(EN ARABE) 2-De l'état des études littéraires aux Dprts d'Arabe à l'université-2
Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis sur ARABE(Windows)
عن الدراسات الأدبية في شعب العربية بالجامعة المغربية
القسم الأول عبر الرابط الآتي
2- من الملحمة الأمازيغية إلى الملحمة الزجلية
بينت الحلقة السابقة التبريرات الموضوعية لحديث هذا العمود عن "واقع الدراسات الأدبية في شعب العربية" في هذه الظرفية المتميزة بتداعيات ربيع "الحراك"، وصيف العراك، وخريف التخرّص، وإعادة ترتيب صفوف التربص، وعمليات 'التـتياك' لإعادة توزيع الأوراق، الخ. وتم التمهيد لذلك الحديث بإيراد تلخيص لنموذج أدبي رفيع، هو الرومانسية الملحمية الأمازيغية "يفرخان ن-ايت وماركًـ" (فتيان أهل الهوى؛ 300 بيت)؛ وهو تلخيص تـُستشف من خلاله المزايا الفنية لهذا العمل الأدبي، الذي يجمع بين السرد المحبوك العقدة، والوصف الرفيع، والشاعرية العالية، مما يؤهله ليس فقط ليكون موضوعا لدراسات أكاديمية جادة ومفيدة، ولكن كذلك، وفي تكامل مع مثل ذلك الاهتمام الأكاديمي، ليتحول إلى عمل درامي متميز، سواء عل خشبة المسرح أم على شاشة السينيما. وستتحدث هذه الحلقة عن نموذج آخر يشترك مع الأول في البناء الشعري، والطابع السردي الملحمي، ويحوز نفس القبيل من المزايا والجدارة كموضوع للدراسات الأكاديمية وللاستغلال في مجالات الإبداع الدرامي الراسخ في صيرورة ثقافة المجتمع. إنها القصيدة الزجلية المسماة "ملعبة الكفيف الزرهوني" (479 بيتا)، التي حققها وأعاد تحيقيقها أستاذنا محمد بنشريفة، وقام بدراسة لها، ممن في علمنا، كل من الأستاذين، سعيد يقطين ومحمد مفتاح.
وصف ملعبة الكفيف الزرهوني
هي قصيدة زجلية ملحمية من 497 بيتا من ذوي الشطرين كما هو شأن أبحر الشعر العمودي العربي الفصيح. وهي قصيدة منسوبة إلى الزجال المعروف بــ"الكفيف الزرهوني"؛ ومطلعها كما يلي:
سبــــحان ماليك خاواطر لــّـمرا = ونواصيها كولاّ حين وزامــــان
اِن طعناه عطـــفــّـم لينا نصـــرا = ويِن عصيناه قاضا بـكُـلّ هـوان
ومــــعنى البيتين هو:
سبــحان مالكِ أمزجةِ الأمـــــــراء = ومالكِ نواصيهم في كل زمن وحين
إن أطعناه، عطف بهم علينا نصرا = وإن عصينـــاه قضى بــــكل هــوان
تتناول الملحمة بالسرد أطوار حملة السلطان، أبي الحسن المريني، على مدينة القيروان. وتتميز، كما هو شأن السرد الملحمي، بأنها لا تقتصر على إيراد الحدث ومسبباته ونتائجه، بل تتعدى ذلك إلى الاحتفال بجزئيات السيناريوهات المصوِّرة لكيفية تمام فصول ذلك الحدث، معتمدة على أساليب التصوير والتشبيه، وعلى تقنيات الخطاب السردي. فبالإضافة إلى مختلف الوقائع والحقائق التاريخية المتعلقة بمواقف وبأفعال مختلف الفاعلين التاريخيين، من قبائل، وعصبيات، وشخصيات، وبمختلف العلاقات المؤطرة للأحداث التي تنخرط فيها تلك الأطراف، تفيضُ عن تصاوير سيناريوهات مختلف الأحداث، الكبيرة والصغيرة في السرد الملحمي، معلوماتٌ انثروبوغرافية متعلقة ببنيات المجتمع، وبحضارته، وتقاليده، وعاداته، وثقافته، ومكوناته الإثنية والسوسيو-لغوية. فالمصالح والعصبيات الاثنية، واللغوية، والحضرية، والبدوية، والجهوية الإقليمية، مما يشكل، في فترة من الفترات، محركات للتاريخ بدرجات متفاوتة من القوة، أمورٌ قد يشير إليها الخطاب التاريخي وقد لا يفعل ذلك، حسب المدرسة والمنهج التاريخيين؛ وهو، حتى وإن فعل، لا يوفـّـق في تصوير تلك العناصر وفي نفث روح الحياة فيها كما يوفق في ذلك السردُ الملحمي. ولقد بينتْ هوامشُ التعاليق الغنية التي حقق بها الأستاذ بنشريفة هذه الملحمة إلى أي حد تمثـّـِل مثلُ هذه النصوص مناجم نفيسة، غنية بكمّ هائل من المعلومات من مختلف الأصناف؛ وهي معلومات بإمكان تكامل الدراسات الفيلولوجية المتعددة الاختصاصات استخراجُها من نص ملحمي مثل نص ملعبة الكفيف الزرهوني. إنها عناصر لا يمكن العثور عليها في تدوينات المؤرخين. وهي فوق ذلك مما هو ضروري لإضفاء نصيب من الواقعية والنسبية على قناعات الخطاب التاريخي، الميال بطبعه إلى الاختزال والإطلاق انطلاقا من الخطاطة الأيديولوجية للوقت، تلك الخطاطة التي تحدد بالنسبة للمؤرخ معايير ما هو مهم كمعلومة وما هي صورة صياغته وتسويقه كنص تاريخي.
ولإعطاء نموذج فقط عن نوعية المعلومات التي يمكن لتكامل الدراسات الفيلولوجية المتعددة الاختصاصات استخراجُها من نص ملحمة الكفيف الزرهوني، وفي أفق التمهيد للعودة ، في حلقة قادمة، إلى الربط بين هذه الملحمة الزجلية وبين ملحمة محمد بن يحيى الأمازيغية في هذا الباب، نكتفي هنا بالإشارة إلى نقطة من شأنها أن تتفرع عنها مجموعة أخرى من الأسئلة المتعلقة بالمعطيات الإثنية، والثقافية، واللغوية للمحيط السوسيو-تاريخي لناظم الملحمة، وهي من ذلك القبيل من الأسئلة التي أثارها مثلا الأستاذ حسن نجمي (2007؛ الجزء الأول: 99- 118) بخصوص العلاقة بين تشكل اللغة المغربية الدارجة والأنواع الزجلية المغربية مثلا.
فلقد سبق لي في عمل سابق (المدلاوي 2006) أن تساءلت مثلا عما هي الدلالات المجتمعية والسوسيو-لغوية لكثرة استعمال كلمات أمازيغية في أواخر الأشطر في هذه القصيدة الزجلية، وعلى الأخص في مواقع القوافي من الأبيات؛ مع أن أمر تلك الكلمات لا يتعلق بمفاهيم ذات خصوصيات إثنوغرافية أو ثقافية تستعصي أو تسـتثـقل ترجمتها إلى عربية الزجل إلا في ثلاثة أحوال من ثلاثة عشر مفردة أحصيناها، كما يتضح ذلك من الأمثلة الآتية، حيث سنتبع كل كلمة أمازيغية برقم البيت الذي وردت فيه ثم بترجمتها بين قوسين:
"ايت مرّين": 103، 278 (بدل "بني مرّين")؛ "اغيلاس": 117 ("panthère")؛ "يــيـْـسان": 116 ("الخيل")؛ "يسردان": 142 ("بغال")؛ "تيسدنان": 221 ("نساء")؛ "ينزران" (بالتفخيم): 236 ("أمطار")؛ "تاسا": 288 ("كبد")؛ "ازاغار": 182 ("سهل")؛ "ازرزي" (بالتفخيم): 345 ("إكراه")؛ "امزوار": 433 ("زعيم، قائد، نقيب")؛ الخ؟
هذا القبيل من الأسئلة هو ما سيتم استئنافه بشيء من التفصيل في الحلقة المقبلة في إطار الحديث العام عن أسئلة واقع الدراسات الأدبية في شعب العربية بالجامعة المغربية.
البقية عبر الرابط الآتي
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres