في هاذا الباب، هو أثر هذه اللغة (عبر وجهها الريفي بالضبط) في لغة شكسبير و وُردزوُرث وميلتون. ومن بين ما أورده صاحبه في هذا الباب كلمتا swiming "سِباحة" و earth "أرض"، اللتان قال إنهما تنحدران من الكلمتين الريفيتين/س-وامان/ "بـــالماء" و /ثاموارث/ "بَلـَـد/أرض" على الترتيب. أما متبحّرٌ آخر فقد قــاس ما "استقرّ" اليوم من أن الآلهة كانت قد قسّمت القارات والبلدان فيما بينها، فكانت بلاد "الحوز" الحالية، والمغرب عامة مثلا، من نصيب الإله /ياكوش/ (فسمّيت /مور-اكوش/ "بلاد ياكوش")، فبيّن أن بلاد النيل "مِصر" أنما سمّيت كذلك (بتاشلحيت، هذه المرة، حسب ذلك المتبحّر) انطلاق من عبارة /ميس راع/ التي قال بأنها عبارة شلحية والتي تعني "ابن راع" (المقصود: الإله "راع").
2- أمـــس القريـــب
هذا عمّا أصبح اليوم من الأدبيات الشعبية لدى بعض الجمهور، الذي يتحمّس لها من حيث إنها ترفع معنوياته المتهالكة. لكنّ ذلك يعود في الواقع، كما سبقت الإشارة، إلى عقود سابقة في أوساط النخبة الأمازيغية التي وضعت خطاطاته الأولى.
[[فقد كان "اللغوي المقارِن" الجزائري محمد هنّوز، قد نشر في الثمانينات من القرن العشرين كتابا عن اللغة الأمازيغية يجزم من خلاله "جزما لا يتطرق إليه الشك بانحدار هذه اللغة من أصل إغريقي". ثم اقتفى أثرَه بعد عشرين سنة من ذلك الباحثُ المغربي في العلوم الاقتصادية، الأستاذ لحسن أولحاج، العضو السابق في مجلس إدارة معهد الإركام، لما أصدر كتاب (La grammaire du Tamazight) سنة 2000 يقول في توطئته: "أني أزداد يقينا يوما بعد يوم بأن الأمازيغية تنحدر من الإغريقية القديمة".
إنه الكتاب الذي حرّر له الأستاذ محمد شفيق في حينه تقديما، عبر من خلاله مع ذلك في نوع من اللباقة عن "عدم قدرته" على الحكم على ما ذهب إليه صاحب الكتاب في ما يتعلق بالعلاقة بين الأمازيغية والإغريقية؛ وقد كان كلّ ذلك في إطار الاستعدادات التي كانت جارية لفرز نُخبةِ تأثيثِ مؤسسة كانت تلوح في الأفق.
وقد عاد ذلك الأستاذ مرارا إلى تأكيد "إثبات" "تميّز" اللغة الأمازيغية وقرابتها العضوية مع اللغة الإغريقية، "لغة العقل والمنطق"، وذلك من حيث "اطراد العلاقة ما بين طبيعة اللفظ وحقل الدلالة" في تلك اللغة (أي الأمازيغية). من ذلك مثلا ما ذهب إليه ذلك الأستاذ حينما أصبح عضوا في المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في محاضرة توجيهية أمام لغويّي مركز التهيئة اللغوية سنة 2004 بنفس المعهد (بعد تخلـّي الأستاذ شفيق عن عمادته)، وبحضور العميد والكاتب العامّ، وذلك حينما ادعى المؤلف المحاضر (ولم ينبس أحدٌ من أولئك اللغويين ببنت شفة) أنّ من أوجه الاطراد والمنطق في اللغة الأمازيغية (على غرار الإغريقية) أن جميع الكلمات الدالة فيها على الدُهنيات تتضمن بالضرورة صوت "الدال"، فساق "شواهد" /ودي/ "سمن"، /تادونت/ "شحم"، /اديف/ "مخ العظام"، ونسيَ أو تناسى الزيتَ المميِّز الرئيسي، الذي هو "اركَـــــــان" الذي ليس بين لفظه وبين الدال سوى "الخير والإحسان". وقد عزا المحاضر خاصية ذلك "الاطراد المنطقي" العجيب في دلاليات اللغة اللغة الأمازيغية إلى قوله في مقدمة كتابة المذكور ما ترجمته: "إني أزداد يقينا، يوما بعد يوم، بأن الأمازيغية تنحدر من الإغريقية القديمة، أو ربّما من لغة أمّ لكل من هتين اللغتين معا".
هذا، وإن الذي بلغ في باب "اللانكويستيكيات الأزلية الأمازيغية" الأوجَ، فأكمل دورة فــــلــــك التــــــــقليــــــد في الاتجاه المعاكس للانكًويستيكيات السماوية العروبية، وفاق رائدها المرحوم الليبي فهمي خشيم (صاحب نظريتي عروبة وعدنانية الأمازيغية وأمومة العربية لسائر اللغات؛ انظر هـــــنـــــا)، وزاد على ذلك معاكسةََ وتفــــــــنيـــــدَ "النظريات الغــــــــــربيّـــــة"، هو اليومَ أستاذ مغربي، عبد الله الحلوي، الذي بزّ من سبقه في قدرته اللانكًويستيكية على إعــــــــادة صيــــــــاغة تاريخ البـــــــــشريّـــــة انطلاقا من معالجاته الباهرة لألفاظ اللغة الأمازيغية في مقارنةٍ لها بلغات الكون الميتة والحية. وهذا نموذج من لـُقاه في الباب (انقر هــــــنــــا)
وأخيرا، فإن الهواة، من مختلف المستويات، قد نبشوا في مقابر الأساطير ليثبتوا أن للأمازيغ إلهَــهم القومي ("ياكوش" مثلا)، وديانتَهم القومية، وأنبياءهم القوميـين. وفي باب هذه النقطة الأخيرة، كانت شهرية "تامازيغت" مثلا، التي كان يصدرها الأستاذ أحمد الدغرني قد نشرت مقالا مطولا على طول وعرض صفحة كاملة عن مناقبيات أحد الأولياء الفولكلوريين، المسمي "سايدنا دانيال" (دانيال اسم نبي من أنبياء بني إسرائيل خلال النفي البابلي) الموجود "قبره" بـ"تالات ن-ياعقوب" بجبال الأطلس، والذي هو مزار شعبي للمسلمين واليهود على السواء مثل كثير من الأولياء في المغرب (أنظر Ben-Ami 1990). وقد قدم المقال تلك الشخصية الأسطورية اعتمادا على بعض المناقبيات على أنه أحد أنبياء الأمازيغ، وخُتم المقال بتوجيه نداء إلى من لديه مزيد من المعلومات حول هذا النبي الأمازيغي ليزود بها الجريدة.]]
(القسم-2 أعلاه مقتطفٌ من كتاب "الراكًد"، كتاب مرقون: 660 ص؛ بعنوان "مساءلة البداهات؛ قضايا ومفاهيم في مغرب الإصلاحات" 2011)
-----------------------
محمد المدلاوي
https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres