(EN ARABE) 3-Innocence des Musulman, un choc de civilisations?
(1) Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis surARABE(Windows)
(2) نافذة التعليقات لا يظهر فيها الحرف العربي بشكله الصحيح بعد إرسال التعليق.
"صدام حضارات"، أم صدام أوجه الجهل؟
3- غضب "نصرة الرسول" ونظرية بافـلـوف
القسم الأول عبر الرابط الآتي
تعليقا على ردود الفعل التي ردت بها الجموع على الشريط الرديء ا المسمى "براءة المسلمين"، انتهى النص الأول السابق، بعد تحليل لمفهوم "حضارة"، إلى أن ذلك المفهوم لا يسمح منطقيا بأن يكون هناك صدام بين النماذج الحضارية (ما سمي بـ"صدام الحضارات")، وأن الصدام إنما يقوم بين أوجه الجهل والجاهلية. وقام النص الثاني بتحليل لمفهومي "الجهل" و"الجاهلية"، فانتهى إلى أن الأول ينتمي إلى الحقل المعرفي، ويقابله فيه مفهوم "العلم" أو "المعرفة" بالأمور. أما المفهوم الثاني ("الجاهلية") فإنما ينتمي - بناء على تحليل سياقات استعمال لفظه (خصوصا الحاديث وخطبة الوداع) - إلى حقل الأخلاقية والتعامل والتداين في مجمع "المدينة" (لفظ كان يطلق على "الدولة")، وليس له أي مضمون عقائدي مِـلـّي ولا أي مضمون معرفي. وإذ "الجاهلية" بصفة عامة هي الصدور عن الأهواء الغضبية واعتمادها في التعامل، والإسراع إلى الصدام العشائري لتدبير شأن التدافع على جميع المستويات، فإن المفهوم المقابل لها في معجم العربية هو المعبر عنه بلفظ "الإسلام" (من "أسلم، يسلم"، أي جنح إلى السلم والسلام في التعامل).
أما النص الحالي فيتناول جانبا من جوانب سيكولوجيا السلوك الجماعي لظاهرة الجاهلية. ذلك لأن انفكاك غلواء الغضب الجاهلي بمبرر شريط "براءة المسلمين" هو في الحقيقة عبارة عن مظهر من مظاهر أحد البراديغمات (paradigme) السلوكية الجميعة، المعروف اليوم لدى كل من يعنيه الأمر؛ وهو بارادغيم سلوكي ويندرج - على المستوى الجمعي – في إطار سكولوجية "الفعل المنعكس الشرطي" التي جُربت علميا أول ما جربت على كلب العالم الروسي بافلوف (Ivan Petrovitch Pavlov). وقد عُرف هذا الباراديغم - في ما يتعلق بالسنين الأخيرة - منذ ردود الفعل الهوجاء على رواية "آيات شيطانية" لسلمان رشدي الذي أهدرت دولة إقليمية دمه على الصعيد العالمي سنة 1989 مقابل رزمة من النفطودولارات، مرورا بالضجة حول كارتونيات "بوكيمون"، وحول كارتونيات الكاريكاتوي السويدي، وشريط فان-غوغ الهولندي الذي تم اغتياله، الخ.
وإذ الفعل المنعكس (reflex) هو "رد فعل فيزيزلزجي لا-إرادي"، فإن نظرية بافلوف انطلقت من ملاحظة مفادها إنه إذا ما تم تعويد كلب من الكلاب مثلا، لزمن معين، على أن يقدم إليه طعامه مقرونا كل مرة بصوت جرس مثلا، فإن سيكولوجية ذلك الحيوان تنتهي بأن تقرن في ذهنه بين عينية المثير الطبيعي (أي الطعام، في هذه الحالة) والمنبه المصاحب لذلك المثير؛ وذلك إلى درجة أن الكلب ينتهي بعد ذلك إلى الانفعال وإفراز اللعاب كلما سمع ذلك المنبه، ولو لم يقترن بتقديم أي طعام.
والجميع يعلم اليوم أن الجموع التي تنفعل من موسم لآخر، فتزبد وترغي وتفغر أفواهها بالصراخ الجنوني مفترة عن أنيابها وأضراسها أمام الكاميرات قبل أن تتوجه بعصيها ومناجلها ومعاولها وعبواتها الحارقة إلى هذه القنصلية أو تلك السفارة أو ذلك المعبد لدكه بمن فيه، لا تكون قد قرأت لا الآيات شيطانية بلغة شكسبير، ولا شاهدت هذه الكارتونيات أو ذلك الشريط؛ وإنما كان يكفي لإثارتها في كل مرة استعمال منبه مناسب من المنبهات التي يتقن اختيارَها وترسيخَها في الذهن الجمعي كلُّ من يعنيه الأمر، ممن يطبقون نظرية بافلوف على المستوى الجمعي في باب السياسة والإعلام.
وبما أن لعلم سيكلوجيا السلوك الفردي تطبيقات عملية في مختلف الميادين، وعلى مستويات مختلفة (وأكثرها شعبية هو مصارعة الثيران في الكوريدا عن طريق استنزافها بمثير الخرقة الحمراء، وترويض حيوانات السيرك، من دلافين وفيلة وخيل وفقمات، للقيام بالرقصات المرغوب فيها لتسلية المشاهدين أو لمختلف أشكال التسخير)، بما أن الأمر كذلك، فإن السياسة والإعلام، على جميع مستويات فعلهما وتدخلهما، وباختلاف الأطراف الموظفة لهما في هذا الاتجاه أو ذاك، لا يحرمان نفسيهما من تطبيق نظرية "الفعل المنعكس الشرطي" على الجماعات والفئات والأقوام التي تستجيب سيكولوجيتها الجمعية لآلية ذلك الميكانيسم. فما دام الثور ثورا، وما دامت جماهير قوم الجاهلية ثورية المزاج، ومادامت للكلب سيكولوجية السباع ولو أصبح أهليا يزور عيادة الطيب ودكان الحلاق، فإن نظرية بافلوف قابلة للتطبيق العملي على السيكولوجية الثورية بجميع أوجهها، ومهما اختلفت المثيرات التي يستجيب لها قوم الجاهلية، أو ثور الكوريدا، أو كلب بافلوف وغير بافلوف.
وكما تبين ذلك المقابلة ما بين مثال إثارة كلب بافلوف ومثال إثارة ثور الكوريدا، فإن الإثارة تقوم على أساس نزوتَي نُشدان الرضا والمتعة، وتجنب الأسى والألم عند الكائن النزواني الاندفاعي. فإذا كان بإمكان التسخير السياسي أن يحصل من الجمهور الاندفاعي على سلوك معين في اتجاه أو في آخر، باللعب على تينك النزوتين، فإن بإمكان التسخير الاقتصادي والتجاري فعل نفس الشيء. وإذ مفهوم "المخابرة السياسية" أضحى اليوم معروفا لدى الجميع، فإن هناك مفهوما جديدا موازيا في باب الاقتصاد يعرف بـ"المخابرة الاقتصادية" (Intelligence économique) تخصصُ الشركاتُ الكبرى للبحث فيه اعتمادات مهمة في ميزانيتها التسويقية. فإذ تم التنبه مثلا إلى دور بعد السيكلوجية الهوياتية في السلوك الاستهلاكي لفصيلة من الأقوام الاندفاعية، فقد بادرت مثلا أكبر وأعرق الماركات العالمية، مثل كوكا-كولا، وبنفس الطريقة التي يستدرّ بها بافلوف لعابَ كلبه، فطورت معدولاتٍ مكيفة من منتوجها من مشروب الكوكا مقرونا بمثير من المثيرات الهوياتية، وذلك من أجل ضمان استمرارية رواجه بعد أن اتخذ ردُّ فعل القوم من المقاطعة وسيلةً لإثبات الذات وتأكيد الهوية. وبذلك خرجت "مكّا-كولا" مثلا إلى حيز الوجود؛ حيث أصبح بالإمكان للفرد من القوم المشدودين إلى السُرّة والمهووسين بالهوية، أن يحتسي نفس ما كان يشرب قبل مقاطعته فيقول: "أنا أشرب مكّا-كولا، إذن فأنا موجود"؛ وذلك بعدما كان يقول في غضبته: "أنا أقاطع كوكا-كولا، إذن فأنا موجود"؛ والمثل المغربي بليغ الخبث في هذا الباب رغم بذاءة قصته أصله.
كل هذا ما يبين أنه بالإضافة إلى الأوجه الأخلاقية المدنية لسلوك الجاهلية، مما تم التطرق إليه في النص الثاني السابق، هناك أوجه أخرى نفسية، وسياسية، وحقوقية، وفنية ثقافية؛ وهذا ما ستتناوله النصوص القادمة.
البقية عبر الرابط الآتي:
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres