(EN ARABE) 4-Que signifie le drapeau amazighe?
Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis sur ARABE(Windows)
الوعي بمفهوم الدولة الوطنية
5. تدبير فضائي اللغة والثقافية
في سياق سلسلة الحلقات السابقة التي انطلقت من الحديث عن دلالات "العلم الأمازيغي"، تمت الإشارة في الحلقة الأخيرة إلى أهم شروط قيام الدولة الوطنية الحديثة، التي تُحل نظاما سوسيو-اقتصاديا مفتوحا وتبادليا محل أنماط سوسيو-اقتصادية اكتفائية مغلقة، ألا وهي شرط توفير معيرة لوسائل التفاهم والتواصل والتبادل بما في ذلك معيرة حقل وسائل التواصل واللغوي اللازم للتكوين والانخراط السلس في فضاء أوسع، وشرط التكافؤ في تبادل الخيرات والعمل والخدمات، وشرط إنتاج وتوفير منظومة ممعيرة جديدة من القيم الثقافية الجديدة الملائمة والمبررة لمختلف التنازلات التي تتم على مستوى تدافعات أو تناقضات مصالح أطراف المجتمع القديم في انتقاله إلى الإطار الحديث، والمضفية للمشروعية ولطابع الصلاح العام المعمم على مختلف تجليات النظام السيو-اقتصادي الجديد الذي تهيكله الدولة.
ففيما يتعلق بالمعيرة بمفهومها الواسع، وعلى أبعاد اللغة والقيم الثقافة بشكل خاص، قد يحصل في تجربة دولتية حديثة أن يتم مجرد تعميم قسري لعناصر من تلك الأبعاد، مما هو خاص بمكون معين من المكونات البشرية للمجتمع يشكل النخبة النووية البشرية المكونة لصلب جهاز الدولة، دون غيره من سائر المكونات، فيتخذ ذلك المكون البشري من قيمه الخاصة جوهرا للدولة، ويعمل بأدوات التدبير المختلفة على أن تتماهى مع ذلك الجوهر سائرُ المكونات الأخرى المقصاة عناصرها عمليا بشكل أو بآخر. قد تكون تلك النخبة نخبة مجالية (نخبة حضرية مثلا)، أو نخبة إثنية (عشائر وأسر وبيوتات)، أو نخبة ملية أو مذهبية، أو نخبة قطاعية (تجار، ملاك، الخ.)؛ وغالبا ما يتعلق الأمر بتركيب مزجي متداخل من كل ذلك.
ففي هذه الحالة تكون الدولة دولة "حديثة" أو "عصرية" في كل مظاهرها الشكلية (علم خاص، سيادة ترابية تامة وجيش نظامي، عملة خاصة ومصرفية خاصة، إدارة مركزية مهيكلة، الخ.)؛ ولكنها لا تكون دولة وطنية. ذلك لأنها تكون حينئذ عاجزة عن تعبئة كافة مكونات المجتمع لتحقيق قيم معينة متراضٍ عليها من قيم الصلاح تجد فيها كل الأطراف المجتمعية نفسها ويكون لكل منها، أفرادا وجماعات، من الفرص المادية والمعنوية الفعلية ما يؤهله للانخراط التشاركي في تحقيقها والاستفادة من تحقيقها.
في مثل هذه الأحوال لا يتوفر لنخبة دولتية من ذلك القبيل ما تضفي به المشروعية على سلطة الدولة، مما يكون منبثقا من صميم انتظارات المجتمع الوطني (العدالة، التكافؤ في الحقوق والواجبات والجدارة، التدبير الديموقراطي، الخ.)، فتلجأ تلك النخبة إلى شعارات أيديولوجية خارجْ-وطنية مما توفره ظرفيةُ الحقبة (رسالة عبرُ-قومية، رسالة ملية أو مذهبية، الخ.) لإضفاء مشروعية خارج-وطنية على حكمها وسلطتها؛ وبذلك يتولد التناقض التكويني الخِـلْـقي داخل ذلك النمط من أنماط الدولة ما بين فضائها الترابي-البشري من جهة، وبين أيديولوجيتها الأممية المبررة من جهة ثانية، مهما كان وجه تلك الأممية (ملية، مذهبية-دعوبة-فتحية، إثنية-قومية-تحريرية، الخ.).
ففي مثل هذه التجارب من تجارب إقامة الدولة الوطنية الحديثة، حيث تفشل النخبة النواة في صياغة ونشر منظومة من القيم الممعيرة في أبواب اللغة والثقافة والسياسة، بشكل يضمن انخراط جميع مكونات المجتمع عبر الفضاء الترابي الوطني، يتحدث الباحث الأنثروبولوجي، إيرنيست جيلنر، عن التنامي الحتمي لآلية مضادة، هي آلية مقاومة جهاز "الدولة الوطنية" العاجزة عن التماهي مع "الكيان الوطني"، تلك الآلية التي يطلق عليها ذلك الباحث تسمية "الإثنوية المضادة للوطنية" (ethnicisme antinationaliste؛ من بحث حديث للخاتير أبو القاسم أفولاي).
وفي هذا السياق أيضا، نشر الباحث، علي بن سعد مؤخرا ("La Libye révolutionnaire"; Politique Africaine, n°125) تحليلا خلدونيا عميقا لتجربة دولة معمر القدافي، التي انهارت أخيرا حسب نفس الخطاطة الخلدونية، مخلفة وراءها، وقد طفا على السطح، كل ما كان مكبوتا تحت حكمها من عناصر التضامنات التقليدية، وذلك بعد أن استنفدت تلك الدولة عمرها الجيلي. تلك الدولة التي عاشت ما عاشت في تناقض مستمر ما بين قوى البادية وقوى الحاضرة، وبين قوى العشائر وسلطة جهاز الحكم المركزي المتعامل معها على أسس الزبونية بعملة ريع البترول؛ وقد كان جهازا دولتيا تردد الخطاب القدافي نفسه كثيرا، وفي تناقض صارخ مع الواقع، في الاعتراف بوجوده (الإلغاء الخطابي لمفاهيم الأحزاب والهئيات والحكومة، حكم الجماهير، الخ.)؛ وأخيرا عاشت تلك التجربة الدولتية في تناقض دائم بين المظهر الشكلي لجهاز الدولة الترابية المركزية من جهة، ومختلف الأطر الأممية التي سيقت تباعا عبر عقود لتبرير ذلك الجهاز (القومية العربية، تحرير فلسطين، الاشتراكية ومقاومة الإمبريالية العالمية، الهوية الإفريقية، الخ.).
-------------------
البقية عبر الرابط الآتي:
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres