OrBinah

(EN ARABE) De l'Intelligence économique à l"Intelligence éducationnelle"

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis surARABE(Window

 

من "الاستعلام الاقتصادي" إلى "اليقظة التربوية"

 

من خلال إجابته عن سؤاله القائل "لماذا تؤلمني مدرستنا؟"، قام الكاتب-السائل مؤخرا، الأستاذ عبد الجليل الحجمري، في عمود له بإحدى الجرائد الإليكترونية، بوضع السبابة على جميع مواطن الاعتلال بجسد المنظومة التربوية بالمغرب الحديث عبر تطورها. فعل ذلك مشخّصا في نفس الوقت طبيعة الاعتلال في كل مفصل ومستوى (انقر هنا). وفي مقال سابق لي بعنوان "حالة استثناء في قطاع التربية والتعليم كقطاع استراتيجي سيادي؟" بنفس هذا العمود، تم التركيز على عواقب ترك هذا القطاع الاستراتيجي لتقاذفات رياح الحسابات الأيديولوجية و/أو الانتخابوية الظرفية الضيقة (انقر هنا). وقد ركز المقالان بشكل مباشر أو ضمني على وجه واحد من أوجه الإشكالية التربوية بالمغرب، ألا وهو مدى ملاءمتها، عبر تطورها، لغايات تأهيل الفرد للاندماج السوسيو-اقتصادي في المجتمع. والحقيقة أن ليس هذا هو المقصد الوحيد لأي منظومة تربوية في مجتمع حديث. فزيادة على مختلف الكفاءات الأساسية التي يُنتظر من أي منظومة من ذلك القبيل أن تُـكسبها بدرجات متفاوتة للمتعلم، حسب قدراته (القراءة، والكتابة، والحساب، ومهارات عملية معينة، وقدرة على التواصل حسب القطاع)، ينتظر اليوم كذلك من التربية في أي مجتمع حديث، مجتمع المعرفة، أن تُـكسب كفاءتين أخريين بدرجات متفاوتة حسب مدى المسار التعليمي المحقق، وهما: (أ) كفاءة روح المواطنة القائمة على أسس قيم الفكر الأخلاقي الكوني الحديث، (ب) كفاءة الفكر النقدي العقلاني، التحليلي والتركيبي، الذي من شأنه أن يجعل النخبة المنبثقة عن عملية التربية نخبة بناءة وليس مجرد نخبة اجترارية أو احتجاجية أو ربما نخبة رافضية إطلاقا على أسس عاطفية يتم تصريفها حسب تعاقب الأطر الأيديولوجية المتناسخة الأشكال والشعارات بالرغم من وحدة جوهرها الرافضي.

وعلى سبيل المثال فقط في ما يتعلق ببعض مظاهر الاختلال الحالي للكفاءة الأولى من الكفاءتين المذكورتين، نسوق هذين السؤالين اللذين طرحا في الموسم الماضي (2013)، أي بعد دستور 2011، لاختبار كفاءات الطلبة في قسم الإنجليزية بإحدى الجامعات المغربية: (1) "بيّن كيف أن تاريخ اليهود يثبت مدى كراهيتهم لسائر الشعوب"؛ (2) "كيف يمكنك أن تبرر كون انعدام الضمير الأخلاقي وكذا سوء السلوك في اليهودية، إنما يعودان إلى وجود فراغ روحي؟" (انقر هنا).

هذان السؤالان اللذان يتكاملان من حيث منطوقيهما ومفهوميهما، واللذان يُـفترض مبدئيا أن تُختبر من خلالهما حصيلةُ عمل سنة كاملة من تكوين جامعي في باب تمكين النشء من لغة أجنبية على ضوء الوظائف التي أسندها الميثاق الوطني للتربية والتكوين للغات الأجنبية (نقل المعرفة، الانفتاح والتواصل، الخ. انقر هنا) يعطياننا فكرة صادقة التمثيلة عن طبيعة موضوع "الجهود التكويني" في حصة من حصص "الإنجليزية" طول السنة في بعض المؤسسات الجامعية، وذلك بعيدا عن أنظار أي شكل من أشكال مؤسسات الحكامة الجيدة المطالبة بالسهر على مطابقة مناهج ومضامين وطرق التكوين لروح النصوص المؤسِّسة وعلى رأسها الدستور الميثاق المذكور.

الواقع أنه منذ عقود، كان النظام التربوي المغربي هدفا لحملات تحريفية متعاقبة على مستوى الكفاءتين المذكورتين سابقا، وذلك بسبب قابلية هذا النظام للاختراق من طرف مختلف الرهانات السياسيوية والأيديولوجية الداخلية والخارجية. وآخر أوجه عمليات الاختراق على مستوى كفاءة الفكر النقدي العقلاني وجه يتخذ اليوم طابعا أمميا جديدا، ويـتميز بالخصوص هذه المرة بكونه خطة معلنة وممنهجة تمت صياغتها صراحة على شكل خارطة طريق ذات برنامج متعدد الأبعاد على المدى الطويل (منح دراسية، توجيه أطاريح جامعية، محاضرات ومناظرات، معارض كتاب، تدخل لدى أصحاب القرار، تأسيس هيئات فرعية ولجن قطرية وسيطة).

هذه الخطة تـتستر تحت رداء نبيل أطلق عليه "الإعجاز العلمي في القرآن والسنة"، وتفتعل نجومية إعلامية مزيفة حول بعض المحترفين الخائضين في ذلك الباب، متستهدفة على الأخص برامج ومناهج المواد العلمية في جميع المستويات وفي التعليم العالي على الأخص (أنظر هـنــا). ويتمثل "المنهج العلمي" الجديد المبشّر به في بهر وسلب العقول الناشئة والذهنيات الضعيفة بمفاتن بدعة جديدة في علم التفسير، تستخدم صيغا شعبية من إسرائيليات القبّـالة القيمطرية اليهودية قوامها بهلوانيات عِرافية مما كان يسمَّى "حساب الجُمّـل" (Numérologie alphanumérique)، وذلك للتدليل على أن كل الحقائق العلمية النسيبة الحديثة، المؤسَّسة تجريبيا (الوزن الذري للحديد مثلا) أو المدّعاة ادّعاءً (ادعاء كون مكة المكرمة مركزا جغرافيا ومغناطيسيا للأرض أو أن الاتجاه الطبيعي لدوران عقارب الساعة هو من اليمين إلى الشمال) هي حقائق مشفّـرة منذ الأزل في متنَي القرآن والسنة، وأنه تكفي ممارسةُ تلك البهلوانيات الحسابية لإعادة "اكتشاف" ما هو مؤسس منها تجريبيا أو إضفاء الطابع العلميي على ما هو مُدّعىً.

وقد بدأ الاهتمام الجدّي لهذه الخطة الأممية بالمغرب مع مستهل سنوات 2000، وذلك كرد فعل على أول محاولة لتأطير عقلاني للمنظومة التربوية في هذا البلد من خلال اعتماده لوثيقة "الميثاق الوطني للتربية والتكوين" سنة 2000 (انقر هناحيث تم تأسيس الفرع المغربي لتلك الهيئة العالمية سنة 2003 بكلية العلوم بالرباط، التي هي مقرها إلى اليوم (انظر هنــا). ولتكوين فكرة ملموسة عن  هذه خطة تلك الهئية في المغرب، يكفي استحضار ما اقترحه السيد عبد الله القرني، عضو الهيئة العالمية لهذه المنظمة، على فرعها في المغرب على أعمدة إحدى اليوميات المغربية سنة 2004 (انقر هنا). لقد اقترح تكوين "مجلس استشاري" يضم من بين أعضاءه مستشارا ملكيا، ورئيس المجلس العلمي للرباط وسلا، وعميد الدراسات الإسلامية [هكذا]، وعميد كلية العلوم بالرباط، ورئيس منظمة الإيسيسكو بالرباط، ذاكرا الجميع بأسمائهم، وذلك للتعاون مع فرع "هيئة الإعجاز العلمي" بالمغرب من أجل اعتماد منهجه في مختلف أسلاك التعليم، وفي توجيه إعداد الأطروحات الجامعية بالأقسام العلمية.

إن الأمر يستهدف  في نهاية المطاف عصبا مقتـليا من أعصاب الأمن الوطني بالمفهوم العام الحديث للكلمة. فإذا أصبح اليوم مفهوم "الاستعلام الاقتصادي" (Intelligence économique وجها معرفيا ورهانا أمنيا جديدا، فإن "اليقظة التربوية"، التي هي أساس سائر أوجه الأمن، قد أضحت من المهام العمومية الحيوية لكل مجتمع حديث ناشئ كالمجتمع المغربي، حيث ما يزال على عاتق الدولة دور أساسي للقيام به في باب ترقية التعليم والتربية وتحصينهما وضبط توازناتهما؛ وبه الإعلام، والسلام.

--------------

الأصول الأولى للمنهج الجديد، كمنهج ثم كحركة

حسب دراسة مستقصية لتاريخ هذه الحركة الفكرية نشرت سنة 2002 بصحيفة وال ستريت جورنال (انظر هــنــا)، ترجع الأصول الأولى لمنهج الإعجاز العلمي في القرآن والسنة إلى أعمال الفرنسي موريس بوكاي (Maurice Bucaille ) في السبعينات. ويعتبر الدكتور زغلول النجار مروجها الحركي الكبير، فإن من تلامذته المبشرين بها اليمني، عبد المجيد الزيداني، الذي قال عنه نفس المقال المشار إليه إنه كان من المستشارين المقربين من الشيخ أسامة بن لادن الذي يتحمس بدوره لهذا المنهج الجديد في التفسير (انظر هــنــا)، وذلك قبل أن يستقيل سنة 1995 من منصب الأمين العام للجنة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ليصبح زعيما فاعلا في حزب معارض في اليمن حينئذ يدعو إلى إقامة الدولة الإسلامية.

 

 



21/10/2013
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 345 autres membres