OrBinah

(EN ARABE) Mendelssohn-3: Vérité eternelle et Loi religieuse

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller  dans  la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis sur ARABE(Windows)

 

 

عن راهنية فكر مانديلسون

3- الحقيقة الأزلية ما بين الفطرة والتشريع

 

 للاطلاع على القسم الأول، ومنه إلى بقية الأقسام، انقر هــنـــا

 

 

من الأفكار الرئيسية في كتاب "أورشليم" لموسى مانديلسون ما يراه من أن جوهر الدين هو دين الفطرة، وأن الدين، بذلك، مَظهرٌ من مظاهر فطرة العقل الطبيعي التي فُطِر الناسُ عليها والتي لا يمكن أن تكون إلا خيـّرة تـتـنافى على الخصوص مع أي وجه من أوجه القهر المؤسـَّسي للضمير. فالرسالات إنما تؤكد الفطرة الخيـّرة، وليست هي التي تـُخـرجها بالكشف الإعجازي الخارق من العدم إلى عالم لوعي البصيرة. فالإنسان في جوهره حسب تصور مانديلسون ومن تأثر بهم من التنويريين كائن مدني بالطبع، كما قال ابن خلدون، وليس بمقتضى تدخّـل قوةِ سلطةٍ خارجية؛ ومن خلال ملكته المدنية تلك يشتـق عقلـُه الطبيعي المفاهيمَ الأخلاقية الأساسية من حق وواجب، خير وشر، فيُـكـامل بين الأولَـين، ويميز بين الأخيرين.  فإذا كان هناك من فرق بين الدين والعقل الطبيعي، فهو فرقٌ بين ما هو معقول مما هو في متناول العقل (Reasonableness) وبين ما ليس في متناول العقل (Supra-rational)، وليس فرقا بين مطابقة العقل (rational) ومناقضة العقل (irrational). فلا شيء في دين الفطرة بممكن أن يناقض العقل في المطلق. أما الخلاف على مستوى الممارسة في شأن تصوُّر ما هو مطابق للعقل وما ليس كذلك في ميدان الأخلاق بصفة عامة، مما له تعلق بقدرات الأشخاص على التصور والتصديق، فإنما هو مسألة تأثير التدافع من جهة، ومسألة تأهيل بيداغوجي وتربوي مستمر من جهة أخرى كما هو الشأن في التفاوت في قدرات استعمال الرياضيات مثلا، وليس دليلا على عجز مطلق للعقل في إدراك المقولات صورةً ومادةً. 

وقد ترتب عن ذلك التصور في نظرية مانديلسون، الذي تأثر كثيرا في هذا الباب بـ"سبينوزا" مع وجود فارق جوهري بين فكريهما، أن الشريعة بصيغتها الفـقهيـة، أي الهالاخا  (הלכה) لا تمثل جوهر الدين، وإنما هي وصايا عمَـلية لجعل السلوك ينسجم مع مبادئ تلك الفطرة الخيّـرة؛ وبذلك يكون التـشريع في جوهرية مقاصده مفتوحا على ما يقتضيه المحيط من اجتهادات لإدامة ذلك الانسجام. فالتشريع بمفهومه الفقهي، كتأطير صوري للتـدين في ظروف معينة – وعلى العكس منالمبادئ العامة لما يعرَف بـ"شرع نوح" (Lois Noachides) الممثـّـل للفطرة 2 -  تشريعٌ لم يُـقُـم في اليهودية الأولى، من إبراهيم إلى يعقوب، إلا مع وصايا موسى عليه السلام وتفصيلِها في التوراة، موسى هذا الذي اجتمعت في شخصه تاريخيا وظيفتا الدين والدولة، أي ما يسمى بالثيوقراطية، التي هي معطىً تاريخي مرتبط بظرفياته، ولا تمثل لا جوهر الدين ولا جوهر السياسة والدولة حسب مانديلسون. فالتشريع بالمفهوم الفقهي صياغة شكلية معينة لروح المبادئ والمقاصد قصد تنزيلها في السلوكين الفردي والجماعي في ظل معطيات تاريخية معينة، فيكون أساسه العملي، بناء على ذلك، هو النسخ كما يتم ذلك حتى داخل الفترة الرسالية المعينة في ظرف سنوات معدودة. أما المبادئ والمقاصد، ومنها المبادئ النوحية، فلا تنسخ، خلافا لما ذهب إليه الحَبـر الحكيم، السموءل بن يحيى بن عباس المغربي، في كتابه القيم "بذل المجهود في إفحام اليهود" لما أراد، بعد إسلامه، التدليل على نسخ الإسلام لليهودية والمسيحية، فأشـار إلى أن الشريعة الموسوية نفسها كانت قد نسخت المبادئ النـوحية؛فالمبادئ لا تُـنـسخ وإنما يتم تأكيدُها وإعادة تصديقها من خلال نسخ التـشـريع بالضبط قصد إعادة تكيـيـفه مع كل معطياتٍ جديدة على هُـدى المبادئ والمقاصد. فشريعة النبي موسى، وهو يقود شعب بني إسرايل من أرض مصر إلى أرض كنعان عبر سيناء، بكل مصاعب تلك القيادة على أرض الواقع، "لم تكن تُمثـل نظاما لسلطة الدين في جوهره. لقد كانت سلطةً سياسية-دينية" على حد تعبير مانديلسون؛ "لقد كانت حُـكـما ثيوقراطيا في أخلص تجلياته، أو ما يمكن أن نسميه بـ"مدينة لله"، تُـستمَـد فيها السلطة ليس من الدين كدين بل من الدين باعتباره في خدمة الدولة"، أي ما يسمى اليوم: أيديولوجية حـُكـم.

 وبما أن الاجتهادات التاريخية في باب الشريعة بهذا الاعتبار مرتبطة بالممارسة والتدافع، فإن احتمال الصواب والخطإ فيها وارد؛ وهذا ما يفسر ما تحـفِـل به الفـقـهيات الهلاخية من أوجه التعارض، بل التناقض أحيانا، سواء على مستويات تزامن الاجتهادات، أم بالنظر إلى تلاحقها عبر الأجيال، أو توزعها في المكان؛ وهو ما يفرض، في نظر مانديلسون، نوعا من الحيطة العقلية الدائمة في التعامل مع الرصيد الكـلي لتلك الفـقهيات، بما أنها اجتهادات حول تنزيل الدين على أرض الواقع، ولا تمثـل، في حد ذاتها ومن حيث صورُها وأشكـالُـها، جوهرَ الدين. وهو يرى أن جوهر دين الفطرة، في مقابل الشريعة والصياغات اللاهوتية، لا يحتاج إلى الكشوفات الإعجازية ("كل مولود يولد على الفطرة"؛ حديث نبوي). ولقد تـأثـر مانديلسون، في هذه النقطة بالذات، بالسؤال المحرج الكبير الذي كان قد طرحه الفيلسوف الإنجليزي "جون لوك" (John Loke) على الشكل الآتي: "تُـرى ما عسى أن يكون مصيرُ سائر البشرية من الذين لم يسمعوا قطُّ لا عن وعد [بني إسرائيل] (Promise)، ولا عن [بشارة المسيح] المُنِقـذ  (Massiah) الذي يُـنـتـظـُر [في نظر اليهودية] أن يـَظهـر، أو الذي بـُـعـِث منذ زمان [في نظر المسيحية]، أولئك والذين ليس لهم أيّ فكرة لا عن ذلك المنـقـذ ولا عن الإيمان به؟". فبما أن كشْـف الأنبياء والمرسلين الإعجازي  ينحصر بلوغه، بالضرورة العملية، في مجموعة بشرية بعينها في زمن ومكان بعينهما، وبلغة بعينها، فإنه يكون، بمقتضى طابعه ذاك، كشفا حصريا ومحصورا لـفائـدة مخاطـَبين معيّـنين حصلَ لهم، مكاناً وزماناً، حقُّ الامتياز دون غيرهم من أجيال العالَـمِين على سبيل الاصطفاء المطلق. وبسبب ذلك الطابع، يكون كل فهْـمٍ يجعل إمكانيات إدراك دين الفطرة متوقفة على الكشف الإعجازي الخارق فهماً للاصطفاء غيرَ جدير بالعدل الإلهي وبمحبـتـه المتكافئة إزاء كافة البشر في سائر الدهور. يقول مانديلسون بهذا الصدد في كتاب "أورشليم" ما يلي:

((ولذلك فإني لا أومن بأن قوة العقل البشري قاصرة عن إقناع الإنسان بالحقائق الأزلية التي هي ضرورية لتحقيق خلاص البشر وسعادته، وبأن حصول ذلك متوقف بالضرورة على كشفـه تعالى لتلك الحقائـق بشكـل إعجازي على يد المرسلين. إن مَن يذهبون ذلك المذهب ينـتـقصون من كمال الطيبوبة الإلهية من جانبٍ، بما يعـتـقـدون أنهم يضيفونه إليها من جانبٍ آخر. فهو، تعالى، في نظرهم، من الطيبوبة بحيث إنه قد كشـف للناس تلك الحقائق التي فيها خلاصُهم، ولكنه [في ظل ذلك التصور]  ليس من القدرة والإرادة أو من الطيبوبة بما يجـعـله يهَـبُـهم من القوى الإدراكية ما يتأهـلون به لاكتشاف تلك الحقائق بأنفسهم [كما ألهمهم من الذكاء ما يتعاملون به مع الطبيعة]. وزيادة على هذا، فإن ذلك الزعم يجعل شمولية الرسالة الإعجازية مكانياً وزمانياً أمرا ضروريا أكثرَ من ضرورة مبدإ الرسالة في حد ذاته. فإذا كان النوع البشري سيبقى فاسدا في حالة انعدام رسالة إعجازية حقا [أي مشهودٍ إعجازُها في الجيل]، فما الحكمة من إبقاء الأغلبية الساحقة من البشر بدون رسالة إعجازية عبر العصور؟ لماذا يتعين [مثلا] على الناس في القارة الهندية أن ينتظروا حتى يطيب للأوروبيين ويحلوَ  لهم أن يبعـثـوا إليهم نـفـرا من "المُواسين" لينقلوا إليهم كلمةَ [خلاصٍ] لا يستطيعون بدونها، حسب ذلك الرأي، أن يكونوا لا صالحين ولا سعداء؟ تلك الكلمة التي لن تمكّـنهم ظرفياتـُهم الخاصة ونوعيةُ ثقافاتهم [ولغاتهم] لا من فهمها فهما صحيحا ولا من العمل بها كما ينبغي. وبالمقابل، وبناء على مفاهيم اليهودية الحـقـة، يبقى أهل المعمور أجمعون مهيئين للصلاح والخلاص؛ وسبـُـل الوصول إلى ذلك متعددة ومتنـوعة بتعدّد وتنوعَ البشر أنفسهم، وهي موهوبةٌ لهم بنفس نوعية الفضل والجود الإلهيين اللذين بفضلهما أُلـهـِـموا [بالطبع] كيف يُـشبعـون جوعَهم [بالسعي في الأرض])).

وبسبب نفس تلك الاختلافات الثقافية واللغوية والمعرفية، كان قد قال الإمام المخفي في "الرسالة الجامعة" لإخوان الصفا، بعد توضيحه لمزايا الاختلاف في قيام الصلاح وتمامِه: ((إن المُعلم والمُرشد والمُنبه لكل أمة من الأمم لا يكون إلا منهم، ولا يدعوهم إلا بلسانهم، ولا يأمرهم إلا بقدر ما في وُسعـهم وطاقتهم؛ ذلك من عدل الباري سبحانه، لا إله إلا هو، الرؤوف بخـلـقه، فجعل لكل قوم هاديا منهم؛ وقال عز من قائل {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه}،1)).

وفي نفس السياق، يقول المفكر اليهودي المغربي-الإيطالي، إيــلي بن أمازيغ (وُلِـد: 1823) في كتابه "إسرائيل والبشرية" (Israël et l'Humanité): ((ذلك أنه، إذا أمكـننا أن نتصور مفهوما محليا أوجهويا للإله، يتخذ مع الزمن مظهرا كونيا في نظر أصحابه بعد غـلـبـته على التصورات المنافِـسة، فإنه من المحال تصورُ إله واحدٍ أحدٍ تقـتـصر عـنايتُـه على أمة واحدة على سبيل الحصر، دون سائر الأمم)).

فـفكـر ماندليسون يـبتعد هنا عن حَـرفية الاصطفائية الجوهرية المطلقة بمفهومها في الهاكَـادا (הגדה של פסח) والتي انـحرفت في مغالاةٍ عن الفكرة التي ترى بأن اصطفاء بني إسرائيل إنما هو تاريخي، من حيث تكريمُهم لسبق قبولهم بحمل أمانة التعاليم الإلهية حين أعرض عنها الأميون (Everryman's Talmud, p:61)؛(3) أي أن ذلك الاصطفاءَ اصطفاءٌ للإنسان المبادر إلى مغامرة تحمـّل المسؤولية {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبَـيـنَ أن يحملـنَها وأشفـقـن منها، وحمـلها الإنسان، إن الإنسان كان ظالما جهولا}ق.ك ، وأن التفضيلَ حاصل بذلك لبني آدم كافةً من حيث قبول الإنسان لرسالة الاستخلاف {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير مما خلقنا تفضيلا}ق.ك.

---------------

القسم الأخير، عبرالرابط الآتي

https://orbinah.blog4ever.com/blog/lire-article-162080-1978319-_en_arabe__mendelssohn_4__etat__religion_et_morale.html

-------------------------------------------------------------

 

1)  {إنه لتنزيل رب العالمين، نزل به الروحُ الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبِـين}ق.ك. {ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا: لولا فُصِّـلت آياتُـه، أعجمي وعربي}ق.ك (قراءة الحسن البصري).

2)  تشريع نوح: 1-الأمر بالعدل المدني، 2- النهي عن كل أوجه التجديف (ومنها شهادة الزور)، 3 -وعن عبادة الأصنام، 4 -وزنى المحارم، 5 -وقتل النفس، 6 -والسرقة، 7 -وكل أوجه الوحشية (مما رُمز إليه بتحريم أكل جزء مقتطع من حيوان حي). {شرع لكم من الدين ما أوصى به نوحا، والذي أوحينا إليك، وما أوصينا به إبراهيم وموسى وعيسى}ق.ك

 



28/09/2010
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres