(EN ARABE) 2-Autobiographie de M. El-Omari-2
Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis sur ARABE(Windows)
الجديد في باب السيرة الذاتية
القسم الثاني من سيرة محمد العمري
نصيبي من الحقيقة كما تبدو لي
أما نصيبي من الحقيقة الإجمالية، كما تبدو لي شخصيا، باعتباري مجايلا للأستاذ العمري، وممن جمعتهما المحطات الأساسية في معهدي تاليوين وتارودانت ثم الجامعة بفاس، بما في هذه المحطة الأخيرة مما يتعلق بالحركة الطلابية، بوجهيها النقابي والسياسي، فقد أجملتْ الفقراتُ السابقة جوهره. وتبقى بعد ذلك تفاصيل بعض الوقائع من بين تلك التي عايشناه معا، أو ملامح بعض الماهيات الفكرية التي يختلف الناس في تصور مفاهيمها؛ تلك التفاصيل والتي تتطابق أو تتكامل رؤيتانا بشأنها لما يفوق التسعين بالمائة منها، وتختلفان في جزء ضئيل منها؛ وهذا بدوره أمر طبيعي.
يتعلق الأمر في هذا الجزء الضئيل من تلك التفاصيل بالحيز النسبي الذي تشغله مثلا عناصر من عناصر الواقعة المعينة في التغطية الوصفية، بالقياس إلى عناصر عضوية أخرى. ويكون هذا البعد النقدي أكثر دلالة إذا ما تم التذكير بأن صاحب "الطلبة والعسكر" من فرسان علوم الحجاج وتحليل الخطاب في باب البلاغة. وقد تم بيني وبينه قبل بضع سنوات تبادل فكري في باب مدى حقيقية قول "الحقيقة" ما لم يُصغ هذا القول على شكل " قول الحقيقة، كل الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة". وقد أشار إلى ذلك التبادل في عمل من أعماله ("منطق رجال المخزن وأوهام الأصوليين"؛ انظر medelomari.perso.sfr.fr/makhzen2009.pdf). الشق الأول من تلك الصياغة ("كل الحقيقة") هو الذي يعنينا هنا. ونظرا للأهمية المعرفية الكبرى للوصف التاريخي والاجتماعي والسياسي والفكري الذي تتضمنه لحظات "زمن الطلبة والعسكر"، كما أشير إلى ذلك أعلاه، فسيتم هنا الاكتفاء بالإشارة، على سبيل التمثيل، إلى مدى تغطية "زمن الطلبة والعسكر" لكل الأوجه الدالة لواقعة واحدة، ولظاهرة واحدة، ولمفهوم أو ماهية واحدة.
الظاهرة-المثال، ومنها إلى الماهية-المثال
الظاهرة الممثل بها هنا لها علاقة بذلك الجانب الذي صوره "زمن الطلبة" كسمة من سمات "المحافظة" الأخلاقية والدينية القسرية التي تميز المجتمع السوسي في باب الشهوتين، كما تجلى ذلك من خلال تصوير انفجار بركان الكبت بمجرد انعتاق جيلٍ من رقابة عسكريةِ وتقشفيةِ داخليةٍ للتعليم الأصيل بتارودانت، وحلوله "ممنوحا" بما يشبه الإلقاء بالمظلات بأباطح نهر فاس حينما كان جريانه ما يزال يخترق "أدغال" قصب البامبو في "جنان السبيل". فبينما لم يفت صاحب السيرة أن يتحدث بدقة، هي في محلها، عن كل ما له دلالة في ذلك الباب من تفاصيل الحياة في تلك الداخلية المحافظة التي تم الانعتاق من قبضتها (عسكرة الصلاة والأكل والنوم، "مستودعات" النوم، حراس الداخلية: سي موحماد الراي، المردول، الخ.)، لم يشر المؤلف من بعيد ولا من قريب إلى ظهر الميدالية في ما يتعلق، بالضبط، بالبعد الانثروبولوجي الأساسي العميق لتلك المحافظة في كل زمان ومكان؛ ونعني بظهر ميدالية المحافظة ما يمكن تسميته، "تعفّــفا" وتوريةً، في انسجام مع قاموس ذلك الفضاء، بنشاط ووظيفة "قيام الليل" في حظيرة تلك الداخلية. ولا يمكن حمل ذلك الصمت على التعفف المنافق كما سلكنا هنا (وهذا يتعين قوله) لأن الأمر لا يتعلق بسياق سيرة ذاتية أخرى يتعين إعداد أسلوبها إعدادا؛ ذلك أن "زمن الطلبة والعسكر" قد حطم كل الأصنام في ما يتعلق بحقائق الشهوتين حينما تعلق الأمر بسوسيولوجيا الحياة الجديدة لذلك الجيل في الوسط الجديد.
فلقد أشار إلى ما يفيد أن تلك الداخلية، التي كانت تأوي 960 ذكـَرا كانت شبه محشر، تتراوح فيه أعمار الأفاقين (من طنجة إلى وجدة وإلى العيون؛ ومن موريطانيا إلى السينغال والسيراليون) في نفس الفصل الدراسي ما بين الثالثة عشرة وثلاث وعشرين سنة، وأن "مستودعات" النوم (المسماة بـ"سّكُــنى") والمجمّعة في مركبين اثنين والتي كانت تصطف في كل منها أسرّة النوم الحديدية ذات الطابقين في ثلاثة صفوف، لا تتعدى أربعة مستودعات لكل واحد منها باب واحد. وقد كان صاحب السيرة نفسه مسؤولا عن النظام والأمن الليليين بإحد تلك المستودعات لمدة سنة أو سنتين قبل التخرج.
فقد انتقل في الواقع إلى ذلك الفضاء، وبحدة وتركـّز بحكم العدد والنظام الداخلي، تقليدٌ من التقاليد المتواطئ عليها بالصمت في جميع المجتمعات التي تعتبر نفسها محافظة والتي تشكل فيها فضاءات التعليم التقليدية، في القرى وفي الحواضر، صمامات أمان سوسيو-لوجية يسمح فيها لمن "يحفظ إذا نسوا ويحضر إذا غابوا" أن يقيم التوازن في حياته بين الدوافع والأخلاق بشكل يجنب المساس بقوارير طابوهات المحافظة؛ وهذا هو ظهر الميدالية وثمن المحافظة.
فباعتبار صاحب السيرة قد تحمل مسؤولية الأمن والنظام الذي اسندته إليه الإدارة مع ثلاثة أو أربعة من زملائه، فلا بد أنه مطلع على كثير من النكت البليغة الدلالة الثقافية والاجتماعية في هذا الباب وفي ذلك "الميكرو-مجتمع". إنه ميكرو-مجتمع حقيقي بحكم العدد والتنوع والاختلاف ودرجات العدوانية الفردية والعشائرية، كان يطرح كل أوجه التدبير في أي "ماكرو-مجتمع"، بما في ذلك وجه حفظ النظام والأمن والضبط. وإذا كانت هناك إدارة رسمية شبه مهيكلة وشبه هرمية (حارس عام، معيدون)، فقد كانت للتدبير الملموس كذلك أوجه موازية تجريبية وغير رسمية تقتضيها طبيعة معطيات الواقع الموضوعي.
كان عموم الجمهور الطلابي ينظر إلى هيئة الإدارة كجهاز مخزني، وينظر إلى كل من تحمّل معها من الطلبة مسؤولية من مسؤوليات حفظ النظام (رئاسة فرقة من بين 32 فرقة، ) أو حتى التنشيط الثقافي (الإذاعة المدرسية، المجلة، تنظيم الحفلات، الخ.) كمجرد ذيل من الأذيال ("مسّاح" أو "شكـّام = بيّاع") وذلك بشكل منهجي وإطلاقي. صحيح أن المسؤولين الإداريين للداخلية يسلكون كل السبل في مزاولة مهامهم، فيتخذون مثلا أعينا لهم من بين صفوف الطلبة، وقد اشتهر هؤلاء كثيرٌ حقيقةً أو مجرد إشاعة. وتحضرني شخصيا إحدى النكت بهذا الصدد؛ فإذ كان قد شُرع يوما في ورشة وضع سقف "ديماتيت" على "محشر" آخر كان قد اتخذ مسجدا للمؤسسة، فقد تم نصبُ فسطاط موقت قوامه قضبان حديدة مغطاة بصفائح زنكية، وذلك لإقامة الصلوات الخمس الجماعية في فضاء قبالة الإدراة بشكل موقت. وإذ كانت صلاتا المغرب ثم العشاء، وما يفصل بينهما من قراءة الحزب الرتيب، تتمان في حلكة الظلام، فقد كان بعض الطلبة ممن لا يدركو أماكن لهم تحت سقف الزنك يرمون، من حين لآخر سواء أثناء الصلاة أو خلال ترتيل الحزب، وابلا من الحجارة في جنح الظلام على السقف الزنكي فتتدحرج كل حجارة من على الزنك المائل محدثة صوتا منكرا. اقترب مني ذات مرة السيد البرنوصي، رحمه الله، عماد النظام في الداخلية الذي لم يكن يرى فيه عموم الطلبة إلا جبارا من الجبابرة من نوع "فيدور"، فسألني: = "اجي نتا، منين نتا؟ - "من المنابهة" ؛ = "شكون لـّي كا يرمي لحجر؟" بالرغم من أنني كنت من المنزعجين من "دّسارة" كيفما وجهها، أجبته كذبا من منطلق "أخلاق" تضامن القطيع في وجه "السلطة" قائلا: - "ما نعرف ا-سّي". حينذاك همس في أذني في جنح الظلام: = "ملـّي تشوف شي واحد رما شي حجرا؛ ما تـﮔـول ليه والو؛ غير اجي عندي وﮔولها لي؛ وما تخاف والو". أبديت موافقة الخائف، وشعرت في الحين بدعوة رسمية إلى وظيفة موازية قد تضمن لي الحماية وربما حتى بعض المكاسب، أنا الذي جبلت على ألا انتظم في عشائر "منين نتا" سواء في تاليوين، أم في تارودانت، أم في فاس وما بعدها؛ إلا أنني اصطدمت للتو ببعد آخر من أبعاد سيكولوجيتي، كراهية المساومة في الضمير. فهم رحمه الله ذلك، ولم يسألني يوما عن "المهمة" التي أوكلها إلي فلم أنجز منها ولا في كل ما هو في بابها نقيرا ولا قطميرا، ولم يضمر ذلك ضدي حتى لما اصطدمت معه يوما برفضى، أمام طلبة فرقتي، لحمل الفأس للمشاركة في حملة للحفر قصد التشجير نظرا لأن الطبيب كان قد منع علي العمل الشاقّ؛ لقد صاح في وجه أمام زملائي قائلا "سير، لـﮔنسـك، لباب سّكُـنى، هاني جاي باش تاخد حوايجك وتمشي فحالك". توجهت نحو باب مستودع النوم (سّكُـنى)، ثم خطر لي في الحين فعرجت على "محشر" الصلاة ("المسجد") واختليت هناك أبكي (ابن 16 سنة) على قرار الطرد. لم يسأل عني بعد ذلك السيد البرنوصي بعدها يوما ليسلمني "حوايجي"، ففهمت أنه إنما افتعل ذلك للحفاظ على هيبة سلطته أمام الطلبة.
هذا الوجه من أوجه الأمور الصغرى ينقلنا مباشرة إلى وجه آخر مناظرٍ له من أوجه الأمور العظام: مسألة وظيفة وطبيعة السلطة وأساليب تصريفها قياسا إلى طبيعة المجتمع الصغير أو الكبير، فنحن لا نتصور أن يتم انتخاب ممثلي الطلبة في باب تسيير شؤون الداخلية، إذ لو تم ذلك في مثل تلك الظروف وتلك التركيبات الإثنية والعشائرية لتم تعميم ما يشبه نظام الحماية الفردية. هذا يطرح باختصار مسألة التفكير في تصور مفاهيم وماهايات من قبيل ماهية "المخزن" في علاقته بالطبيعة الملموسة لفكر المدني وأخلاق المجتمع في فترة من الفترات بأفراده ومنظوماته وكل أطياف المنخرطين في المؤسسات العمومية بمختلف درجات هرميتها. وقد طرح "زمن الطلبة والعسكر"، بمناسبة الحديث عن أحداث الدار البيضاء في مستهل الثمانينات، سؤالا عريضا بهذا الصدد، يعكس حرج الاختيار بين نظام سلطوي قمعي وفتنة وإرهاب تحكـُّم الأوباش الضعفاء في الشارع.
الواقعة-المثال
هذا عن مثال الظاهرة ثم مثال الماهية في باب مدى تغطية "زمن الطلبة والعسكر" لكل العناصر الدالة من عناصر المثالين. أما الواقعة، فنمثل لها بحدث المؤتمر الخامس عشر للمنظمة الطلابية "اوطم" (غشت 1972). ففي ثنايا حديث السيرة الذاتية عن جيو-استراتيجية اليسار "الماركسي" الذي انتهي بإحكام قبضته على ذلك المؤتمر، تمت الإشارة إلى حضور فكرة إدراج قضية الصحراء في أفق ما كان يعرف بـ"البؤرة الثورية" التي كان يعبر عنها في الخطاب السياسي لذلك اليسار بشعار "تقرير المصير". لكن هذه السيرة لم تقل كل الحقيقة في ما له دلالة في باب هذه الواقعة ذات الدلالات السياسية الكبرى التي ما يزال بعضها محتفظا براهنيته. ذلك مثلا أن الزعيم المؤسس لجبهة البوليزاريو (يوم 10 ماي 1973)، المرحوم الوالي مصطفى السيد، كان حاضرا في كواليس المؤتمر المذكور (15-17 غشت 1972)؛ بل إنه حضر خلال ذلك عملَ "لجنة فلسطين" من لجان المؤتمر، التي كانت قضية الصحراء قد أدرجت تحت "كوفيتها"؛ وقد قدم الوالي خلال تلك الجلسة عرضا مطولا عن ملف الصحراء، وهو العرض الذي انبنى على أساسه تقرير تلك اللجنة حول تلك القضية. زد على ذلك كون الولي مصطفى السيد من خريجي نفس المعهد الإسلامي بتارودانت قبل انتقاله إلى مراكش ثم إلى الرباط، شأنه في ذلك شأن زميله وزميلي في القسم بنفس المعهد، الصديق، الليلي محمود الذي تولى منصب أول "وزيرٍ أول" ثم "وزير التعليم" في جمهورية "الرصد" العربية (La RASD أي "الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية") بعد إعلانها ليلا بـ"بير لحلو" انطلاقا من تيندوف بعد المسيرة "المسيرة الخضراء" و"اتفاقية مدريد" (27 فبراير 1976)، وذلك تحت اسم آخر مستعار هو "محمد الأمين ولد أحمد". ولقد سبق لي، من جهتي أن حررت نصا حول هذه التفاصيل، نشــر خمس أو ست مرات منذ 2004 في الصحافة الورقية والإليكترونية، وما تزال صيغ منه مشهـرة ببــعض المواقع (1).
خلاصة حول الأمثلة الثلاثة
في إطار منظومة نفس الفكر الذي يقتضى علنا من الشاهد أن يرفع يده اليمنى ويقسم أن يقول "الحقيقة، كل الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة"، يُسنَد إلى بُول فاليري قولُه: "هناك ما هو أسوأ من الزيف؛ إنه الحقيقة مخلوطةً بعناصر الزيف". لم أقف في "زمن الطلبة والعسكر"، مما لي بتفاصيله درايةُ معايشةٍ، ما ينتمي إلى هذه الحالة الأخيرة، حالة تشويش عناصر الزيف على الحقيقة ولو كانت كاملة. إلا أن الأمثلة الثلاثة التي تم إيرادها بشأن الظاهرة، والواقعة، والماهية، تمثل، بالنسبة لي وعلى قلة نماذجها في السيرة الذاتية لمحمد العمري، أوجها مما لم يحز مزية قول "كل الحقيقة"؛ ولذلك ساهمت بإثارة تلك الأمثلة نظرا لاقتناعي بأن نصا من عيار "زمن الطلبة والعسكر" لم يكن يَنتظر منه صاحبُه أن يستل هذا أو ذاك هاتفه من جبته أو من قُـبه فيجامل المؤلفَ سرا أو حتى مشافهة بتهنئة صادقة أو منافقة في تكريس لنفس ما يحفل النص بتصوير نماذجه في الحياة. إن ذلك النص يمثل بالأحرى تحدّيا فكريا ودعوة ثقافية كما قيل أعلاه، إلى تحمل المسؤولية علنا، وحبرا على ورق، بدل التنصل منها عبر الهاتف أو من خلال مجاملات ونفاق حديث النوادي العابر؛ ويصدق هذا بالأخص على كل من احترف حرفة القلم وانتمى إلى المنابر المكرَّسة ممن يهمهم الأمر من قريب أو من بعيد
محمد المدلاوي
(1) انظر مثلا:
http://www.maghress.com/hespress/25238
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=106362
البقية عبر الرابط الأتي
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres