(EN ARABE) 3- A-t-on perverti le concept de "Droits de l'Homme"?-3
(1) Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis surARABE(Windows)
(2) نافذة التعليقات لا يظهر فيها الحرف العربي بشكله الصحيح بعد إرسال التعليق.
هل تم تحريف مفهوم "حقوق الإنسان"؟
3- متى ينسى البعضُ جنسيةَ "موشي"، أو مِلـّـةَ "مْـسعود"؟
القسم الأول:
ما بعـد دستور 2011
تنص إحدى فقرات دستور الأخير (2011) للمملكة المغربية في باب أسس المواطنة على ما يلي:
[- حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان]
لقد سبق أن ورد في الحلقة السابقة ما يلي: [فبهذا المفهوم الفلسفي لحقوق الانسان، لا تشكل الدولة بأجهزتها ومؤسساتها المخاطب الوحيد لأي حركة من حركات حقوق الإنسان. فالدولة ليست مخاطبا إلا من حيث ضرورة تلاؤم دساتيرها قوانينها المدنية والجنائية والإدارية وممارسات أجهزتها مع مبادئ الإعلان الكوني لحقوق الإنسان. فالمجتمع كذلك مخاطب على جميع مستويات تنظيمه من الأسرة إلى المنظمة أو الفرقة أو الزاوية إلى مختلف الجماعات غير المهيكلة بما في ذلك جموع الشارع]. ["ولذلك فإن فلسفة مبادئ حقوق الإنسان قد واجهت في بداية نشأتها ليس جهاز الدولة العتيقة فحسب، بل كذلك وعلى الخصوص مختلف المؤسسات الاجتماعية المهدرة لتلك الحقوق].
ومن بين تلك المؤسسات الاجتماعية التي تمثل طرفا مخاطبا أمام كل حركة فكرية لإحقاق حقوق الإنسان، هناك مثلا بعضُ المنابر الإعلامية من قبيل ما سبقت الإشارة إلى نماذج من خطابه، بما يعكسه ويرسخه ذلك الخطاب من مفهوم للمواطنة كصفة تفاوتية تفاضلية مخوَّلة للناس بمقادير مختلفة، وليس كحق طبيعي قائم على أساس مساواة مبادئ حقوق الإنسان الطبيعية. إذ يتضح أن دستور 2011، كوجه من أوجه موقف مؤسسة الدولة من مبادئ حقوق الإنسان، باعتبار هذه المبادئ أساسا لمفهوم المواطنة، هو وثيقةٌ رسمية لا تعكس، في واقع الأمر، تطورا نوعيا مواكبا حاصلا على مستوى قيم خطاب الإعلام، الذي يعكس الرأي العام ويكرسه في نفس الوقت. وهذه بعض النماذج الحديثة (اكتوبر 2012) التي تبين ذلك:
في بداية شهر اكتوبر 2012، تم الإعلان في أوسلو عن فوز أحد أبناء الدار البيضاء، العالم سيرج هاروش (Serge Haroch) بجائزة نوبل في الفيزياء الكوانطية، وهو اليوم فرنسي الجنسية. وإذا كان صاحب النوبل الآخر من ذوي الأصول المغربية (باروخ بن اصراف Baruj Acerraf؛ نوبل في الطب لسنة 1980) قد ولد في كاراكاس بعد هجرة أبويه المغربيين، فإن الفيزيائي، سيرج هاروش، لم يغادر وطنه ومدينة مولده ونشأته إلا في سن الثانية عشرة (أي سنة واحدة قبل سن التكليف حسب الملة اليهودية). غير أن الإعلام لم يجعل هذه المرة من الحدث "حدثا" من مانشيطات إعلامية أو جذاذات تذكيريه تنقب وتحقق في أصول جنسية الفائز وفي ملته، على غرار ما رأينا في النماذج السابقة المتعلقة بالجُنَح أو بالمخالفات الروتينية التي تدرجها الصحافة الرصينة في باب "المختلفات" (faits divers) وليس في باب العناوين الرئيسية. لكنه، بعد أقل من أسبوعين من الصوم عن الكلام (silence radio) حول ملة وجنسية وأصول صاحب جائزة نوبل، تسقط جذاذة إخبارية من السماء لتمكـّن الأقلام من النبش من جديد لإبراز بُعد الملة ("يهوديان") وبُعد الجنسية الأصلية ("مغربيان") لشخصين اثنين، دون غيرهما (من مغاربة وأجانب) ممن تورطوا مؤخرا في كل من فرنسا وسويسرا في قضية تبييض أموال الحشيش "المصدّر" من مزارع المغرب.
فقد أشهرت "أخبار اليوم" في عدد 17 أكتوبر 2012 مانشيطا رئيسيا في صفحتها الأولى يقول: ["ثلاثة يهود مغاربة يبـيّـضون 111 مليار سنتيم من أموال المخدرات"]. أما "الأسبوع الصحفي" (18 أكتوبر 2012) فقد أشهرت في صفحتها الأولى عنوانا مؤطـَّرا يقول: [""مسؤولة فرنسية متورطة في عصابة يهودية مغربية"]. وأما صحيفة "المساء" (17 أكتوبر 2012) فقد خصصت للحدث ركنَ مقالتها اليومية الموقعة بالصفحة الأولى بعنوان: ["من أجل محاكمة 'الإخوة المالح'"]؛ ومما جاء في المقالة قولها: ["كنا نأمل أن تأتي وسائل الإعلام الفرنسية على ذكر المغرب على إثر الإنجاز الكروي الذي حققه أمام نظيره الموزمبيقي ... لكن المغرب حضر على العكس بقوة على خلفية تفكيك شبكة للمخدرات ... وعلى رأس هذه الشبكة 'الإخوة المالح'؛ وهم من أصول يهودية مغربية ... فهل ستتدخل العدالة المغربية للمطالبة بمحاكمة 'الإخوة المالح' الذين لوثوا سمعة المغرب ورموا به في مستنقع التشويه، أم إنهم كالحيتان الكبيرة، سيفلتون من شِباك العدالة؟] (يرجي غض النظر عن المؤشر المعرفي: "الحيتان الكبيرة تفلت من الشِباك!").
وأما العقل المدبر الرئيسي للشبكة في عالـيـتها (en amont)، فهو ليس في الواقع لا في فرنسا ولا في سويسرا. فقد قالت عنه يومية "الصباح" في حينه: ["كشفت التحقيقات أن العقل المدبر لتهريب المخدرات من سواحل الناضور إلى السواحل الأسبانية، ومنها إلى فرنسا، ليس إلا المدعو كمال الورياشي المعروف بـ"تشينو"]. هذه الشخصية لم يشر إليها ذلك القبيل السابق من الإعلام، لا بالاسم، ولا بالجنسية، ولا بالعقيدة والملة، ولا حتى من حيث مجرد الوجود، وذلك سواء على سبيل مجرد "أخبار وتنوير الرأي العام" أم من منطلق الدعوة إلى محاكمة "الذين لوثوا سمعة المغرب ورموا به في مستنقع التشويه" على حد قول مقالة يومية المساء.
كل هذا يعني أن إفلاح المنظومة الفكرية المغربية في مراوغة نقائض بعض تياراتها البنيوية، وذلك لما تمّت المصادقة على الدستور الجديد، لا يعني بالضرورة القدرة على تنزيل ذلك الدستور على أرض الممارسة والواقع. ذلك أن التنزيل على أرض الممارسة يتوقف أولا على رفع مضامين ذلك الدستور رفعا لتستقر في سماء العقلية، فتنزل منها بعد ذلك إلى أرضية الممارسة، كما هو شأن كل فكر فعّـال كيفما كان اتجاه فاعليته. وهذا يعود بنا مرة أخرى إلى طرح مسألة التربية ومضامينها كشرط قيام وشرط صحة بالنسبة لمفاهيم حقوق الإنسان وما يتفرع عنها كمفهوم "المواطنة".
الخــلاصــة
حينما يشكل مفهوم "المواطنة" سُـلـّـما تفاوتيا تـتــراتبُ على منازله قِـيمُ ذِممِ الناس وكرامتهم وجدارتهم حسب مرجعيات أبعاد الملة أو المذهب أو الإثنية أو اللغة أو اللون أو المستوى الاجتماعي أو الانحدار الحضري أو البدوي في السهول أو في الجبال أو الصحراء، الخ.، فإنه حتى إذا ما تم الإفلاح في استئصال بُعدٍ من تلك الأبعاد مما هو في أسفل السلم من الخارطة الاجتماعية بكيفية أو بآخرى، فإن وظيفة التراتبية ومنطقَها يقتضيان، على التوّ، أن يَحُل محلَّ ذلك البعدِ بعدٌ آخر من الأبعاد المتراتبة ليملأ "المنصب الشاغر". ولذلك فإن تعامل منظومة القيم مع بعض تلك الأبعاد، كما يعكس الخطابُ العام تلك المنظومة ويرسّخها، يكون في فترات وظرفيات معينة مؤشرا دالا أكثر من غيره على مدى قيام مفهوم المواطنة على مبادئ حقوق الانسان الطبيعية، أو قيامه على أسس اعتبارات أخرى. وفي هذا الصدد، كان قد حكى لي زميلي عمر أمارير في ديسمبر 1999 نكتة ذات دلالة انثروبولوجية عميقة، بقطع النظر مرة أخرى عن مدى واقعيتها؛ والصياغة في هذا الباب أعمق دلالة من الواقعية. وسنختم هذا الحديث بتلك الحكاية، كما بدأناه بحكاية كارل ماركس ودافيد روكفيلير مع "الرجعيين" و"التقدميين".
تزعم الحكاية الأمازيغية بأن علاقة مودة وصداقة وتبادلِ خدماتٍ ومنافعَ كانت تربط بين مسلم ويهودي في أحد دواير جبال الأطلس الكبير؛ وكان المسلم ذا وضعية اجتماعية دنيا ضمن بني ملته؛ إذ لم يكن لا ذا مال ومتاع وبنين، ولا من أسر الشرفاء ولا "المرابطين"، ولا هو كان من فئة "الطلبة" أو المتفقهين في الدين، وإنما كان من "الطالْـعين والهابْـطين" على حد قول الحسين السلاوي. ولما هبّت رياح التهجير الصهيوني لليهود في الخمسينات من القرن العشرين، وقف الصديقان للتوادع، فأجهش المسلم بالبُكاء وفاضت عيناه بالدمع المنهمر. وفي إطار الازدواج السيكولوجي الغريب، الذي طبع دائما - على المستوى الأنثروبو-ثقافي - المشاعرَ الملتبسة والمتناقضة بين أتباع الملتين، استغرب اليهودي درجة تأثر صديقه المسلم فقال له: ["لم أكن أتصور أن مودّتك لي كانت بهذه الدرجة؛ فهل أثر فيك فراقُ يهودي إلى هذه الدرجة، يا سيدي حْـــمـادْ؟]؛ فأجابه حْمادْ قائلا:
[احّ وكان ا-موشي؛ ورد غار تيطـّـيت اد-يكَـا لحال؛ نكّـين غيلاد اد را-يكَـ "موشي" ن-وضوّار].
ومعناه:
[يا ويحتاه يا موشي؛ لا ينحصر الأمر في مجرد الفراق؛ فأنا الآن مَن سيصبح "موشيَ" القرية"].
وليس هناك ما هو أبلغ في باب تأكيد ما يبرر توجسات "حماد" من الواقعة الأخيرة التي تميز بها الخطاب السياسي الرسمي لأحد نواب الأمة ورئيس فريقه في إحدى جلسات مؤسسة البرلمان؛ وهو ما نلخصه في مقتطفات من جذاذة صحيفة هيسبريس الإليكترونية http://hespress.com/politique/65605.html (2 نوفمبر 2012):
[[قال عبد اللطيف وهبي، رئيس فريق حزب الاصالة و المعاصرة بمجلس النواب ، اثناء انعقاد أشغال لجنة المالية المخصصة لتدارس مشروع ميزانية 2013 ، في سياق انتقاده لمشاريع السكن الاجتماعي المخصص للطبقة الوسطى إن "هذه المشاريع بعيدة عن الواقع"، مانحا المثال على ذلك بمشروع المدينة النموذجية "تامسنا" ، حيث قال: "إن هذه المدينة ما تصلح غير لشي شلح يبيع فيها الزريعة". (...)
كلام وهبي، أمس الخميس (1 نوفمبر 2012) اعتبره برلمانيون بمثابة "احتقار للأمازيغيين"، حيث تدخل محمد العثماني النائب البرلماني المنتمي لفريق العدالة والتنمية عن دائرة وجدة، في إطار نقطة نظام، مطالبا وهبي بسحب تصريحه، و"تقديم اعتذار عام للمغاربة عن ما بدر منه من إساءة إلى المواطنين الأمازيغيين والمغاربة ككل". (...)
وفي تصريح لهسبريس تعقيبا على ما بدر عن وهبي، اعتبر نورالدين بركاني، البرلماني عن حزب العدالة والتنمية بدائرة الناضور، أن الموقف الذي عبر عنه رئيس فريق الأصالة والمعاصرة "يكتسي خطورة بالغة على استقرار البلاد ، بالنظر إلى كونه يضع إخوتنا الأمازيغ الناطقين بلهجة "تشلحيت"في المستويات الاجتماعية الدنيا، التي يُسمح ان يُضرب بها المثل في الفقر و الدونية". (...)
من جهته قال عبد اللطيف وهبي في رده على هذه "الاتهامات" إنه لم ينو أبدا الإساءة لأي مواطن مغربي كيفما كان عرقه ولونه ومن أي جهة كان داخل الوطن، وزاد قائلا: "إن كان الشلح يبيع الزريعة، فلدينا أيضا شلح وزير الخارجية وهو من حزب العدالة والتنمية".]].
تعليق على الواقعة:
لا يتعلق الأمر بمسألة أخلاقية (إهانة الأمازيغ عامة، أو الشلوح خاصة، أوالشلوح من إثنية أو لون خاصين). إن الأمر يتعلق بخرق صريح للدستور (انظر بداية المقال) من طرف رئيس فريق برلماني وفي عقر حظيرة مؤسسة البرلمان؛ وهو خرق له وجهه الجنائي الشخصي، ولكن له بالدرجة الأولى وجهه السياسي المتعلق بالمسؤولية الجماعية لمؤسسة مجلس النواب التي لم تتخذ أي إجراء سياسي ملموس مناسب في حق البرلماني الخارق للدستور بصفته رئيس فريقه.
القسم الرابع عبر الرابط:
------------------------------------------------
(2) نافذة التعليقات لا يظهر فيها الحرف العربي بشكله الصحيح بعد إرسال التعليق.
[شكرا أخي الدكتور محمد المدلاوي على هذا المقل القيم والعميق وأتمنى من جميع المتقفين أمتالك الأمازيغ أن لا يسكتون علي مثل هذه الإهانة.]. الحسين أوبرايم
ين
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres