OrBinah

(En arabe) Une odyssée mythique de la langue (l'arabe et le darija)

قـــــــــــــاف، جيـــــــــــم، لام؛ وقصة اللغــــــــة واللســــــان.

(نص تخييلي شطحاتي، بمناسبة "القجّـة" الرياضية الوحدوية الأخيرة)

 

 

 

1-  في البدء كان "الـقـــــــــــــــــاف" و"الجــــــــــــــيم"، فكان "القــــــــــــــــول" كان "القـــــــــــــضاء"  بدءا بالقاف، الذي يقضي  بـ"الجــــــــــــــــهر" بالقول بدءا بالجيــــــــــــم؛  فقيل في البدء "اقــــــــــــر" بدءا بالقــــــــــــــــــــاف مرة أخرى، وهمزة الوصل إنما هي زائدة لمجرد انتـفــاء البدء بالساكن في تحريك الموجود من العدم إلى الوجود.

 

2-  وبعد أن أكل آدم جرأةً من شجرة المعـــــــــــرفة فعَـلِم الأسماءَ كلها كان "اللــــــــــــسان"، فابتدأ اسمُه في اللوح المحفوظ بآخر حرف من أحرف أُقـنـوم "القـــــــــــول" أو اللوغوس الذي كان في البدء؛ ثمّ كُسي اللسان لحما بلا غظم، فنشأ الكــــــــــلام وتحرك القلم (والكاف أخت القاف)؛ وتوالد الكلام، وكثر الكلام، فتطاول أهل الكلام من نسل آدم على السماء فشيّدوا برج بــــــابــــــل لينفذوا من أقطار السماوات بغير سلطان؛ فتهاوى برج بابل بلعنة من السماء، فتشتّت أهله في بقاع الأرض فانشعب اللســــــــــــــان إلى ألسُن متبـــلبــــلة يحتاج الناس مع تبلبلها إلى التفسيـــــــــر والتأويـــــــــل والترجمـــــة ليتعــــــــــــارفوا ويتفــــــــــــاهموا، ليس من أجل إعادة تشييد ما يتطاولون به على السماء، في خرق لمبدإ الأبــــــــــداع الأول كما كان في البدء من فعل "القـــــــول"، ولكن فقط من أجل تبـــــــــــادل ما يلزم من المعــــــــــــارف و تنسيق وتعبئة ما يلزم من المــــــــــوارد والجهـــــــــــود لضمان البـــــقـــاء وتحسين أوجه استمرار البـــقــــــــاء قيدَ الوجــــــــــــود.

 

3-  وإذ ورثت الفروعُ المنشعبة عن اللســــــان الأول جبـِلّـــة الانشـــــــــعاب والتوالد من تجربة برج بابـــــــل، فقد تشعّـبت عن كل لســــان مولّد ألسن فرعية؛ فكثر اللــــــــــغو هذه المرة، وحل اللــــــــــــغو محل الكـــــــــــلام. واعتدّ كل قوم بلسانهم، فقالوا إنه لسان الأولين والآخرين في الأرض وفي السماء. وإذ في الكائن من الناس مضغتان، إحداهما اللسان، إذا صلحت صلح الكائن كلّـه وإذا فسدت فسد الكائن، فقد التبس الجـَـــنان واللسان، ولبس أحدهما الآخر في صفوف الأنام؛ فتداخل والتبس عند كل قوم جوهرُ وشكلُ ما يقولون وما يعقلون وما يفعلون.

قالت أقوام إن لسانها لسانُ الوجود والمصير، وعمد قوم في نرجسية إلى لسانهم الذي لا يتميّز عن جنانهم فأضفوا على ماهيته من الصفات ما يعكس وساوس جنانهم في تصورهم للغاية من الحياة متمثلة في زينتها من النساء والبنين، وذلك بدءا بالبحث في جنس لسانهم، أهو ذكر أم أنثى؛ فوجدوا أنه أنــــــــــــثى، غانية ولودٌ، في أحشائها دُرَرٌ عرائسُ كامنة تنتظر من يعجّل بالغوص ليصطادها في الوقت المناسب إنقاذا لها من الوأد؛ فأطلقوا على لســـــــــانهم اسم لغــــــــــــــــــة بجنس المؤنّث الذي يخضع في نحوهم لمبدإ التغـــــليــــــــــــب. ولقد طفق اللاغون يَـلغُـون بمفاتن السيدة اللغة المصونة، ويعدّدون صفات جمالها، محدّدين معايير ذلك الجمال وحدود خصال السيدة، احتجابا مكنونا مصونا، أو ظهورا متبرجا سفورا، همسا وقورا، أو جهرا نُكورا. وكان من بين ما حدّدوه من معايير لصوتها تحديدُ ما يسمح بائتلافه لديها من الأصوات وما لا يسمح به لتظل كلماتها فصيحة فصاحة لبن الناقة، لتتمّ مزية الإعراب وتحصل البلاغة ويتمّ تمييز المُعــــــــرَب الأصيل عن المعَــــــرّب الدخيل. من ذلك مثلا، عدم السماح باجتماع القــــــــاف والجيـــــــــم في الكلمة من كلماتها. فقد قال أحدهم، ممّن اجتمع مع ذلك الجيــــــــم والقــــــاف بالضبط في اسمه الذي هو بلفظ "الجوالقي: "لم تجتمع والقاف في كلمة عربية ... فمتى جاءتا في كلمة فاعلم أنها مُــعَـــــــــــــرّبة".  

 

4-  وإذ تحوّل اللسان عند القوم تحوّلا جنسيا، فأصبح أنثى،  لغــــــــــــةً ولـــــــــودا تلد وتُعيد، في إطار جميع أنواع الزواج التي ابتدعها القوم لأنفسهم في إطار زينة الحياة، فقد تصورت شريحة من عامة الجمهور هذا الكائن المتحول إلى مؤنث ولود بمثابة دجاجةً تبيـــــــــض كل يوم ياقوتا، فتناسلت تنسيقيات الذود عن البيض من أجل الذود عن بيضة اللغة. وإذ كان الأمر كذلك من خصوبة اللغة، السيدة/الدجاجة، فقد أنجبت تلك اللغة الولود  شِـــعَـبا شتّى من البنات، ورثت كلّ منها ما ورثت من أصيل أو دخيل. وقد تميزت من بين تلك البنات، في أرض البلد الأقصى، نجلةٌ لغوية  تسمّى "دراجــــــة بنت بُرّ" (وقيل "بنت بُربُر"). وقد ورثت دراجة بنت بُربُر، من أبيها، بُربُر، قدرة هائلة على هضم النِعَم وتمثّـلِـها تمثلا حسنا بما ينفع الجسم والجنان فيصلح اللسان. وبفضل تلك القدرة الهضمية الهائلة، تجاوزت تلك اللغة تقاليد محدودية عدد الحروف الأصول المسموح به في  الكلمة وكذلك معايير ما سطّره الجـواليـقي من ما يسمح بائتلافه في الكلمة؛ فابتدعت من المفردات الكثير، وأغنت به معجمها للدلالة على معان كثيرة ليس أنسبَ للتعبير عنها والدلالة عليها - بما يجمعها من معاني "الخشونة" في الجَرْس أو الشكل أو السلوك -  من الجمــــــــع بين القــــــــاف والجيــــــــم بالضبط؛ فقيل فيها: "قــجّْ/مقجوج/تّقاجّ/مقاجّة"، "قْجـقْج/قجقاج/مقجقج"، "جنّق/مجنّق"، "قجّن/مقجّن" "نقُـج/منقوج" "جلّق/مجلّق"، "جاقمة"، "جوقة/جوّق/مجوّق"، "قـجـر"، "جنقــر/مجنقر"، "جالوق/جولق/مجولق"، "جعْـوق/جعـواق"...، وكان آخر مبتدعاتها ما روّجته قبل سنتين: "الخشـــــقاجـة".

فهل باستطاعة لغة أخرى، غير العربية المغربية الدارجة، التعبير عن "قجّة القرن"، تلك "القُـــــــــــجّة" الخشــــــقاجــــــية التي ميّزت قبل يومين مباراة نهائي "القدّوح العربي" بين فريقين عجَميين أحدهما يُشهِـر "تاكنعانيّت" من خلال ارتدائه لقميص حنّى بعل، والثاني قادم إلى قبلة الخليج من بلاد نوميديا العجمية، وذلك بالرغم من أن شعار إسمنت الوحدة "خاوة-خاوا" ضد عدوّ مجهول/معلوم يجمع الاثنين كما ألح المعلق الراياضي الوحدوي على ذلك بقوة، وأهل الدارجة لا يزيدون على أنهم ينظرون إلى أطوار مباراة القدّوح من بعيد؟

-------------

 

5-  نصيحة صدق، من خارج ما-وراء المايكرو المباشر:

عندما ينهي من قرأ هذا النص قراءتَه، وهو مرتاح شارد البال والخيال مستسلمٌ لشطحات اللغويات/اللسانيات السماوية، كما يستسلم المرء/المرأة لمشاهدة وصلات اليوتوب التثقيفية أو وتابعة أشرطة المسلسلات والتفاعل معها، ثم أراد أن يطلع على دراسة حالات القاف والجيم في العربية والدارجة دراسة جدية أرضية، وكان مستعدا لما يقتضيه ذلك النوع من القراءة من تركيز، فإني أقترح عليه النصّين الآتيين:

 

1-  "L’arabe marocain: diachronie de la formation du lexique d’une langue afro-asiatique".

https://static.blog4ever.com/2006/04/162080/L--Arabe-Marocain--diachronie-formelle-de-la-formation-d--une-langue-afro-asiatique.pdf

 

2-  Elmedlaoui, Mohamed (2011)-a “Système, typologie et changement diachronique: le cas *g et *q dans les études chamito-sémitiques”. Etudes et Documents Berbères. 29-30 (2010-2011). Pp. 133-153.

 

 

-  أما التوسع في التخييل في باب قصة اللسان واللغة فموجود في الكتاب الآتي:

 

المدلاوي، محمد (2010) مقامات في اللغات والعقليات؛ الهوية والتحديث ما بين التذكير والتأنيث. مطبعة كوثر- الرباط

-----------------------------

محمد المدلاوي

https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques



19/12/2021
1 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres