(EN ARABE) 2-L'éthique, la politique, l'école et la rue (quel rapport)-2
Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis sur ARABE(Windows)
مسألة "القيم" في موسم "الحراك"
(2) عن الكلام المفيد وقيمتي الصدق والكذب
القسم الأول عبر الرابط الآتي:
حاول القسم الأول من "مسألة القيم" تحديد بعض المفاهيم والتصورات، وخلص إلى أن ما أصبح يسمى بـ"الحراك"، أي ما انطلق البعضُ مؤخرا من ملاحظته ليطرح مسألة "اهتزاز منظومة القيم"، معتبرا الأمرين ذوَي أبعاد كونية مع أن الأمر ليس كذلك، لا في تجلياته الملموسة على الساحة (تخريب التجهيزات العمومية وتعطيل المرافق والمؤسسات للمطالبة بـ"الإدماج المباشر في الوظيفة العمومية")، ولا في دلالاته السوسيو-أخلاقية على مستوى القيم. وتم بيان أنّ ذلك "الحراك" إنما يعكس بالأحرى انفصاما خاصا في الوعي ما بين آليات نمط سوسيو-اقتصادي جديد، للفرد المدني فيه مكانُ الصدارة، ومضامين فلسفة تربوية تنتمي إلى مجتمع نمط سوسيو-اقتصادي آخر هو في طريق الانقراض، وفيه للجماعة (الأسرة، العشيرة) مكان الصدارة.
فإذا كان اليوم تحرّك مؤشرات القيم السوسيو-أخلاقية ذا أبعاد كونية بالفعل وبالمعاينة، بحكم عولمة كثير من أوجه التبادل والتعامل، فإن تحرك تلك المؤشرات لا يتم في كل مكان على نفس محاور القيم، وفي نفس الاتجاه، وبنفس السرعة والقوة. فلنمثل لذلك هنا بقيمتي الصدق والكذب، اللتين سبق تناولهما في نفس هذا العمود بمناسبة الحديث عن أسس التصديق في نظام العدالة الأمريكية على إثر نازلة دومينيك شتروسكان، تلك العدالة التي تنبني خلال محاكمة، على الحكم على مجمل سوابق الذمة بناء على مصداقية التصريحات، وليس على مجرد ما له تعلقٌ بمعطيات النازلة. وقد تم إرجاع تلك الأسس إلى قيمة واحدة مترسخة في الوعي الفردي والجماعي للمجتمع الأمريكي، الكتابيّ ثقافةً وليس مظهريا وطقوسيا، ألا وهي وصية "لا تكذب" من بين "الوصايا العشر".(1) قيمة هذه الوصية تتفرع عن قيمة أعلى في جنس القيم الموجَبة، ألا وهي قيمة الكلمة إجمالا كما صاغتها الجُمَـل الأولى من إنجيل يوحنا: {"في البدء كانت الكلمة؛ وكانت الكلمة مع الله؛ وكانت الكلمة هي الرب؛ بها كان كل شيء؛ وبغيرها ما كان شيء مما كان؛ ... ثم تجسدت الكلمة لحما فأصبحت بيننا"}. وفي هذا الباب يقول المثل الأمازيغي من جهته "اوال ا-يكَان بنادم" ("الكلمة هي المرء"). فالكلـمة في ذلك النظام الأخلاقي ليست مجرد مادة لفظيةٍ ولغوٍ فونيـتيـكي يُـزجى ويردَّد اعتباطيا أو طقوسيا أو سحريا وتمويهيا؛ إذ هي كلام مفيدٌ بالوضع، وهي بذلك أداة انخراط وتعاقد والتزام بمقتضى معاني اللغة في المنظومة التي تضبط أسس الفعل والحياة الجماعيين. وكل استخفاف بتلك المعاني، جهلا أو تجاهلا، هو تملصٌ من ذلك الانخراط والتعاقد والالتزام، وزعزعة بالتالي لأسس الفعل والحياة. معنى كل ذلك أن الأصل في الكلمة إنما هو مفهومُها الوجودي الموجَب، أي الصدق، أي مطابقةُ المقال لمقتضى الواقع والحال، بمعنى: قيام "الحقيقة، كل الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة"، سواء أتعلق الأمر بوصف أو تقرير، أم بتصريح أو شهادة، أم بتعهد أو التزام. فعلى هذا الأساس وحدَه تضمن الحياة الجمْعية تحقيقَ مقاصدها. أما الكذب، مثلـُه مثلُ مجمَل مفهوم جنسِ الشر مقيسا إلى الخير، ومفهوم الوجود مقيسا إلى مفهوم العدم، فإنما هو مفهوم سالب، وليس له قيام موجب في الوجود العقلي (بالتصور الفينومينولوجي: هوسرل، هايدغر، سارتر)؛ فالفعلُ المشكـّل للكذب في التجربة إنما هو، بالنسبة العقل الأخلاقي، ملاحظةٌ لانتفاءٍ قيمة الصدق في التجربة، واللفظُ الدال على "الكذب" في قاموس اللغة الطبيعية إنما هو تعبيرٌ معجمي عن حالة ذلك الانتفاء التجريبي لقيمة الصدق التي لها الوجود الموجب في العقل الأخلاقي، تماما كما قال صاحب "الرسالة الجامعة" في جنس الشر كله: "إن الشر لا أصل له في الإبداع الأول من جهة المبدع الحق سبحانه"، كما كان قد ذهب القديس أغوسطين في نفس الباب نفس المذهب في فلسفته الأخلاقية.
على أساس هذا التصور الفلسفي لمفهوم "الكلمة" في منظومة التواصل بالمدينة، أي الصدق والمصداقية، يقوم صرح العدالة التي هي أساس العدل، الذي هو بدوره أساس الحُكم، أي أساس السياسة في نهاية الأمر، التي هي فضيلة في أصل تصورها. ولا يعني كلُّ هذا لزومَ أن يصبح كل مواطني المدينة فلاسفةً كشرط لكي يقوم الصلاح؛ إنما يعني أن تكون كل مضامين التربية وكل مناهج التنشئة قائمة على أساس ذلك التصور، بشكل يجعلها تؤسس بدورها ذهنية إنسانٍ ناطقٍ وترسّخ أخلاقا ضميرية داخلية، غير إكراهية، تكون فيها كلمة الصدق قيمة مقصودة لذاتها باعتبارها مقوما من مقومات ما يعطي لحياة الفرد معنى، ولوجوده جدارةً تجعل الحياة بما تقتضيه من سعيٍ ونصَب، تجربةً تستحق أن تُعاش.
فما هي قيمة "الكلمة" في عمق ثقافة مجتمع "الحراك" الأخير، هذا الحراك الذي انطلق البعض من معاينته وملاحظةِ مظاهرِه ليطرح مسألة ما سُمّيّ "اهتزاز منظومة القيم"؟ لقد استحالت الكلمة والكلام في أساس النظام التربوي لهذه الثقافة إلى ألفاظ تحفظ وتردد، ولا رابط في ترديدها بين المقال ومقتضى الواقع والحال. وبمقتضى ذلك الانقطاع، تختفي أركانُ منظومة الكلام، التي هي الخطاب، وصاحب الخطاب، والمخاطب، وسياق الخطاب ومرجعه في الواقع أو في عالم القضايا المجردة. فبعد حفظ لائحة الأبجدية حفظا بأسمائها كأعلام في تلك الثقافة (لـّيف، لبا ... جـّيم ... دّال ... سّين، صّاد ... لاماليف ... ليا لمكسورا)، يشرع الناشئ الصغير في شحن ذاكرته بحفظ وترديد موادِّ مدوّنةٍ ضخمة، تتراوح ما بين آيات من قبيل {قل هو الله أحد؛ الله الصمد؛ لم يلد ولم يولد؛ ولم يكن له كفؤا أحد}، أو {قل أعود برب الفلق، من شر ما خلق، ومن شر غاسق إذا وقب، ومن شر النفاثات في العُـقـد، ومن شر حاسد إذا حسد}، أو {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله، والله يسمع تحاوركما ... واللائي يئِسْنَ من المَحيض من نسائكم، إن ارتَبـتُم فـعِدّتُهن ثلاثة أشهر؛ واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلـُهنّ أن يضعنَ حملـَهنّ؛ ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا}، وبين أبيات من قبيل (كيف ترقى رقيـّك الأنبياءُ؛ يا سماءً ما طاولتْها سماءُ. لم يُساووك في عُلاكَ وقد حـ؛ــال سَناً منك دونهم وسناء). بعدئذ فقط، أي بعد ختم حفظ القرآن المُعجِز البيان، وحفظ الهمزية والبردة وهما من بدائع الشعر الجزل، وذلك في شرخ الطفولة والصبا، يستأنف الشاب الحفظ من جديد، حفظ ما لا يفهم دائما، أي حفظ ما كان قد قيل في معنى الكلام وبنية اللغة فحَفِـظه حُفّـاظ السلف وألزموا بحفظه الخلف ، وذلك من خلال حفظ ألف بيت من الألفية (كلامنا لفظ مفيد كاستَـقِم؛ واسمٌ وفعلٌ ثم حرفٌ الكلِم. واحده كـَلمةٌ والقولُ عمّ؛ وكِـلـْمة بها كلامٌ قد يُؤمّ)، وحفظ متن الأجرومية (الكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع، وأقسامه ثلاثة: اسمٌ وفعلٌ وحرفٌ جاء لمعنى؛ ...)، الخ. يتأكد من كل هذا أن العلاقة المؤسسة الأولى للناشئ الصغير ثم للشاب اليافع بالكلمة والكلام في هذا المنهج الأساس لهذه الثقافة هي علاقة بـ"اللامعنى"، هذا اللامَعنى الذي تستحيل معه الكلمة موضوعيا إلى مجرد مادة لفظية، ولغو فونيـتيـكي يُزجى ويُردد اعتباطيا أو طقوسيا. وقد حَكى أحدُهم ممن حفظ نصيبا لا بأس به من القرآن في صباه بنفس الطريقة، وتمكن من علوم العربية في كبره باجتهاده الخاص، بأنه لم يتمكن من الشروع في الوقوف على معاني القرآن في كهولته إلا بعد أن قرر يوما، بمجرد صدفة الفضول، أن يـُلقي نظرة على إحدى الترجمات الفرنسية. إذ ذاك فقط فوجئ بأن ما كان قد دأب لسانُه على أن يَعجَـل به لينساب استظهارُ حفظه مباشرة من ذاكرته إلى عضلات جهازه الصوتي ودون تشويش تفكير، هو في الواقع كلامٌ مفيدٌ ذو معنى بمقتضى وضع اللغة، يضم من عميق المعاني والحكم ما وقف على بعضه من خلال تلك الترجمة على عِلاتها، بفضل ما كان من قراؤته لها قراءة تأملٍ وليس لغاية الحفظ. فتعلم منذ ذلك الحين ألا يقرأ التنزيل مرة أخرى إلا بما تـقـتضيه طبيعته من قراءة تدبُّـّرِ أولي الألباب، لا مستظهرا في عجَلٍ، ولا ممطـّطا ملحّـنا في طربٍ لا على طبوع الأندلس، ولا النيل، ولا الفرات، ولا سوس، ولا تافيلالت، ولا الحوز، ولا الشاوية، محتفظا بعشقه لتلك الطبوع لـمقاماتها في محافل النوبات، والمواويل، وأحواش، والملحون، والعيطة، وغير ذلك من ألوان اللحن والطرب.
وإذ مَن نشأ على شيء شبّ عليه، ومن شب على أمرٍ شاب عليه، فإن منهج الحفظ والترديد المترسخ في النفس ينسحب بالعادة البيداغوجية على بقية مكونات مواد التربية والتكوين على اختلاف هندسات المدارس، وهندام المدرس، وأدوات التدريس (من اللوح والصلصال، إلى الورقة والقلم، إلى الشاشة والفأرة)، بما في ذلك علوم الطبيعة والإنسان، وحتى علوم العدد (حفظ واستظهار جداول الضرب من 2 إلى 9؛ مثلا: بَبدٍ=4، بجوٍ=6، بدحٍ=8، بهيٌ=10،... وحفظ فورمولات استخراج المساحة أو الحجم، الخ.). ويترتب على كل ذلك في النهاية أن ذهن الناشئ في أساس علاقته بالخطاب، كلمةً مفردة كان، أم قضية من القضايا في صيغة مركبة، أم نصا من النصوص، يتهيأ ليصبح ذهنية تتعايش وتتآنس مع اللامعنى، فتنتـفي في تلك الذهنية الحدودُ بين "فهمتُ" و"لم أفهم"، وبين "أدري" و"لا أدري"، وبين "أبنتُ" و"لم أبِن"، و"بلـّغت" و"لم أبلـّغ". ويتجلى هذا واضحا في نوعية كلام الجيل الحالي، كتابة أو ارتجالا تقريريا أوتصريحيا، أو حوارا على حد سواء.(2)
أما النشاط الموجَب الذي يقابل فِعلَ الحفظ التسجيلي السالب في التعامل مع الكلمة من موقع تجريدها من المعنى ومن فضيلة مطابقة المقال للواقع ومقتضى الحال، فهو مهارة ما (كان) يسمى في المناهج التربوية المغربية بمادة "الإنشاء"، وهو أمّ المواد وأساس التقويم بالمدرسة الحديثة في فترة من الفترات، والذي تتراوح مواضيعه مثلا من: "صِف سحابة غير ممطرة"، إلى "كيف تكون مشاعرك بمناسبة الأعياد الوطنية"، إلى "اكتب حوارا من إبداعك الخاص بين جهازي المذياع والتلفزة". والغاية وأساس التقويم في مهارة الإنشاء هو تنمية قدرات اللغو لدى المتعلم عن طريق تمرينه بمختلف التعزيمات والرُقـَى "البيداغوجية" على مهارة رصف الكلام وتنميقه وتدبيجه بسلاسل من المترادفات أو الطباقات المعطوف بعضها على بعض بالواو أو بـ"أو"، وتزيينه بالغريب والآبد الشارد من مواد القاموس؛ حتى أنك تراهم حينما يشيه لهم أنهم أنهوا التحصيل ("لـقرايا")، ما أن يسمعوا استعمالا معجميا جديدا، غير صائب في الغالب، حتى يهبّوا إلى اطـّراح الاستعمال القديم؛ فيطـّرحون مثلا "الخوصصة" لصالح "الخصخصة"، و"التنبيه" لصالح "التنويه" و"الاضطراب" لصالح "الحراك" معتقدين أن في ذلك قيمة مضافة.
هذا النهج التربوي، المبني على مهارتي الحفظ من جهة كفعل سالب، والإنشاء من جهة ثانية كفعل موجب، تترتب عليه بالضرورة، على مستوى مساطر التقويم، مشكلة ما يسمى بـظاهرة "النقل" التي بلغت اليوم من الرسوخ، كسلوك تربوي، أن تمت صياغة جدواها كحكمة أخلاقية في قولهم كبارا وصغارا: "من نقل انتقل". ذلك أن التصرف في الأفكار بالتحليل والبرهنة والاستنباط أشياء لا يمكن نقلها ممن حصلت له ملكة ذلك التصرف؛ لا يمكن ذلك لا بأساليب "التحريز" الارتيزانالية التقليدية، ولا بمهارات تقنيات الاتصال السوفيستيكية الحديثة، بخلاف المتون والمدونات النصية الاستظهارية أو الإنشائية حينما تُعلـّب فيها مضامينُ التربية والتكوين.
هنا يفضي منطق الحديث عن حالة العلاقة بالكلمة عامة إلى الحديث عن حالة الخطاب السياسي، وحالة السياسة في نهاية الأمر في مجتمعات ثقافة الحفظ والإنشاء حيث تصبح الكلمة محض لغو مجرد عن المعنى، لا ارتباط فيه للمقال بالمقام وبمقتضى الحال، ولا يترتب عنه بسبب ذلك التجرد عن المعنى أيّ التزام أو تعاقد. لقد حار الدارسون السوسيو-سياسيون في هذا بالباب مثلا أمام تشابه تسميات الأحزاب وتماثل خطاباتها وبرامجها كما يحار المصحح أمام نسخ متشابهة من نسخ اختبار أو مباراة في الميدان التربوي بنفس مجتمعات ثقافة الحفظ والإنشاء. ذلك أن تجريد الكلمة من جوهرها الذي هو الصدق المستتبع للاستلزام وللالتزام، يجعل المصطلحات والشعارات لغوا مشاعا بين الجميع بدون أي استتباع مهما كان، لا منطقيا ولا أخلاقيا. ذلك مثلا هو شأن كلمات "الديموقاطية"، و"الشفافية"، و"حرية الرأي والتعبير"، و"تكافؤ الفرص"، و"دولة الحق والقانون"، "العدل"، و"التنمية"، و"المساواة"، و"الحق في الشغل، التعليم، والصحة والسكن اللائق"، و"محاربة الفساد"، وكل ما يمكن أن يصاغ بمختلف أشكال رصف ونظـْم هذه المصطلحات في جُمل ونصوص بأساليب الإنشاء التي أصبحت تمتد حتى إلى قانون القوانين. كل ذلك يصبح مشاعا بين الجميع دون أن يترتب عليه أي التزام أو إشكال مما عدا إشكالُ اتهامِ طرفٍ لطرف آخر بـ"النقل" من ورقة إنشائه السياسي (copier coller). فلا يترتب على ورقة إنشائية معينة من البرامج السياسية لا استقالةُ مسؤولٍ ولا إقالته، لا من حزب ولا من حكومة، ولا تصويتُ عقابٍ ضد تنظيم سياسي ما دامت المسؤولية غائبة منطقيا وثقافيا أخلاقيا قبل أن تكون كذلك قانونيا من خلال المعمارية الدستورية. وإذ تم تتـفيـه قيمة الكلمة بتحويلها إلى لغو شبيه بـ"يمين اللغو" الذي لا كفارة عليه، وإذ ازوَرّ وجهُ الحقيقة بسبب ذلك التتفيه فلم يعد لها لون واضح تُعرف به؛ فلا هي بيضاءُ ناصعٌ لونُها، ولا هي حمراءُ قانٍ لونُها، ولا هي صفراءُ فاقعٌ لونها، إذ ذاك {أقبلَ بعضُهم على بعض يتلاومون} فقالوا: {إن البقر تشابه علينا}؛ فتم اللجوء في النهاية إلى مجرد رموز طوطمية للفرز بين العشائرتتراوح ما بين بعض الأطيار (حمامة أو غراب) وبعض الماشية (عتروس أو كيضار) وبعض الناقلات والمنقولات (قارب أو جرّار). فلماذا إذن يشتكي الجميع اليوم من "العزوف الانتخابي" خاصة، ومن "العزوف السياسي" عامة، ومن إفلاس السياسة، التي لم تعد لها أسس الفضيلة في نهاية الأمر، وذلك في تواز طبيعي مع فشل التربية والتكوين؟ وإذ لم يعد هناك "كلام مفيد دال على معنى بالوضع" بمقتضى ما يتضمنه مفهوم المصداقية من إلزام والتزام، فانتـفـت بذلك أسس التعاقد والتأطير، فإن النتيجة الطبيعية مرة أخرى هي ما أصبح يسمى اليوم بـ"حراك" "ما مفاكينش". إنه كائن اجتماعي إشكاليّ ومبهم الصورة، أي ما يسمى بالأمازيغية: افغول (monstre amorphe)، متعدد الرؤوس كالغول، "لـْغول بو سبْع رْيوس"، ويتحرك في كل اتجاه كالسرطان. إنه رد الابن الطبيعي للسياسة المفرغة من كل مضمون التي هي البنت الطبيعية للغو الذي هو تـتـفـيه الكلمة. فإذْ {في البدء، كانت الكلمة ... بها كان كل شيء؛ وبغيرها ما كان شيء مما كان؛ ... ثم تجسدت الكلمة لحما فأصبحت بيننا}، ففي ثقافة الحفظ والإنشاء، قد أصبح اللغو بديلا عن الكلمة؛ وقد {كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}ق.ك.
البقية عبر الرابط الآتي : https://orbinah.blog4ever.com/blog/lire-article-162080-2616418-_en_arabe__3_l_ethique__la_politique__l_ecole_et_l.html
---------------------------------
(1) المقال المشار إليه حول العدالة الأمريكية متوفر عبر الرابط الآتي:
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres