OrBinah

(En Arabe) Un recueil de poèmes amazighes (berbères) séquestré

Si le texte arabe ci-dessous ne s'affiche pas correctement, aller  vers la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur PLUS, puis sur ARABE(Windows)

----------------------------------------------------------

 

رسالة مفتوحة إلى الشاعر عبد الله حفيظي

أو قصة ديوان شعري أمازيغي معتقل[i]

 

                                     محمد المدلاوي – المنهبي

                                     المعهد الجامعي للبحث العلمي

 

الشاعر عبد الله حفيظي المحترم، صاحب ديوان 'تاضصا  د-ونكّيد' المنشور، وديوان 'اكَـليد ن-يكَـلدان' المعتقل؛ السلام عليكم.

 

وبعد فأستسمحكم أولا عن تأخري في الرد بالشكر الذي حق عليّ  لكم في شأن القرص المدمج الذي بعثتم به إليّ، والذي يشتمل على مختارات ناطقة من أشعاركم، مصورةً في فضاءات ربوع تيسينت الخلابة، التي أرجو، بكل صدق أن تتاح لي فرصة زيارتها يوما، شاكرا لكم كذلك بالمناسبة كريم دعوتكم للقيام بتلك الزيارة.

 

لا يسعني إلا أن أجدد لكم مساندتي الكاملة لما عبرتم عنه في ثنايا رسلتكم من حقكم في أن يجد ديوانـُكم الشعري، الجذير بذلك، طريقَه إلى حيز النور بين أيدي القراء من عشاق الشعر المغربي الأمازيغي، وعلى نفقة المؤسسات التي يـُرصَدُ لها المالُ العام قصدَ العناية بالثقافة المغربية عمامة والأمازيغية على وجه الخصوص، هذا الديوان الذي يستوفي كافة الشروط الفنية التي تؤهله لكي يكون ليس فقط ديوانا شعريا عاديا، بل ليكون أول حوليات الشعر الأمازيغي التي يستوفي وحدة الموضوع على مستوى القصيدة من جهة، وعلى مستوى الديوان ككل، من جهة أخرى، خصوصا إذا علمنا أن هذه الوحدة قد تم استيفاؤها، عبر هذا الديوان، في موضوع ليس ككل المواضيع، ألا وهو موضوع الوطنية، وعلى الأخص إذا علمنا أن هذا الإنجاز يساهم به أحد أبناء أعيان منطقة تخومية من تخوم البلاد في هذه الفترة من تاريخ المغرب التي تشكل فيها الأمازيغية من جهة، والعناية العامة بتلك التخوم من جهة أخرى، رمزياتِ رهاناتٍ خاصة. أضف إلى ذلك، على المستوى التقني المحض، أن الشاعر عبد الله حفيظي من المتمكنين من اللغة الأمازيغية الجزلة، ومن الآلة العروضية بشكل لا يتوفر دائما فيما ينشر كشعر أمازيغي.

وإذ أُمسكُ -  كما تُـلزمني بذلك الأعرافُ المهنية - عن الحديث عن تفاصيل قصتي مع ديوانكم في مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الذي كنتم قد أودعتموه فيه قصد النشر، وهو مؤسسة معنية بذلك بالدرجة الأولى، فإني أضيف إلى علمكم بأني قمت من جهة أخرى بتاريخ 20 فبراير 2007، مباشرة بعد عودتي من معرض الكتاب بالبيضاء، وبمحض مبادرة مني بصفتي قد عاينت ذلك الديوان مرتين، بتوجيه رسالة في الأمر إلى المسؤولين الأولين عن قطاع الثقافة في البلاد، أشرح فيها طبيعة العمل، ومكانته الأدبية، ودلالته الوطنية، وقصة تعثر طبعه في مؤسسة وطنية يعنيها أمره أكثر من غيرها، مرفقا تلك الرسالة بنص التقديم المفصل (عشر صفحات) الذي كنتُ قد حررتـُه لذلك الديوان بطلب منكم والمؤرخ مند خمس سنوات بتاريخ 26 مارس 2002). وأحتفظ ضمن أرشيفي بنسخة من تلك الرسالة لكل غاية محتملة.

ولقد اطلعت، بعد ذلك، على الرسالة التي بعثتم بها إلى مدير أسبوعية أنغميس (أنغميس؛ عدد 10؛ 12 أبريل 2007)، السيد الحسين ونيعام، والتي تستعرضون من خلالها تفاصيل ومراحل إقبار ديوانكم من طرف المسؤولين الحاليين  بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وتربطون من خلالها -  من بعض الأوجه - ما بين ما حصل لديوانكم  من جهة، وما حصل في يوليوز المنصرم (2006) من قرارات إدارية مخالفة للقانون، وسخيفة على مستوى المروءة والأخلاق وسلوك أهل العلم والمسؤولية في حق بعض الباحثين بتلك المؤسسة. وأؤكد لكم بأني أشاطركم ما جاء في رسالتكم تلك، وأعرب لكم عن مساندتي لما دعوتم إليه فيها من ضرورة التفات الرأي العام إلى هذه المؤسسة العمومية قصد مساءلتها، وهي التي أسسها عاهل البلاد خدمة لهذا الوطن لكي "تساعد على تقوية الوحدة الوطنية" (النقطة 7 من الأسباب الموجبة لظهير أجدير المؤسس لها)، وذلك بظهير شريف هو غاية في إنصاف الثقافة الوطنية عامة من حيث تفصيله لأوجه إنعاش الثقافة الأمازيغية عن طريق "(1) تجميع وتدوين مختلف تعابير الثقافة الأمازيغية والحفاظ عليها وحمايتها وضمان انتشارها" (المادة الثالثة من الظهير)، وليس عن طريق الإكثار من التظاهرات البرّاقة المصورة، التي تلتهم المال العام وتشغل باحثات وباحثين  جديين في المؤسسة عن إنجاز مهامهم السنوية المسطرة ذات الإنتاج الملموس، تلك التظاهرات التي لا تخلـّف من ورائها إلا بعض الصور الفوتوغرافية أو الفيديو-مصورة، بينما يتم إقبار دواوين تلك التعابير التي أوصى الظهير بالعناية بها وضمان انتشارها، ويتم ضربُ الحصار على البحث الجاد المنتج الخاص في ميدان الأمازيغية لغة وثقافة. لقد آن الأوان للدعوة إلى العمل على فك الارتهان الذي تعاني منه تلك المؤسسة الأكاديمية الملكية من خلال لغط بعض المزايدين الأيديولوجيين، وعبر كيد بعض النفعيين المصلحيين، لكي تدشن تلك المؤسسة - تطبيقا لما تنص عليه الفقرة الأولى من المادة الثالثة من الظهير المستشهد بها سابقا - خطةً جدية للدخول بالأدب الأمازيغي إلى فترة تدوين حقيقية ومنهجية تنقذ ما هو مهدد بالبلى والزوال، وتكون كفيلة بخلق تراكم كمي حقيقي لا يمكن لأي انتقال نوعي أن يتم بدونه. إن إشهار بعض الاختيارات الأيديولوجية الإطلاقية والوحدانية كاشتراط حرف تيفيناغ، والمزايدة بها في الأمر بشكل يقفز على الزمان والمكان، وعلى انتقلالية الأجيال ومرحلية التطور، إنما من شأنه  "أن يحكمُ بين عشية وضحاها بالإقصاء على مجهودات أجيال بكاملها من المؤلفين المبدعين، ومن الدارسين والأكاديميين، من مُعربّين أو مُفرنسين أو منجلزين، وذلك بأن تجد أعمالُ هذه الأطر المكوّنة تكوينا معينا، نفسها وقد أصبحت خارج نطاق دائرة العمل والإنتاج المدعَّم والمتعهَّد من طرف المؤسسات الرسميةباعتباره أدوات عملٍ أدبية ولغوية وديداكتيكية؛ خصوصا إذا ما علمنا أن المؤسسة كانت قد نشرت سنة 2004 ديوانا شعريا ليس فيه من اللغة الأمازيغية ســوى عنوانه المكتوب بكل من حرفَ تيافيناغ والحرف العربي، ديوان /تانيرت/، لصاحبه الشاعر إدريس الملياني.

كما أن من شأن مثل تلك الاختيارات الإطلاقية أن تُوقف مسيرة العطاء الإبداعي والأكاديمي لدى شرائح وازنة من حيث ما قدمَتْه للأمازيغية، نظرا لأن تغيير عادات القراءة والكتابة ليست بالأمر الذي يتمّ لدى الفرد بمجرّد توفُّر الإرادة ولا حتى الحماس، ناهيك عمّا إذا كان الأمر بالنسبة إليه مجرَّدَ قرار إداري، على خلفية البحث عن توازنات سياسية ظرفية، يصب في اتجاه معين دون غيره على سبيل الحصر والإقصاء. فمن ذا الذي يضمن لنا استمرار أمثال محمد مستاوي، وعبد الله حفيظي، [وأحمد عصيد، والحسين جهادي، وابراهيم وبلاّ، وعبد الرحمان بيلوش، وأحمد بوزيد، وعمر أمرير، ومحمد وخزان، والحسين بن احيا،] وغيرهم ممن تعودوا على الحرف العربي وعودوا عليه قراءهم من النخبة ومن الشعبيين في الدكاكين والأكشاك؟ من ذا الذي يضمن لنا قدرة كل هؤلاء، كتابا وشعراء، على الاستمرار في العمل على إيصال إنتاجاتهم إلى أهلها إذا ما كان الدعم والتعهد لا يشمل الحرف الذي ألفوا أن يدونو به وينشروا؟". لقد أثرت هذا السؤال مند أربع سنوات في مقال مطول لي نشر على حلقتين بيومية الأحداث المغربية (15 و 17 يناير 2003)  بعنوان "فصيلة الأسئلة المغيّـبة في النقاش حول حرف كتابة الأمازيغية"؛ وإذ لم أكن قد ادعيت التنبؤ حينئذ، فإن قصة أسْـر واعتقال ديوانكم، أيها الشاعر عبد الله حفيظي، قد قدمت لنا، مع الأسف، نموذجا حيا لما كنت أتوقعه وأحذر منه في ذلك المقال.

 

ولكي أعيد طرح الأمر في إطاره العام، لكي لا يرتبط  طرحه على سبيل الحصر، في بعض الأذهان، بملابسات ما حصل مؤخرا بمؤسسة معهد الإركام، أشير إلى ما كنت قد سجلته، في نفس المقال، قبل خمس سنوات، حينما نشبت مواجهة أيديولوجية سُـمّيـت حينئذ بــ"معركة الحرف" في شأن تدوين وكتابة الأمازيغية، ما بين أنصار ما يسممونه بــ"الحرف الكوني"، ويقصدون "الحرف اللاتيني"، وأنصار "اختيار الأجداد الأمازيغ"فيما يتعلق بكتابة لغتهم (انظر التجديد، 21 ديسمبر 2002 والعصر، 27 ديسمبر 2002)، وذلك حينما انبثقت إلى حيز الوجود فجأة حوالي سبعين جمعية تدعي أنها تدافع عن الأمازيغية، فدعت في ذلك الإطار إلى التعبئة للدفاع عن "اختيار الأجداد" فيما يتعلق بتدوينها، إلى درجة أن زعيما من زعماء هيئة سياسية كان قد هدد حينئذ بالنزول إلى الشارع إذا ما تم اختيارُ ما يتنافى مع "اختيارات الأجداد"، وذلك بعد أن عبر قائلا : "أنا دائما أقول في عدة تدخلات إنه من بين أكبر الأخطاء التي ارتكبت في مغرب ما بعد الاستقلال -  وإن كان ليس الخطأ الوحيد-  هو تهميش الأمازيغية؛ ويتم هذا التهميش بالدرجة الأولى في إبعادها عن التعليم" (جريدة العصر 27 ديسمبر 2002). قلت حينئذ في ذلك المقال بأن مثل هذا التصريح الأخير لن يكون مقنعا بقطع النظر عن مدى تاريخية ما يروه إلا إذا توفر أمران هما :

1)    نقلُ ذلك الاعتراف الشخصي لمسؤولٍ مثل الأستاذ سعد الدين العثماني المحترم، من مستوى الشخص إلى مستوى الهيأة السياسية التي ينتمي إليها الأستاذ، وذلك بأن تُترجم تلك الهيئة مضمونَ ذلك الاعتراف في مواثيقها المؤسّسة، وأن تصدر، في ممارساتها السياسية، عن مقترحات وبرامج تترجم النية والإرادة السياسية لإصلاح الخطأ المعترف به في حق الأمازيغية؛

2)    ترجمة تلك الإرادة، عندما تكون قد توفرت، في اتجاه خطوات ملموسة لعمل طويل الأمد يتعلق بإنعاش الأمازيغية ضمن أنشطة الهيئة وحضورها الثقافي، عن طريق النشر، والتدوين، وتوجيه الأطر للتمكن منالعلوم اللغوية والأدبية والحضارية للأمازيغية حتى تتمكن الهيئة من التوفر على ملف علمي وعملي عقلاني في الموضوع.

فهل راكمت الأنشطة والبربامج الثقافية للجمعيات والمؤسسات العلمية والثقافية التابعة لتلك الهيئة السياسية أو للهيئات التي شاطرتها الاختيار في هذا الباب صراحة أو ضمنيا ما يضفي المصداقية على خطابها المتعلق بــ"اختيار الأجداد" وقد مرت الآن خمس سنوات؟ إن مثل ما حصل من انسداد الآفاق الرسمية وشبه الرسمية أمام ديوانكم ليبين بأن المزايدة غير مقصورة في هذا الباب على المؤسسة التي وجهتم إليها اللوم على وجه الخصوص، أيها الشاعر، عبد الله حفيظي، وهذا يبين بالملموس أن الطريق لم يصبح بعد سالكا رغم كل العجعجة القائمة.

والسلام عليكم ورحمة الله                        الرباط  25 ماي 2007

 

--------------------

 صدر في العدد 10 –  صيف 2007 من شهرية ملفات ص 9       [i]

 

 



03/01/2008
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 345 autres membres