(EN ARABE) 3-De l'état des études littéraires aux Dpts d'Arabe
Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis sur ARABE(Windows)
عن الدراسات الأدبية في شعب العربية بالجامعة المغربية
القسم الأول عبر الرابط الآتي
3- من الملحمة إلى الأوديسا في الأدب الأمازيغي
بينت الحلقة الأولى التبريرات الموضوعية لحديث هذا العمود عن "واقع الدراسات الأدبية في شعب العربية" في هذه الظرفية السوسيو-سياسية الخاصة. وتم التمهيد لذلك الحديث بإيراد تلخيص لنموذج أدبي رفيع، هو الرومانسية الملحمية الأمازيغية "يفرخان ن-ايت وماركًـ" ("فتيان أهل الهوى"؛ 300 بيت)؛ وهو تلخيص تـُستشف من خلاله المزايا الفنية لهذا العمل الأدبي، الذي يجمع بين السرد المحبوك العقدة، والوصف الرفيع، والشاعرية العالية، مما يؤهله ليس فقط ليكون موضوعا لدراسات أكاديمية جادة ومفيدة، ولكن كذلك، وفي تكامل مع مثل ذلك الاهتمام الأكاديمي، ليتحول إلى عمل درامي متميز، سواء عل خشبة المسرح أم على شاشة السينيما. وتحدثت هذه الحلقة الثانية عن نموذج آخر يشترك مع الأول في البناء الشعري، والطابع السردي الملحمي، ويحوز نفس القبيل من المزايا والجدارة كموضوع للدراسات الأكاديمية وللاستغلال في مجالات الإبداع الدرامي الراسخ في صيرورة ثقافة المجتمع. إنها القصيدة الزجلية المسماة "ملعبة الكفيف الزرهوني". وتتمثل الحلقة الحالية في تعليق أولي على تلك العينة من الآداب المغربية، مع الإشارة إلى أوجه أخرى من الأدب الموضوعي، غير الغنائي، في دوائر الآداب المغربية التي ما تزال على هامش الثقافة العالمة، وعلى هامش الاهتمام الأكاديمي وبرامج التكوين.
فمن بين الأسئلة التي يمكن أن تتفرع عن الملاحظات السابقة المتعلقة بورود كثير من المفردات الأمازيغية في قوافي الملعبة الزجلية للكفيف الزرهوني، يمكن التساؤل عن العلاقة التكوينية، من حيث النوع الأدبي والبناء الفني (" عروض البلد" - حسب ما نقله الأستاذ عباس الجراري عن مقدمة ابن خلدون)، التي يمكن أن تربط ذلك العمل الأدبي بما لا يزال مستمرا إلى العصر الحديث، وذلك من قبيل ملحمة تاريخية أخرى حديثة، هي الملحمة الأمازيغية "ضّهار وبارّان" التي تخلد بطولات الأمير بن عبد الكريم الخطابي ضد الإسبان في العشرينات من القرن العشرين، والتي قمنا مؤخرا بنشر دراسة عروضية حول بحرها المعروف في الريف بــ"اناعشي" (بالتفخيم) أي "الاثناعشري"، والذي هو قريب في كثير من أوجهه ببحر ملعبة الكفيف الزرهوني، خصوصا من ذلك عدم اعتبار الكم المقطعي من ثقل وخفة.
ولعل ما يقوي احتمال صحة وجود مثل تلك الأرضبة المشتركة المفترضة وراء الأعمال الأدبية الكبرى التي لم تنشأ وتدون إلا في القرن العشرين، هو أن فن الملحمة، تاريخية كانت أم فنية، ليس الوجه الوحيد الذي يتجلى من خلاله الشعر الموضوعي في تلك التقاليد التي لا يمثل فيها الشعر الذاتي أو الغنائي (poésie lyrique) إلا جزءا يسيرا من التراث. فبالإضافة إلى الملحمة، تشغل الغزوات، وقصص الأنبياء ("سيدنا أيوب"، و"سيدنا داود"، الخ.) والأوديسات السماوية، والأوديسات الأخروية ("الصبيّ" مثلا) حيزا مهما من رقعة الأدب الأمازيغي وأدب الزجل. ومن أشهر أوجه الأوديسا السماوية الأمازيغية أوديسا طالب العلم "حماد ونامير" ("حمو ونامير"، بتسميات أخرى) الذي ارتبط، في علاقة عشق، مع أحدى الكائنات الملائكية السماوية التي كانت تزوره أثناء الليل وتخضّب كفه بالحناء خلسة خلال نومه، مسببة له في كل مرة حرجا مع شيخه؛ ذلك الفتى الذي دفع به عشقه لزائرته الملائكية، بعد هجرها له إلى السماء السابعة بسبب إخلافه وعدا كانت قد اشترطته عليه بعدم اطلاع أمه أبدا على مكان اختلائه بعشيقته السماوية، انتهى به الأمر إلى أن يهجر بدوره أمه، وينحر جواده في العراء ذات يوم ليوفر سبع مُضغ من اللحم، وسبع جُرع من الدم، بقدر عدد السموات السبع، وذلك لفائدة نسر كان قد تعاقد معه مقابل ذلك لكي يعرُج به إلى السماء السابعة ليلتحق بعشيقته. ولقد انتهى به الأمر، بعد فترة من الوصال في عالم ملكوت السماوات، إلى أن يحنّ إلى أمه في الأرض، بعد أن أبصرها ذات يوم عيدٍ من كوة كان قد مُنع من الاستسلام لفضول الإطلال منها؛ فارتمي تبعا لذلك من السماء السابعة من خلال نفس الكوة، وذلك كي يقوم بنحر الأضحية لأمه التي كانت تمسك بالأضحية ولم تجد من يذكيها؛ إنها المهمة التي قامت بها في النهاية، حسب الرواية، قطرة واحدة من دمه كانت هي كل ما وصل منه إلى سطح الأرض.
أما الأوديسات الأخروية، فأشهرها الأوديسا الأمازيغية المعروفة بـ"الصبي"، ذلك التلميذ الحافظ للقرآن، الذي أصبح عالما، والذي فاز بمأوى في الجنة بعد الممات، فلم يجد فيها أثرا لأبويه اللذين كانا، في غيبة عن علمه، قد ارتكبا إثما عظيما، لم يكن يتمثل في الشرك أو الفسق، أو في التفريط في الشعائر، ولكن في قتلهما ضيفا من أبناء السبيل ومن الحجيج، طمعا منهما في ماله لكي يُسعدا به ابنهما ويضمنان له دراسته. ولقد استطاع الصبي، بعد مغامرات بين الجنة والنار، نزل من خلالها إلى الجحيم بحثا عن والديه، استطاع في تقربه إلى الله ورسوله أن يشفع لأبويه، وأن يخرجهما من السعير حيث كانت تنهشهما أفاع من نار، وأن يدخلهما إلى ظلال جنة النعيم، بفضل بركة القرآن الذي كان قد حفظه في صدره بفضل تضحياتهما؛ بل لقد تعدت شفاعته أبويه لتشمل سبعة أجيال من آله.
ولنختم هذه الحلقة بملاحظة واحدة ثم بتنبيه عام: فأما الملاحطة فهي الإشارة إلى تلك اللازمة التي يمثـلها حفظ القرآن كبعد من أبعاد بناء شخصية البطل في كل من ملحمة "يفرخان ن-ايت ومارك"، والأوديسا السماوية "حماد ونامير"، والأوديسا الأخروية "الصبي". هذه الملاحم تبدو من خلال بنيتها وتيماتها موغلة في القدم (مثل "مارس-يغد" = "عيشة رمادة" = Cendrillon) إلا أنها تكيفت في أوجهها الحالية المتوفرة، مع ما تشبع به المجتمع من أبعاد المرجعية الدينية الإسلامية. وأما التنبيه العام، فهو الإشارة إلى أن شعر الملحمة في الأدب الأمازيغي يشكل مادة غنية ومتنوعة ولا يقتصر الأمر على ما تمت الإشارة إليه؛ فمن أشهر الملاحم كذلك الملحمة التي تصف الحرب التي قامت بين حاكم تازروالت، سيدي الحسين و-هاشم و"أمغار" أيت جرار، محماد و-عبد الرحمان سنة 1874 والتي أشار إليها المختار السوسي ونشرها Kenneth Brown سنة 1973 مترجمة إلى الإنجليزية، وكانت من بين ما تناولته دراسة حديثة للأستاذ عبد الرحمن الاخصاصي (Awal 2010)؛ ثم هناك مصف معركة سقوط الجزائر سنة 1830؛ وغير ذلك كثير مما لم يجد بعد طريقه إلى مسالك البحث والتسجيل في أسلاك الدكتوراه بالجامعة المغربية قصد استكمال التدوين والتحقيق والتبويب وغير ذلك من المعالجات.
القسم الأخير عبر الرابط الآتي
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres