(En arabe) De la méthode en étymologie de l'arabe marocain
ملاحظات حول التأصيل المقارن لمفردات معجم العربية المغربية الدارجة
يواصل الأستاذ عبد المجيد جحفة عمله التأصيلي المقارِن ما بين معجمي سجلّي العربية: سجلّ العربية الدارجة المغربية وسجل العربية الفصحى. السجل الأول هو حصيلة تاريخية لاحتكاك سوسيولغوي طويل الأمد جرى على عدة مستويات استعمالية (عالمة وشعبية) عبر قرون، وهو ما يزال جاريا، بين لغتين تنتميان إلى الأسرة اللغوية الكبرى المعروفة بالأسرة الحامية-السامية أو المجموعة الأفرو-أسوية التي تقابل المجموعة اللغوية الكبرى الأخرى المسماة بـ"المجموعة الهند-أوروبية" تقابلا باعتبار درجات القرابات الصوتية والمعجمية والصرفية والتركيبية بين لغات كل من هذين المجموعتين الكبريين.
ترتب الاحتكاك التاريخي المذكور عن تحول ديمغرافي وسوسيو-ثقافي تاريخي نوعي بدأ مع انتشار الديانة الإسلامية في شمال إفريقيا، وكانت العربية الفصحى/المعْربة حامل النصوص المؤسسة لها، بينما شكّـلت أوجه لهجية عربية أخرى غير مُعْربة لغة تواصل الحاملين الأولين للدين الجديد. وقد أدّت مكانة العربية بجميع أوجهها بفضل تلك الوظيفة التي أصبحت لها في الدين والدولة إلى إقبال سوسيو-لغوى قويّ عليها من طرف الناطقين بالأمازيغية، باعتبار القيمة الرمزية السوسيو-لغوية للعربية من حيث تشكيلها لقناة الترقية الاجتماعية ضمن الوظائف الاجتماعية الجديدة بالنسبة للبعض (قرّاء، حفّاظ، فقها، عدول، قضاة)، وباعتبار أوجهها المنطوقة قنوات للاقتراب أو للاندماج في نسيج المعاملات بالحواضر السلطانية أولا ثم مطلق الحواضر بعد ذلك بالنسبة للجميع.
ذلك الإقبال السوسيولوجي على أوجه مختلفة من أوجه العربية من طرف أجيال متعاقبة من ناطقين لسانُهم هو أوجه متنوعة من الأمازيغة، هو ما أفضى إلى التشكل التدريجي الطويل الأمد والذي ما يزال مستمرّا لما يعرف اليوم بالدارجة المغربية. هذا ما جعل العربية المغربية الدارجة على مختلف المستويات (الصوتية والصرفية والتركيبية والمعجمية) "مجالَ توارد بين الأمازيغية والعربية" على حدّ تعبير الأستاذ محمد شفيق في كتابه المخصص للموضوع (انظر كذلك نصّا آخر في نفس الموضوع عبر الرابط -أسفله).
وإذ درج خـُـلوصيّـو التطهيــــــر المعجمــــي على اعتبار كل ما هو جـــــــارٍ ودارجٌ على لسان الناطقين بالعربية عنصرا عاميّــــــــا دارجيّا تلهيجيا غيرَ فصيح فيتعين اطّراحُه على غرار اطّراح بعض هذا الجيل لـ"نبّــه/ينبه/تنبيها" على سبيل المثال، والاستعاضة عن ذلك خطأً بـ"نوّه/ينوّه/تمويها" (انظر النص-عبر الرابط الآتي المذكور)، فيبدو أن الذي يهمّ الأستاذ جحفة من ذلك التداخل المذكور بين العربية والأمازيغية في سجلّ الدارجة المغربية هو توسّم وتقصّي عناصر الجانب معجم الفصحى في سجلّ العربية الدارجة، مما لم يعد الجيل يعتبره من صميم العربية بمجرد حُكم أن المدرسة والكتّاب لا يستعملونه و/أو لمجرد أن المشارقة لا يفهمونه، ثم القيامُ بتأصيله اعتمادا على معاجم العربية الفصحى. ولذلك نجد الأستاذ جحفة يعمد إلى استقراء ما أصبح يُعتبر غريــــــبا "غير عربي" في ذلك السجل دون غيره ممّا لا يزال نظيره في العربية الفصحى شفافا بناء إلى استعمالات المدرسة والكتابة واستعمالات المشارقة، من قبيل /إرض/ و/سماء/ و/خبز/ و/ماء/.
ومن أواخر كلمات العربية المغربية الدارجة التي تقصّى الأستاذ جحفة أمرها تقصيّا تأصيليا مقارنا، على ضوء ما يقاربها لفظيا في معاجم اللغة العربية الفصحى، كلمة "الخــــــــنونـــــــة" التي تعني "المخاط". وبقطع النظر عن كل التقريبات الدلالية لجذري /خــنّ/ و/غـــنّ/ في العربية الفصحى، ممّا له طابع محاكاتي طبيعي (onomatopée) لجرس أصوات التجويف الأنفي، مما أحصاه الأستاذ اعتمادا على معاجم الفصحى، فإن كلمة "الخنونة"، التي تدل على المــــــــادة الإفرازية الأنفية باعتبارها مادة، أي المخاط، قد تكون باب الخصائص المعجمية للعربية الدارجة المغربية (الشمال-إفريقية؟)، أي أنها تنتمي إلى ذلك الرصيد من المفردات التي ليس لها نظير لفظي/دلالي لا في الفصحى ولا في اللهجات العربية المشرقية المتداخلة بدورها معجميا مع لغات أخرى (عبرية، كنعانية، حميرية، فارسية، تركية). أي أنه يتعين البحث عمّا إذا كانت الكلمة مستعملة بنفس المعنى الحقيقي، أي "المخاط"، في لهجة عربية مشرقية أم لا. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فلا يمكن البحث التأصيلي المقارن سوى في المعجم الأمازيغي، الذي دخل منه، كما هو معلوم رصيد مهمّ إلى معجم الدارجة المغربية، ليس فقط في باب المصطلحات السوسيو-ثقافية والسوسيو-اقتصادية (/المزوار/ "النقيب/المقدّم"، اكًدال "الحمى/القصر"، /التويزة/ "العمل الجماعي" ...)، ولكن كذلك في باب المفردات العامّة العاديّة (/سيفـط/ "بعث/أرسل"، بـــرا/بريّة "رسالة"، /ملغيغة/ "يافوخ"، /اركًان/ "نوع من الشجر الزيتي"، /املو/ "مطحون اللوز"، /ازيزا/ "نوع من التمر مخضوضر اللون" ...). وفي هذا، الاتجاه، فإن المفردة المشتركة في أوجه الأمازيغية للدلالة على المخاط هي /اخلول/ وتؤنّث كذلك بصيغة /تــاخلولـــت/. ومن المعلوم أن كثيرا من الأسماء التي دخلت من الأمازيغية إلى الدارجة تلحقها تغييرات صرفية لتستقيم على صرف العربية الدارجة (تحليها بلام التعريف غير الموجودة في الأمازيغية، وتجريد المؤنث /تـاxxxــت/ من تاء التأنيث الأولى، كما في /تالوست/ "اللوسة"، /تانكًافت/ "النكًافة")، وتعتريها في بعض الأحيان إبدالات صوتية جهوية، كما في /لالّــــــة/ "السيدة/الأخت الكبرى" التي انتشرت في كثير من المناطق في الدارجة بلفظ /نانّــــة/ (كان المرحوم الحسن الثاني قد تحدث يوما عن سيدة تعرف في القصر بــ/نـانّــة قاقنّة / "السيدة رقية" في أيام "بُّــا حماد"). ومن المعلوم أن نطق اللام نونا من خصائص دارجة تافيلالت التي انتشرت انطلاقا منها كثير من الكلمات بذلك الإبدال الصوتي، وأشهرها نطقُ /مولاي اسماعيل/ بلفظ /مونـاي سماعين/. معنى هذه الفرضية هو احتمال كون /خنونة/ عبارة عن تعريب دارجي لكلمة /تــاخلولــت/ الأمازيغية مع ما لحقها من إبدال اللام نونا.
خلاصة كل هذا هي أنه إذا كان من صميم الصحة أن أساس معجم العربية المغربية الدارجة مشترك فيه مع معجم العربية الفصحى، مع مجرد إسقاط حركات الصرف (الحركات القصيرة الداخلية للكلمة) وحركات الإعراب، فلا يمكن إرجاع جميع مفردات هذا السجل اللغوي إلى معجم الفصحى عن طريق التقريبات المجازية والاستعارية التي لا حدود لتداعياتها الممكنة دلاليا والتي لا تصلح بسبب ذلك لتُتّخذ أساسا لتحقيقات المقارنة اللغوية.
.
النص المكمل المحال عليه أعلاه (نص مطوّل قد يستدعي قراءة خاصة):
"العربية المغربية الدارجة؛ ما هي، وما وظائفها؟" (وينتهي ببعض المراجع في الباب)
https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-1-c-est-quoi-l-arabe-marocain-1-lexique
----------------------------------------
.
محمد المدلاوي
https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres